حملات كثيفة من الغارات الجوية تشنها الولايات المتحدة على مواقع الحوثيين في اليمن، لإضعاف قدراتهم العسكرية، مستخدمة الطائرات المسيرة لتوجيه الضربات، غير أن جماعة الحوثي وسط كثافة العمليات العسكرية الأمريكية تمكنت من إلحاق العديد من الخسائر في الطائرات المسيرة الأمريكية، الأمر الذي يثير التساؤل حول مدى تأثير العمليات الأمريكية وقدرتها على تحقيق أهدافها باليمن.
وفي هذا السياق، أكد الدكتور أيمن سلامة، المستشار القانوني المصري السابق في حلف الناتو في البلقان، أن التصريحات الأمريكية الأخيرة بشأن حملة الغارات على الحوثيين في اليمن وتأثيرها المحدود، بالإضافة إلى الخسائر المتزايدة في الطائرات المسيّرة، تبرز صورة معقدة تتطلب تحليلاً فنياً عسكرياً محايداً لتقييم مدى صحة الرواية في خضم هذا الصراع المحتدم.
وأوضح الدكتور أيمن سلامة، في تصريح خاص لبوابة "دار الهلال"، أنه من الناحية العملياتية، يشير تنفيذ 750 ضربة جوية منذ منتصف مارس الماضي، إلى كثافة العمليات العسكرية الأمريكية في منطقة البحر الأحمر، لافتًا إلى أن اعتراف المسؤولين الأمريكيين، بأن هذه الضربات حققت "نجاحاً محدوداً بتدمير إمدادات الحوثيين"، يثير تساؤلات حول فعالية الاستراتيجية المتبعة.
وأضاف أنه يمكن تفسير هذا "النجاح المحدود" بعدة عوامل فنية وعسكرية محتملة: أولاً، قد يكون الحوثيون قد تبنوا تكتيكات انتشار وتخزين للإمدادات، ما يجعل استهدافها بشكل كامل أمراً صعباً، ثانياً، طبيعة الأهداف نفسها قد تكون متغيرة أو محمية بشكل جيد، مما يقلل من تأثير الضربات الجوية.
وتابع: "ثالثاً، قدرة الحوثيين على إعادة التموين عبر طرق غير تقليدية أو من مصادر خارجية قد تقلل من فعالية الحصار الجوي".
القوات الأمريكية تواجه تحديات
وأما بالنسبة لخسارة سبع طائرات مسيّرة من طراز "إم كيو 9 ريبر" خلال فترة وجيزة، أكد سلامة، أن هذا يمثل تحدياً كبيراً للقوات الأمريكية، موضحًا أن هذه الطائرات تعتبر من الأصول الاستخباراتية والاستطلاعية والتكتيكية الهامة.
وأوضح أن إسقاط هذه الطائرات المتكرر يشير إلى تطور قدرات الدفاع الجوي لدى الحوثيين، سواء عبر استخدام أنظمة دفاع جوي متطورة نسبياً أو من خلال تكتيكات حرب إلكترونية فعالة.
ومن الناحية الفنية، أشار إلى أن الحوثيين قد يكونوا نجحوا في تطوير قدرات للكشف عن هذه الطائرات واستهدافها، مما يستدعي مراجعة أمريكية لتكتيكات التحليق والإجراءات المضادة الإلكترونية المستخدمة.
ولفت إلى أنه في خضم المواجهات العسكرية المحتدمة، يصبح التحقق المستقل من دقة الروايات أمراً صعبا، حيث إن كلا الطرفين قد يميل إلى تضخيم مكاسبه وتقليل خسائره في إطار الحرب النفسية والإعلامية المصاحبة للعمليات العسكرية.
وأكد أنه يجب التعامل مع التصريحات الرسمية بحذر وتحليلها في سياق المعطيات المتاحة والمنطق العسكري.
الأهداف المطلوبة لم تحقق
وفي غضون ذلك، قال سلامة، إن الرواية الأمريكية بشأن اليمن تشير إلى واقع عملياتي معقد في مواجهة الحوثيين، حيث إن كثافة الغارات الجوية لم تترجم إلى تحقيق الأهداف الاستراتيجية بشكل كامل، مؤكدًا أن الخسائر المتزايدة في الطائرات المسيّرة تبرز تطوراً في القدرات العسكرية للحوثيين.
وفي الختام، شدد على أن التقييم النهائي لمدى صحة الرواية الأمريكية مرهوناً بتوفر معلومات أكثر تفصيلاً ومستقلة حول سير العمليات العسكرية وتأثيرها الفعلي على قدرات الطرفين.