3-5-2025 | 12:23
إيهاب سلامة
مع فصل الربيع وما يحمله من نسمات معتدلة وتغيرات مناخية متقلبة، يعتقد البعض أن الأمراض المرتبطة بالمعدة تنحصر في فصل الشتاء فقط، لكن المفاجأة أن هذا الفصل يشهد نشاطًا لعدد من الفيروسات المعوية التي تصيب الجهاز الهضمي بقوة، خاصة مع بدء ارتفاع درجات الحرارة وتزايد تناول الأطعمة في الهواء الطلق، في هذا السياق كان لنا هذا الحوار مع الدكتور أشرف الحلوجى، استشاري الجهاز الهضمي والكبد، الذي كشف لنا عن خريطة واضحة لمخاطر فيروسات المعدة في الربيع، وكيفية الوقاية منها.
يبدأ د. الحلوجى حديثه بتوضيح أن أبرز الفيروسات المعوية النشطة في هذا الفصل هي «النوروفيروس» و«الروتا» و«الأدينو فيروس»، وهي فيروسات شديدة العدوى، تسبب أعراضًا حادة تبدأ غالبا بشكل مفاجئ، وتتمثل في القيء والإسهال وآلام البطن والحمى، وأحيانا الصداع والإرهاق العام، ويشير إلى أن ما يجعل هذه الفيروسات خطيرة هو انتشارها السريع، خاصة في الأماكن المغلقة.
ويضيف أن التغيرات المناخية المتكررة بين حر النهار وبرودة الليل تضعف مناعة الجسم، ما يفتح الباب أمام الفيروسات، لا سيما عند الأطفال وكبار السن، موضحا أن الجهاز الهضمي يصبح أكثر حساسية في هذه المرحلة، ويكون عرضة للالتهاب عند أدنى مسبب.
ويوضح د. الحلوجى أن فيروسات المعدة تنتقل من خلال عدة طرق، أبرزها تناول الطعام الملوث، وشرب المياه غير المعقمة، بالإضافة إلى لمس الأسطح الملوثة وعدم غسل اليدين جيدًا قبل الأكل، كما أن البوفيهات المفتوحة وتناول الأطعمة من الباعة الجائلين يزيدان من احتمالية انتقال العدوى.
وأكد أن فترة الربيع تشهد ارتفاعا ملحوظًا في حالات الإصابة بتلك الفيروسات، خاصة لدى الأطفال الذين تظهر عليهم الأعراض بشكل أسرع وأكثر حدة. وأضاف: في بعض الحالات، نضطر إلى إدخال المريض للمستشفى لتعويض السوائل المفقودة عبر المحاليل الوريدية، بسبب الجفاف الحاد الناتج عن القيء والإسهال المستمر.
كما نبه إلى خطورة الاعتماد العشوائي على أدوية وقف الإسهال، مؤكدا أن بعض الأدوية قد تؤدي إلى احتباس الفيروس داخل الجسم بدلًا من التخلص منه. وقال إن الأفضل هو التركيز على الراحة وتناول كميات وفيرة من السوائل والاعتماد على الغذاء الخفيف، مع مراجعة الطبيب فورًا إذا استمرت الأعراض لأكثر من 48 ساعة أو ظهرت علامات جفاف مثل جفاف الفم، قلة التبول، أو الدوخة.
وعند سؤاله عن الفرق بين العدوى الفيروسية والبكتيرية، أشار د. الحلوجى إلى أن البكتيريا غالبا ما تكون مصحوبة بأعراض أقوى مثل الحمى الشديدة والدم في البراز، وتتطلب تحاليل براز دقيقة ومضادات حيوية معينة، بعكس الفيروسات التي يتم التعامل معها من خلال دعم المناعة وتعويض السوائل.
ولفت إلى أن الأطفال تحت سن 5 سنوات أكثر عرضة للإصابة الشديدة، وأوصى بإعطائهم التطعيمات المضادة للفيروسات المعوية، بالإضافة إلى تشجيعهم على عادات النظافة الشخصية في المنزل والمدرسة، كما أكد أن مناعة الطفل تبدأ من مطبخ المنزل، وأن الوجبات المنزلية تبقى الخيار الأكثر أمانا.
وفي ختام اللقاء، شدد د. أشرف الحلوجى على أهمية التوعية المجتمعية بخطورة تلك الفيروسات الموسمية، وعدم التهاون مع الأعراض المبدئية، ودعا إلى نشر رسائل التوعية، خاصة في المواسم الانتقالية، مؤكدا أن «الوقاية في الجهاز الهضمي تبدأ من الوعي والسلوكيات.