أكدت المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في غزة، أولجا تشيريفكو، أن معظم مخزونات الغذاء في قطاع غزة قد نفدت، وأصبح الوصول إلى المياه شبه مستحيل، مشيرة إلى أن القطاع بات في حالة خراب تام بعد ما يقرب من 18 شهرًا من سفك الدماء.
ووفقًا لما نقله مركز إعلام الأمم المتحدة، قالت تشيريفكو في تصريح عبر الفيديو من مدينة غزة: "في كثير من الليالي، تخترق صرخات الجرحى المروعة السماء بعد دوي انفجار يصم الآذان، وسرعان ما تُسمع صفارات سيارات الإسعاف وهي تهرع لإنقاذ الجرحى ونقل الموتى".
وأضافت أن السلطات الإسرائيلية أغلقت، قبل شهرين، جميع المنافذ أمام دخول البضائع إلى غزة، مما أطلق العد التنازلي لأسوأ سيناريو ممكن، وهو نفاد الإمدادات الحيوية بينما تستمر العمليات العسكرية.
واستشهدت تشيريفكو بشهادة أحد المراقبين الأمميين في غزة، الذي قال: "رأيت الناس يحترقون قبل أيام بسبب القصف، ولم يكن هناك ماء لإنقاذهم". وأوضحت أن المطابخ المجتمعية بدأت في الإغلاق، وأن القليل منها ما زال يعمل، ويقدم وجبات بسيطة جدًا في ظل تزايد أعداد الجوعى.
وأشارت إلى أن مواد الطهي أوشكت على النفاد، وأن الأطفال، الذين حُرموا من طفولتهم، باتوا ينبشون أكوام القمامة بحثًا عن مواد قابلة للاشتعال للطهي، بما في ذلك البلاستيك والقماش والخشب.
وفي محاولة للبقاء على قيد الحياة، أوضحت تشيريفكو أن السكان أنشأوا محطات في أنحاء غزة لحرق البلاستيك والنفايات السامة لإنتاج الوقود، ما أدى إلى تصاعد سحب كثيفة من الدخان الأسود، تنبعث منها أبخرة خطيرة تهدد حياة الناس وتُدمّر البيئة.
كما لفتت إلى أنه خلال أقل من شهر ونصف، نزح أكثر من 420 ألف شخص مرة أخرى، كثير منهم لا يملكون سوى ملابسهم، ويتعرضون لإطلاق النار أثناء تنقلهم، قبل أن يصلوا إلى ملاجئ مكتظة، حيث تتعرض الخيام والمرافق التي احتموا بها للقصف.
وشددت تشيريفكو على أن هذا "التدهور المريع" يمكن تغييره بسهولة إذا مُنحت الوكالات الإنسانية الأدوات اللازمة للتدخل، مؤكدة استعدادها لاستئناف إيصال المساعدات على نطاق واسع فور إعادة فتح المعابر.
وأضافت المتحدثة الأممية: "أمام المجتمع الدولي خياران: إما الاستمرار في مشاهدة الصور المروعة لغزة وهي تُخنق وتُجوّع، أو التحلي بالشجاعة والحزم الأخلاقي لاتخاذ قرارات لكسر هذا الإغلاق الوحشي. سكان غزة لا يملكون هذا الخيار، فمصيرهم معلق بمسؤوليتنا الجماعية".
واختمت تشيريفكو بقولها: "أخشى أننا بعد خمسة أو عشرة أو عشرين عامًا، سنقف أمام أطفالنا وأحفادنا غير قادرين على شرح سبب عجزنا عن وقف هذه الفظائع، كما يسألنا الآن الآباء الذين دفنوا أبناءهم، والأطفال الذين جمعوا رفات ذويهم، لماذا تُركوا؟ كم من الدماء يجب أن تُراق حتى يُقال: كفى؟".