15-11-2025 | 11:52
نهى عاطف
تعتبر السمنة عند الأطفال من الأمراض الخطيرة التي قد تصيبهم وتسبب معاناتهم، وحرمانهم من كثير من الأمور التي يتمتع بها غيرهم من الأطفال، فالطفل المريض بالسمنة لا يعيش طفولة سعيدة، لأن حياته تكون مهددة بالعديد من المخاطر، وتعد السمنة عند الأطفال مشكلة عالمية تهدد حياة الأطفال لما لها من آثار سلبية خطيرة على صحتهم الجسمية والنفسية، ومن أجل ذلك وفي محاولة لتفهم مرض السمنة عند الأطفال ومعرفة أسبابها ومخاطرها، وطرق علاجها، يأتى هذا التحقيق.
يقول الدكتور أحمد السعيد يونس استشاري طب الأطفال وحديثى الولادة يجب أولا أن نعرف ما الأسباب التى تؤدي للإصابة بالسمنة، والتي قد يكون في مقدمتها نوع الطعام، حيث تؤدي الأطعمة عالية السعرات مثل: الوجبات السريعة، والحلوى والإسراف في المخبوزات المصنوعة من الدقيق الأبيض إلى الحصول على المزيد من الوزن، وكذلك عدم ممارسة الرياضة بشكل منتظم وقضاء معظم الأطفال ساعات طويلة أمام شاشات التلفزيون والهواتف أو المذاكرة، الأمر الذي ينعكس على صحة الأطفال وزيادة وزنهم علاوة على النمط الغذائي للأسرة الخاطئ.
ويعتبر العامل الوراثى من العوامل المسببة للإصابة حيث تلعب الجينات دورًا في معاناة الطفل من السمنة، فالطفل الذي ينتمي لأسرة ينتشر بين أفرادها زيادة الوزن يكون أكثر عرضة لذلك، ويلعب العامل النفسي دورًا أيضا، حث يلجأ بعض الأطفال لا إراديا إلى تناول المزيد من الطعام عند الشعور بالقلق، أو الغضب، أو الخوف من الوالدين، أو لمحاربة الشعور بالملل أو فى أوقات المذاكرة وموسم الامتحانات، ويفقد الطفل إحساسه بالكمية التي يتناولها من الطعام إذا كان مشغولًا أثناء ذلك بمشاهدة فيلمه المفضل في التلفاز، كما يؤدي عدم انتظام ساعات النوم، أو عدم النوم مدة كافية إلى شعور زائف بالجوع، فيبدأ الصغير في الإقبال على تناول الطعام بكثرة.
ويشير الدكتور أحمد السعيد أن هناك أعراضا تدل على دخول الطفل فى مرحلة السمنة وهي تراكم الدهون في منطقة الصدر وظهور علامات التمدد على جلد منطقة أسفل الظهر، وأعلى الساقين واسمرار لون الجلد حول منطقة الرقبة، وتغير في ملمسه فيصبح أقرب لملمس القطيفة وصعوبة التنفس أثناء الجري والحركة، والتوقف عدة مرات أثناء اللعب والتعرق الغزير والإمساك المزمن والبلوغ المبكر للفتيات وتأخر البلوغ عند الأولاد والقدم المسطحة.
كما أن هناك العديد من المخاطر التي قد تصيب الأطفال عند زيادة وزنهم بشكل مبالغ فيه أو تعرضهم للسمنة ومنها ربط السمنة بأمراض مصاحبة متعددة تؤثر على جميع أجهزة الجسم تقريباً، وتشمل هذه الميل والاستعداد للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، واضطراب شحميات الدم، وأمراض الكبد الدهني، وانقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم، وتشوهات الهيكل العظمي وهشاشة العظام، والاكتئاب واضطرابات عقلية أخرى، ومتلازمة تكيس المبايض للفتيات، والعديد من المضاعفات الأخرى.
أما عن العلاج والوقاية فيشير الدكتور أحمد السعيد يونس إلى ضرورة تقديم وجبات رئيسية ووجبات خفيفة متوازنة يوميا على مدار اليوم، ويجب أن تحرص الأم على تقسيم الطبق إلى مساحات صغيرة بحيث تشغل الفواكه والخضراوات نصف الطبق، بينما تشغل الحبوب الكاملة، مثل: القمح المطحون أو القمح والأرز ربع الطبق، أما الربع الأخير من الطبق فيُخصص للبروتينات، مثل اللحوم خفيفة الدهن والدواجن والمأكولات البحرية، ويمكن تقديم أطعمة خفيفة بين الوجبات تكون غنية بالعناصر المغذية وقليلة السكريات المضافة والدهون المشبعة والصوديوم، وتشمل الأمثلة على الأطعمة الخفيفة المتوازنة بين الوجبات الزبادي مع التوت، والتفاح مع زبدة المكسرات، والمقرمشات المصنوعة من الحبوب الكاملة مع الدجاج والأفوكادو.
كما أن بعض الأطعمة مثل الوجبات السريعة والبسكويت ورقائق البطاطا لذيذة لكنها تفتقر إلى العناصر المغذية، كما تحتوي الكثير من الوجبات غير الصحية على كميات عالية من الدهون المشبعة أو الصوديوم أو السكريات المضافة، كذلك تحتوي المشروبات المحلاة وعصائر الفاكهة على كميات كبيرة من السكر دون أي قيمة غذائية أو القليل منها. ويتعين عليك أن توضح لأطفالك أنه يمكنهم الاستمتاع بهذه الأطعمة اللذيذة من حين لآخر وبكميات بسيطة.
وينصح استشاري الأطفال بالحرص على تقليل وقت الجلوس أمام الشاشات، لا تسمح لأطفالك بمشاهدة التلفزيون أثناء تناولهم الطعام، واطلب من جميع أفراد عائلتك وضع الهواتف والأجهزة جانبا أثناء تناول الوجبات، وبما أن الطفل سيستخدم الشاشات في أوقات أخرى، فمن المفيد تخصيص مدة معينة يلتزم بها كل فرد في العائلة، ويجب أن تشجع أطفالك على الاستمتاع بأنشطة لا تعتمد على الشاشات مع ضرورة حصول الطفل على وقت كاف من النوم لأن قلة النوم تزيد من خطر الإصابة بالسمنة، ويختلف عدد ساعات نوم الأطفال حسب أعمارهم، على سبيل المثال، فالأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين السادسة والثانية عشرة يحتاجون إلى حوالي 9 ساعات إلى 12 ساعة للنوم يوميا، بينما يحتاج المراهقون بين سن 13 و 18 عاما إلى نحو 8 إلى 10 ساعات في اليوم، لذا ساعد طفلك في الالتزام بأوقات النوم والاستيقاظ في الأوقات نفسها يوميا، كما تساهم الرضاعة الطبيعية من الولادة حتى عمر 6 أشهر في تقليل خطر الإصابة بالسمنة في مراحل لاحقة من الحياة.
من جانبه يوضح الدكتور محمد عفيفي استشارى التغذية العلاجية أن هناك عدة طرق للتخلص من سمنة الأطفال والوقاية منها وهي ممارسة الرياضة بانتظام واتباع نظام غذائي صحي ومتوازن وتجنب الحلويات والسكريات، حيث تسبب السكريات والحلويات السمنة وزيادة الوزن وهي من الأطعمة المرغوبة جداً عند الأطفال، لذا يجب تجنبها قدر الإمكان مع استخدام بدائل صحية للحلويات مع تجنب الأطعمة السريعة المليئة بالدهون والإكثار من شرب المياه.
ويكشف الدكتور عماد الدين حمدي استشاري الباطنة العامة أن هناك أطفالا أكثر عرضة للإصابة بالسمنة من غيرهم وهم الأطفال تحت عمر 10 سنوات، وهنا تعد مشكلة لأن الخلايا الدهنية فى هذه السن المبكرة قابلة للتمدد والزيادة بشكل كبير، فيكون الطفل أكثر عرضة من مرحلة الشباب لحدوث سمنة مفرطة والتي قد تؤدى إلى زيادة احتمالية الإصابة بمرض السكرى والغدة الدرقية وارتفاع ضغط الدم، وهنا يجب المتابعة الجيدة مع الطبيب المختص واتباع خريطة الوزن والطول بالنسبة لأعمارهم وعدم تقديم الأطعمة التى تحتوى على نسبة عالية من النشويات والبعد تماما عن الأطعمة سريعة التحضير وبها دهون كثيرة والبعد عن الحلوى والشوكولاتة والحفاظ على أن يكون الوزن متوازيا مع العمر.
كما يوضح لنا الدكتور عماد أن هناك معادلة بسيطة يمكن حسابها للأطفال من عمر سنتين حتى 10 سنوات ويضرب مثالا بأنه إذا كان عمر الطفل 4*2=8 ويتم إضافة 8 يصبح الناتج16 فيكون متوسط الوزن فى عمر 4 سنوات هو 16كيلو وهكذا، ويضيف أنه لا مشكلة إذا زاد أو نقص وزن الطفل عن هذا المعدل من 2 إلى 3 كيلو، وينصح في الختام بإعطاء الطفل المعرض للسمنة أطعمة بها العديد من أشكال الخضار والفاكهة التي تحتوي على الفيتامينات والتقليل من النشويات والدهون والزيوت المهدرجة والحلوى.