الأحد 2 يونيو 2024

احذر السرعة مراقبة بالرادار!

أخرى10-11-2020 | 17:28

 تضع إدارات المرور رادارات علي معظم الطرق لضبط سرعة السيارات وحماية الركاب من الحوادث، فهذه الرادارات مهمتها الأساسية منع السائقين من القيادة بسرعة عالية؛ حفاظا علي حياتهم.

كذلك كل إنسان منّا بداخله رادار يمنعه من السرعة في اتخاذ القرارات التي تؤثر علي حياته وعلاقاته بالآخرين، فمعظم مشاكلنا الأسرية والاجتماعية سببها التهور والسرعة في اتخاذ القرار.

ومنّا من يُفعِل خاصية الرادار في سرعة اتخاذ قراراته، حتى لا يندم، ومنّا من يخالفها ويطلق لنفسه العنان، ليتسرع ويأخذ قرارت ويصدر أحكاما ظالمة وجائرة دون تأني أو روية.

علاقتنا الاجتماعية مع الآخرين يبدو ظاهريًا لنا أنها متينة، ولكنها متشعبة كخيوط العنكبوت وواهية مثله أيضا، تتأثر بشدة وتتقطع أوصالها بوشاية أو كذبة أو نميمة، لأننا تسرعنا في إطلاق أحكامنا، ولم نستجب لرادار العقل والمنطق أو حتي الحدس، فكم من قرار أُخذ بعجالة وغيّر مصير الآخرين وحملهم تبعات أفعال لم يفعلوها، وكم من ظنون واهية لا أساس لها دمرت حياة أبرياء . فكثير منا وقع في هذا الفخ وحزن بعد ذلك وتألم كلما نظر في عيني من ظلمه وتسرع في الحكم عليه، ولم يتأن ليسمع أعذاره أو يستكشف جوانب القصة كاملة قبل إلصاق التهمة به.

أحياناً يقع الإنسان في شرك السرعة ويصدر أحكامه الجائرة، ويتخذ قراراته المتهورة مثل ما حدث فى قصة أطفال القطار، والتي تحكى أن أبًا وأطفاله ركبوا أحد قطارات المترو، وبينما الجميع يجلس فى هدوء إذ بالأطفال يصدرون أصواتا عالية ويلعبون ويركضون فى أنحاء العربة والأب شارد ولا يحرك ساكنا والركاب يتهامسون عن هذا الأب المتبلد وهؤلاء الأطفال عديمى التربية وتهامسوا فيما بينهم عن ضرورة نهر هؤلاء الأطفال ووالدهم عما سببوه من إزعاج وضيق ولكن الأب قال للجالس بجواره لقد ماتت أمهم  للتو فى المستشفى وأنا قادم من هناك مع أطفالي ولا أريد أن أقسو عليهم.

بعد ذلك انتقل الخبر من الشخص الذي كان يجلس بجوار الأب إلى باقي الركاب حتى عرف الجميع حقيقة الأمر وعلموا سبب سكوت والد الأطفال وأخطئوا في الحكم عليه، فهو لم يهمل تربية أطفاله، بل كان يتعاطف معهم لأن الدنيا قست عليهم بموت أمهم، وبعدها تغيرت النظرات والكلمات الموبخة من الركاب إلى أخرى جميلة، فذاك بدأ يقبّل الأطفال والآخر قدم لهم الحلوى، وهكذا تغير جميع الركاب في تعاملهم ونظرتهم للأطفال، وأدركوا إنهم أخطأوا في الحكم عليهم، بعد أن عرفوا حقيقة الموقف كاملا.

وهكذا علاقاتنا بالآخرين تتغير وتتبدل ونظرتنا للأمر تختلف بعد أن نعرف كل جوانب الموضوع، وعندما نتثبت مما يقال لنا من معلومات وعندما يكون حكمنا عليها نابعا من يقين وراحة وضمير.

فالسلم الاجتماعي في محيط الأسرة والمجتمع يقتضي الروية والتثبت قبل إصدار الأحكام على الآخرين، ومن بديهيات الروية والتثبت إعمال العقل والمنطق وعدم اتباع الهوى فكثيرون يحكمون على غيرهم من الناس بدون معرفة حقيقية، أو تجربة أكيدة، لمجرد أنه صادف في نفوسهم هوى، وما هي إلا ظنون، ويقول الله تعالي "إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس"، فرفقا بأنفسنا وبمن نحبهم ونتعامل معهم ولا تتسرع في إصدار الأحكام، كما قال الشاعر "وذو التثبت من حمد إلى ظفرٍ * من يركبِ الرفقَ لا يستحقبِ الزللا".