الإثنين 1 يوليو 2024

أطباء لكن أدباء.. هؤلاء تركوا العلم وتفرغوا للإبداع

فن16-12-2020 | 21:25

درسوا الطب وبذلوا جهدا شاقا في طريق الدراسة، لكن شغفهم بالكتابة والأدب، جعلهم يغيرون وجهتهم ومهنتهم، ويتفرغون للكتابة واستطاعوا اهداء العالم الكثير من المؤلفات في مجالات كثيرة من الحياة، وربما لولا تفرغهم للأدب، لكنا افتقدنا الكثير من أعمالهم التي خلدت ليومنا هذا، ترصد "الهلال اليوم" مجموعة من هؤلاء الأدباء الذين أثروا حياتنا بإبداعاتهم.



مصطفى محمود



الدكتور الطبيب المتخصص في الأمراض الصدرية، العالم المستنير، الحكيم والفيلسوف، متعدد المعرفة في كثير من مجالات الحياة، والبصمة في تاريخ العلم والأدب الدكتور مصطفى محمود، قوي المنطق غزير العلم، وهو أحد الأطباء الذين تركوا مهنة الطب، ليتفرغ للكتابة والأدب.



استقبلت شبين الكوم مولودا جديدا، في نهاية شهر ديسمبر عام 1921، هو الدكتور مصطفى محمود، الذي بدت عليه علامات النبوغ منذ طفولته، انقطع عن التعليم الأساسي لمدة 3 أعوام، بسبب ضرب أحد المعلمين له، ثم واصل تعليمه من جديد، حتى درس الطب وتخرج عام 1953، أحب العزف على الناي أثناء دراسته الجامعية، حتى أنه صاحب أفراد فرقة موسيقية تعمل في الأفراح، الأمر الذي أزعج والدته، كان محبا للتجربة واكتشاف الأشياء والمغامرة.



قدم مصطفى محمود للمكتبة العربية نحو 80 كتابا في فروع السياسة، الفلسفة، العلوم والأدب، هذا بالإضافة إلى المسرحيات والقصص القصيرة، ومن أشهر مؤلفاته: حوار مع صديقي الملحد، رائحة الدم، البداية والنهاية، أكل وعيش، عنبر 7، عظماء الدنيا وعظماء الآخرة، زيارة للجنة والنار وغيرها من الأعمال التي ما زالت حية يطالعها الآلاف من القراء في الوطن العربي وخارجه.



أحب الصحافة خلال سنوات دراسته الجامعية، ونشر عدد كبير في مجلة روز اليوسف، واتجه للكتابة بنهم، وجاء قرار الرئيس جمال عبدالناصر وقتئذ، ضد رغبة دمجه بين الكتابة والطب، وكان يجمع بين نقابتي الصحافة والطب، فاضطر التنازل عن عضوية نقابة الأطباء، نزولا على قرار الرئيس، واحتفاظا برغبته في الإبقاء على الكتابة والصحافة.



أحمد خالد توفيق 



كان أستاذا بقسم طب المناطق الحارة والحميات بكلية الطب جامعة طنطا، ولم يستطع أن يوفق بين عيادته وعمله مدرسا بالجامعة،  ربما كان تفرغه سببا قويا لتمكنه من ترك ميراث كبير من أعمال أدبية لأجيال ما زالت ترتبط بتوفيق وكأنه حيا بينهم، وهو من الرموز الأدبية الكبيرة، التي تركت الطب لأجل الإبداع الأدبي والفني، وترجم أدب أوروبي لرواد عظماء .



ولد العراب كما يطلق عليه، في يونيو عام 1962 في مدينة طنطا، وتخرج من كلية الطب عام 1985، ونال شهادة الدكتوراة عام 1997، كان محبا للرعب والفانتازيا والماورائيات وتنوعت كتاباته ما بين اجتماعية وسياسية ونشرت على نطاق واسع في الصحف والجرائد والدوريات وكتب عالمية للجيب، وكان يرى أن الحياة لا يجب أن تضيع هباء في القعدات على القهاوي أو التسكع وانما يجب أن يزخر الناس بالاستفادة منها وإفادة غيرهم، فحاول مساعدة أجيال وتبنيهم من خلال مؤلفاته وكتاباته الخالدة المؤثرة في وجدان الشباب، حتى رحل عن عالمنا وهو في عمر يناهز 55 في عام 2018، ومن أشهر أعماله  سلسلة "ما وراء الطبيعة".



نوال السعداوي 



تعد نوال السعداوي، أحد أبرز النساء شهرة في مجال الأدب، صاحبة أبرز الكتابات عن القضايا النسوية، طبيبة الأمراض الصدرية، ولدت في أكتوبر عام 1931، التحقت بكلية الطب عام 1955، عملت كطبيبة امتياز بالقصر العيني، تركت مهنة الطب لتتفرغ للكتابة والتأليف، فالكتابة بمثابة الهواء الذي تتنفسه كما تصفها دائما.



عرفت السعداوي بأنها مثيرة للجدل على مدار حياتها، دافعت عن حقوق المرأة منذ بداية عملها في الطب، وكانت تعمل بإحدى الوحدات الصحية بالريف، وتعرضت للنساء الريفيات البسيطات والأسوأ حالا، واللاتي يتعرضن للعنف الأسري، فاتخذت على عاتقها الدفاع عن المرأة والكتابة في شأنها الخاص والعام، وتم سجنها أكثر من مرة في سجن القناطر، حتى أنها ألفت كتابا من مذكراتها في سجن النساء، وامرأة عند نقطة الصفر، وشغلت عدة مناصب، مثل منصب المدير العام لإدارة التثقيف الصحي في وزارة الصحة في القاهرة، الأمين العام لنقابة الأطباء بالقاهرة، وطبيبة بالمستشفى الجامعي، وعضو بالمجلس الأعلى للفنون والعلوم الاجتماعية، وأسست جمعية الكاتبات المصريات، وعملت لفترة كرئيس تحرير مجلة الصحة وعملت محررة في مجلة الجمعية الطبية.



لها العديد من المؤلفات منها: الرجل والجنس، المرأة والصراع النفسي، والوجه العاري للمرأة العربية، توأم السلطة والجنس، رحلاتي في العالم، كانت هي الأضعف، لحظة صدق"قصة قصيرة"، رواية جنات وإبليس، ورواية الصورة الممزقة، ورواية امرأة عند نقطة الصفر والغائب، وغيرها من الأعمال الكثيرة التي تعرضت للهجوم والنقد من البعض ولاقت استحسانا عند البعض الآخر، وتبقى نوال سعداوي هي أحد سيدات مصر المثيرة للجدل، والطبيبة التي تفرغت للكتابة عشقا، وتركت أمامها مهنة الطب.



أيقونة الأدب البوليسي نبيل فاروق 



الطبيب الجراح الدكتورنبيل فاروق كاتب الأدب البوليسي الأكثر شهرة في مصر، والعالم العربي، ترك الطب لأجل التفرغ للأدب والكتابة، وخصص جزء كبيرا من مؤلفاته للمرأة، خاصة وأنه يعلم الكثير عن مشكلاتهم في المجتمع الريفي والمدني، من خلال عمله كطبيب واحتكاكه اللصيق بهن، أشهر أعماله رجل المستحيل، وكوكتيل 2000 وملف المستقبل.



ولد نبيل فاروق في عام 9 فبراير عام 1956، كان شغوفا بالكتابة والقراءة منذ طفولته، وبدأ مشواره في مسيرة الإبداع الأدبي في عام 1984 بمشاركته في المؤسسة العربية الحديثة، وفاز بجائزتها عن قصته "آشعة الموت" والتي نشرت في العام التالي كأول عدد من سلسلة ملف المستقبل وتوالت أعماله الأدبية التي لم يستطع أن ينكر بصمتها قارئ محبا لأعماله، وكانت علاقته توطدت بالمخابرات المصرية خلال هذه الفترة، فاقتبس من ضابط مصري، الرواية البوليسية الأكثر أثرا أدهم صبري، وظل مشواره الأدبي يسير بخطوات تسابق الزمن ما ساعده في إنتاج العديد من الروايات والقصص، حتى رجل المستحيل نبيل فاروق الطبيب والكاتب الكبير في ديسمبر 2020.



محمد المنسي قنديل 



ولد قنديل بمدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية بمصر في عام 1949، وتخرج في كلية طب المنصورة عام 1975، وعمل في أرياف محافظة المنيا، وبدأ خلال هذه الفترة الكتابة عن القرية المصرية، وبعدها انتقل للعمل في التأمين الصحي في القاهرة وقرر اعتزال مهنة الطب ليتفرغ للكتابة، واعتاد حصد الجوائز عن مؤلفاته الابداعية في القصة والأدب عموما منذ كان طالبا، وبدأ مشواره الإبداعي كما فاز بجائزة الدولة التشجيعية عام 1988.



وتحولت أحد أعماله القصصية لفيلم سينمائي وهو "الوداعة والرعب"، وأيضا رواية "فتاة من اسرائيل" التي تمت معالجتها لقصة سينمائية هي الأخرى،  وعمل بمجلة العربي الكويتية، وسافر من خلالها في رحلات عديدة لبلدان العالم.



أنتجت رحلاته تلك، روايتين واحدة فقدها قبل النشر والأخرى "قمر على سمرقند"، التي فازت بجائزة نجيب ساويرس للأدب وترجمت إلى الإنجليزية، ومن أهم أعماله: من قتل مريم الصافي، احتضار قط عجوز، بيع نفس بشرية، آدم من طين، عشاء برفقة عائشة، لحظة تاريخ، و 30 حكاية من الزمن العربي وغيرها من رصيده الإبداعي الثري، التي ترك مهنة الطب من أجلها ومن أجل إثراء موهبته بالقراءة ومن ثم الإبداع والعطاء الأدبي الجم.