تعد السمنة من أخطر الأمراض التي قد تصيب الأطفال، وتكمن خطورة السمنة فى تأثيرها السلبي على أعضاء الجسم المختلفة، كما لها أثر سلبي على الحالة النفسية للطفل البدين لأنها تعرضه للتنمر، ولذلك حرصت الدولة على الاهتمام بصحة الأطفال من خلال إطلاق مبادرة الكشف المبكر عن أمراض السمنة والأنيميا والتقزم والتي تستهدف فحص ملايين فى المدارس، فكيف يمكنك التعامل مع هذه المشكلة عند إصابة طفلك بها؟ فى البداية تقول الدكتورة لمياء محسن أستاذ طب الأطفال إن السمنة من أخطر الأمراض التي قد تصيب الأطفال لأن الوزن الزائد يؤدي إلى عدة مشكلات صحية، من الممكن أن تؤثر فى صحتهم فورا وفى المستقبل، وتتضافر العوامل التي تزيد من خطر زيادة وزن الطفل، والخطأ الذي تقع فيه الكثير من الأمهات هو إلزام الطفل بإتباع نظام غذائي لتخفيض وزنه دون استشارة أحد مقدمي الرعاية الصحية، فى حين أن التعامل مع هذه المشكلة يكمن فى تحسين عادات الأكل، مع ممارسة النشاط البدني فهما من أفضل الاستراتيجيات للحد من سمنة الأطفال. وتوضح أن هناك عدة أسباب تجعل الأطفال يعانون السمنة ومن أهمها اختلال الطاقة أثناء الطفولة والمراهقة حيث تتراكم الدهون الزائدة عندما يتجاوز إجمالي إنتاج الطاقة إجمالي استهلاكها، وعادة يكون هذا بسبب نمط الحياة الخاملة وعدم كفاية النشاط البدني، ولكن هناك أسبابا أخري تجعل الأطفال يعانون السمنة المفرطة منها العوامل السلوكية على سبيل المثال تناول الطعام بكميات كبيرة وتناول الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية وقضاء كثير من الوقت أمام الأجهزة الإلكترونية وقلة ممارسة الرياضة، كما أن هناك عوامل بيئية منها انتشار الوجبات السريعة وقلة فرص ممارسة النشاط البدني ونقص الحدائق والملاعب فى بعض المجتمعات، أما عن العوامل الوراثية فهي أيضا لها دور كبير فى أن يكون الطفل أكثر عرضة لخطر السمنة عندما يكون أحد الوالدين على الأقل يعاني السمنة، ومع ذلك فإن الجينات لا تعني بالضرورة أن الطفل سوف يعاني زيادة الوزن فهناك عدة خطوات يمكن للطفل اتخاذها لتقليل هذا الخطر. وتضيف الدكتورة لمياء أن هناك أعراضا تصاحب السمنة، وتختلف هذه الأعراض لدى الأطفال، لكن الأعراض الأكثر شيوعا هي علامات التمدد على الوركين والبطن، بشرة داكنة حول الرقبة وفى مناطق أخرى، ترسب الأنسجة الدهنية فى منطقة الثدي، توزيع الدهون بطريقة غير صحية فى الجسم،عدم تقدير الذات،اضطرابات الأكل، ضيق التنفس عند النشاط البدني، توقف التنفس أثناء النوم، الإمساك،ارتجاع المرئ، اضطراب الدورة الشهرية وعدم انتظامها عند الإناث. وتؤكد الدكتورة لمياء على أن للسمنة مضاعفات، والتي تؤثر فى الأطفال على المدى البعيد، ومنها ارتفاع ضغط الدم، اختلال مستويات الدهون فى الدم ، متلازمة الأيض وهي حالة من مقاومة الأنسولين المرتبطة بارتفاع ضغط الدم ومستويات الدهون الثلاثية المرتفعة والسمنة، مرض السكري من النوع الثاني، وهذا كان نادرا ما يصيب الأطفال، الربو، وتوقف التنفس أثناء النوم وهو اضطراب متكرر فى التنفس الطبيعي أثناء النوم، والالتهابات الجلدية وأشهرها التهاب الفطريات فى ثنايا الجلد، وأمراض الكبد. ومن جانبها تقول الدكتورة هدي جزيرى استشاري التغذية بالمعهد القومي للتغذية: لتحديد ما إذا كان الطفل يعاني السمنة المفرطة يستخدم الطبيب مؤشر كتلة الجسم للطفل (BMI) للحصول على تصنيف نسبي ومؤشر كتلة الجسم هو مقياس للوزن بالنسبة إلى مربع الطول فإذا كان مؤشر كتلة جسم الطفل 95% فأكثر فهو يعد طفلا بدينا، وفى هذه الحالة قد يقوم الطبيب بطلب إجراء بعض التحاليل لمستوى السكر فى الدم،ضغط الدم،الدهون غير الطبيعية فى الدم للوقوف على ارتفاع الكوليسترول فى الدم والدهون الثلاثية العالية وانخفاض مستويات الكوليسترول الجيد كما يتم فحص الدهون فى الكبد. وتوضح الجزيري أنه إذا كان مؤشر كتلة جسمه بين 85 و95 % فإن الطفل يعاني زيادة الوزن ويتعرض لخطر السمنة ففى هذه الحالة قد يتم فحص تاريخ العائلة المتعلق بأمراض القلب والأوعية الدموية وارتفاع الكوليسترول الكلي ومرض السكر والسمنة لدى الوالدين والزيادة فى مؤشر كتلة الجسم من سنة إلى أخرى لأن هناك علاقة وثيقة بين الجينات والسمنة حيث ينظم المخ تناول الطعام عن طريق الاستجابة للإشارات الواردة من الأنسجة الدهنية والبنكرياس والجهاز الهضمي وتنتقل هذه الإشارات إليه بواسطة الهرمونات مثلÓ اللبتين، الأنسولين والجريلين وجزيئات صغيرة أخرى Òوينسق المخ هذه الإشارات مع مدخلات أخرى ويستجيب لها بإعطاء تعليمات للجسم إما لتناول المزيد من الطعام وتقليل استخدام الطاقة أو القيام بعكس ذلك، ولهذا فإن الجينات هي أساس الإشارات والاستجابات التي توجه كمية الغذاء، ويمكن أن تؤثر التغييرات الطفيفة فى هذه الجينات فى مستويات نشاطها وحدوث السمنة. أما عن العلاج فيكون عن طريق إتباع التعليمات الغذائية وأهمها تغيير السلوك الغذائي للطفل، تعويد الطفل على عادات غذائية صحية، الابتعاد عن استخدام طريقة المكافأة والعقاب بالطعام، تجنب المشروبات المحلاة بالسكر والمشروبات الغازية، تقليص عدد الوجبات السريعة الغنية بالدهون والسعرات الحرارية، تجنب تناول الوجبات الغذائية أمام التلفاز أو شاشات الألعاب الإلكترونية لارتباطها باستهلاك كميات كبيرة من الطعام وبنهم سريع، تشجيع الطفل ومكافأته عند التزامه بالعادات الصحية، تنظيم وجبات الطفل وفق جدول زمني مناسب، إذا كان الطفل من محبي الحلويات فيمكن تعلم طرق لصنعها فى المنزل تجعلها قليلة الدهون والسعرات الحرارية، مزاولة النشاط البدني يوميا لمدة 60 دقيقة على أن يكون من النوع متوسط القوة مثل لعب كرة القدم أو السباحة وحث الطفل وتشجيعه على القيام به. أما علاج الطفل البدين وراثيا فيكون بثلاثة خيارات علاجية رئيسة، وهي تغير نمط الحياة الغذائي فى الأسرة والعلاج الدوائي أو الجراحة حيث إن الهدف من هذه العلاجات هو إنقاص الوزن والحفاظ على هذا الوزن على المدى البعيد. وعلى الجانب الآخر يقول الدكتور مصطفى شحاتة استشاري الصحة النفسية: إنه إلى جانب الأمراض العضوية التي يمكن أن تسببها البدانة للأطفال مثل ارتفاع معدلات السكر فى الدم والكوليسترول والدهون الثلاثية وأمراض المفاصل وغيرها من المشاكل الصحية المرتبطة بزيادة الوزن فإن التأثيرات السلبية للكيلوجرامات الزائدة من شأنها أن تطال الناحية النفسية لديهم أيضا، حيث إنه من الشائع أن يتعرض الطفل السمين إلى التنمر والانتقادات والسخرية من الأشخاص الذين يلتقي بهم بشكل يومي سواء فى المدرسة أو فى الأماكن الأخرى، وذلك من شأنه أن يجعله يشعر بالإحراج ويضعف ثقته بنفسه ويمنعه من التصرف بحرية، وأيضا يتعرض الكثير من الأطفال الذين يعانون من البدانة إلى التوبيخ والملاحظات القاسية من قبل أهلهم، مما يؤثر سلبا على العلاقة ما بين الطرفين وهذه الظروف النفسية القاسية التي يعيشها الطفل البدين من شأنها أن تؤدي به إلى العزلة والانطواء والابتعاد عن الآخرين ، كما أنها تؤثر سلبا على أدائه المدرسي ونتائج تحصيله الدراسي، كما أن بعض الأطفال قد يشعرون بالاكتئاب الشديد بسبب هذه المشكلة وصولا إلى الأفكار الانتحارية فى بعض الأوقات. ويؤكد الدكتور شحاتة على أنه يجب التركيز على تربية الأطفال بطريقة تساعدهم فى الحفاظ على وزن صحي وتشجيعهم على ممارسة التمارين البدنية والهوايات المتعلقة بالرياضة أو بتليين الجسم مثل جلسات الزومبا التي يمكن أن يفعلها الأطفال فى المنزل عن طريق مشاهدة فيديوهاتها على مواقع الفيديو المصورة ومحاولة تقليدها وعلى الأهل أيضا أن يهتموا بشكل كبير بتقديم التغذية السليمة لأطفالهم.