21-12-2022 | 12:12
حوار: أحمد محمود
تُصاب الكثير من الأسر بالقلق والتوتر البالغين عندما تعلم أن أحد أطفالها مصاب بمرض السكري فهو أمر غير هيّن فعلا عندما يتوطن هذا المرض بنسب معينة فى سن الطفولة والمراهقة، ولأن الإحصاءات تكشف ارتفاع نسب الإصابة بالسكري خصوصا لدى الأطفال زائدي الوزن، كان لابد أن نتطرق لهذا المرض وأعراضه عند الأطفال وطرق الوقاية منه، وهو ما كان محور حوارنا مع الأستاذة الدكتورة شيرين عبد الغفار أستاذ طب الأطفال واستشاري السكر والغدد الصماء فى الأطفال بطب قصر العيني إلى نص الحوار المهم....
* ماذا عن مرض السكرى عند الأطفال وأنواعه؟
النوع الأول: هو النوع الأكثر شيوعا فى الأطفال والمراهقين وهو يحدث نتيجة خلل مناعي غير معلوم السبب، يؤدي إلى توقف البنكرياس عن إفراز هرمون الأنسولين المهم جدا لتكوين الطاقة وضبط مستوى السكر فى الدم، وبالتالي يحدث ارتفاع مستوى السكر فى الدم، ويقل تكوين الطاقة، وتبدأ الأم ملاحظة أعراض معينة على طفلها منها نقص الوزن والهزال، وزيادة فى التبول، وزيادة فى شرب الماء، مع زيادة فى الأمراض الفطرية. وهذا النوع من السكر يعتمد علاجه على الأنسولين. وينتشر هذا النوع فى الأطفال بنسبة واحد لكل مائة ألف وتوجد زيادة بنسبة ٣٪ سنويا.
النوع الثاني: وهو نوع السكر الذي يصيب الكبار، نتيجة لعدم ممارسة الرياضة والتغذية غير السليمة، وقد بدأنا نلاحظ تزايد انتشار هذا النوع فى الأطفال والمراهقين خاصة عند الذين يعانون من زيادة الوزن، والسكر من النوع الثاني مرتبط بكثرة تناول السكريات والنشويات والدهون والوجبات الجاهزة، وعدم تناول الخضراوات والفواكه وقلة تناول المياه بالقدر الكافى، وهنا يجب التنبيه إلى أن الكشف المبكر للنوع الثاني من السكر وعلاجه مبكرا، يقي الجسم من المضاعفات.
وقد أجريت دراسة على الأطفال المصريين انتهت إلى أنه من كل ١٠٠٠ طفل بدين “ يعاني من وزن زائد”، يوجد ١٢٪ من الأطفال يعانون من اضطراب فى السكر ونسميها مرحلة ما قبل السكر، و١٪ معرض للإصابة بالسكر من النوع الثاني، فالكشف المبكر عن هذا النوع من السكر وعلاجه مبكرا، يقي الجسم من مضاعفات السكر التي تمتد لكل أعضاء الجسم من أعصاب وكلى وقلب ودورة دموية، فلو تحدثنا عن كيفية الكشف المبكر ستبدأ من رصد حالات السمنة والوزن الزائد فى الأطفال المراهقين فوق سن ال ١٠ سنوات، أيضا الحالات التي لديها تاريخ عائلي لمرض السكر من النوع الثاني من أب أو أم أو جد أو عم وهكذا، ومن لديه مظاهر يكتشفها الطبيب مثل: ارتفاع الضغط أو ارتفاع نسبة الدهون، كل هذه عوامل تعتبر عوامل خطورة تستدعي الكشف المبكر للسكر لهذه الفئة من الأطفال بإجراء سكر صائم وفاطر وسكر تراكمي، وهنا لو تم اكتشاف هؤلاء الأطفال فى مرحلة ما قبل السكر وتم التعامل عن طريق اتباع نظام غذائي سليم وصحي، وتغيير نمط الحياة وممارسة الرياضة يمكن جدا الوقاية من المرض و مضاعفاته.
ما الفرق بين مرحلة ما قبل السكر ومرحلة الإصابة ؟
“ أي شخص طبيعي ليس لديه اضطراب فى السكر يكون سكره وهو صائم أقل من ١٠٠ ٪ ملليجرام، والفاطر أقل من ١٤٠٪، والسكر التراكمي ٥,٦ ٪ أو أقل، أما تشخيص السكري بنوعيه الأول أو الثاني لو سكره الصائم 126 ٪ أو أكثر، والفاطر ٢٠٠٪ أو أكثر، والتراكمي ٦,٥ ٪ أكثر، أما ما بينهم فيعتبر مرحلة ما قبل السكر.
وهذه تحاليل معملية فى حالة الشك يتم إجراؤها ومن خلالها يمكن تشخيص الطفل.
فى الشخص الطبيعي يكون مستوى السكر الصائم أقل من ١٠٠ ٪ ملليجرام، والسكر الفاطر أقل من ١٤٠ ٪، والسكر التراكمي ٥,٦ ٪ أو أقل، أما تشخيص السكري بنوعيه الأول أو الثاني فى حالة السكر الصائم 126 ٪ أو أكثر، والفاطر ٢٠٠٪ أو أكثر ، والتراكمي ٦,٥ ٪ أو أكثر، أما ما بينهم فيعتبر مرحلة ما قبل السكر.
تنوعت علاجات مرضى السكر عند الأطفال، ما هذه الأنواع ؟
فى حالة الإصابة بالسكر يحتاج الطفل علاجا فى النوع الأول بالأنسولين، وفى النوع الثاني يمكن استخدام أقراص، أما مرحلة ما قبل السكر فيتم التعامل للوقاية من الإصابة من خلال نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة، بكل هذا يمكن العودة بالطفل للوضع الطبيعي وعدم الوصول لمرحلة الإصابة بالسكر، مع الأخذ فى الاعتبار أن مرحلة ما قبل السكر فى سكر النوع الأول غالبا صعب تشخيصها ولا توجد لها وقاية على عكس النوع الثاني.
أما عن الحقن بالأنسولين تحت الجلد، لابد من تناول نوعين من الأنسولين: نوع سريع أو قصير المفعول قبل الوجبات، ونوع طويل المفعول مرة أو مرتين يوميا وقد تستخدم الأقراص فى النوع الثاني أو كعلاج مكمل مع الأنسولين فى النوع الأول تحت إشراف الاستشاري المتخصص فى سكر الأطفال
هل التغذية السليمة لها دور فى ضبط مستوى السكر فى الدم عند الأطفال ؟
التغذية السليمة مهمة لضبط مستوى السكر بالدم ولضمان حصول الطفل على الاحتياجات الغذائية من أجل النمو والتطور الطبيعي، وتعتبر التغذية السليمة من أهم أركان العلاج وغذاء الأطفال المصابين بالسكر هو الغذاء الصحي المتوازن لأي طفل طبيعي وهو لا يعتمد على الحرمان وإنما على التوازن وحساب كمية النشويات وتكافؤها مع جرعات الأنسولين التي يتناولها الطفل أو المراهق.
وأهم الأسس هو التقليل من تناول السكريات والوجبات السريعة، والاعتماد على النشويات الصحية منها الفواكه والألبان والحبوب مثل: الشوفان والذرة والبليلة، والبقوليات مثل: العدس، الفاصوليا، اللوبيا، البسلة، وكلها أغذية تعطي طاقة للجسم ولا تحدث مخاطر السمنة والسكر. ويمكن تناول كميات محدودة من الحلوى عن طريق حساب كم النشويات التي تحتويها وإدراجها ضمن السعرات الحرارية التي يحتاجها الطفل أو المراهق يوميا.
وينصح بتقليل الدهون بصفة عامة والبعد بالأخص عن الدهون المشبعة والزيوت المهدرجة المضرة للأطفال والتي تزيد من احتمال ارتفاع الضغط وحدوث السكر والسمنة وما يصاحبهم من أمراض مثل: تصلب الشرايين على المدى البعيد.
ويشمل الغذاء الصحي أيضا مصادر البروتين الحيواني مثل: منتجات الألبان والبيض واللحوم أو النباتي مثل: البقوليات المتنوعة، كما ينصح أيضا بشرب الماء بكميات كافية وخاصة فى فصل الصيف أو ممارسة الرياضة.
* وماذا عن دور الرياضة فى استقرار مستوى السكر فى الدم عند الأطفال؟
ممارسة الرياضة تضمن استقرار مستوى السكر فى الدم، فهي تقي من السمنة ومن السكر من النوع الثاني.
فممارسة الرياضة لها مفعول السحر فى ضبط السكر للأطفال.
وللرياضة فوائد جمة فى السيطرة على السكري مثل: ضبط مستوى السكر وتقليل جرعات الأنسولين وزيادة كفاءة وحساسية الأنسولين وبطء زيادة الوزن فى حالة السمنة وتقليل المضاعفات مثل ضغط الدم، زيادة الدهون فى الدم، أو أية مشاكل بالدورة الدموية أو بالقلب وتحسين الحالة المزاجية وتحسين جودة الحياة والإحساس بالتفوق والإنجاز وتحقيق الذات؛ لذا تعتبر ممارسة الرياضة حجر الزاوية فى ضبط مستوى السكر وإدارته، حيث ينصح بممارسة من ٦٠ إلى ٩٠ دقيقة من الرياضة المتوسطة أو الشديدة على الأقل ٣ أيام فى الأسبوع.
هل هناك محاذير لمرضى السكرى من الأطفال عند ممارسة الرياضة؟
قد يتعرض الأطفال المتعايشون مع السكر عند ممارسة الرياضة لأخطار منها: هبوط مستوى السكر بألم أو ارتفاع مستوى السكر بالدم، وإذا لم يتم التعامل مع ارتفاع السكر تحدث الإصابة بالغيبوبة الكيتونية، ويحدث هبوط السكر فى الدم أكثر مع الرياضات متوسطة الشدة مثل السباحة وركوب الدراجة و الركض والتجديف.
يذكر أن ممارسة الرياضة لأكثر من ساعة يمكن أن تتسبب فى هبوط السكر فى الدم لفترة تمتد إلى ٢٤ ساعة، إذا لم يتم ضبط جرعات الأنسولين بطريقة مناسبة أو تعديل النظام الغذائي بشكل مناسب.
هل هناك طرق معينة نراقب بها هبوط مستوى السكر عند ممارسة الرياضة؟
يحدث هبوط السكر مع ممارسة الرياضة فى الحالات الآتية:
- كانت جرعة الأنسولين القاعدي أو السريع أكثر من اللازم
- تم حقن الأنسولين تحت الجلد فى الأماكن المستخدمة فى الرياضة.
كان التدريب الرياضي لمدة طويلة.
- لم يتم تناول كميات كافية من النشويات.
وإذا تكرر حدوث هبوط السكر فإن ذلك يؤدي إلى اختفاء أية أعراض تلفت الانتباه لهبوط السكر.
ولابد أن ننوه إلى أن ارتفاع السكر بالدم قد يحدث مع أنواع الرياضة عالية الشدة مثل: الاسكواش أو الركض السريع أو الرياضات التنافسية ودخول البطولات التي تحدث إفراز لهرمونات مضادة لعمل الأنسولين وتؤدي لارتفاع مستوى السكر فى الدم، وهذا يتبعه هبوط السكر فى الدم. إذا لم يتم التعامل مع ارتفاع السكر فى الدم بطريقة مناسبة، بحيث يظهر الأسيتون فى البول ويمكن أن يدخل الطفل فى غيبوبة كيتونية.
وبالطبع فليست كل الأنشطة الرياضية متساوية حيث يعتمد الأمر على عدة عوامل منها: هل النشاط الرياضي يمارس للمتعة أو للتدريب الرياضي؟ هل هو عالي الشدة أو متوسط الشدة؟. هل كان النشاط قبل أو بعد الوجبات؟ هل كان لمدة نصف ساعة، أو ساعة أو ساعتين؟.
هل هناك بعض النصائح للطفل مريض السكر الذي يتناول الأنسولين عند ممارسة الرياضة؟
يجب تناول الأنسولين سريع المفعول وتقليل الجرعة الكلية للأنسولين بنسبة ١٠٪ ل١٥٪ فى نفس اليوم، وتقليل جرعة الأنسولين السابقة للنشاط الرياضي بنسبة ٥٠٪. وإذا كان النشاط الرياضي بعد ساعة من تناول الأنسولين السريع، يتم خفض جرعة الأنسولين بنسبة ٧٠٪ وعدم حقن الأنسولين فى المكان المستخدم فى النشاط الرياضي.
ويفضل استخدام الأنسولين السريع عن الأنسولين قصير المفعول مع الوجبات ويفضل استخدام الأنسولين القاعدي الذي يتم تناوله مرة واحدة فى اليوم فى حال دخول البطولات الرياضية وحدث ارتفاع بالسكر، يمكن إعطاء جرعة إضافية من الأنسولين السريع فى وسط النشاط الرياضي أو بعد الانتهاء منه فى حال ارتفاع مستوى السكر.
أما بالنسبة لضبط كمية تناول النشويات قبل ممارسة الرياضة : يعتمد هذا على مستوى السكر فى الدم قبل الرياضة ، فإذا كان المستوى أقل من ١٣٠ ملليجرام، يتم تناول نصف جرام لكل كيلو من النشويات السريعة إذا كان النشاط الرياضي يمتد من نصف ساعة إلى ٤٥ دقيقة. أما إذا كان مستوي النشاط شديد أو ممتد، يتم تناول ١ جرام لكل كيلو جرام من الوزن.
فى حال أن مستوى السكر فى الدم من ١٣٠ملليجرام إلى ١٨٠ملليجرام قبل ممارسة الرياضة يتم تناول ١/٤ جرام لكل كيلو من النشويات السريعة إذا كان التدريب من ٣٠ إلى ٤٥ دقيقة أو ضعف الكمية إذا كان النشاط الرياضي عالي الشدة.
وإذا كان مستوى السكر فى الدم من ١٨٠ ملليجرام إلى ٢٤٠ ملليجرام قبل ممارسة الرياضة، لا ينصح بتناول النشويات إذا كان النشاط الرياضي بسيطا. أما إذا امتد لأكثر من ٣٠ دقيقة يتم قياس السكر بالدم فى وسط النشاط ويتم التعامل فيما سبق فى الحالتين السابقتين
ويراعى فى فترة الصيف عند ممارسة الرياضة عدم التعرض للجفاف، وتناول كميات كافية من السوائل: حوالي ١.٥ لتر فى كل ساعة خاصة إذا كان الجو حار أو شديد الرطوبة
وفى حال عدم تقليل جرعات الأنسولين قبل ممارسة النشاط الرياضي ، ينصح بتناول من ١ إلى 5. 1 جرام من النشويات لكل كيلو من وزن الطفل كل ساعة و خاصة إذا كان النشاط الرياضي شديد أو ممتد.
هل تختلف كمية النشويات المطلوبة على حسب نوع النشاط الرياضي وشدته و مدته؟
بعد ممارسة النشاط الرياضي يُنصح بتناول وجبات غنية بالنشويات لتعويض المخزون فى الجسم ولتفادي حدوث هبوط فى السكر بعد النشاط الرياضي، ويُنصح أيضا بتناول وجبات غنية بالبروتين لتحفيز زيادة المخزون من النشويات ولتشجيع رجوع العضلات إلى حالتها الطبيعية بعد التدريب الرياضي، ويجب تقليل جرعة الأنسولين القاعدي بنسبة ١٠٪ إلى ٢٠٪ بعد ممارسة النشاط الرياضي خاصة إذا كان التدريب عالي الشدة أو إذا كان غير معتاد.
وينصح بالخلط بين أنواع الرياضات المختلفة : المتوسطة وعالية الشدة، والمتابعة الدورية لمستوى السكر فى الدم قبل التدريب وخلاله وبعده، وإذا كان مستوى السكر فى الدم ٢٥٠ ملليجرام أو أكثر خصوصا فى حال وجود أسيتون، يمثل هذا خطورة ويجب إلغاء النشاط الرياضي وإعطاء جرعات إضافية من الأنسولين مع شرب سوائل كثيرة وعدم ممارسة أي نشاط بدني.
هل يوجد تطور لعلاجات مرض السكرى للتعامل مع سكر الأطفال؟
أولا: مضخة الأنسولين: وهي جهاز صغير، يسهل حمله فى الجيب أو على الحزام المخصص أو إخفاؤه تحت الملابس، وتتم برمجة المضخة على القيام بتوصيل كميات محددة مناسبة من الأنسولين سريع المفعول الموجود فى الخزان إلى الجسم بشكل تلقائي.
ثانيا: حساسات وأجهزة استشعار الجلوكوز
يمكن متابعة السكر بالدم بأجهزة قياس السكر التقليدية أو عن طريق حساسات تقيس السكر فى السائل الخلوي تحت الجلد على مدار ال 24 ساعة أو كلما أراد الطفل أو الأهل الاطمئنان على مستوى السكر.