30-8-2025 | 12:24
أحمد عبد العزيز
اضطرابات الفوبيا والهلع والوسواس القهري ليست اضطرابات هينة لكنها مشكلات صحيّة تحتاج إلى تدخل طبي عاجل ودعم من المحيطين بالشخص المصاب بأعراض هذه الاضطرابات، كما أنّ العلاج النفسي لم يعد وصمة عار، بل هو خطوة شجاعة نحو التعافي من هذه الاضطرابات.
فى البداية يقول الدكتور أيمن العزونى استشاري الصحة النفسية إنه في زمن تتسارع فيه وتيرة الحياة، وتزداد فيه الضغوط الاجتماعية والاقتصادية، أصبحت الأمراض النفسية أكثر حضورًا وتأثيرًا على جودة حياة الإنسان، من بين هذه الاضطرابات النفسية التي يعاني منها الملايين حول العالم: الفوبيا، الهلع، والوسواس القهري، ورغم اختلاف طبيعتها، إلا أن بينها خيطًا مشتركًا هو قدرتها على تقييد حياة المصاب إذا لم يتم التعامل معها مبكرًا.
وأكد أنّ الفوبيا أو الرهاب هو خوف شديد وغير عقلاني من شيء أو موقف معين، قد يبدو عاديا بالنسبة لمعظم الناس، لكنه يثير قلقًا ورعبا للمصاب.
تعد أنواع الفوبيا متعددة، منها رهاب الأماكن المرتفعة ورهاب الطيران ورهاب الحيوانات أو الحشرات والرهاب الاجتماعي وهذا يرجع إلى تجارب سابقة صادمة مثل: حادث طائرة أو تعرض لهجوم حيوان علاوة على العوامل الوراثية، والنشاط المفرط لمراكز الخوف في الدماغ، موضحاً أن العلاج السلوكي المعرفي (CBT) يعتمد على تغيير أنماط التفكير عند المريض بتعريضه التدريجي للمصدر المسبب للخوف تحت إشراف مختص إضافة إلى تمارين الاسترخاء والتنفس العميق للحد من التوتر.
يرى العزوني أن نوبات الهلع هي موجات مفاجئة من الخوف الشديد، يصاحبها أعراض جسدية مثل: سرعة ضربات القلب، ضيق التنفس، التعرق، الإحساس بالاختناق، وأحيانًا الشعور بقرب الموت ما يجعل الأمر مربكًا أن النوبة قد تحدث في أي مكان ودون سبب واضح. وهذا يرجع – في رأيه - إلى الضغوط النفسية المستمرة واضطراب في كيمياء المخ وخاصة مادة السيروتونين وعلامات الوراثة والحساسية الزائدة تجاه التغيرات الجسدية، ويمكن علاج ذلك عن طريق التعرف على الأعراض والابتعاد عن المنبهات الزائدة مثل الكافيين وطلب الدعم النفسي إذا تكررت النوبات.
أما الوسواس القهري فهو اضطراب يتسم بوجود أفكار متكررة مزعجة (وساوس) تدفع المصاب للقيام بسلوكيات متكررة (أفعال قهرية) لتخفيف القلق الناتج عن هذه الأفكار.
مثال: شخص يخشى الجراثيم فيغسل يديه عشرات المرات يوميًا، وهذا سببه اختلال في توازن بعض المواد الكيميائية في الدماغ، وأسبابه إما عوامل وراثية أو تعرض لتجارب صعبة في الحياة، ولذلك يجب العمل على العلاج السلوكي المعرفي لتعليم المريض كيفية مقاومة الأفعال القهرية وتناول الأدوية المضادة للاكتئاب التي تنظم كيمياء المخ وتجنب العزلة الاجتماعية والانخراط في أنشطة تشغل العقل.
تقول الدكتورة لبنى الشباسي استشاري الطب النفسي: الطفولة مرحلة حساسة تشكل فيها التجارب الأولى ملامح الشخصية المستقبلية. في هذه المرحلة، قد يظهر الخوف أو القلق كجزء طبيعي من النمو، مثل خوف الطفل من الظلام أو الغرباء، لكن أحيانًا يتجاوز الأمر الحدود الطبيعية، ليتحول إلى فوبيا (رهاب شديد) أو نوبات هلع أو وسواس قهري، مما يؤثر على سلوك الطفل وحياته اليومية، ويحتاج إلى تدخل واعٍ من الأسرة والمختصين.
وتؤكد أن الفوبيا عند الأطفال هي خوف مفرط وغير منطقي من أشياء أو مواقف معينة، مثل: الحيوانات، أو الأماكن المغلقة، أو المدرسة. وقد يبدأ الرهاب في سن مبكرة، ومن علاماته بكاء شديد أو صراخ عند مواجهة الشيء المخيف ومحاولة الهروب أو الاختباء وأعراض جسدية مثل: تسارع ضربات القلب والتعرق وهذا بسبب تجربة صادمة سابقة (مثل التعرض لهجوم من كلب) والتقليد والملاحظة (مشاهدة شخص آخر خائف) وعوامل وراثية أو استعداد عصبي للقلق، ولذلك يجب التدرج في التعرض للمثير المخيف بطريقة آمنة، وهنا يجب تقديم الدعم النفسي للطفل.
تشرح لبنى الشباسي أن نوبات الهلع في العموم هي عبارة عن نوبة مفاجئة من الخوف الشديد، مصحوبة بأعراض جسدية قوية مثل تسارع نبضات القلب وضيق التنفس ودوار أو شعور بفقدان السيطرة، وتستمر النوبة عادة دقائق معدودة لكنها تترك أثرًا نفسيًا كبيرًا، وقد تجعل الطفل يتجنب المواقف التي يخشى أن تتكرر فيها، وقد يرجع هذا إلى استعداد عصبي أو فرط نشاط في الجهاز العصبي وضغوط نفسية حادة أو صدمات ووجود تاريخ عائلي للقلق أو الاكتئاب.
وبخصوص هلع الأطفال، تنصح الشباسي بتدريب الطفل على التنفس العميق وقت النوبة وتجنب إجباره على مواجهة مخاوفه فجأة وتوفير روتين يومي ثابت يقلل القلق واستشارة مختص نفسي إذا تكررت النوبات.
تشير الدكتورة سالي الشيخ استشاري الطب النفسي إنه مع تقدم العمر، يواجه الكثير من كبار السن تحديات نفسية قد تكون أكثر إرباكًا من التحديات الجسدية، ومن أبرز هذه الاضطرابات النفسية: الفوبيا ونوبات الهلع، والوسواس القهري، على الرغم من أن هذه الحالات ليست حكرًا على فئة عمرية معينة، فإنها قد تأخذ شكلاً أكثر تعقيدًا لدى كبار السن نظرًا لتداخلها مع الأمراض المزمنة، والوحدة، والضغوط الحياتية.
توضح الشيخ أن الفوبيا هي خوف مفرط وغير منطقي من أشياء أو مواقف معينة، مثل الخوف من الأماكن المرتفعة، أو الظلام، أو حتى من الخروج من المنزل.
عند كبار السن، قد تظهر الفوبيا نتيجة تجارب سابقة مؤلمة أو مشكلات صحية تزيد من القلق، مثل السقوط أو العمليات الجراحية، وهذا بسبب أحداث صادمة في الماضي لم يتم التعامل معها نفسيًا والعزلة الاجتماعية في بعض الأحيان، والأمراض المزمنة التي تؤثر على الصحة النفسية ولذلك يجب علينا العلاج المعرفي السلوكي لمساعدة المريض على مواجهة مخاوفه تدريجيًا.
وتختم كلامها بأنّ الوسواس القهري هو سيطرة أفكار غير مرغوبة على عقل المريض، تدفعه إلى القيام بسلوكيات متكررة لتخفيف القلق، مثل: غسل اليدين بشكل مفرط أو التأكد المستمر من إغلاق الأبواب.
وتعتقد د. سالي الشيخ أن أسباب الوسواس القهري لدى كبار السن تتمثل في تغيرات كيميائية في الدماغ مع التقدم في السن وصدمات نفسية أو فقدان السيطرة على الحياة والوراثة أو التاريخ العائلي للمرض والتعايش الطويل مع القلق دون علاج.