25-10-2025 | 12:02
أحمد فاخر
قد لا يعرف الكثيرون عن الألم العضلي الليفي إلا عندما يصابون به، ولمن لا يعلم، نقول إن الألم العضلي الليفي أو الفيبروميالجيا (Fibromyalgia) هو اضطراب مزمن يرتبط بظهور آلام منتشرة في العضلات والأنسجة الرخوة، مصحوبة بتعب شديد مع اضطراب النوم والمزاج والذاكرة، فماذا عن هذا الآلم وأعراضه وطرق الوقاية ؟
في البداية يوضح الدكتور محمد علي مرعي استشاري الأمراض الباطنة أن الألم العضلي الليفي هو حالة مزمنة تصيب الجهاز العضلي الهيكلي وتسبب آلاماً واسعة النطاق في الجسم، بالإضافة إلى حساسية مفرطة تجاه الضغط على نقاط معينة.
ويعتبر من أكثر الحالات إرباكاً لكلٍ من المرضى والأطباء على حد سواء نظراً لتشابه أعراضه مع أمراض أخرى وعدم وجود تحاليل وفحوص إكلينيكية ذات نتائج أكيدة لتشخيصه، وغالباً ما يشعر المصابون وكأن أجسامهم تؤلمهم دون سبب واضح، ويصاحب ذلك الشعور بإرهاق واضطراب في النوم وصعوبة في التركيز تعرف أحيانا بـ «الضباب الدماغي».
وتتنوع أعراض الألم العضلي الليفي من شخص لآخر، لكنها تشمل عادةً التالي:
• آلام عضلية منتشرة في جانبي الجسم فوق وتحت خط الخصر.
• نقاط حساسة عند الضغط مثل: مؤخرة الرقبة والكتفين وأعلى الصدر والمرفقين والركبتين.
• تعب مزمن حتى بعد النوم لساعات طويلة.
• اضطرابات النوم مثل: الأرق أو عدم الوصول إلى النوم العميق.
• مشكلات معرفية مثل ضعف التركيز والنسيان.
• الصداع النصفي أو آلام الرأس المتكررة.
• اضطرابات مزاجية مثل الاكتئاب والقلق.
• أعراض هضمية مثل متلازمة القولون العصبي.
• خدر أو وخز في الأطراف دون سبب عصبي واضح.
وحتى الآن لا يوجد سبب محدد وواضح للألم العضلي الليفي، لكن هناك عدة عوامل يعتقد أنها تلعب دورًا في ظهوره حسب كلام الدكتور محمد على مرعي، وتتمثل في التالي:
- الوراثة: حيث يميل المرض إلى الانتشار في العائلات، مما يشير إلى وجود استعداد وراثي.
- الاضطرابات العصبية حيث تشير الدراسات إلى وجود خلل في معالجة الإشارات العصبية المرتبطة بالألم في الدماغ، مما يجعل المصابين أكثر حساسية للألم.
- العدوى إذ أن بعض أنواع العدوى مثل الإنفلونزا أو التهابات الجهاز الهضمي قد تسبق ظهور الأعراض.
- الضغوط النفسية الشديدة أو الصدمات الجسدية قد تكون محفزًا لظهور الأعراض.
- أمراض المناعة الذاتية مثل الذئبة أو التهاب المفاصل الروماتويدي، والتي ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالألم العضلي الليفي.
من ناحيته، يكشف الدكتور محمد الديب استشاري جراحة العظام أن الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالألم العضلي الليفي هم الفئات التالية:
• النساء أكثر عرضة للإصابة من الرجال بنسبة تصل إلى 7 أضعاف.
• الأشخاص في منتصف العمر بالرغم من أن المرض قد يصيب الأطفال أيضاً.
• من لديهم تاريخ عائلي مع المرض.
• من يعانون من اضطرابات مناعية أو التهابية.
ونظراً لعدم وجود تحليل محدد لتشخيص الألم العضلي الليفي، يعتمد الأطباء على الأساليب التالية للتشخيص:
• الفحص الإكلينيكي لتحديد نقاط الألم.
• استبعاد الأمراض الأخرى مثل التهاب المفاصل أو اضطرابات الغدة الدرقية.
• إجراء بعض التحاليل على الدم لتحديد وجود علامات التهابية.
• تقييم الأعراض ومدى انتشار الألم والتعب.
وللأسف لا يوجد علاج نهائي للألم العضلي الليفي، لكن يمكن السيطرة على الأعراض وتحسين جودة الحياة من خلال الطرق التالية:
• العلاج الدوائي عن طريق تناول مسكنات الألم أو مضادات الالتهاب ومضادات الاكتئاب؛ لتحسين المزاج والنوم مع تناول أدوية مضادة للتشنج لتقليل الإشارات العصبية المؤلمة.
- العلاج السلوكي المعرفي يساعد في التعامل مع الألم والضغط النفسي وتحسين نمط التفكير.
- العلاج الطبيعي عبارة عن تمارين خفيفة مثل المشي والسباحة واليوجا الذين يساعدون في تقوية العضلات وتحسين اللياقة.
- وضع روتين نوم منتظم، وتجنب المنبهات قبل النوم.
- إتباع نظام غذائي متوازن وتجنب الأطعمة التي قد تزيد الالتهاب مثل السكر والدهون المشبعة.
- العلاجات التكميلية مثل التدليك والعلاج بالإبر أو التأمل، والتي قد تخفف من التوتر وتحسن الحالة العامة.
ومن جهة ثالثة، يشير الدكتور أشرف جابر استشاري جراحة العظام والمفاصل إلى أن التعامل مع هذه الحالة يتطلب فهماً عميقاً لطبيعتها وصبراً طويلاً في تجربة العلاجات المختلفة للوصول لأفضل نتيجة ممكنة ومن المهم أن يدرك المريض أن الألم العضلي الليفي ليس مرضاً نفسياً، بل حالة جسدية حقيقية تؤثر على الجهاز العصبي، بالإضافة إلى ذلك فالدعم النفسي والاجتماعي يلعب دوراً كبيراً في تحسن الحالة.
كما أن المتابعة المستمرة مع الطبيب المختص للمتابعة الدورية المنتظمة يساعد في الوصول للعلاج المناسب في أسرع وقت ممكن، حيث إن الألم العضلي الليفي هو تحدٍ طبي ونفسي لكنه ليس نهاية الطريق، فمن خلال التشخيص الصحيح والعلاج المتكامل والدعم المستمر يمكن للمصابين أن يعيشوا حياة نشطة ومليئة بالأمل، ومفتاح العلاج هو زيادة التوعية والبحث عن طرق وحلول تناسب كل حالة على حدة وعدم الاستسلام للألم.