الامعاء من أهم الأعضاء التي تتحكم في صحتك بشكل كبير حيث أن هناك حوار دائم بين الأمعاء و الدماغ حيث ترسل الدماغ إشارات تؤثر على المزاج والشهية والصحة النفسية والعامة. أشارت الدكتورة دعاء عبدالرحمن محمود حسانين أستاذ الميكروبيولوجي بقسم كيمياء المنتجات الطبيعية والميكروبية معهد الصناعات الصيدلية والدوائيةبالمركز القومي للبحوث أن الأمعاء لا تهضم الطعام فحسب، بل تفكّر وترسل إشارات إلى الدماغ لذلك يُطلق العلماء على الأمعاء أحيانًا لقب " الدماغ الثاني"، وذلك ليس مجازًا أدبيًا، بل توصيفًا حقيقيًا قائمًا على اكتشافات مذهلة في علم الأعصاب. وأوضحت د. دعاء أن الأمعاء تحتوى على شبكة عصبية معقدة تُعرف باسم الجهاز العصبي المعوي، تضم أكثر من 100 مليون خلية عصبية، أي ما يعادل عدد الخلايا العصبية في الحبل الشوكي هذا الجهاز لا يتحكم فقط في حركة الأمعاء والهضم، بل يتواصل بشكل مباشر ومستمر مع الدماغ عبر العصب الحائر، أحد أطول وأهم الأعصاب في الجسم. هناك حوار دائم بين الدماغ و الأمعاء ؛ فالأمعاء تُرسل إشارات تؤثر في المزاج، والشهية، والنوم، وحتى التوتر، بينما يُرسل الدماغ بدوره إشارات تتحكم في حركة الأمعاء وإفرازاتها. هذا التفاعل يُفسّر شعورنا بتقلصات المعدة عند القلق أو فقدان الشهية أثناء الحزن، فهي ليست مشاعر عابرة بل تفاعلات عصبية وكيميائية حقيقية. وأكدت د. دعاء أن الميكروبات المعوية لها دورًا محوريًا في هذا الحوار، إذ تنتج مركبات كيميائية تُشبه الناقلات العصبية مثل الدوبامين، مما يجعلها ذات تأثير مباشر على الصحة النفسية. لهذا السبب، بدأ الأطباء وعلماء النفس بالتوصية بالاهتمام بصحة الأمعاء كجزء أساسي من علاج القلق والاكتئاب و اضطرابات المزاج ، من خلال التغذية الصحية وتناول الأطعمة المختمرة مثل الزبادي والخضروات المخللة بدون إضافة الخل، مع تجنب الإفراط في استخدام المضادات الحيوية حفاظًا على التوازن الميكروبي. وأفادت د. دعاء أن الأمعاء ليست مجرد عضو هضمي، بل عضو عصبي حساس يشارك في التفكير والشعور. ولعل القول الشائع "كل شيء يبدأ من البطن" يحمل في طيّاته حقيقة علمية مؤكدة. فلنُعد النظر في وجباتنا اليومية، ونحرص على رعاية "دماغنا الثاني".