رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

د. ماجد كرم الدين: التوسع فى الطاقات المتجددة ضرورة قومية


16-1-2025 | 19:35

د. ماجد كرم الدين: التوسع فى الطاقات المتجددة ضرورة قومية

طباعة
حوار: رانيا سالم

2025.. عام التوسع فى الطاقات المتجددة والنظيفة والخضراء، بجهود مستمرة وسعى تعمل الدولة المصرية فى كافة المسارات، «شمسى، رياح، هيدروجين أخضر، ونووى»، والقطاع الخاص حاضر وشريك فى هذه التحركات، فالهدف واضح ومحدد، التحول نحو الطاقات الخضراء النظيفة، خفض معدلات استهلاك الوقود الأحفورى المستخدم، وخفض الانبعاثات الكربونية، أو يمكننا القول تنفيذ استراتيجية الطاقة المصرية 2030، التى تم تحديثها فى 2024، رافعة من مستوى أهدافها لتصل إلى إنتاج 60 فى المائة من الطاقات المتجددة فى 2040.

 

التوسع فى الطاقات المتجددة والنظيفة، تحدٍ جديد لقطاع الكهرباء والحكومة والقيادة السياسية المصرية، وهو يعادل تحدى قطاع الكهرباء 2014 الذى رغم صعوبته لكن تم تجاوزه بنجاح، وبشهادات دولية، وبعد 10 سنوات يبدأ تحدٍ جديد، وهو التحول نحو الطاقات الخضراء والنظيفة، فالعمل بجدية وبخطوات ثابتة ومتسارعة نحو تحقيق استراتيجية الطاقة 2040، وفى الحوار التالى يتحدث الدكتور ماجد كرم الدين المدير الفنى للمركز الإقليمى للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة (RCREEE) عن التحول المصرى نحو الطاقات المتجددة.

التوسع فى إنتاج الطاقات المتجددة والنظيفة عنصر أساسى فى تحديث استراتيجية الطاقة المصرية 2024.. هل 2025 سيكون عام التوسع فى الطاقات المتجددة؟

 

2025 يستحق لقب «عام الطاقات المتجددة والنظيفة»، فالدولة المصرية حدثت استراتيجيتها، وهو تحديث مهم جدًا وإيجابى للمستقبل المصرى فى مجال الطاقة وفى التحول نحو الطاقات الخضراء، كما أنه يعكس الالتزام المصرى بالتوسع فى الطاقات المتجددة، فتم تحديث الاستراتيجية المتكاملة للطاقة المستدامة حتى 2040، لتستهدف الوصول بنسبة مساهمة للطاقات المتجددة فى مزيج الطاقة إلى 60 فى المائة، بدلًا من 42 فى المائة فى 2030، والدولة المصرية تتمتع بثراء حقيقى فى مصادر الطاقات المتجددة شمسى ورياح، وهو الأساس الذى تم البناء عليه فى استراتيجية الطاقة وتحديثها 2024 من أجل إدارة واستغلال وفى الوقت نفسه تعظيم العوائد من هذه الموارد الطبيعية، وذلك لخفض الوقود المستخدم، وخفض الانبعاثات الكربونية، والتحول نحو الطاقات الخضراء.

 

وبجدية وخطوات ثابتة متسارعة تعمل الدولة المصرية نحو تنمية الطاقة المستدامة، والتحول نحو الطاقة المتجددة، عبر التنوع فى مزيج الطاقة، وتحسين كفاءة الطاقة، وضمان الاستقرار فى منظومة الطاقات المتجددة والنظيفة، والتطوير والتحديث فى تكنولوجياتها فى طاقة الرياح والشمس والهيدروجين الأخضر وحتى الطاقة النووية، كما أنها بدأت فى إجراء تغييرات تشريعية وتنظيمية من أجل فتح باب الاستثمارات فيها، فظهر القطاع الخاص فى مشروعات الطاقة الشمسية والرياح، ووضعت استراتيجية للهيدروجين الأخضر، وتسير بخطى ثابتة ووفقًا للجدول الزمنى فى محطة الضبعة النووية، فخريطة مصر من الطاقات متنوعة وقادرة على جذب استثمارات ضخمة فى مجال الطاقة.

 

كيف ترى فتح المجال للقطاع الخاص فى منظومة الكهرباء؟

 

تجربة مهمة جدًا، والتجارب السابقة أثبتت أن شراكات القطاع الخاص المحلية والعربية والأجنبية متطورة وذات جودة، ولهذا يلزم التوسع فى مشاركة القطاع الخاص على أن تقوم الحكومة بدور المنظم، وتوفر قدرا عاليا من الشفافية عبر تحقيق أسعار تنافسية ترضى المستهلك، وفى الوقت ذاته تحقق أرباحا للشركات الخاصة.

 

وبالفعل فتحت الحكومة وقطاع الكهرباء المجال أمام عدد كبير من الشركات، وهو ما تُرجم فى هيئة مشروعات على أرض الواقع مثل أبيدوس 1، وتم التعاقد على محطة أبيدوس 2 ومحطة خليج السويس مع شركة ايميا باور الإماراتية، كما تم طرح لمشروع محطة جبل الزيت باعتبارها أكبر محطة لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح، وهى مشروعات ضخمة فى الطاقات المتجددة، وهو ما يعكس جدية الدولة فى فتح المجال للقطاع الخاص، وتخصيص الأراضي، وجاهزية الشبكات لاستقبال القدرات المتولدة، والربط مع هذه المشروعات الجديدة، كما أنه يؤكد أن الرؤية والاستراتيجية المصرية تسعى بجدية وإصرار للتنفيذ على أرض الواقع، وأن الدولة المصرية تفتح المجال لكافة المستثمرين فى مجال الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر ومشتقاته.

 

ماذا عن رؤيتك لعمليات تجديد بعض مشروعات الطاقات المتجددة القديمة مثل تجديد محطة الزعفرانة بوجود مستثمر خاص؟

 

خطوة ذكية فى إطار خطة متكاملة مترابطة لمنظومة الطاقة المصرية التى تسعى نحو التوسع فى مزيج الطاقات المتجددة، فهى إحدى الحلقات الهامة، وتكشف عن الذكاء فى خطة التوسع، وهو التجديد للمشروعات القديمة، فبعد انتهاء العمر الافتراضى لهذه المحطات يتم استغلال المساحات الخاصة بها على أن يتم تزويدها بأحدث التكنولوجيات للحصول على أعلى قدر من القدرات الكهربائية التى يتم توليدها من نفس المحطة، وهو ما ينعكس فى زيادة حجم مزيج الطاقات المتجددة وتحقيق مستهدفات الطاقة المصرية.

 

من واقع الجهود المبذولة، هل يمكن أن تصبح مصر أحد اللاعبين الرئيسيين فى مجال الهيدروجين الأخضر؟

 

مصر بالفعل أحد اللاعبين الرئيسيين فى مجال الهيدروجين الأخضر بحكم أبعاد عدة، على رأسها موقعها الجغرافى، كما أنها كانت فى مقدمة الدول التى سعت للدخول فى هذا المجال، وكانت هناك جدية فى التعامل مع مشروعات الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، فتم توقيع 14 مذكرة تفاهم على مدار 2022 و2023 فى مجال الهيدروجين الأخضر، منها اتفاقية مع شركة رينيو باور الهندية فى 2022 باستثمار يصل إلى 8 مليارات دولار فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ومن المتوقع أن يتجاوز إنتاجها من الطاقة مليون طن سنويًّا، وهو ما سيرفع ترتيب مصر فى قائمة أفضل مصانع الهيدروجين الأخضر فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بجانب 7 شركات أخرى تعمل فى مجال الهيدروجين الأخضر فى المنطقة الاقتصادية بالسويس، كما أن اختيار المنطقة الاقتصادية لمشروعات الهيدروجين يكشف عن رؤية متكاملة للقطاع، التى ترغب بعد الإنتاج من سهولة التصدير، وهو ما يعكس أن هناك منظومة كاملة وشاملة تعمل بجدية وتخطط لكافة التفاصيل لتكون مصر أحد اللاعبين الرئيسيين فى مجال الهيدروجين الأخضر.

 

وتواجه مصر منافسة شرسة فى سوق الهيدروجين الأخضر على المستوى الإقليمى، وهو ما تم الانتباه له مبكرًا فى الاستراتيجية الوطنية المصرية للهيدروجين الأخضر، وما تقدمه من خطط هدفت لتحقيق من 5 إلى 8 فى المائة من حصص السوق العالمى من الهيدروجين الأخضر فى 2040، وأعقبها إنشاء المجلس الوطنى للهيدروجين الأخضر وإصدار قانون خاص بحوافز مشاريع إنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته وضوابط منحها، فهى خطوات جادة نحو جعل مصر واحدة من قادة العالم فى الهيدروجين الأخضر.

 

استخدام بطاريات التخزين أسلوب جديد تتم الاستعانة به فى محطات الطاقات المتجددة.. ماذا يعنى تخزين الطاقة بتقنية البطاريات، والتوسع فيها ماذا يحقق؟

 

بطاريات التخزين هى وسيلة للتصدى والتغلب على التحديات التى تواجه التوسع فى الطاقات الجديدة والمتجددة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، فالطبيعة المتغيرة لهما تجعل صعوبة الاستمرارية فى توليد الطاقة الكهربائية من هذه المحطات، واستمرار التغذية الكهربائية وجودة هذه التغذية، فالتوسع فى بطاريات التخزين يتوازى مع التوسع فى الطاقات المتجددة، وهو ما يضمن استمرار التغذية الكهربائية فى حالة عدم غياب للشمس أو الرياح، وهو ما تم تنفيذه فى محطة أبيدوس 1، وسيتم تنفيذه فى محطة أبيدوس 2، فالالتفات مبكرًا أن يتم تزويد محطات الطاقات المتجددة ببطاريات تخزين أمر محمود يكشف الدراسة الدقيقة للمشروعات والرغبة الأكيدة للتوسع فى الطاقات المتجددة والتصدى للتحديات التى تواجهها، فهناك تفكير فى كافة التفاصيل ومحاولات لإيجاد حلول لكافة التحديات التى تواجهها.

 

وماذا عن الربط الكهربائى المصرى السعودى ودخوله حيز العمل فى صيف 2025؟

 

الربط الكهربائى المصرى السعودى ودخوله حيز التنفيذ فى صيف 2025 خطوة هامة ومفيدة لكل من مصر والسعودية، فالربط قائم على اختلاف أوقات الذروة بين البلدين، وهو ما سيحدث استقرارا فى التغذية الكهربائية، كما أنه يمثل بداية للربط المصرى مع باقى دول الخليج العربي، والشرق المتوسط فى المستقبل، وهو الخطوة الأولى فى السوق العربية المشتركة للكهرباء، وسيتم فيه تنفيذ تجريبى بين مصر والمملكة العربية السعودية والأردن، وهى خطوة هامة تفتح المجال نحو التوسع بشكل أكبر بين الدول العربية بأكملها وخلق سوق عربية مشتركة للكهرباء فى مجال الطاقة ستكون فيها الدولة المصرية المركز بسبب موقعها الجغرافى وربطها الفعلى مع السعودية والأردن من الشرق ومن الجنوب مع السودان ومن الشرق مع ليبيا.

 

ماذا يعنى تحسين كفاءة الطاقة؟

 

كفاءة الطاقة مكون مهم جدًا فى قطاع الكهرباء، تحتاج له الدولة المصرية فى الفترة المستقبلية، لأن كفاءة يعنى استخدام طاقة أقل فى تقديم نفس الخدمة، وهو ما سينعكس على الأداء الاقتصادى الكلى، ويتيح فرصاً تنافسية للقطاعات المنتجة المصرية فى مختلف القطاعات، وهو ما سيؤثر فى القطاع المنزلى فى خفض فاتورة الكهرباء، وفى القطاع الصناعى انخفاض حجم القدرات الكهربائية وانخفاض حجم الوقود المستهلك، وبالتالى خفض الانبعاثات الكربونية وبالتالى المنتجات أكثر تنافسية، وهو ما يطبق على كافة القطاعات فى مجال الزراعة، فينتج مواد غذائية أقل انبعاثات كربونية وهو ما يعطيها ميزة تنافسية فى الأسواق العالمية، وفى مجال السياحة والصحة توفير منشآت منخفضة الانبعاثات الكربونية هى الأكثر جذبًا.

 

الخطوات السابقة هل تسرع فى التحول المصرى نحو مركز إقليمى للطاقة فى ظل حاجة أوروبا للطاقات النظيفة فى 2050؟

 

بالتأكيد، فالدولة المصرية تعمل بخطوات جادة ليس فقط لتحقيق استراتيجيتها للتوسع فى الطاقات المتجددة وإنما هى منظومة متكاملة، فالتنوع فى الطاقات المتجددة والربط الكهربائى شرقًا وغربًا وجنوبًا وشمال مع القارة الأوروبية، عبر التوسع فى الطاقات النظيفة من شمسى ورياح وهيدروجين أخضر وطاقة نووية، يجعل مصر مركزا إقليميا للطاقة، بالإضافة إلى وجود محطات إسالة وتصدير الغاز، فكل الظروف مهيأة لتكون مصر مركزا إقليميا، كما أن الدولة المصرية تعمل منذ 2014 فى منظومة الكهرباء بجدية وتتطرق لكافة التفاصيل، فالمحطات والتوسع فى الطاقات المتجددة وأول محطة نووية تزامن معه تقوية شبكات النقل والتوزيع ومراكز التحكم الذكية، ليتزامن مع الربط الكهربائى ومصانع إسالة الغاز، كافة هذه الجهود تؤهل مصر بقوة لأن تكون مركزا إقليميا للطاقة.