يا ليلة العيد أنستينا أغنية لأم كلثوم من كلمات أحمد رامى ولحن رياض السنباطى، غنتها مع مجموعة من الأغنيات فى فيلم دنانير الذى أُنتِج عام 1939، أنعم الملك فاروق الأول على أم كلثوم بوسام الكمال ليُصبِح لقبها: صاحبة العصمة. بعد ما غنت له هذه الأغنية فى حفل النادى الأهلى فى 17 سبتمبر 1944. وتقول كلمات الأغنية:
يا ليلة العيد أنستينا وجددتى الأمل فينا/ هلالك هل لعنينا فرحنا له وغنينا/ وقلنا السعد حيجينا على قدومك يا ليلة العيد/ جمعت الأنس ع الخلان ودار الكاس على الندمان/ وغنى الطير على الأغصان يحيى الفجر ليلة العيد/ حبيبى مركبه تجرى وروحى فى النسيم تسري/ قولوا له يا جميل بدرى حرام النوم فى ليلة العيد/ يا نور العين يا غالى يا شاغل مهجتى وبالي/ تعالى اعطف على حالى وهنى القلب بليلة العيد/ يا نيلنا ميتك سكر وزرعك فى الإيطان نور/ تعيش يا نيل ونتهنى ونحيى لك ليالى العيد.
الملك فاروق يستمع إليها
وفى حفلة حضرها الملك فاروق فى عيد جلوسه قالت:
يا نيلنا ميتك سكر وزرعك فى الإيطان نور/ يعيش ويتهنى ونحيى له ليالى العيد.
هذا أسبوع العيد والإجازات. لذلك سأكتب كلامًا يخلو من الهموم ويبتعد عن المشاكل ويخاصم الأزمات.. مع أن الفرح ليس مهنتى. والعبارة الأخيرة عنوان كتاب لشاعر سوريا محمد الماغوط.. منذ أن تركت قريتى فى منتصف ستينيات القرن الماضى وحتى الآن.. وربما حتى آخر أيام العمر.
ما إن أستمع لليلة العيد من الراديو وعادة أكون متجولًا فى الأسواق والشوارع لأغنية أم كلثوم: يا ليلة العيد أنستينا وجددتى الأمل فينا. حتى تحدث لى حالة من الرغبة فى البكاء. لأن الإنسان يتذكر فى هذه اللحظة أهله وناسه وقريته البعيدة وموتاه الذين ينامون تحت التراب.
ليلة العيد تؤكد لى دومًا هذه الحقيقة التى لست فى حاجة لكى أتأكد منها. أن الإنسان لا يمكن أن يستبدل قرية طفولته بمدينة كهولته. فالقرية ليست أرضًا ومياها صافية وزراعة خضراء تنسدل عليها سماء شديدة الزرقة. وليست الصمت الغويط ولا الهدوء المطلق. لكنها قطعة من وجدان الإنسان. لا يمكن أن يتخلى عنها أو يجد ما هو أجمل منها مهما امتد به العمر.
هل ليالى العيد
عرفت من تعبيرات اللغة أن العيد هو ما تعود عليه الإنسان من بهجة وسرور. لكن العيد فى المدينة لا طعم له سوى فى الشوارع الفارغة والهدوء الطارئ والصمت المستتب والشوارع التى أخذت إجازة من زحام الناس وصخبهم. يصل الزحام لأقصى درجاته فى ليلة العيد. آخر يوم الوقفة. كأن المصريين تذكروا فى هذه الليلة أن غدا هو العيد. وأن عليهم شراء كل ما يحتاجونه فى هذه الليلة.
لذلك يخرجون بطريقة بالغة الغرابة.. هذا يبحث عن صالون لحلاقة شعره. وذاك يشترى ملابس جديدة للعيد. فى القرية لم يكن يشترى الملابس الجديدة سوى الأطفال.. لكن فى المدن الجميع يشترون ملابس جديدة. ورغم كل ما نقوله عن الأزمة المالية وعن الوضع الخانق للمجتمع. إلا أن الناس تفعل الممكن والمستحيل حتى تجد ما تشترى به من الأمور ما لو كانت ليست محتاجة له.. إنها العادة والتعود.
العيد وزيارة المقابر
أتجنب أول أيام وثانى وثالث أيام العيد المرور أمام المقابر.. لأنه توجد علاقة غير عادية بالنسبة للمصرى بين فرح العيد وزيارة المقابر.. ما زلت أذكر شعرًا لصلاح عبد الصبور يقول فيه: يا موتانا ذكراكم قوت القلب فى زمن عزت فيه الأقوات.. كنت راغبًا أن أكتب كتابة راقصة. تدفع من يقرأها لحالة من الضحك الجميل.. لكن الهم القديم غلبنى حتى قبل أن أقول لكم كل عيد وأنتم طيبون.
وعيد الفطر هو عيد إسلامى يكون فى اليوم الأول من شهر شوال، الذى يفطر فيه المسلمون محتفلين بإتمام عبادة الصيام فى شهر رمضان، وهو أحد عيدى المسلمين، والعيد الآخر هو عيد الأضحى أحد أيام الحج فى العاشر من شهر ذى الحجة.
احتفل المسلمون بأول عيد فطر فى الإسلام فى السنة الثانية للهجرة بعد صيام أول رمضان فى تلك السنة، ويحرم صيام أول أيام من أيام عيد الفطر. يبدأ بعد غروب شمس اليوم الأخير من شهر رمضان وينتهى بغروب شمس اليوم الأول من شهر شوال.. ويوم العيد هو يوم فرح وسرور، وأفراح المؤمنين فى دنياهم وأخراهم إنما هى بفضل مولاهم كما قال الله: قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيرٌ مما يجمعون.
صلاة العيد
ويتميز عيد الفطر بإنهاء الفقراء عن السؤال بدفع زكاة الفطر الواجبة على كل فرد مسلم لديه قوت يوم وليلة فى ليلة العيد، وتؤدى قبل صلاة العيد. وأول أعمال العيد تكون صلاة العيد فى الصباح بعد شروق الشمس بثلث ساعة تقريبًا، ويلتقى المسلمون فى العيد ويتبادلون التهانى ويزورون أهليهم وأقرباءهم وهذا ما يعرف بصلة الرحم.
كما يزور المسلم أصدقاءه ويستقبل أصحابه وجيرانه، ويعطفون على الفقراء. وقد جرت العادة فى كثير من البُلدان الإسلامية بأن يأكل المسلمون الحلويات ويتبادلونها كالتمر أو كعك العيد المحشو بالتمر وغيرها حسب البلد وعادته. وسبب تسمية العيد هو كل يوم فيه جمع، وأصل الكلمة من عاد يعود، قال ابن الأعرابي: سمى العيد عيدًا لأنه يعود كل سنة بفرح مجدد. وعيد الفطر سمى كذلك لأن المسلمين يفطرون فيه بعد صيام شهر رمضان.
الصحابة يعايدون بعضهم
أما المعايدة، فقال جبير بن نفير: كان أصحاب رسول الله (ص) إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك. وقد جرت العادة فى كثير من الدول العربية بالتهنئة بقول: عيدكم مبارك، أو كل عام وأنتم بخير، أو من العائدين الفائزين.
فى العيد تتقارب القلوب على الود، ويجتمع الناس بعد افتراق، ويتصافون بعد كدر. وفى العيد تذكير بحق الضعفاء فى المجتمع حتى تشمل الفرحة بالعيد كل بيت، وتعم النعمة كل أسرة، وهذا هو الهدف من تشريع «صدقة الفطر» فى عيد الفطر. أما المعنى الإنسانى فى العيد فهو أن يشترك أعدادٌ كبيرة من المسلمين بالفرح والسرور فى وقت واحد، فيظهر اتحادهم وتعلم كثرتهم باجتماعهم، فإذا بالأمة تلتقى على الشعور المشترك، وفى ذلك تقوية للروابط الفكرية والروحية والاجتماعية.
ومن أداب العيد وسننه أنه يسن التكبير فى العيد، وصيغته: الله أكبر الله أكبر، وهذا التكبير غير مقيد بالصلوات، بل هو مستحب فى المساجد والمنازل والطرقات والأسواق، ويبدأ التكبير فى عيد الفطر من غروب الشمس ليلة العيد، وينتهى بخروج الإمام إلى مصلى العيد للصلاة. قال ابن قدامة فى المغني: ويظهرون التكبير فى ليالى العيدين وهو فى الفطر مؤكد، لقول الله: ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون.
وكل سنة وكل المسلمين طيبين فى كل مكانٍ من العالم.
