رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

«الأونروا» وقرار إسرائيل الصادم


31-3-2025 | 02:42

.

طباعة
بقلـم: سناء السعيد

اجترأت إسرائيل على القانون وأسقطته من اعتبارها، عندما خرجت مؤخرا واتخذت قرارا صادما فى مضمونه يهدف إلى القضاء على مصطلح اللاجئين الفلسطينيين وقضيتهم وحق العودة. ومضت فى غلوائها فأقرّ الكنيست قانونًا يحظر نشاط الوكالة الدولية للإغاثة «الأونروا» داخل إسرائيل، وقانونًا آخر يمنع السلطات الإسرائيلية من إجراء اتصالات بالوكالة. وبذلك يأتى القانون الإسرائيلى الجديد لكى يلغى اتفاقية تعود لعام 1967، وهى الاتفاقية التى يسمح بمقتضاها لـ«الأونروا» بالعمل فى إسرائيل. وينص القانون الذى شرعته إسرائيل على ألا تقوم «الأونروا» بتشغيل أى مكتب تمثيلى، وألا تقدم أى خدمة، وألا تقوم بأى نشاط بشكل مباشر أو غير مباشر فى أراضى دولة إسرائيل، فتشطب بذلك بجرة قلم ما يُطلق عليه الأراضى الفلسطينية.

 

الجدير بالذكر أن «الأونروا» لم تتلقَّ أى إخطار رسمى من السلطات الإسرائيلية بشأن كيفية تنفيذ هذا القانون الذى شرعته إسرائيل. وإمعانا فى تصنيف إسرائيل لوكالة «الأونروا» كعدو، قال المتحدث باسم حكومة الاحتلال، ديفيد سبنسر: إن «الأونروا» تتساوى مع حماس، ولقد قدمت إسرائيل أدلّة على ذلك لا يمكن دحضها، فـ«الأونروا» فيها الكثير من عناصر حماس، وتابع «مينسر» قائلا: توظف «الأونروا» أكثر من 1200 عضو من حماس، ومن بينهم إرهابيون نفذوا مذبحة السابع من أكتوبر. وهذه ليست مساعدة، وإنما هى دعم مالى مباشر للإرهابيين. ولذلك واعتبارا من 30 يناير، وبما يتوافق مع القانون الإسرائيلى لن يكون لإسرائيل أى اتصال مع «الأونروا».

هذا، وقد ذكر أن تقريرا صدر عن وكالة «الأونروا» العام الماضى جاء فيه أن موظفى الوكالة تعرضوا للتهديدات والإكراه من قِبل السلطات الإسرائيلية أثناء احتجازهم، كما تعرضوا لضغوط من أجل الإدلاء بأقوال كاذبة ضد الوكالة، بما فى ذلك أنها على صلة بحركة حماس، وأن موظفى الأونروا شاركوا فى أحداث 7 أكتوبر 2023. وفى معرض التعليق على التقرير، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: إن «الجيش يتصرف وفقًا للقانون الإسرائيلى والدولى لحماية حقوق الفلسطينيين المعتقلين». هذا ولقد بادرت عدة دول فقطعت التمويل عن «الأونروا» التى أُسست عام 1949 لدعم اللاجئين الفلسطينيين فى مختلف البلد بعدما اتهمت إسرائيل أكثر من عشرة من موظفيها فى غزة، والبالغ عددهم 13 ألفًا، بالتورط فى هجوم السابع من أكتوبر 2023.

لم تتمكن سلسلة من التحقيقات من العثور على أى دليل يؤكد المزاعم الإسرائيلية مع إمكانية وجود موظفين -ربما كانوا متورطين- فى الهجوم وفق وكالة «فرانس برس» التى قالت: إن «الأونروا» تكبدت خسائر فادحة، وقتل ما لا يقل عن 223 شخصًا من موظفيها، وتضرر أو دُمِّر ثلثا مرافقها فى غزة منذ اندلاع الحرب. وكان رئيس لجنة الخارجية والدفاع فى الكنيست قد نقل رسالة إلى نتنياهو، تحدث فيها عن اكتشاف ثغرات كثيرة فيما يتعلق بتطبيق القوانين، التى تضمنت بندًا يتعلق بتأخير بدء تنفيذ أحكام القانون لغرض إعداد الدولة لتطبيق القوانين.

وبعد منع جميع الموظفين الدوليين لـ«الأونروا» فى القدس من تجديد تأشيراتهم، اضطُر الموظفون إلى المغادرة القسرية فى 29 يناير الماضى كى يعمل الموظفون عن بُعد منذ ذلك الحين. ولا شك أن القرار المذكور وفرض سياسة منع التواصل مع السلطات الإسرائيلية -يؤثر بالقطع على قدرة «الأونروا» على التواصل مع السلطات المختصة، ويعقّد جهود الإغاثة والمساعدات فى ظروف إنسانية غير مسبوقة، وهو ما يشكّل سابقة خطيرة بالنسبة لموظفى الأمم المتحدة من خلال منعهم من أداء مهامهم الإنسانية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، بما يؤثر بالسلب على الفلسطينيين.

الجدير بالذكر أن وكالة «الأونروا» تقوم أيضًا بتقديم الدعم للاجئين الفلسطينيين فى الدول العربية منذ أكثر من سبعين عامًا، وغالبا ما تعرضت لاتهامات من مسؤولين إسرائيليين بتقويض أمن إسرائيل. وإمعانا من إسرائيل فى تنفيذ قرارها الصادم فى وقف التحويلات الأمنية للوكالة عن طريق البنوك التابعة لها، وهو ما جاء فجأة ومن دون إبلاغ مسبق للمعنيين بالأمر، قامت فى مارس 2024 بتجميد الحساب البنكى لوكالة «الأونروا» فى البنك الذى يضم 30 مليون دولار. وبادرت بنوك إسرائيلية فأعلنت عن عدم رضاها بالصيغة الحالية للقانون، والتى بموجبها يحظر على الهيئات العامة التواصل مع «الأونروا». ويعد تجميد الحساب المصرفى خطوة دراماتيكية قد تعرض البنك لدعاوى قضائية، كما أن القانون لا ينص صراحة على أن البنوك يجب أن تحظر الحسابات.

وفى الوقت نفسه، قال محافظ بنك إسرائيل: إن «الأمر لا يزال قيد النقاش حاليا مع وزارتى العدل والخارجية، وننتظر إجابات وتفسيرات للقانون من الوزارتين». وكأن بنك «لئومى» الإسرائيلى قد جمّد حساب الأونروا المصرفى عقب إعلان وزارة الخارجية الأمريكية تجميد التحويلات المالية للوكالة. وجدد المسؤول الأممى التزام الوكالة بالبقاء فى الأراضى الفلسطينية، وتقديم الخدمات رغم الضغوط الإسرائيلية.

ولا شك أن أى محاولة لإغلاق وكالة «الأونروا» سوف تتعارض حتما مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة التى تمنح «الأونروا» تفويضها، وبالتالى ليس لأى دولة الحق فى تغييره بمفردها. وقد مددت الأمم المتحدة ولاية وكالة «الأونروا» حتى الثلاثين من يونيو 2026. وقال الأمين العام للأمم المتحدة: إن «الحظر الذى تريد إسرائيل فرضه على «الأونروا» من شأنه أن ينتهك القانون الدولى وميثاق الأمم المتحدة التأسيسى، واتفاقية الأمم المتحدة المعتمدة فى عام 1946 التى تتناول الامتيازات والحصانات الدبلوماسية الممنوحة لعمليات الأمم المتحدة».

أخبار الساعة