إنها السياسية والاقتصادية الأردنية «ريما خلف» حاملة الماجستير فى الاقتصاد، والدكتوراه فى علم الأنظمة من الولايات المتحدة. كما منحت شهادة الدكتوراة الفخرية من الجامعة الأمريكية فى القاهرة تقديرا لما أطلقته من مبادرات للمنطقة العربية فى التعليم وحقوق الإنسان والمشاركة المدنية والنمو الاقتصادى. شغلت «ريما خلف» عدة مناصب فى الأردن وفى الأمم المتحدة كان آخرها منصب وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية فى لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا).
غير أنها بادرت بتقديم استقالتها من هذا المنصب عام 2017 عندما رفضت سحب تقرير لـ(الإسكوا) أكد أن الممارسات الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطينى تصل إلى حد جريمة الفصل العنصرى (الأبارتايد)، وإمعانا فى إشعارها بالتقدير لمواقفها هاتفها الرئيس الفلسطينى «محمود عباس» وأبلغها بقراره تقليدها أعلى وسام فلسطينى تقديرا لشجاعتها ودعمها ووقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني.
حازت «ريما خلف» على عدة جوائز منها جائزة «الأمير كلاوس»، وجائزة «الملك الحسين» للقيادة، وجائزة «جامعة الدول العربية للمرأة العربية الأكثر تميزا فى المنظمات الدولية»، وفى ديسمبر 2009 اختارتها صحيفة الفايننشال تايمز كإحدى الشخصيات الأولى فى العالم التى رسمت ملامح العقد، واختيرت للعمل فى المنظمة الدولية بعد أن تولت مناصب رفيعة فى الأردن منها، منصب نائب رئيس الوزراء، ووزيرة للتخطيط، وزيرة للصناعة والتجارة، ورئيسة الفريق الوزارى الاقتصادي.
شغلت «ريما خلف» منصب الرئيسة التنفيذية لمنظمة «الإسكوا» قبل أن تقدم استقالتها منها بعد رفضها للضغوط الهائلة التى جاء أبرزها من الأمين العام للأمم المتحدة «أنطونيو جوتيريش» من أجل سحب تقرير يتهم إسرائيل بالتمييز العنصرى ضد الشعب الفلسطينى، وهو التقرير الذى أغضب إسرائيل. بيد أن السفيرة «ريما» استطاعت بمواقفها أن تكون رمزا مبهرا للمرأة العربية.
ويكفى مواقفها الجريئة والشجاعة لا سيما موقفها من منظمة الأمم المتحدة فى مواجهة الضغط الهائل الذى يمنع توجيه اللوم لإسرائيل من داخل هذه المنظمة.

التقيتها فى أواخر التسعينيات وأبهرتنى بمواقفها الوطنية التى تألقت بها فى سجل الكفاح الفلسطينى فى مواجهة الطغيان الدولى. فكان أن سجلت بمواقفها صورة وضاءة لامرأة عاشت من أجل إعلاء المبدأ والدفاع عن كل مظلوم. فسجلت بمواقفها وثيقة دفاع عن الفلسطينيين وكفاحهم فى مواجهة الطاغوت الصهيوني.
إنها المرأة الشجاعة التى قدمت كل ما تملك من أجل الدفاع عن القضية الفلسطينية، ومن أجل سحب البساط من تحت أقدام إسرائيل الطفل المدلل الذى يفعل ما يشاء دون خوف من عقاب؛ إنها «ريما خلف» التى استطاعت أن تسجل موقفا تاريخيا فى مواجهة الضغط الهائل الذى يمنع توجيه اللوم لإسرائيل من داخل المنظمة الدولية.
وقفت «ريما خلف» بصلابة دفاعا عن الحق، وسجلت بمواقفها الجريئة ما يؤكد ذلك. لن ينسى أحد لها يوم أن استقالت من منصبها كرئيسة تنفيذية للمنظمة الدولية (اسكوا)، وهى الاستقالة التى جاءت بعد أن رفضت «ريما» الاستجابة للضغوط الهائلة التى حاصرتها، وكان أبرزها الضغوط التى مارسها «أنطونيو جوتيريش» الأمين العام للأمم المتحدة من أجل أن تسحب التقرير الذى قدمته، والذى يتهم إسرائيل بالتمييز العنصرى ضد الشعب الفلسطينى، وهو التقرير الذى أغضب إسرائيل واستاءت منه. غير أن «ريما خلف» دافعت عن تقريرها قائلة: (أصر على الاستنتاج الذى خرج به التقرير وهو أن إسرائيل تمارس سياسة الفصل العنصرى ضد الفلسطينيين).
جاءت استقالة «ريما خلف» من منصبها كأمين تنفيذى للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا بعد يومين اثنين من نشر التقرير؛ لتعكس بذلك الضغوط التى تمارسها إدارة الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» على الأمين العام للأمم المتحدة. وجاء التقرير ليمثل المرة الأولى التى يتم فيها استخدام تعبير الفصل العنصرى ــ الأبارتايد ــ فى وثيقة أممية لوصف السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين فى الأراضى المحتلة. والأبارتايد هو ذلك التعبير المشبوه الذى استخدم قبل عقود لوصف القمع المؤسسى فى جنوب إفريقيا للأغلبية السوداء من المواطنين على يد الأقلية البيضاء.
وفى محاولة من «أنطونيو جوتيريش» النأى بنفسه عن أية تطورات قال إنه لم يكن لديه علم مسبق بالتقرير المذكور، وأن هذا التقرير لا يعكس وجهة نظره. ولقد حثت دولة الكيان الصهيونى ومؤيدوها الأمين العام لرفع التقرير الذى وصفوه بأنه لا أساس له من الصحة، وبأن كل ما يهدف له هو عزل إسرائيل ونزع شرعيتها.