الأرملة زوجة حُرمت فجأة من كل شىء فى الحياة، بل نستطيع القول إن حياتها على المستوى النفسى قد تأثرت تماما بحرمانها من دفء وحنان وونس الزوج، وأيضا الحياة صارت أكثر تعقيدا وصعوبة بعد فقده، فهو السند والمسئول عن الإنفاق على الأسرة، خصوصا إذا كانت هى لا تعمل أو لا تُجيد أى عمل تساعد به أسرتها بعد وفاة عائلها.
الأرملة تظل تدور فى دائرة مغلقة بحثا عن عمل تارة، والسعى من أجل الحصول على معاش زوجها أو معاش استثنائى إن لم يكن زوجها من العاملين فى الدولة تارة أخرى، ليس هذا فقط؟ بل مطلوب منها أن تعمل للإنفاق على أولادها، بالإضافة إلى أنه «عيب تتزوج»؛ لأنه بزواجها هذا تكون غير وفية لذكرى زوجها، فى النهاية كتبت عليها الحياة بمفردها وتحمّل أعباء ثقيلة ومخاطر عديدة دون كلل أو ملل أو شكوى إلا لله عز وجل.
انطلاقا من دعم وحماية الأرامل قررت الأمم المتحدة اعتماد يوم للاحتفاء بالأرملة عام 2010م، مرجعة ذلك للدور العظيم الذى تقوم به كأب وأم فى آنٍ واحد، إلا أن مؤسسة «لومبا» الواقعة بالمملكة المتحدة التى أسسها اللورد «راج لومبا»، وتعمل على تمكين الأرامل على مستوى العالم، بدأت الاحتفال بهذا اليوم فى عام 2005 م؛ حيث كانت ترصد معاناة هؤلاء الأرامل منذ إنشائها عام 1997م، إذن لم يأتِ الاختيار من قبل الأمم المتحدة عشوائيا، بل يوافق اليوم الذى فقدت فيه والدة لومبا زوجها وأصبحت أرملة فى 23 يونيو 1954م، هذا عن أسباب وتداعيات الاحتفال بالأرملة .
أما فى مصر وبنظرة على أحدث إحصاء لعدد الأرامل وفقا للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فنجد أن هناك «3 ملايين و200 ألف أرملة»، والدولة المصرية حرصا منها على دعم هؤلاء النسوة ومساعدتهن على استكمال الحياة دون التعرض لأى من أشكال التمييز ضدهن والتمتع بحقوقهن الاجتماعية ومواجهة الفقر، قدمت حزمة من المبادرات والقوانين الداعمة لهن من أجل استكمال رسالتها الأسرية، منها الرعاية الصحية؛ حيث يحق للأرملة الانتفاع بخدمات التأمين الصحى مقابل سداد الاشتراكات والحصول على كارنية التأمين الصحى الذى يشمل الرعاية الصحية والعلاج والأدوية اللازمة، والتأمين الاجتماعى؛ حيث يحق لها الحصول على وحدة سكنية ضمن مشروع الإسكان الاجتماعى وفقا للشروط والضوابط، إضافة إلى المساعدات النقدية التى يقدمها بنك ناصر الاجتماعى وتتنوع ما بين دعم مالى شهرى ودعم تعليمى ومساعدات فى حالات الطوارئ، كما تقدم وزارة التضامن الاجتماعى العديد من برامج الرعاية الاجتماعية مثل «تكافل وكرامة» وبرامج تدريب مهنى وتأهيل لسوق العمل بهدف تحقيق التمكين الاقتصادى لهن، كل هذه الرعاية من قبل الدولة تعمل على تحسين الظروف المعيشية لها وأبنائها، وهى وعن حق تستحق كل هذا لأن الأرملة رجل البيت، تربى وتعمل داخل وخارج المنزل من أجل توفير حياة كريمة لأولادها، وترفض الزواج ناسية أو متناسية حقوقها الإنسانية؛ مضحية بشبابها من أجل أن يحيا أبناؤها، تحمل على كتفيها أثقالا وأوزانا لا يقدر على حملها الرجال، وفى نهاية الرحلة قد تجد رد الجميل ممن ضحت من أجلهم أو النكران والجحود من بعضهم، وفى الحالتين تكون صابرة وراضية، تعطى وتضحى دون انتظار رد، فقط تأمل خلال رحلتها أن ترى ثمار نضالها مع الحياة فى حب كل منْ حولها.
