كثير منا يلاحظ أنه بدأ يفقد تدريجيا شهيته فى هذا التوقيت من فصل الصيف، فبعضنا يمكن أن يقضي يوما كاملا دون تناول وجبة واحدة كاملة، والبعض يمتنع عن تناول المشروبات والعصائر الطبيعية ويكتفى بتناول المياه الغازية والآيس كريم، وغير ذلك من الأمور التي لا تمت للثقافة الصحية بصلة، فى طبيبك الخاص نسأل الأطباء: هل فقدان الشهية سببه الجو الحار أم أنه مرتبط بالحالة النفسية؟ أسئلة أخرى ومعلومات أكثر تجدونها فى هذا التحقيق. يقول د. طارق سامي أستاذ مساعد أمراض الباطنة إن فقدان الشهية فى فصل الصيف هو من الحالات المنتشرة، وأحيانا تكون خطيرة وهي ترجع لمجموعة من الأسباب منها النفسية و الجسدية، وتتعلق باتزان حرارة الجسم مع الحرارة الخارجية، موضحا أن فقدان الشهية بشكل عام حالة طبيعية، وتفسير ذلك أن أي كمية من الطعام يتم تناولها تتحول إلى طاقة والتي ينتج عنها حرارة، وبالتالي فى فصل الصيف إذا تم تناول وجبة كبيرة تؤدي إلى زيادة درجة حرارة الجسم، ومن هنا يبدأ الجسم لا إراديا فى تخفيض كمية الطعام فى الصيف لتجنب الشعور بالحرارة. ويذكر أن هناك أسبابا أخرى ترتبط بالخوف الزائد على شكل الجسم فى فصل الصيف، خاصة أنه فصل مرتبط بكثرة الخروج والتجمعات، بالإضافة إلى التوجه للشواطئ والمصايف مما يجعل الشخص يميل إلى الظهور بشكل جذاب ورشيق. وينبه إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي لها دور كبير فى زيادة تلك المشكلة، حيث اكتشف العلماء أن انتشار صور لأبطال رياضيين أو عارضات على منصات التواصل الاجتماعي يزيد من الرغبة فى الوصول للشكل المثالي والرشاقة، مما ينعكس على أسلوب الحياة على بعض الأشخاص والامتناع عن الطعام فى سبيل الوصول إلى الشكل المثالي والمرضي للمجتمع من وجهة نظر البعض. وتكمن الخطورة Ð وفق رأيه- فى التمادي فى الامتناع عن الطعام حيث يتحول الشخص إلى مريض بفقدان الشهية العصابي وهي مرحلة مرضية نفسية، وفيها يشعر المريض دائما بتشوه شكل الجسم والتوهم بالسمنة، ودائما ما يشعر بعدم الرضا عن شكل جسمه، وهذا غير حقيقي على العكس ففى أغلب الأحيان يكون هذا الشخص نحيفا، ولكن الصورة الذهنية لجسمه مشوهة، وبالتالي تؤدي تلك الحالة إلى فقدان الشهية بطريقة مرضية، وفى بعض الأحيان يلجأ الشخص إلى القيء عن عمد للتخلص من الطعام. ومن هنا يزداد الأمر خطورة فيصبح الجسم فى حالة فقدان تام للفيتامينات والبروتينات مما يؤدي إلى الضعف العام والدوار، وقد يدخل الشخص فى غيبوبة حيث يحدث تغير فى لون الأطراف بالإضافة إلى اضطراب فى مستوى الهرمونات ونقص الحديد وانقطاع الطمث عند السيدات. تتفق معه د. هدير إبراهيم أخصائي التغذية العلاجية عندما تقول إن فقدان الشهية فى فصل الصيف حالة طبيعية جدا، خاصة بالنسبة للأشخاص ذوي الوزن الطبيعي غير المصابين بالسمنة أو اضطرابات هرمونية، ففى الصيف يبدأ نظام الجسم فى إرسال إشارة بأنه لا يحتاج إلى كمية السعرات الحرارية الواجب تناولها فى فصل الشتاء، للحفاظ على درجة حرارة الجسم وبالتالي تقل الشهية تدريجيا لأن عملية الهضم نفسها تزيد من حرارة الجسم. وتضيف أن العلماء وجدوا أن هناك ما يسمى بالتنظيم الحراري لدرجة حرارة الجسم بالمقارنة لدرجة حرارة الجو الخارجي، فمثلا: فى الشتاء يكون الجسم فى حاجة إلى طاقة للحفاظ على درجة الحرارة الطبيعية للجسم، فيرسل إشارات للمخ بزيادة الشهية وزيادة إنتاج السعرات الحرارية على عكس ما يحدث فى فصل الصيف. وتوضح أنه تم عمل دراسة على الجنود المؤدين للخدمة فى المناطق الباردة فى مقابل الجنود المؤدين للخدمة فى المناطق الحارة فوجدوا أن متوسط السعرات الحرارية داخل جسم الجنود الموجودين فى المناطق الحارة أقل من الأخرين بنسبة 25 ٪ تقريبا، وهي نسبة كبيرة جدا، ولكن هذا دليل على أنه من الطبيعي أن درجات الحرارة المرتفعة تؤثر على الشهية. وتشير إلى أن هناك أسبابا أخرى لفقدان الشهية مثل: وجود اضطرابات فى الجهاز الهضمي مثل: الإمساك المزمن، فى تلك الحالة لن يكون هناك هضم كامل للطعام، وبالتالي سيكون هناك فقدان للشهية، أيضا عدم انتظام النوم يسبب الأرق أو الاكتئاب وكذلك الضغط النفسي يعد سببا قويا لفقدان الشهية. مؤكدة أن هناك معتقدا خاطئا أن تناول المثلجات والآيس كريم يرطب أو يقلل من درجة حرارة الجسم، وهذا غير صحيح تماما، لأن الآيس كريم يحتوي على الدهون، وبالتالي فهو يساعد على ارتفاع درجة حرارة الجسم. وتضيف أن حالة فقدان الشهية مرتبطة بحالات كثيرة نفسية وجسدية، فإذا كان الشخص مصابا بالاكتئاب أو الخوف المرضى من الزيادة فى الوزن أو كان هناك فيروس أو بكتيريا فى الجسم فينتج عن ذلك فقدان للشهية، وهي استجابة طبيعية للجسم خلال أي مرض أو فى فترة النقاهة، وينصح المريض بتناول أطعمة سهلة الهضم مثل: البطاطس والموز لسهولة الهضم ولإنتاج الطاقة، كاشفة أنه عند زيادة معدل التنفس والتعرق على المعدل الطبيعي نتيجة الاستجابة لدرجة الحرارة الخارجية، فإن الجسم فى تلك الحالة لا يفقد فقط المياه، لكنه يفقد الفيتامينات والمعادن وهنا يحدث عدم توازن للجسم كله، ولهذا تنصح بأهمية تناول المياه بكثرة فى فصل الصيف فهي أفضل مشروب بعيدا عن المشروبات الغازية والشاي والقهوة لأنهم من المشروبات المدرة للبول بسبب احتوائهم على الكافيين، والإكثار منهم يسبب فقدان العناصر والمعادن، وبالتالي يحدث اضطراب فى الجسم. وتنصح د. هدير بعدم الاستسلام للشعور بفقدان الشهية وإنما يجب تناول الطعام، ويمكن أن تقسم الوجبة الواحدة إلى 6 وجبات صغيرة، بدلا من تناول وجبة واحدة كبيرة ، كما تحذر من تناول أية أدوية فاتحة للشهية لعدم اعتياد الجسم عليها مع شرب المياه باستمرار، وفى حالة عدم الانتباه للشرب، يمكن ضبط منبه للتذكير بشرب المياه كل ساعتين إلى ثلاث ساعات. كما تنصح بالمشي من 15 إلى 30 دقيقة على الأقل يوميا، لأن الرياضة تجعل الجسم يفرز هرمونا مسئولا عن السعادة، والذي يتغلب على الشعور بالأرق والاكتئاب المسببين لفقدان الشهية. وتدعو إلى تناول الخرشوف المسلوق لأنه من أفضل الوجبات خلال فصل الصيف لاحتوائه على مضادات الأكسدة، كما أنه يحفز الكبد على أداء الوظائف، ومن أفضل المشروبات التي تنصح بها الليمون الطازج وهو عامل مساعد لفتح الشهية، كما أنه يساعد على مرونة البشرة ويعوض جفافها. وتشارك د. هدير بوصفة للتغلب على الحر وهي عبارة عن كوب من الزبادي يخلط مع أي نوع من الفاكهة فى الخلاط بدون سكر أو ماء ويتم حفظها فى الفريزر ثم يتم تناولها مثل: الآيس كريم فهذا يعد سناك صحيا ومفيدا ومرطبا ولكن بدون دهون، محذرة من المشروبات الغازية لأنها تزيد من العطش ولا تعوض الجسم عن السوائل على عكس العصائر الطازجة الطبيعية لأنها تمد الجسم بالسوائل والفيتامينات والعناصر الغذائية القيمة. وطبقا لرأيها، يجب التوجه إلى الطبيب عند الشعور بتسارع شديد فى ضربات القلب، حيث يُحتمل أن يستجيب الجسم لأية حالات إغماء أو انخفاض فى ضغط الدم، كما يجب التوجه للطبيب لعمل الفحوص والتحاليل اللازمة لتحديد الفيتامينات والمعادن الواجب تناولها لتعويض الجسم بالعناصر اللازمة.