الأربعاء 26 يونيو 2024

مع تزايد معدلاته فى فصل الصيف التدخين مفتاح للسرطان

صوره تعبيريه

28-6-2022 | 23:31

كتب: أحمد عبدالعزيز
الصحة من أعظم الأمانات التي كلف الله بها الإنسان للحفاظ عليها. وفي ذلك حكمة، لأن تدمير الصحة فى كثير من الأحيان لا يقتصر على دمار الشخص نفسه إنما يطول أيضا الأسرة والمجتمع، حول التأثيرات السلبية للتدخين على الصحة وبخاصة مع زيادة معدلاته فى فصل الصيف نتيجة التجمعات والسهرات الشبابية.. تأتى جولتنا التالية. فى البداية يوضح لنا الدكتور أيمن العزوني استشاري الأمراض النفسية والمخ والأعصاب أن إدمان المخدرات مفتاحه الأول التدخين فهو نتيجة مكتسبة من الإقدام على التدخين وخاصة بين فئات المراهقين والشباب في سن صغيرة. ونجد أن هذه الظاهرة ترجع إلى العديد من العوامل النفسية والاجتماعية ولعل أبرز هذه العوامل وأكثرها انتشارا رفقاء السوء وخاصة في فترة المدرسة والجامعة، والحقيقة أن استجابة الشاب لأصحاب السوء سببها خلل ليس فقط في سلوك هذا الشاب، وإنما المسئولية الكبيرة تقع على أسرته وعلى نمط التربية التي توفرت لهذا الشاب، بمعنى أنه لو اتبع الأب أو الأم أسلوب تربية قائم مثلا على التهميش أو القسوة الزائدة والعقاب الذى يفوق الحد المسموح، وأيضا التدليل الزائد، كلها أمور تجعل من هذا الصغير شخصا ضعيف الشخصية وقليل الحيلة أو شخص لديه سلوك عنيف نتيجة قسوة الأب أو الأم معه فيجعله حقل تجارب لأى شيء خارج عن المألوف حتى وإن كان ضارا لنفسه مثل: التدخين والمخدرات، فيجد الشاب فرصة لإخراج طاقة مكبوتة بداخله في شكل سيجارة أو نوع من المخدرات يتناوب عليه كلما شعر بالغضب أو التهميش. ويؤكد «العزوني» على أن التربية في البيت هي المرحلة الأولى والأهم على الإطلاق في حماية الشباب من خطر التدخين والمخدرات، ولكن ليس معنى كلامنا أن عامل التربية وحسب هو المسئول عن تعرض الشخص لتلك العادات السيئة، فهناك أيضا عوامل نفسية مكتسبة ليست محددة بمرحلة عمرية معينة أو صفات معينة تجعل الشخص عرضة للتدخين وغيره. ونذكر منها على سبيل المثال عدم الشعور بالأمان أو الرغبة في كسب القبول الاجتماعي حيث غالبًا ما يشعر المراهقون وغيرهم بأنهم لا يُقهرون وربما لا يتدبرون عواقب أفعالهم ما يودي بهم إلى المجازفة الخطيرة بتعاطي المخدرات وأيضا الإصابة بمشكلة صحية عقلية أو سلوكية مثل: الاكتئاب أو القلق أو اضطراب نقط الانتباه مع فرط الحركة مثلا مع وجود بعض السلوكيات القهرية أو المنطوية يصاب بها الشاب. وهناك أيضا سوابق التعرض لأحداث صادمة مثل التعرض لحادث سيارة أو الوقوع ضحية لسوء المعاملة وقلة تقدير الذات والشعور بالرفض الاجتماعي، فكلها عوامل مكتسبة تسبب الإدمان وعواقب وخيمة قد تدمر حياة الشخص مثل: النشاط الجنسي، حيث يعتبر ارتباط تعاطي المخدرات بالنشاط الجنسي عالي الخطورة، والجنس غير الآمن، والحمل غير المخطط له مسبقا، وأحيانا كثيرة يسبب الضعف الجنسي، وأيضا خطر القيادة تحت تأثير أي مخدر يمكن أن يقلل من المهارات الحركية للسائق، وتُعرض السائق والركاب وغيرهم من الموجودين على الطريق للخطر، وكذلك الفشل الدراسي نتيجة غياب التركيز والشغف في الدراسة وتحقيق نجاح بها ولذلك دائما ما نطالب الأسرة وأولياء الأمور والزوجة والزوج وغيرهم بضرورة سرعة التعامل عند ملاحظة أو اكتشاف تغير في سلوك الشاب أو الشخص واكتشاف تعاطيه المخدرات وخاصة في مرحلة الإدمان وضرورة المتابعة مع المصحات النفسية والعلاجية للمخدرات. ولعل الدولة — طبقا للدكتور أيمن العزوني- وفرت وأنجزت كثيرا في هذا الملف مع تخصيص أرقام وتوفير الإرشادات اللازمة للتعامل مع الشخص المدمن وتوجيهه إلى المؤسسات المعنية لعلاجه ومع ضرورة وجود دعم نفسى من المحيطين به وتأجيل أي لوم أو توبيخ بحق هذا الشخص إلى أن يصل إلى مرحلة التعافي. وكما ذكرنا ضرورة صحة التنشئة والتكوين والدعم النفسي في الأزمات المختلفة فدائما الوقاية خير من العلاج، وهناك جانب لا يقل أهمية عن آثار التدخين السلبية على الجنين أو حديث الولادة، وفيما يلى بعض هذه الآثار السلبية نذكر منها تأخر النّمو والتطوّر وقلّة حركة الجنين في الرحم لمدة ساعة على الأقل بعد تدخين السيجارة الواحدة وتطوّر العيوب الخلقية والتي تظهر عند الولادة، وقد يترتب عليها تغير شكل أو وظيفة جزء معين من الجسم أو أكثر من جزء معًا وتتسبب بإحداث مشاكل في الصحّة العامة ومن الأمثلة عليها: الشفة المشقوقة أو الشفة الأرنبية وهي عيب خلقي يظهر في فم الطفل. وتبدأ الدكتورة أماني أبو زيد أخصائي أمراض الصدر والحساسية كلامها بعنوان «الاختيار بين الصحة والهلاك» وتقول إنه إذا أردنا أن نضع عنوانا مناسبا لهذ الأمر فيسكون هذا العنوان دقيقا جدا، فالاختيار هنا مسئولية كل شخص يفكر في الإقبال على التدخين والمخدرات أو الامتناع عنها من الأساس، مع العلم أن الهلاك لن يصيبك وحدك في هذا المرض فأنت هنا تتحمل مسئولية صحة العديد من الأشخاص حولك. ولعل أبرز هذه العواقب هو مرض الانسداد الرئوي المزمن، فهذا المرض الذي يصاب به معظم المدخنين ومتناولي المخدرات يصيب الرئة مباشرة ويسبب انسدادا في الشعب الهوائية أثناء خروج الهواء من الرئة، وهو يصيب أغلبية المدخنين في المقام الأول وكان سابقا يصيب الرجال أكثر من النساء ولكن في الآونة الأخيرة أصبحت النسبة متساوية تقريبا لزيادة عدد المدخنات من النساء، وأيضا يعتبر الاستعداد الجيني والوراثي من الأسباب التي تسبب هذا المرض ونستطيع أن نقول إن كل المدخنين بلا استثناء معرضون لهذا المرض والذى يعتبر هو نهاية كل مدخن، وتتمثل أهم أعراضه في ضيق التنفس والإصابة بالنهجان وثقل في التنفس، ويلاحظ المريض هذا بنفسه عند طلوع درجات السلم بعد أن كان سابقا لا يعانى من هذا بجانب السعال وإفرازات البلغم باستمرار دون توقف، وهذه الأعراض ليست مقتصرة على المدخن فقط، فالشخص المجاور له يتعرض أيضا لهذه الأعراض كالأب الذى يدخن وسط أطفاله باستمرار والشخص الذي يدخن بجوار المحيطين به في العمل فنجد أنهم يتأثرون بهذه الأعراض. والسن المعرضة لمرض الانسداد الرئوي حسب الدكتورة أماني أبوزيد من 30 إلى 35 سنة ويستمر حتى نهاية العمر، حيث تتمثل أولى خطوات العلاج من هذا الأمر بالامتناع التام عن التدخين في المقام الأول وذلك لمنع تطور المرض وإعطاء فرصة أفضل للاستجابة للعلاج السريع، وهنا بالتأكيد بعض الأشخاص لا يستطيعون التوقف عن التدخين نهائيا ويكون الحل هنا أخذ العقاقير التي تعمل بدورها على توسيع الشعب الهوائية سواء عن طريق الأقراص أو البخاخات وأيضا استخدام الكورتيزون وأدوية إزالة البلغم باستمرار. وكل ما سبق يعتبر الشق الدوائي للعلاج وهناك شق آخر لا يقل أهمية عن الشق الأول وهو إدخال المريض في مرحلة التأهيل للعلاج عن طريق التحفيز والتذكير بالمنافع الناتجة عن توقف التدخين سواء منافع جسدية أو نفسية أو أسرية وأيضا حثه على ممارسة الرياضة باستمرار لإخراج الطاقة السلبية بداخله بشكل سليم، وتناول الأكل الصحي ومتابعة العلاج باستمرار وأيضا هناك الشق الأخير في طريق العلاج وهو الشق النفسي لأن بعض المرضى يدخلون في مرحلة اكتئاب مزمن وحزن شديد نتيجة تدهور حالتهم الصحية، مما يدفعهم إلى الاستمرار في التدخين و تفاقم الأضرار الصحية مع الأخذ في الاعتبار أن مرض الانسداد الرئوي لا يقع ضرره على الصدر فقط وصعوبة التنفس وإنما لديه تأثير على باقي أعضاء ووظائف الجسم مثل: الوهن وضعف العضلات والتأثير على انتظام النوم بشكل كاف وأيضا يؤثر على القدرة الجنسية للمريض والقدرة الإنتاجية في العمل، فهذا المرض يتسبب في عدم قدرة الأفراد على القيام بدورهم بشكل فعال في المجتمع ويشكلون عبئا كبيرا على أسرهم وفى عملهم، وتعتبر نسبة الشفاء من هذا المرض ليست بالنسبة التامة ولكن انتظام العلاج يؤدى إلى مرحلة السيطرة على الأعراض والتحكم فيها وليس الشفاء منها بالكامل، وهناك بعض الحالات التي تحتاج إلى التدخل الجراحي وذلك عندما تصبح الرئة بها العديد من التليفات في جزء منها.