الاحتلال والهوية.. الثقافة والمقاومة
عانت الشعوب منذ فجر التاريخ من احتلال أو استعمار شعب لآخر واستمر هذا النهج حتي يومنا وهناك أشكال عديدة بخلاف الاحتلال والاستعمار فيوجد امبارياليه واجتياح وغزو وكلهم أشكال لسيادة دولة على أخرى وتعاني بعض دول الجوار داخل نطاق الأمن القومي المصرى وكذلك بعض الدول التي تربطنا بها وحده العرق التي تفرض علينا معرفه أثر الاستعمار أو الاحتلال على هوية هذه الشعوب.
عندما يتعلق الأمر بالاحتلال، فإنه يشكل تحديًا كبيرًا للشعوب المحتلة. يتعلق الاحتلال بسيطرة قوة أجنبية على أراضٍ وموارد وشعوب دون موافقتهم، ويترتب عليه تداعيات سلبية على الحياة اليومية والتنمية الاقتصادية للشعب المحتل.
يستخدم الاحتلال عادة الموارد الطبيعية والأراضي لمصلحته الخاصة ويفرض سياسات اقتصادية تفضل المستوطنين على حساب السكان الأصليين.
يأتي الاستعمار كأداة تستخدمها القوى المستعمرة لاستغلال الأراضي والموارد في الأراضي المحتلة وجذب الاستثمارات من قبل الشركات الوطنية والدولية للاستفادة من الموارد الطبيعية وتحقيق الربح في هذه المناطق. ومع ذلك، فإن هذه الاستثمارات غالبًا ما تكون غير قانونية وتعزز الوضع الاحتلالي وتعرقل فرص التنمية المستدامة والازدهار الاقتصادي للشعب المحتل وخسائر الأراضي والموارد، وفرض القيود على الحرية وحقوق الإنسان، والقمع والتهميش الثقافي واستغلال الموارد الطبيعية والثقافية والاقتصادية لصالح القوى الاحتلالية أو الدول الاستعمارية، مما يؤدي إلى تفاقم الفجوات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وعدم المساواة.
تنشأ حركات المقاومة كردة فعل للاحتلال والاستعمار. تتمثل المقاومة في محاولة الشعوب المحتلة للتصدي للقوة الاحتلالية والدفاع عن حقوقها وحريتها وكرامتها. يمكن أن تكون المقاومة سلمية بالاعتماد على النضال المدني والاحتجاجات والمقاطعة، أو تكون عنيفة باللجوء إلى العمليات المسلحة وتختلف أشكال المقاومة وأساليبها حسب السياق السياسي والثقافي والتاريخي والاقتصادي. ومستوي التنظيم ودرجه التضحيه لتحقيق أهدافها وينبغي أن يشمل التفكير في المقاومة البحث عن سبل سلمية لتحقيق الحرية والعدالة والتغيير الإيجابي والاستقلال واستعادة السيادة على الأراضي المحتلة.
ويجب على المجتمع الدولي دعم الشعوب المحتلة في نضالها من أجل الحرية والعدالة، وضمان عدم استغلال الموارد والأراضي بطرق غير قانونية وغير أخلاقية وطمس الهويه الثقافيه و تعزيز التنمية المستدامة للشعوب المحتلة وتحقيق المصالح المشتركة للجميع..
مع ملاحظه أنه في بعض الأحيان يتعرض المقاومون لانتقادات وتجريم من قبل القوى الاحتلالية أو الدول الاستعمارية، حيث يُصنفون على أنهم إرهابيون أو مجرمون ويستخدم هذا التصنيف لتبرير القمع والتدخل العسكري من جانب القوى الاحتلالية أو الاستعمارية.
ومن أثار الاحتلال على الهوية الوطنية فقدان الشعب المحتل للسيادة على أرضه وموارده الطبيعية وقراراته السياسية والاقتصادية. والشعور بالاستعباد والاضطهاد والعجز، مما يؤثر سلبًا على الهوية الوطنية كما يحاول الاحتلال تغيير الهوية الوطنية وثقافه للشعب المحتل من خلال تعزيز العناصر الثقافية واللغوية والدينية للثقافة الاحتلالية، وقد يحاول قمع الثقافة واللغة والتقاليد الأصلية وفرض التغيير بالإكراه مما يؤدي الي فقدان الهوية الوطنية لدى الأفراد والمجتمعات المحتله ويؤدي ايضا إلى زيادة التوترات الداخلية والانقسامات داخل الشعب المحتل، حيث يمكن أن تنشأ آراء متباينة حول كيفية التعامل مع الاحتلال والاستجابة له. هذه الانقسامات يمكن أن تؤثر على الهوية الوطنية وتضعف وحدة الشعب المحتل.
من جهه أخرى، فإن أثر المقاومة على الهوية الوطنية أن تعزز الوعي الوطني والانتماء للأرض والهوية الثقافية والتاريخية للشعب المحتل. فتعمل المقاومة على تعزيز الروح الوطنية والتضحية من أجل تحرير الوطن واستعادة السيادة، مما يؤثر إيجابًا على الهوية الوطنية والانتماء.
وتعمل المقاومة أيضا على تعزيز الوحدة والتماسك داخل الشعب المحتل، حيث يتجمع الأفراد والمجتمعات حول هدف مشترك ويتعاونون لمواجهة الاحتلال ويمكن أن يؤدي هذا التماسك إلى تعزيز الهوية الوطنية وتقوية الروابط الاجتماعية والثقافية بين الأفراد.
كم تعمل المقاومة على الحفاظ على الثقافة والتراث للشعب المحتل حيث يعمل المقاومون على المحافظة على اللغة والتقاليد والعادات والتراث الثقافي لهم. هذا يساهم في الحفاظ على الهوية الوطنية والتميز الثقافي للشعب.
وتلعب الثقافة بعناصرها المختلفة دورا بارزا في المقاومة وقد تكون أحد أسباب القضاء على الاحتلال وإنهاء الاستعمار سلميا من خلال الرقصات والموسيقى التقليدية حيث تعكس الفنون التقليدية الروح والهوية الوطنية للشعوب، وتقدم وسيلة للتعبير عن الثقافة والقيم والتجارب الوطنية ويمثل الأدب والشعر جزءًا مهمًا من التراث الثقافي ويمكن أن يلعب دورًا حاسمًا في تعزيز الهوية الوطنية حيث يساهم الأدب والشعر في توثيق التاريخ وتعزيز الوعي الوطني وتعميق الانتماء
كما يستخدم الفنانون التشكيليون التقنيات والرموز الثقافية لإيصال رسائلهم والتعبير عن المشاعر والأفكار المتعلقة بالحرية والاستقلال. حيث تلهم الأعمال الفنية الشعوب وتعزز الروح الوطنية والصمود في وجه الاحتلال أما العمارة التقليدية والتصميم الشعبي للمباني ودور العباده والأماكن العامة تعكس التقاليد والقيم والروح الوطنية للشعب وتعزز العمارة والتصميم الشعبي الانتماء والفخر الوطني والمقاومة.
هذه بعض الأمثلة من التراث والفنون التي تساهم في إحياء تاريخ الشعوب وتعزيز الروابط الثقافية والعاطفية بين أفراد المجتمع وتعزيز الوعي الثقافي والانتماء للأرض المحتلة وتبقى قضايا الاحتلال والاستعمار والمقاومة قضايا معقدة تتطلب حلولاً سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية شاملة حيث يجب أن يتم التعامل مع الاحتلال بطرق قانونية وفقًا للقانون الدولي وحقوق الإنسان ويجب دعم حقوق الشعوب المحتلة في تقرير مصيرها وتحقيق العدالة والمساواة والسلام في المنطقة.
وأشير هنا إلى أهمية الاهتمام بالملف الثقافي ليكون حائط صد رئيسي فلم يعد الاحتلال التقليدي أو الغزو والاستعمار أسلوبا للقوي الاستعماريه بل لجأت الي الغزو الثقافي والاحتلال الاقتصادي فمصر صمدت أمام الاحتلال الفرنسي والبريطاني والحكم العثماني بانتاج مثقفيها وشعرائها وباقي الفنون والأدباء وحافظت علي هويتها عكس بعض الدول الشقيقة التي تأثرت بثقافه المحتل وبعد سنوات من تحررها ظهر صراع داخلي في رفض ثقافة المحتل والمطالبة بعودة الدولة لعروبتها.