ما زال الغموض سيد الموقف بشأن الهجمات التي نفذتها إسرائيل ضد إيران، خصوصًا أن الأخيرة تلتزم الصمت، حيث اكتفت بالرد من خلال القنوات الإعلامية التابعة لها، التي أكدت أن الهجوم أحبط، ولم يتسبب إلا في أضرار محدودة، ما يعطي المشهد الراهن المزيد من الغموض في ظل المزاعم الإسرائيلية، التي تتحدث عن أن الهجوم نُفذ بنحو 100 طائرة مقاتلة.
وتقول إسرائيل، إن هجماتها تأتي في إطار الرد على الهجمات المتواصلة لما أسمته بـ"نظام الإيراني" ضدها على مدار الأشهر الأخيرة، إلا أنها بشكل عام تأتي ردًا على الهجوم الصاروخي "الباليستي" الذي تعرضت له مطلع الشهر الحالي.
بالمقابل، أكدت إيران على أن الهجوم الإسرائيلي أحبطته الدفاعات الجوية، متمسكة بالحق بالرد على تلك الهجمات الإسرائيلية الذي تقول إنه لم تستهدف أي مركز عسكري للحرس الثوري الإيراني في طهران.
هجوم على إيران
قال جيش الاحتلال الإسرائيلي، فجر السبت، إنه "يهاجم في هذه الأثناء بشكل موجه بدقة أهدافًا عسكرية في إيران، وذلك ردًا على الهجمات المتواصلة للنظام الإيراني ضد إسرائيل على مدار الأشهر الأخيرة، وفق قوله. موضحًا أنه يجري تقييمًا متواصلًا للوضع وفي هذه المرحلة، وأنه لم يطرأ أي تغيير على تعليمات الجبهة الداخلية.
وقبل ذلك، أفادت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤولين إسرائيليين، بأن تل أبيب بدأت مهاجمة إيران ردًا على الهجوم الصاروخي "الباليستي" الذي تعرضت له في الأول من أكتوبر الجاري.
وفي الوقت ذاته، أشارت إلى أن الهجوم جاء بعد تأجيله في الأيام الماضية، وانطلق الليلة عندما كانت الظروف مهيأة، وانفتحت نافذة زمنية.
وشاركت عشرات الطائرات المقاتلة وطائرات التزود بالوقود والاستخبارات في الهجوم ضد إيران، قاطعة مسافة حوالي 1500 كم، بحسب الهيئة.
في غضون ذلك، قالت القناة الـ12 الإسرائيلية إن الطائرات المقاتلة التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي هاجمت عشرات الأهداف الاستراتيجية في الساعات الأخيرة في الأراضي الإيرانية، مشيرة إلى أن الهجوم ركز على منشآت عسكرية إيرانية رئيسية.
ووفقًا للقناة، فإن من بين الأهداف مصانع صواريخ، ومرافق تطوير وإنتاج طائرات بدون طيار، وقواعد إطلاق صواريخ الباليستية. دون أن توضح مواقعها في إيران.
واستدركت أن الصورة الكاملة للحالة لن تتضح إلا في الساعات القادمة، عندما ترد تقارير أكثر دقة من مختلف المناطق التي تعرضت للهجوم.
وجاءت الموافقة على شن الهجوم ضد إيران بالإجماع خلال اجتماع "الكابينت"، ليلة أمس الجمعة، وفقًا لـ إذاعة الجيش الإسرائيلي. بينما لم يشمل الهجوم أي منشآت نووية أو نفطية، بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.
اتصالًا، قالت صحيفة "معاريف" العبرية، إن 100 طائرة مقاتلة شاركت في الهجوم على إيران.
وأخيرًا، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، انتهاء الهجوم الذي أطلقه قبل ساعات على أهداف عسكرية في إيران، مشيرًا في الوقت ذاته، إلى أنه أكمل الهجوم على أهداف عسكرية في إيران.
وزعم أن جميع طائراته التي نفذت الهجوم عادت إلى قواعدها بسلام، موضحًا أن الهجوم نُفذ بتوجيه من المستوى السياسي ردًا على هجمات إيران ضد إسرائيل ومواطنيها.
وأنهى بأن الهجوم على أهداف عسكرية محددة بنجاح حقق جميع أهدافه، متوعدًا بالرد إذا ما قامت إيران بهجوم جديد.
إيران تعلق
في المقابل، أكدت وسائل إعلام إيرانية، أن الدفاعات الجوية تعاملت، قبل قليل، مع أجسام طائرة صغيرة هاجمت شرقي العاصمة طهران، طبقًا لما أوردته عن مصادر مطلعة، موضحة أن الدفاعات الجوية تعاملت بيقظة معها وفي الوقت المناسب.
وقالت مصادر إيرانية لوكالة "تسنيم" الإيرانية المقربة من الحرث الثوري الإيراني، إن إيران كما أعلنت سابقًا مستعدة للرد على اعتداء إسرائيل.
وأردفت:"إيران تحتفظ بحقها في الرد على أي اعتداء ولا شك أن إسرائيل ستتلقى ردًا متناسبًا على أي عمل".
ولاحقًا، نقلت "تسنيم" عن مصدر مطلع قوله إن ادعاء الجيش الإسرائيلي باستهداف 20 موقعًا في إيران غير واقعي، وإن عدد الأهداف التي ضربتها إسرائيل أقل كثيرًا من هذا العدد.
وجاء ذلك ردًا على ما نقلته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن مسؤولين إسرائيليين، حيث قالوا إن الهجوم على إيران انتهى بعد ضرب نحو 20 موقعًا.
الوكالة كذلك أفادت بأنه لم يتم استهداف أي مركز عسكري للحرس الثوري الإيراني في طهران، موضحة أن الهجوم الإسرائيلي تم من خارج الحدود الإيرانية متسببًا في أضرار محدودة، بحسب ما نقلته عن مصدر، الذي نفى صحة جميع الأخبار التي تفيد بمشاركة 100 طائرة عسكرية إسرائيلية في هذا الاعتداء كاذبة تمامًا، وإسرائيل تسعى لتضخيم حجم "هجومها الضعيف".
وفي هذا الإطار، قال مسؤول أمريكي رفيع إن الرد الإسرائيلي على إيران انتهى، مطالبًا طهران بعدم الرد أو التصعيد.
وأكد في الوقت نفسه، أنه لو قررت إيران الرد فسنكون مستعدين تمامًا للدفاع عن إسرائيل مرة أخرى وستكون هناك عواقب وخيمة. وختم بأنه ينبغي أن يكون هذا هو نهاية تبادل الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيران، طبقًا لما نشرته تقارير إعلامية.
وفي الأول من أكتوبر الحالي، أطلقت طهران عشرات الصواريخ على إسرائيل، ما تسبب في إلحاق خسائر بشرية وأضرار مادية، فضلًا عن إغلاق المجال الجوي للبلاد، وهرع الملايين إلى الملاجئ على وقع دوي صافرات الإنذار.
وقالت طهران، آنذاك، إن ضرباتها تأتي في السياق الرد على اغتيال الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، والأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله.
وفيما تبنت إسرائيل اغتيال نصر الله، خلال غارة استهدفت المقر المركزي للحزب في ضاحية بيروت الجنوبية، نفت أن يكون لها أي مسؤولية باغتيال هنية، لكن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أشار لمسؤوليات بلاده عن ذلك، يوم الحادثة، قائلًا:"في الأيام القليلة الماضية وجهنا ضربة ساحقة لكل منهم".
وآنذاك، أقر جيش الاحتلال الإسرائيلي بأن الضربة الصاروخية التي نفذتها طهران خلفت أضرارًا في قواعده الجوية، لكنه قلل من أهميتها ولم يكشف عن أماكنها.
ولأكثر من مرة، أكدت إيران أنه إذا ردت إسرائيل على هجماتها، فسيكون ردها أقوى، وذلك لأنها مارست حقها في الدفاع عن النفس استنادًا إلى المادة 51 من الميثاق، واستهدفت حصرًا القواعد العسكرية والأمنية المسؤولة عن الإبادة الجماعية في غزة ولبنان، حسبما تذكر.
وشددت على استعدادها التام لاتخاذ مزيد من التدابير الدفاعية من أجل حماية مصالحها المشروعة والدفاع عن سيادتها ضد أي عدوان عسكري واستخدام غير قانوني للقوة، وأنها لن تتردد في هذا الصدد، ومع إقدام إسرائيل على شن تلك هجمات، من المتوقع أن نشاهد هجمات إيرانية، مرة أخرى، ضد إسرائيل.