أصبحت السمنة من أهم أمراض العصر الحالي، ولقد تمادت فوصلت إلى الشباب والأطفال، ولهذا أهتمت الدولة بالتصدى لهذا المرض من خلال العديد من المبادرات الرئاسية، فكيف يمكننا التغلب على مرض السمنة وتداعيتها حتى نستطيع الحياة بشكل صحى بل وتحقيق طموحتنا كشباب؟
الدكتورة مايسة زيتون (أخصائية التغذية العلاجية) تقول إن السمنة هي تلك الحالة الطبية التي تتراكم فيها الدهون الزائدة بالجسم إلى درجةٍ تتسبب معها فى وقوع آثارٍ سلبيةٍ على الصحة، مؤديةً بذلك إلى انخفاض متوسط عمر الفرد ووقوع مشاكل صحيةٍ مختلفة ومتفاوتة حسب درجة السمنة ومدتها.
ويمكن معرفة الفرق بين السمنة وزيادة الوزن عن طريق حساب مؤشر كتلة الجسم كما موضح فى الجدول المرفق
وتحديد الوزن الطبيعي أو زيادة الوزن أو السمنة يكون عن طريق تحديد مؤشر كتلة الجسم، وهو مقياس أو أداة لتحديد الوزن المثالي للأفراد ويحسب عن طريق الوزن مقسوم على مربع الطول، ويعرف الأفراد الذين يعانون فرط الوزن (مرحلة ما قبل السمنة) أو زيادة الوزن بأنهم الأفراد الذين يكون مؤشر كتلة جسمهم مابين 25 كجم/متر مربع :30 كجم/م2،
أما الأفراد الذين يعانون السمنة الدرجة الأولى بأنهم أصحاب مؤشر كتلة الجسم من 30 كجم/متر مربع حتى 35 كجم / م مربع .
أما الأفراد الذين يعانون السمنة الدرجة الثانية يكون مؤشر كتلة الجسم لهم من ٣٥ :٤٠ كجم/ مربع.
أما الأفراد الذين يعانون السمنة الدرجة الثالثة يكون مؤشر كتلة الجسم لهم أكثر من ٤٠ كجم / م٢.
وتنبه إلى أن السمنة تؤدي إلى الإصابة بالعديد من الأمراض المصاحبة مثل: أمراض القلب، والسكري من النوع الثاني، وصعوبات التنفس أثناء النوم، وأنواع معينة من السرطان، والفصال العظمي وعادةً ما تنتج السمنة من مزيج من سعراتٍ حراريةٍ زائدةٍ، مع قلةٍ فى النشاط البدني والمجهود العضلي أو العوامل الوراثية. ذلك على الرغم أن قليلا من الحالات تحدث فى المقام الأول بسبب الجينات والعوامل الوراثية واضطرابات الغدد الصماء مثل: خمول الغدة الدرقية أو بسبب تأثير بعض الأدوية مثل: أدوية الاكتئاب والأدوية التي تحتوي على الكورتيزون، والأمراض النفسية.
وتوضح العوامل التي تتسبب فى الإصابة بالسمنة وهي:
- قلة الحركة والكسل وتوضح أن الأشخاص الخاملين يحرقون سعرات حرارية أقل من الأشخاص الناشطين، حيث إن هناك علاقة قوية بين الخمول البدني وزيادة الوزن فى كلا الجنسين.
- الإفراط فى تناول الطعام يؤدي إلى زيادة الوزن، وخاصةً إذا كان النظام الغذائي يحتوي على نسبة عالية من الدهون مع قلة النشاط والحركة.
- تناول الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون أو السكر مثل: الوجبات السريعة والأطعمة المقلية والحلويات على كثافة عالية أي الكثير من السعرات الحرارية فى كمية صغيرة من الطعام.
- العامل الوراثي:
وهنا يكون الشخص أكثر عرضة للإصابة بالسمنة إذا كان أحد والديه أو كلاهما يعاني من السمنة، حيث تؤثر الوراثة أيضًا على الهرمونات المشاركة فى تنظيم الدهون.
أحد الأسباب الجينية للسمنة نقص اللبتين وهو هرمون ينتج فى الخلايا الدهنية والمشيمة فى مرحلة تكون الجنين، حيث يتحكم اللبتين فى الوزن عن طريق إرسال إشارات إلى الدماغ لتناول كميات أقل عندما يكون مخزون الدهون فى الجسم مرتفعًا جدًا.
إذا لم يتمكن الجسم لسببٍ ما من إنتاج ما يكفى من اللبتين أو لا يستطيع اللبتين إرسال إشارة إلى الدماغ لتناول كمية أقل من الطعام، فإن هذا التحكم يُفقد وتحدث السمنة.
- اتباع نظام غذائي غني بالكربوهيدرات البسيطة حيث تزيد الكربوهيدرات البسيطة من مستويات الجلوكوز فى الدم بصورة سريعة على عكس الكربوهيدرات المعقدة والتي بدورها تحفز إفراز البنكرياس للأنسولين الذي يعزز نمو الأنسجة الدهنية ويمكن أن يتسبب فى زيادة الوزن.
يعتقد بعض العلماء أن الكربوهيدرات البسيطة، مثل: السكريات، والفركتوز، والحلويات، والمشروبات الغازية تساهم فى زيادة الوزن؛ لأنها أسرع فى امتصاصها فى مجرى الدم من الكربوهيدرات المعقدة، مثل: المكرونة، والأرز البني، والحبوب، والخضراوات.
- الأدوية : فهناك بعض الأدوية المرتبطة بزيادة الوزن مثل مضادات الاكتئاب، وبعض أدوية مرض السكري، وبعض الهرمونات مثل موانع الحمل التي تؤخذ عن طريق الفم . كما تسبب بعض أدوية ارتفاع ضغط الدم ومضادات الهيستامين فى زيادة الوزن.
- عوامل نفسية
بالنسبة لبعض الناس تؤثر العواطف على العادات الغذائية، فكثير من الناس يأكلون بشكل مفرط استجابةً لمشاعر، الملل، أو الحزن، أو التوتر، أو الغضب.
كما أن هناك أشخاصا يصابون بالسمنة نتيجة للإصابة بمرض آخر
مثل: قصور الغدة الدرقية، الأنيميا، نقص ڤيتامين د ومقاومة الأنسولين، متلازمة تكيس المبايض، والعديد من الأمراض التي تتسبب أيضًا فى السمنة.
و تقول إن السبب الرئيسي فى انتشار مرض السمنة بين الشباب هو اتباع الرفاهية فى كل شيء دون تفكير وتناول الأطعمة الجاهزة والوجبات السريعة مع عدم القيام بأي أنشطة رياضية وقلة النشاط البدني مع نمط الحياة السريع.
تشاركها الرأي الدكتورة رقية عز الدين (أخصائي تغذية علاجية وسمنة ونحافة و تغذية رياضيين) وتقول تم إجراء دراسة إحصائية فى عام ٢٠١٨ بأمريكا على الشباب الذين يتراوح أعمارهم ما بين ١٨-٢٥ عاما ووجدوا أن ٥٦٪ منهم يعانون من السمنة .
يساهم الإفراط فى تناول الطعام ونمط الحياة فى الإصابة بالسمنة. ويمكن أن يؤدي اتباع نظام غذائي مليء بالسكر والأطعمة عالية الدهون والمكررة إلى زيادة الوزن، وكذلك الحال مع عدم ممارسة الرياضة بانتظام.
كما أن هناك أنواعا من السمنة وتتمثل فى :
النوع السائد : هذا النوع من السمنة ناتج عن عادات سيئة من تناول السكر والطعام غير الصحي .
السمنة الناتجة عن الإجهاد : ينتج هذا النوع من السمنة عن الإجهاد والاكتئاب ومشاكل نفسية أخرى.
سمنة الجلوتين : يحدث هذا النوع من السمنة عادة عند النساء اللاتي يعانين من سن اليأس وخصوصاً حين الاقتراب من سنّ انقطاع الدورة الشهرية، والرجال الذين يعانون من مشاكل هرمونية.
السمنة الأيضية : الأشخاص الذين يكتسبون الوزن وتصبح معدتهم فقط سمينة هم فى هذه الفئة. وهذا نوع من السمنة الخطرة لأنه يمكن أن يؤثر على الأعضاء الأخرى ويسبب مشاكل فى التنفس.
السمنة الوريدية: عادة ما يكون هذا النوع من السمنة سمنة وراثية ويحدث غالبًا أثناء الحمل، والأشخاص الذين يعانون من تورم فى الساقين.
السمنة الناتجة عن عدم الحركة: عادة ما تصيب هذه السمنة أجزاء الجسم التي كان لها نشاط كبير فى الماضي، وتوقفت عن ممارسة الرياضة والنشاط.
وتتفق الطبيبتان على أن السمنة تشكل خطرا على صحة الإنسان وباقي أعضاء الجسم، فإنها تتسبب فى الكثير من المضاعفات، وهي تعد السبب الرئيسي للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، وترفع خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان خاصة السرطانات المرتبطة بالجهاز الهضمي وسرطان القولون، وتزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وبالتالي ترفع خطر الإصابة بضغط الدم المرتفع.
كما تسبب السمنة الأمراض التالية:
- أمراض المرارة.
- ارتفاع مستوى الدهون الثلاثية ومستويات الكوليسترول الضار فى الدم.
- تزيد خطر الإصابة بدهون الكبد.
- تزيد خطر الإصابة بالتهابات المفاصل والنقرس وأمراض العظام
- توقف التنفس أثناء النوم ومشكلات التنفس الأخرى.
- تأخر الحمل والعقم وهذه من مخاطر السمنة المفرطة الشائعة جدًا عند السيدات- اضطرابات فى الهرمونات خاصةً هرمون التستوستيرون فى الشباب، والنتيجة تكون عدم انتظام الدورة الشهرية لدى الفتيات، وتأخير فى سن البلوغ لدى الفتيان.
بالإضافة إلى التأثير النفسي على الأطفال، فهي تجعلهم أكثر عُرضة للتنمر من زملائهم مما يؤدي إلى مشاكل نفسية..
ويكون العلاج عن طريق اتباع نظام غذائي صحي متوازن ومحسوب لكل فرد عن طريق متخصص فى التغذية، وتغيير العادات الغذائية الخاطئة وعدم اتباع الأنظمة غير الصحية المنتشرة وغير المحسوبة لكل فرد على حدة، والتأكد من أن المختص يقوم بعمل هذا النظام الغذائي خصيصا للشخص حسب العمر والوزن ونسبة الدهون والعضلات.
ولأن الوقاية خير من العلاج تنصح الطبيبتان باستهلاك كميات أقل من الدهون الضارة واستبدالها بالدهون المفيدة، التقليل من تناول السكريات والأطعمة المصنعة مع تناول الأطعمة التي تحتوي على الألياف الغذائية حتى تدعم الشعور بالشبع لفترة طويلة، وممارسة الرياضة حتى وإن كانت بسيطة.
ولأننا نلاحظ أن هناك شبابا مصابين بالسمنة منذ الصغر لهذا يشير د.هيثم عبد العزيز سليمان استشاري طب الأطفال إلى إننا قادرون على التصدي لمرض السمنة من بداية عمر الطفل حتى وإن كانت هناك عوامل وراثية فإن السر الحقيقي وراء ذلك هو اتباع أسلوب حياة مناسب ومعتدل حتى فى تناول الطعام، وذلك عن طريق الانتباه لما نقدمه للطفل من طعام، فى السنين الأولى ينصح بالرضاعة الطبيعية والبعد عن المنتجات المصنعة مثل: الحبوب المهروسة لأنها مليئة بالسعرات الحرارية العالية لاحتوائها على السكر والنشويات مما يزيد من قابلية جسم الطفل للإصابة بالسمنة والشراهة، ولذلك فإنه ينصح بمنع السكريات تماما عن الطفل حتى سن 9 شهور على الأقل وتناوله الخضراوات المحضرة فى المنزل حتى يعتاد على مصادر الطعام الصحي حتى سن المدرسة، فيجب عدم الخضوع لرغبات الطفل فى تناول الحلوى والسناكس باستمرار وينصح بالبحث عن البدائل الصحية دائما لبناء جسم صحي ووزن مثالي.