هي أحد المصطلحات التي نسمعها كثيرا وربما لا يعرف الكثير منا تفسير لها..
وهنا لابد أن أوضح أولا ماهي ؟ ونبين الأسباب.. وكيف يتم اكتشافها.. وما أحدث طرق العلاج؟...علما بأن هذا المرض يعتبر أحد الكوابيس الطبية ..ولا يستطيع أحد تجنبه أو الوقاية منه ولذلك نعتبره كابوسا.. ولكن إذا تم اكتشافه مبكرا فيمكن التعايش معه وتجنب الكثير من آثاره وخاصة أنه قد يحدث فى سن مبكرة...ودعونا أولا نتعرف على ماهية هذا المرض..
فمن المعروف أن كل الفتيات والسيدات تأتيهن الدورة شهريا تنقص أسبوعا أو تزيد أسبوعا فتعتبر فى الحدود الطبيعية، فليست المواعيد ثابتة كما يظن البعض وينتابهن القلق من التأخير أو التقديم لموعد الدورة الشهرية، فإذا كان ذلك فى حدود أسبوع فهذا ليس مصدرا لأي قلق ...
وفى أثناء الدورة الشهرية الطبيعية تنفصل البطانة الرحمية التي تم تكوينها تحت تأثير هرمون الأستروجين وهو هرمون الأنوثة والذي يكون نشطا فى النصف الأول من الشهر أي بعد انتهاء نزول الدم من الدورة السابقة ويظل هكذا يرتفع معدله حتى منتصف شهر الدورة وعندها يحدث التبويض فى سن الإنجاب تحت تأثير هرمون آخر ويسمى HCG أو لا يحدث وفى الحالتين ينخفض هرمون الأستروجين ويبدأ هرمون البروجيستيرون فى النشاط؛ ليسيطر على نصف الشهر الثاني من الدورة حتى يصل إلى ذروته وعند نقطة معينة يبدأ فى التناقص فتنفصل البطانة الرحمية وتأخذ طريقها الطبيعي للخروج من فتحة المهبل...
ولكن فى بعض الحالات يفسر بعض العلماء حدوث البطانة المهاجرة بأن بعضا من البطانة لا تتجه نحو المهبل بل تتجه نحو قناتي فالوب فتنقل البطانة إلى تجويف البطن لتلتصق حول المبيضين أو حول جدار الرحم أو فى الغشاء البريتوني الذي يغطي الأجزاء التناسلية الداخلية.
وهذا أحد التفاسير لمرض البطانة المهاجرة أما التفسير الآخر فيفترض أن هناك خلايا من البطانة الرحمية قد تكون موجودة من الأصل فى هذه الأماكن على سطح الجهاز التناسلي الداخلي وتأثرت بالهرمونات بنفس الطريقة التي تتأثر بها البطانة الرحمية الموجودة داخل تجويف الرحم وبالتالي تحدث دورة شهرية داخلية فى نفس الوقت الذي تحدث فيه الدورة الشهرية الخارجية.
ولكن الأخيرة تجد طريقها ليتخلص منها الجسم أما الدورة الداخلية فتظل، ويحاول الجسم التعامل معها وتجفيفها فتتحول إلى التصاقات تزداد مع الزمن حسب وجودها فإن كانت حول قناتي فالوب فتبدأ بتعطيل حركتها أو إغلاقها، فتمنع البويضات من الوصول إلى تجويف الرحم فإذا حدث الإغلاق لقناتي فالوب فيحدث العقم سواء كان أوليا إذا كانت لم تنجب السيدة من قبل أو ثانوي لو كانت قد أنجبت أو يحدث الالتصاق حول مبيض أو المبيضين معا، فيمنع خروج البويضات فى طريقها الطبيعي فيؤدي ذلك أيضا إلى حدوث العقم أو تأخر الإنجاب، أما إذا كان الالتصاق على الغشاء البريتوني فقط المحيط بالرحم فربما يؤدي ذلك إلى حدوث تأخر الإنجاب، حيث تعرقل الإفرازات الناتجة عن هذه البطانة وصول البويضة إلى الحيوان المنوي فى التوقيت المناسب فيحدث تأخر الإنجاب، أما إذا كانت الالتصاقات شديدة ربما تؤدي بعد سنوات إلى ما يعرف بالحوض المتجمد أي أن الجهاز التناسلي الداخلي بالكامل يصبح كتلة واحدة ملتصقة...
هذا ما يحدث داخليا ولكن ما الأعراض الأولية التي تحس بها الفتاة أو السيدة؟. لاشك أن من أهم الأعراض التي تأتي بها لاستشارة الطبيب هي حدوث آلام شديدة مع الطمث، ولكن ليست كل الآلام مع الطمث تعني أن هناك مرض البطانة المهاجرة.
وفى حالة اللجوء إلى الطبيب والتي ننصح بها الفتيات مبكرا ولا تخجل من ذلك لتنقذ نفسها من مضاعفات قد تؤثرعلى حياتها الإنجابية وربما الجنسية فيما بعد، قد نجد كيسا على المبيض وفى كثير من الأحيان لا ننصح باستئصاله جراحيا، ولكننا لاحظنا أن كثيرا من الفتيات يتم تشخيصهن بالتهاب فى الزائدة الدودية ويتم استئصالها فعلا وفى الطريق قد يجد الجراح كيسا دمويا صغيرا على المبيض ويتم استئصاله فى الطريق.
وقد شاهدنا عبر السنين كثيرا من الفتيات اللائي يعانين من آلام الطمث ولديهن بعض من أنواع البطانة المهاجرة وفى هذه الحالة يتم السيطرة عليها ومنع تلاقيها والحد من الآثار الجانبية لها، ولكن فى المقابل نرى حالات أصبحت محملة بمجموعة من الأكياس الدموية أو الالتصاقات التي تتراوح ما بين البسيطة إلى الشديدة، والتي تسبب آلاما من آن لآخر بالإضافة لآلام الطمث و قد تصل إلى آلام أثناء ممارسة العلاقة الزوجية.
ومن حسن الحظ أن يتم التشخيص المبكر للفتيات، ففى هذه الحالة يتم التعامل بأكثر من طريقة إما بوصف علاج لوقف الدورة الشهرية لمدد طويلة أو إعطاء بعض الحقن التي تعمل لمدة ثلاثة شهور ولكن بحذر شديد.
أما فى حالة السيدات وخاصة من يردن الإنجاب، فإننا نتجه إلى الحقن المجهري ليحدث الحمل فإذا كتب الله لنا النجاح نكون قد نجحنا فى وقف الدورة الشهرية لمدة عام تقريبا أو أكثر بين الحمل والرضاعة ونتعامل بعدها بالعلاج إما إذا تعثر حدوث الحمل فيجب التدخل ولكن بالمنظار وليس بالجراحة لأن المنظار أقل فى التدخل فلا تحدث التصاقات بنفس الحجم الذي قد تحدثه الجراحة.
ويتم إزالة أي أكياس دموية أو التصاقات ثم البدء فى عملية التنشيط للمبايض فى إطار عملية الحقن المجهري لكسب الوقت، حيث إن الالتصاقات والبطانة المهاجرة قد تعود فى خلال ستة شهور من إجراء عملية المنظار، ولذلك نحن نسابق الزمن للحصول على نتيجة إيجابية بحدوث حمل يحقق رغبة المريضة ويوقف تكاثر البطانة المهاجرة لمدة طويلة بعد حدوث الحمل، ولكن يجب الانتظار لعمل منظار جراحي لإزالة البطانة البسيطة أو حتى وجود كيس أو أكثر بقطر يقل عن خمسة سنتيمترات ففى هذه الحالات يمكن حدوث حمل بالحقن المجهري دون تحميل المريضة عبء وتكاليف العملية الجراحية.
وحتى إذا ما حصلنا على ما نريد وأنجبت المريضة فلا داعي لتأجيل الإنجاب اذا كانت تريد المزيد فبمجرد عودة الطمث بعد شهور الرضاعة يتم عمل حقن مجهري مرة أخرى لتجنب أي التصاقات جديدة والحصول على نتائج سريعة ترضي هذه الأسرة فى طفل آخر، ثم نتعامل بالعلاج الدوائي بطرق مختلفة لتحسين جودة الحياة فقط وعدم حدوث أي آلام مع الدورة الشهرية فيما بعد..
وعموما يجب أن نفرق بين وجود الأكياس الدموية والتي تسمى أحيانا “شوكلات سيست “ وبين حالات تكيس المبايض فهناك فرق كبير بين الحالتين فى طرق التشخيص والعلاج، ولكن المشترك بينهما فقط أن كلاهما قد يحدث تأخير للحمل والإنجاب.