18-10-2025 | 10:40
أماني عزت
مع حلول فصل الخريف، تبدأ عيادات أطباء العيون في استقبال عدد متزايد من المرضى الذين يشكون من أعراض متشابهة مثل: احمرار العين، الحكة، الدمع المتزايد أو الشعور بالجفاف والتهيج. وهنا تظهر عدّة أسئلة منها: هل هذه أعراض التهاب الملتحمة.. هل هذه أعراض جفاف العين.. ما سر ارتباطها بفصل الخريف تحديداً؟
في هذا الحوار الشامل مع الدكتور أسامة جمال استشاري طب وجراحة العيون، نجيب عن كل الأسئلة التي تدور في أذهانكم عن مشكلات العيون في فصل الخريف وطرق الوقاية والعلاج.
في البداية نلاحظ زيادة حالات مشكلات العين في فصل الخريف... ما أكثر الأمراض شيوعاً في هذا الفصل؟
بكل تأكيد، أكثر مشكلتين نواجههما في الخريف هما: التهاب الملتحمة التحسسي وجفاف العين، ويعتقد الكثير من الناس أنهما مشكلة واحدة، لكنهما في الواقع حالتان مختلفتان تماماً من حيث الأسباب والعلاج، على الرغم أن بعض الأعراض قد تتشابه.
دعنا نبدأ بالحالة الأولى، ما المقصود بالتهاب الملتحمة التحسسي؟
التهاب الملتحمة التحسسي هو التهاب في الغشاء الشفاف «الملتحمة» الذي يبطن بياض العين وداخل الجفن، نتيجة لرد فعل مبالغ فيه من جهاز المناعة تجاه مادة غير ضارة في الأساس، نسميها «محسس» وعند التعرض لهذه المحسسات تفرز الخلايا في العين مواد كيميائية مثل: الهيستامين مسببة الالتهاب والأعراض المزعجة.
وما هذه «المحسسات» التي تنتشر بشكل خاص في الخريف؟
الخريف هو موسم هجوم حقيقي للمحسسات، وأهمها حبوب اللقاح خاصة من الأعشاب التي تنتشر حبوب لقاحها بكثافة في الهواء والغبار مع إغلاق النوافذ وبدء استخدام التدفئة، تزداد تركيزات الغبار في المنازل.
وما أعراض التهاب الملتحمة التحسسي التي يجب أن ينتبه لها الشخص؟
الأعراض الأساسية هي حكة شديدة في العين وهي العرض الأكثر تميزاً للحساسية، حيث يشعر المريض برغبة ملحة في حك عينيه باستمرار ويشعر باحمرار العينين بسبب توسع الأوعية الدموية في الملتحمة ، ودموع غزيرة كرد فعل طبيعي من العين لطرد المهيج، وتورم الجفون في بعض الحالات المتوسطة إلى الشديدة والإحساس بوجود رمل أو جسم غريب في العين.
والآن لننتقل إلى الحالة الثانية، ما هو جفاف العين.. وهل له علاقة بالخريف أيضاً؟
نعم له علاقة وثيقة، حيث إن جفاف العين حالة مرضية تحدث عندما لا تنتج العين القدر الكافي من الدموع أو عندما تتبخر الدموع بسرعة كبيرة، مما يؤدي إلى عدم ترطيب سطح العين بشكل كاف، وفي الخريف تتفاقم المشكلة بسبب الهواء البارد والجاف في الخارج والرياح التي تزيد من معدل تبخر الدمع واستخدام أجهزة التدفئة في الداخل والتي تجعل الهواء الداخلي جافاً جداً.
كيف يمكن للمريض التمييز بين أعراض جفاف العين والتهاب الملتحمة التحسسي؟
هذا سؤال في غاية الأهمية، لأن الخطأ في التشخيص يؤدي إلى خطأ في العلاج ويمكن تلخيص الفروق في عدة نقاط، فالعرض الرئيسي في التهاب الملتحمة التحسسي الحكة الشديدة جدا، أما جفاف العين فتكون الحكة خفيفة أو معدومة، في التهاب الملتحمة تكون الدموع غزيرة ومستمرة، أما في حالة الجفاف تكون قليلة أو دموع لاذعة لا ترطب العين، والشعور برغبة في الحك في حالة الحساسية، أما في حالة الجفاف يشعر المريض بوجود رمل أو جسم غريب، والاحمرار شائع في الحالتين، وتتفاقم أعراض الحساسية في الأماكن المفتوحة أو مع الغبار ،
أما جفاف العين فيتفاقم عند القراءة أو استخدام الحاسوب أو في الأماكن المكيفة، باختصار شديد، إذا كانت الحكة هي شكواك الأساسية، فالأرجح أنك تعاني من الحساسية في العين، وإذا كانت الحرقة والشعور بالجفاف هما المسيطران فهذا يعني أن هناك جفافا في العين.
ما خطورة إهمال علاج كل من هاتين المشكلتين؟
الإهمال قد يؤدي إلى مضاعفات غير محمودة في حالة الحساسية، فالحك الشديد المستمر للعين يمكن أن يؤدي إلى خدش القرنية، والتهاب الجفون أو الإصابة بالتهابات بكتيرية ثانوية ، أما في حالة الجفاف فهذا يؤدي إلى تلف سطح القرنية، والتهابها، وظهور خدوش وتقرحات، وفي الحالات الشديدة غير المعالجة قد يؤثر الجفاف على جودة الرؤية.
إذن، ما البرنامج العلاجي الذي تنصح به لمريض التهاب الملتحمة التحسسي؟
العلاج يعتمد على عدة ركائز، والوقاية هي الأهم بتجنب مسببات الحساسية قدر الإمكان، مثل: إغلاق نوافذ السيارة والمنزل، ارتداء النظارات الشمسية، غسل الوجه واليدين بعد العودة من الخارج، والعلاج الدوائي مثل : قطرات مضادة للهيستامين لتخفيف الحكة والاحمرار سريعاً ولمنع حدوث التفاعل، ومضادات الهيستامين الفموية في بعض الأحيان.
وماذا عن خطة علاج مريض جفاف العين؟
خطة علاج الجفاف مختلفة وتركز على البدائل الدمعية كالدمع الاصطناعي واستخدام قطرات مرطبة خالية من المواد الحافظة بشكل متكرر طوال اليوم، واستخدام مرطبات الجو في الغرف المغلقة مع تجنب توجيه هواء المكيف أو المدفأة مباشرة إلى الوجه، وأخذ فترات راحة متكررة أثناء استخدام الشاشات الإلكترونية واستخدام كمادات دافئة وتدليك للجفون لتحسين إفراز الزيوت الطبيعية التي تمنع تبخر الدموع.
هل من نصائح عامة للوقاية من مشكلات العين في فصل الخريف؟
بالتأكيد هناك نصائح، وهنا أود التأكيد لكل شخص على ضرورة ألا تفرك عينيك أبداً سواء في حالات الحساسية أو الجفاف، فالحك يزيد المشكلة سوءاً، واغسل يديك باستمرار ويجب ارتداء النظارات الشمسية ليس في الصيف فقط، بل في الخريف أيضاً لحماية العين من الرياح والمحسسات، واستشر طبيب العيون قبل استخدام أي قطرة عين حيث إن استخدام القطرات الخاطئة مثل القطرات المزيلة للاحتقان يمكن أن تسبب مضاعفات خطيرة خاصة لمريض الجفاف، وحافظ على ترطيب جسمك بشرب كميات كافية من الماء، فهذا ينعكس بإيجاب على ترطيب عينيك.
معنى هذا كله أنه في الإمكان الوقاية من التهاب الملتحمة وجفاف العين، أليس كذلك؟
بالطبع فمشاكل العين في الخريف سواء كانت التهاب ملتحمة تحسسي أو جفاف العين هي مشكلات شائعة ويمكن السيطرة عليها بشكل كبير من خلال الفهم الصحيح لأسبابها والتمييز بين أعراضها واتباع إرشادات العلاج والوقاية تحت إشراف طبيب العيون.