رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

تواصل السير على درب الكبار!


25-2-2025 | 20:29

تواصل السير على درب الكبار

طباعة
بقلم: محمد الحنفى

لا شك أن من اعتاد اعتلاء القمة لا يرضى بغيرها.. ومن تذوق حلاوة النجاح لا يقبل بمرارة الفشل .. ومن صمد فى وجه التحديات والشدائد وعبر بحاراً أنَّت فيها الرياح ، وليالى ضاع فيها المجداف والملاح على مدى قرن من الزمان .. قادر على مواصلة الرحلة نحو مئويات جديدة وبنفس القوة، رغم ما يمكن أن يواجهه من مصاعب ومتاعب .

 

هذا باختصار حال مجلتى وحلم حياتى «المصور» .. التى دشنت مئوية جديدة منذ شهور ، وتراهن كتيبتها وكُتّابها بقيادة رئيس تحريرها الشاب المبدع عبد اللطيف حامد على المضى بنفس الروح والقوة والشموخ ، والسير على درب الكبار حتى تظل سيدة القصر ودرة التاج ، ويبقى نجمها ساطعاً وصوتها صداحاً فى سماء الصحافة العربية

ولأنها ولدت عملاقة، كأول مجلة مصورة فى مصر والعالم العربى بل والشرق الأوسط، أنارت صفحاتها أقلام الكبار من الشعراء والأدباء والمثقفين أمثال حافظ إبراهيم وطه حسين وعباس محمود العقاد وأحمد أمين وإبراهيم عبدالقادر المازنى ومحمد حسين هيكل وزكى مبارك ونقولا فياض وخليل مطران وميخائيل نعيمة وجبران خليل جبران ومى زيادة، ويوسف القعيد ورجاء النقاش وحلمى النمنم، ومن الصحفيين المرموقين الذين تواتروا على رئاسة تحريرها «إميل وشكرى زيدان» ابنا «جرجى زيدان» مؤسس ومالك دار الهلال قبل تأميمها، مروراُ بـ فكرى أباظة وعلى أمين وأحمد بهاء الدين ويوسف السباعى وصالح جودت الذى كان واحداً من أهم الشعراء والأدباء فى مصر والعالم العربى، وله ستة دواوين شعرية، فضلاً عن عدة روايات وقصص قصيرة، وبعض المؤلفات الأدبية، وتغنى بقصائده كبار المطربين والمطربات أمثال أسمهان وأم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وسعاد محمد وشادية وصباح وعبدالحليم حافظ وفريد الأطرش وليلى مراد، ثم جاء من بعده مرسى الشافعى وأحمد بهاء الدين وصبرى أبو المجد وأمينة السعيد ومكرم محمد أحمد وعبدالقادر شهيب وحمدى رزق وعزت بدوى وغالى محمد وأحمد أيوب ورئيسها الحالى أحدث حبة فى عنقود الموهوبين ــ عبداللطيف حامد، جميعهم حرصوا على شحذ أفكارهم ونحت حروفهم الذهبية بصدر أعدادها المتميزة التى كانت شاهداً على العصر وسجلاً لتاريخ وطن وأمجاد أمة.

 

منذ ولادتها فى عام 1924، حرص هؤلاء العمالقة على وضع ميثاق شرف للنشر فى مجلة المصور، قوامه المصداقية والحيادية والبحث عن الحقيقة وتقديمها دون تشويه، لذلك.. كانت وستبقى صوت الحاكم و المحكوم.. ومرآته النقية الواضحة التى تعكس هموم ومشاكل وقضايا الوطن والمواطن.. ساعداً يقوى عضد القيادة السياسية فى مواقفها وقراراتها وحروبها ضد أعداء الوطن فى الداخل والخارج، ونافذة ومتنفساً وساحة ومنبراً للتنوير والرأى والرأى الآخر. لهذا السبب ظلت «المطبوعة» الأكثر احترامًا، مصداقية، والأشد إيمانًا بدورها السياسى والتنويرى والثقافى!

 

لم يكتف هؤلاء العمالقة بوضع ميثاق الشرف والتمسك به، بل سنّوا قواعد وقائمة شروط لابد من توافرها فى نوعية الصحفيين المنضمين للعمل بالمجلة الغراء على رأسها النزاهة والأمانة وحسن الخلق والموهبة بعيداً عن الوساطة والمحسوبية حتى يضمنوا جودة المحتوى وتفرده، الأمر الذى ميز صحفيى وكُتّاب «المصور» عن غيرهم من الزملاء فى بقية الصحف والمجلات من خارج مؤسسة دار الهلال، فكانوا فرزاً أول صنع ارتباطاً مقدساً بينها وبين ملايين القراء الذين وثقوا فيها وحافظوا على العهد معها جيلاً من بعد جيل !

 

ومن أسرار نجاحها السرمدى أن «مجلة المصور» ظلت شامخة كالطود العظيم، لم تنزلق يوماً نحو هاوية الصحافة الصفراء.. لم تخض فى الأعراض ولم تنبش أو تفتش أو تستبح الحياة الخاصة للحكام والساسة والمشاهير، فظلت كلماتها وصورها وموضوعاتها وحملاتها الصحفية عنوان الرصانة والالتزام بتقاليد وعادات وقيم المجتمع، بعيدة كل البعد عن سطحية التناول أو تفاهة المنشور.. مجلة ظلت متمسكة بحمل مشاعل التنوير وسلاحاً نجح فى هزيمة ودحر الإرهاب كما قال أستاذنا وكاتبنا الكبير وأحد أهم أيقونات مجلة المصور ودار الهلال الراحل مكرم محمد أحمد الذى أوصى الأجيال الجديدة بضرورة الإمساك بالنواجذ على الدور التثقيفى والتنويرى لمجلة «المصور» خاصة ودار الهلال عامة، حتى تواصل رحلة التقدم والازدهار وتلعب دوراً مهماً فى مستقبل مصر.

 

أتصورأيضاً أنه ومن خلال تجربتى الصحفية التى امتدت لنحو 44 عاماً أن ما يميز مجلة المصور عن غيرها من المجلات الأخرى التزامها العمل بروح الأسرة الواحدة، التى يسودها الحب والود والاحترام، يتفانى كل فرد فيها من أجل تقديم أفضل ما عنده، لا لتحقيق مجد شخصى بل لإنجاح المنظومة وجعل المطبوعة دائماً فى الصدارة !

 

تعلمنا أن يكون ما وراء الخبر أكبر همنا ومبلغ علمنا، فجاء اهتمامنا بالصورة المتميزة والتقرير الشافى الوافى والتحقيق الشامل والحوار الثرى والمقال الرصين..حرصنا أن نقدم للقاريء وجبة صحفية متكاملة ربما لا يجدها إلا فى مجلتنا التى ظلت ولا تزال تدار بأسلوب ديمقراطى لا يستأثر فيه رئيس التحرير بوجهة نظر فردية، بل من خلال مجلس أو هيئة تحرير تتبادل الرأى والمشورة فى كل صغيرة وكبيرة وهذا واحد من أسرار نجاحها.

 

لقد حرصت المصور عبر تاريخها الطويل على تقديم الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة، دون رتوش أو تجميل أو تشويه حتى لا تخدع قارئها أو تضلله أو تكذب عليه، ولم تتخلف يوماً عن تسجيل ما مرت به مصر والوطن العربى من أحداث فكانت دفتر أحوالهم الذى لا يكذب ولا يتجمل !

 

ومن أسرار نجاحها أن «المصور» ظلت ولا تزال تغرد خارج السرب بملفات وموضوعات ثرية استباقية، وضعت فيها مصلحة الوطن فى المقدمة، فكانت صوته القوى النقي، وظلت صفحاتها جاذبة ومفتوحة أمام أقلام الكبار من الساسة والمفكرين والأدباء والكتاب الذين آثروها على غيرها من المجلات المنافسة وأثروها بمقالاتهم المعتبرة.

 

وفى الختام أتصور أن كل صحفى انتمى أو ينتمى لمجلة المصور وتخرج من مدرستها ــ ولى الشرف أن أكون واحداً منهم ــ يعى قيمتها ويؤمن تماماً برسالتها كأول مجلة أسبوعية سياسية مصورة، لا تقبل إلا جواهر الكلم من المواد و الانفرادات الصحفية التى تصنع الفارق، ولابد لقيادات «المصور» وكتائب تحريرها المستقبليين أن يتمسكوا بميثاقها وقواعد العمل التى أرساها الكبار، فضلاً عن سيرهم على دربهم.. عليهم أن يظلوا ممسكين بتلابيبها، متمسكين بمبادئها، مدافعين عن بقائها، مسايرين عجلة التطور، متسلحين بتكنولوجيا العصر التى تسابق الزمن، إذا ما أرادوا ضمان نجاحها واستمراريتها لمئويات عديدة قادمة بإذن الله.