رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

رد مصرى عملى على ترامب


3-5-2025 | 15:02

.

طباعة
بقلـم: عبدالقادر شهيب

بعد ساعات فقط من طلب ترامب مرور السفن الأمريكية العسكرية والتجارية مجانا فى قناة السويس، ردت مصر عمليًا على هذا الطلب، بتحصيل رسوم المرور من أول سفينة أمريكية تعبر القناة، وسوف يتكرر ذلك عندما تمر أى سفينة أمريكية قناتنا، لأن هذا حقنا الذى لا ينازعنا فيه أحد منذ أن أممنا شركة القناة فى منتصف عام 1956.

 

حقنا، لأننا استرددنا قناتنا من أيدى مَن استولوا عليها بالخداع، بعد أن دفع آلاف الفلاحين المصريين حياتهم فى حفرها، حينما أغرقونا بشكل ممنهج ومخطط فى الدائرة الخبيثة للديون الخارجية، وعندما تراكمت هذه الديون علينا استولوا على قناتنا مقابل مستحقات أعبائها علينا من أقساط وفوائد، بل وفرضوا علينا وصاية مالية، حيث لم يكن فى مقدور وزير المالية المصرى صرف جنيه أو دولار واحد من الخزانة المصرية، إلا بعد موافقة المراقبين الفرنسى والإنجليزى اللذين فُرضا علينا فى عهد الخديو إسماعيل.

ثم إن هذه القناة التى حُفرت بسواعد أبنائنا الذين عملوا بالسُخرة فى عمليات الحفر موجودة فى أرضنا نحن، وليست محفورة فى أرض غير مصرية أو أمريكية، ولم يكن لأمريكا أى دور فى حفرها أو فى إدارتها فى أى وقت من الأوقات، ولذلك ليس مستساغا أو مقبولا أن يطلب السيد ترامب أن تمر سفن بلاده فيها مجانا، فهذا يُسمى استلاب ما ليس بحق لأمريكا.

كما أن أمريكا أو غيرها ليس لها أى دور فى حمايتها.. ومَن يحمى قناتنا هى قواتنا المسلحة باقتدار وقوة، وقد نجحت فى ذلك على مدى عدة عقود، وظلت السفن تعبر القناة فى أمن وسلام طوال هذا الزمن.. ولم تُغلق القناة إلا مرتين؛ الأولى بسبب العدوان الثلاثى علينا فى أكتوبر عام 1956 ونحن الذين أغلقناها بأيدينا، وبعد انسحاب القوات المعتدية، الإنجليزية والفرنسية والإسرائيلية، أعدنا افتتاحها بمساعدة دولية وليست أمريكية.. والمرة الثانية بعد عدوان يونيو 1967 واستيلاء إسرائيل على سيناء، وعندما انتصرنا فى السادس من أكتوبر أعدنا افتتاح القناة مجددا، وعادت السفن من كل الجنسيات تمر فيها بأمن وسلام.

وعندما تعرضت مصر لموجات من الإرهاب فى التسعينيات من القرن الماضى رفضنا عرضًا من حلف الناتو لتواجد قوات له فى ضفاف القناة لحمايتها، وتمسّكنا بحمايتها بأنفسنا وبسواعد قواتنا المسلحة، وهو ما حدث أيضا عندما تعرضنا لهجمة إرهاب جديدة بعد الثلاثين من يوليو والتخلص من حكم الإخوان الفاشى، ولم تتعرض القناة لأى أخطار أو تهديدات من قِبل الجماعات الإرهابية، بل إننا نجحنا فى السيطرة على الجماعات الإرهابية وتصفيتها والتخلص من شرورها، وتم ذلك بسواعد مقاتلينا ومن دون مساعدة من أمريكا أو غيرها من الدول، اللهم إلا بعض بيانات الدعم الكلامية وتصريحات المجاملة البروتوكولية.

أما التمحك فى العمليات العسكرية التى تقوم بها أمريكا ضد الحوثيين فى البحر الأحمر، فهى أعمال لخدمة إسرائيل أساسا حتى يتوقف الحوثيون عن استهداف إسرائيل ومنشآتها بالصواريخ والمسيّرات، وهى أيضا لحماية السفن الأمريكية الحربية التى استهدفها أيضا الحوثيون.. وبالتالى هذه الأعمال لم تقدم لنا أى خدمات ونحن لم نطلبها.. ثم إن أمريكا هى المسئول الأول عن اضطراب الملاحة فى البحر الأحمر، لأنها دعمت بقوة العدوان الإسرائيلى الوحشى ضد أهل غزة، ولم تفعل ما ينبغى فعله لوقف هذا العدوان الوحشى، وبالتالى تحرك الحوثيون للقيام باستهداف إسرائيل وما زالوا يفعلون ذلك.. وبهذا المعنى لسنا مدينين لأمريكا فى توفير الحماية لقناتنا بما تقوم به من عمليات عسكرية ضد الحوثيين، وإنما أمريكا هى المدينة لنا لأنها بدعمها للعدوان الوحشى ضد أهل غزة تسببت فى اضطراب الملاحة فى القناة، وألحقت بها خسائر بلغت نحو سبعين فى المائة العام الماضى، وما زالت هذه الخسائر مستمرة هذا العام، رغم العمليات العسكرية الأمريكية ضد الحوثيين.

إذن.. ليس من حق ترامب أن يطلب مرور السفن الأمريكية مجانا فى قناتنا التى حفرناها بسواعدنا وأموالنا، وفقد حياتهم فى حفرها آلاف الفلاحين المصريين، ونحميها بسواعد مقاتلينا فى القوات المسلحة.

بل من حقنا نحن أن نطالب أمريكا بتعويضات مالية مقابل ما خسرناه من إيرادات قناة السويس بدعمها العدوان الوحشى ضد الفلسطينيين، وهو العدوان الذى أصاب الملاحة فى البحر الأحمر بالاضطراب.