يتكون المخ من العديد من الخلايا العصبية التى تنقل الإشارة من خلية إلى أخرى عن طريق الشحنات الكهربائية وفى حالة حدوث خلال فى هذه الخلايا يصاب الشخص بما يسمى بـ"الصرع "فهو عبارة عن اضطراب فى كهرباء المخ،والصرع لايسبب إعاقة و لا يمنع من ممارسة الحياة بشكلها الطبيعي،فهو لايؤثر على سمات وطبيعة المريض ولكنه يؤثر عليه أثناء حدوث النوبة فقط وتزول الأعراض بانتهاء النوبة..فما هو الصرع؟ وكيف يمكن التحكم والسيطرة عليه؟

 يشرح دكتور علي النبوي أستاذ المخ والأعصاب والطب النفسي بجامعة الأزهر لمتابعين "طبيبك الخاص" أن الصرع سمى بذلك الإسم لأن الناس قديما كانوا يعتقدون أن من كان يظهر عليه بعض الأعراض مثل نوبات التشنج والغياب عن الوعى قد سكنت جسده الأرواح الشريرة،وذلك لأنه كانت  الكثير من الأمراض مجهولة السبب فينسبوها للأرواح، فيتجه أهالى المرضى للعلاجات الشعبية والذهاب للمشايخ اعتقادا منهم أنه مس من الشيطان مثلما حدث مع الدرن فى بداية ظهوره حتى عرف السبب الحقيقي واكتشفت مضادات الدرن،ومازال بعض الناس متمسكين بهذا النهج حتى الآن.

وفى حقيقة الأمر "الصرع" هو اضطراب فى كهربية المخ وفقدان للوعى ونوبات متشابهة تصاحبها فى بعض الأحيان التشنجات مع ظهور أعراض نفسية وجسدية،وهناك نوعان من الصرع،صرع أولي مجهول السبب ويصيب الشباب فى عمر العشرينات،وصرع ثانوى يصيب كبار السن والأطفال ويحدث بسبب ورم فى المخ،ارتفاع فى درجة حرارة المخ،الإصابة بعدوى فى المخ،ارتفاع أو انخفاض مستوى السكر فى الدم أو التعرض لصدمة فى الرأس،وهناك بعض العوامل الخارجية التى تتسبب فى الإصابة مثل الإجهاد الزائد للمخ، السهر الشديد، وجود أمراض عضوية كامنة وعند استثارتها تحدث التشنجات مثل ارتفاع درجة الحرارة الشديد واختلال كيمياء المخ.

أما الأعراض فتتمثل فى فقدان للوعى سواء كمي مثل الإصابة بالغيبوبة أو كيفي مثل السرحان والذهول،عض اللسان،التشنج حسب النوبة الصرعية،فالنوبة تختلف من شخص لآخر فى شدتها ومدتها وشكلها وتأثيرها على المريض.

وهناك أعراض نفسية مثل الإكتئاب،الهلاوس فى حالة الصرع الصدغى للدماغ أو حدوث نوبات نفسية مثل صرع الفص الأمامى،وهناك أنواع للنوبات فنجد نوبات جسدية ونفسية،نوبات تشنجية عامة،نوبات حرارية بارتفاع درجة الحرارة ونوبات تحدث بسبب بعض المتلازمات مثل متلازمة"داون"،وأيضا هناك نوبات نفسية ليس لها سبب عضوى،ونوبات حقيقية تتميز ببعض الأعراض مثل عض اللسان او عدم التحكم فى البول أثناء فقدان الوعى وتصنف حسب شكل النوبة وتكرارها وعلى حسب مقاومة واستجابة المريض للعلاج الدوائي ودرجة الوعى من عدمه،ومن أشهر النوبات "النوبات التشنجية الكلية"،"النوبات الحرارية"و"نوبات الرجفات أوالنفضات الجسدية".

ومن مضاعفات مرض الصرع نتيجة النوبات الإصابة بجروح الرأس،كدمات العين،قطع اللسان فى حالة عض اللسان أثناء النوبة وفقدان الأسنان بسبب العض الشديد والإصابة بخلع فى مفصل الكتف،ومن أخطر المضاعفات أنه قد يودى بحياة الشخص المريض فمعظم حالة الغرق التى حدثت فى الفترة الأخيرة كانت بسبب إصابة الغارقين بالصرع وذلك نتيجة للتعرض لإجهاد السفر مع بذل مجهود أثناء السباحة وهذا المجهود يتسبب فى تغير كهرباء المخ وينتج عن ذلك نوبة صرعية تتمثل فى فقدان الوعى فيغرق المريض ويتوفى.

وأيضا من المضاعفات العبء المالى الذي يتعرض له المريض لأن العلاج يحتاج إلى أدوية باهظة الثمن ومكلفة جدا عند شرائها على نفقته الشخصية أو حتى إذا كانت الدولة ستقوم بتوفير هذه الأدوية فهى أيضا مكلفة للدولة.

والتشخيص يتم من خلال الاستماع للتاريخ المرضى،الفحص الإكلينكي،تصوير النوبة أثناء حدوثها إن أمكن،والقيام ببعض الفحوصات مثل عمل رسم مخ مطول بالفيديو،وفى حالة شك الطبيب فى أن أسباب الإصابة كيميائية يقوم بطلب بعض التحاليل مثل تحاليل وظائف الكبد والكلي وتحاليل الدم.

والعلاج يكون بمعالجة السبب إن وجد واستخدام مضادات التشنجات التى تتطور يوما بعد يوم فهذا شق العلاج الدوائي وهناك شق تكميلي مثل استثارة المخ بالاستثارة العميقة أو استثارة العصب الحائر،ويمكن اللجوء إلى الجراحة فى حالة ظهور بؤرة مسببة للتشنجات فى الأشعة.

وهناك بعض الإسعافات الأولية التى يمكننا مساعدة المريض بها أثناء حدوث النوبة مثل وضع قطعة من القطن بين الأسنان لتجنب عض اللسان،التهوية الجيدة،النوم على أحد الجوانب لمنع بلع اللسان،توفير جو هادئ ومظلم لتجنب استثارة المخ ومتابعة المريض إذا كان يعانى من مرض عضوى مثل ارتفاع درجة الحرارة أو التأخر فى تناول الدواء.

وكما يقال فالوقاية خير من العلاج لذلك يجب الحذر وعدم تعرض المخ للأشياء المجهدة فهناك صرع يحدث نتيجة للتعرض للشاشات وإثارة العين،وهناك صرع يحدث نتيجة تناول أكلات تحتوى على مادة "التيرامين" فهى تثير المخ،وأيضا تجنب التعرض المتكرر لارتفاع درجة الحرارة.