الثلاثاء 14 مايو 2024

استاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة الدكتور يحيى الرخاوى : الخرف .. مرض المحطة الأخيرة من عمر الإنسان

استاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة الدكتور يحيى الرخاوى : الخرف .. مرض المحطة الأخيرة من عمر الإنسان

3-12-2022 | 10:24

حوار: احمد محمود
مرض الخرف هو مرض المحطة األخيرة من عمر الإنسان، وهو مرض الشيخوخة الذي يزداد ظهوره عندما يبتعد الإنسان عن جدول حياته اليومية العملية بعد سن الستين أو السبعين وله أعراض وأسباب عديدة، كما أن عالجه يحتاج إلى مؤازرة كل المحيطين بالمريض وأولهم الأسرة. في هذا الحوار مع العالم الاستاذ الدكتور يحيي الرخاوي أستاذ الطب النفسي بطب جامعة القاهرة نناقش كل شيء عن الخرف من الألف إلى الياء. إلى نص الحوار. بداية ما المقصود بمرض الخرف؟ - مرض الخرف عادة هو نتيجة ضمور خلايا المخ عامة، والنصفين الكرويين خاصة بسبب كبر السن، وهو يصيب كثيرا من المسنين الذين تتزايد أعدادهم في العالم كله، بما في ذلك مصر بسبب الرعاية الصحية لعموم الناس. • ما المرحلة العمرية التي يكثر فيها الإصابة بهذا المرض؟ ولماذا؟ - يفترض حدوثه بعد الستين أو السبعين، لكنه قد يحدث قبل ذلك، أو يتأخر عن ذلك إذا كان الشخص يمارس عملت عقليا منتظما وواقعيا فيه واجبات عادية ملزمة، ومواعيد منتظمة، في مجتمع فاهم متحمل، وطالما استمر هذا العمل بشكل ملزم ومنتظم فإن التدهور المعرفي يتأخر بشكل كبير. • هل هذا المرض يحدث بسبب الإصابة بأمراض سابقة أخرى مثل الاكتئاب أو الهذيان؟ - إذا تواجد الاكتئاب مع الضمور فإن أعراض كل من الاكتئاب والخرف تتزايد بشكل يؤخر أي تحسن محتمل للاثنين، على أن الاكتئاب في هذه السن يرتبط بالظروف المحيطة، بالمسن، وبكيفية ملء الوقت، ومدى تعاطف المحيطين بالمسنين. • ما أعراض هذا المرض، هل لها بدايات ثم تزداد في الظهور تدريجيا؟ - قد تكون البداية طفيفة حتى قبل بلوغ الشخص الستين لكنها تتفاقم بمجرد أن يحال إلى المعاش ويخلو يومه من الإلتزام الروتيني، وقد تخلو علاقاته من التعاطف الإنسانى إذا كان الأولاد والبنات قد استقلوا بالزواج أو العمل، وأيضا ترتبط الإعاقة ومضاعفاتها بوجود شريك (الزوج أو الزوجة ) في هذه المرحلة، أو بغياب الشريك، ومن ثم الوحدة فيزيد القصور. • كيف يمكن تشخيص هذا المرض وتمييزه عن غيره من الأمراض المشابهة له؟. - تشخيص هذا المرض ليس مشكلة، وهو يتم عادة بملاحظة المحيطين الأقرب للمسن في أنه ينسى الواجبات البسيطة، ثم يتزايد النسيان في الأمور العادية حتى يصل الأمر إلى عدم معرفة التاريخ أو حتى اليوم، وهو لا يحتاج إلى طبيب متخصص ، وإن كان يوجد تخصص طبىّ لامراض الشيخوخة وأهمها الخرف، لكن قد توجد توصيات بعمل أشعة رنين للدماغ قد تبين مدى التلف الذى لحق بخلايا المخ وخاصة في منطقة النصفين الكرويين، ولكن نتيجة الأشعة عادة لت تفيد فى خطة العلتج كثيرا، بل قد تصيب المريض بالإحباط لا أكثر. • هل المريض المصاب بهذا المرض يحتاج رعاية معينة من المحيطين به؟. - بالطبع يحتاج ، ولابد أن يتعلم أفراد الأسرة أن المسألة ليست مجرد شفقة أو تفويت، فالشخص في هذه السن يحتاج لقدر أكبر من التحترام، ومتابعة ساعات يومه، واحترام صعوباته، وملاحظة أي تدهور، وبالتالي المبادرة بتصحيح أخطاء الرعاية، وتعديل برامج التأهيل. • هل مع تطور الحالة ممكن أن يؤذى المريض نفسه أو المحيطين به؟ - يمكن جدا، ولكنه إيذاء في حدود قدرة المسن الجسدية، وهذه القدرة تكون في حالة ضعيفة أو شديدة الضعف تتناسب مع السن، لكن الايذاء قد يأتي من تصرفات غير مسئولة ماديا أو على مستوى العلاقات الاجتماعية، ولابد من الحيلولة دون ذلك بالحرص على التداوي المناسب للتهدئة والنوم الكاف، وملء الوقت، وتكثيف الرعاية، وتصحيح أخطائها، وعدم تكليفه بمسئوليات ماديّة مهمة. • ما الفرق بين الخرف والاكتئاب؟ - لا يوجد وجه شبه أو احتمال خلط بين هذين المرضين بوجه خاص، وعموما فاجتماعهما معا وارد ومتواتر، فالاكتئاب يضاعف من أعراض الخرف، وأيضا فإن الخرف خاصة في بدايته يُحدث عند صاحبه اكتئاب مختلف الشكل والحدّة، حين يتبين مدى عجزه عن تذكر أشياء بسيطة أو أسماء أقرب الأقربين وأيضا حين يتعرض للاهمال أو السخرية، أو الإهانة حتى غير المقصودة. • هل الخرف له أنواع أو عناصر يجمعها هذا المرض؟ - نعم، فالخرف الذى تكلمت عنه حتى الآن هو الشائع عند المسنين عامة، والمعروف باسم الزهايمْر لكن هناك خرف يحدث في سن مبكرة أكثر نتيجة مثال لتصلب شرايين المخ، أو مرض البول السكرى، أو الإصابة بشلل خفيف أو أية إعاقة تضطر المسن للانسحاب عن المحيطين، ليس بسبب الإعاقة المعرفية فقط وإنما عادة تجنبا للحرج أو الإهمال. • ما علاجات أنواع الخرف؟ وهل للعلاج مراحل على حسب حالة المريض؟ بصفة عامة يتوقف العلاج على ظروف كل مريض، وعلى كفاءة وقدرات ووقت المحيطين وعلى قدراتهم الجسمية والنفسية وصبرهم، وعلى الفرص المتاحة لأى عمل بسيط، وعلى فرص ملء الوقت بنظام ملزم حتى لو لم يلتزم به المسن بدقة ثابتة. • هل الأسرة لها دور فعال في مراحل علاج المريض بالخرف؟ - دور الأسرة هو الدور الأهم وقد يكون هو الدور الأول اللازم للمساعدة في الرعاية والتمريض والعلاج وتنفيذ برامج التأهيل، وللأسف إن معظم الأبناء والبنات يستقلون عن الأسرة في سن عائلهم هذا، فيقع الدور كله على الشريك ( الأم أو الأب ) وتكون مهمة فوق طاقة احتمالهم وقدراتهم. • هل من أسباب الإصابة بهذا المرض الوراثة؟ - نعم الاستعداد الوراثي وارد، ولكنه ليس السبب الأهم، فهناك عائلات يتأخر فيها ظهور الضمور المعرفي إلى الثمانين وما بعدها وهناك عائلات تبدأ فيها علامات المرض حول الستين أو قبلها. • هل المريض بهذا المرض قابل للشفاء منه؟ - الخرف مثل مرض الزهايمر: لا يمكن التحدث فيه عن الشفاء بمعنى اختفاء الاعراض، ولكن يمكن الامل في توقف التمادي، وتأجيل التدهور، بتكثيف التأهيل، ومراحل ذلك مرتبطة ببرامج الرعاية والموقف الانسانىوالالتزام الأخلاقي والديني عند المحيطين. • ما الاسباب التي تؤدى إلى الإصابة بهذا المرض لكى نتجنبها حتى لا يصاب الإنسان؟ - هي كل أسباب الإسراع في الشيخوخة عامة، واختفاء الاهتمامات العملية في العمل أو الالتزامات بشكل جسيم، وفقد الدعم العاطفي، وقصور الرعاية المنتظمة. • هل الضغوط النفسية والمشاكل الاجتماعية لها دور في وصول الشخص لإلصابة بهذا المرض؟ - بالطبع لها دور، لكن هذا لا يأتي في المقام الأول، لكنه يضاعف التدهور والمعاناة، المعروف أن هذه الضغوط تمثل عواطف سلبية ومضاعفات في كل التمراض النفسية، فما بالك بمريض مسن ضعيف وربما عنيد أو مزعج!. • ما نسبة الإصابة بهذا المرض بين الفئات العمرية المختلفة؟ - هذا المرض عادة لا يوصف الا بعد الستين لكن في حالات نادرة يحدث قبل ذلك، ثم يزداد تطوره باضطراد الزمن وحسب فراغ المسن من الالتزامات الروتينية، والإحاطة الحانية، والتحترام الكافي، أما نسبة الإصابة فتحتاج إلى مسح إحصائي لمجاميع من المصابين والمشتبه فيهم، وهنا عمل أكبر من قدرات مراكز البحث التي أعرفها، والتي لها اهتمامات أوْلى.