الأحد 12 مايو 2024

احترسوا من الأطعمة المُملحة في العيد

احترسوا من الأطعمة المُملحة في العيد

22-4-2023 | 08:09

أحمد فاخر
الاحتفال بشم النسيم عادة قديمة ورثناها عن أجدادنا الفراعنة، فهم أول من اكتشفوا طريقة حفظ الأسماك بالتمليح، ومن وقتها ارتبط احتفال المصريين بالربيع بتناول الأسماك المملحة مثل الفسيخ والملوحة خاصة عندما يصادف ذلك عيد الفطر المبارك، ومع ذلك علينا الحذر من تناولها. وعن صناعة تلك الأنواع من الأسماك بدأ الحديث الدكتور فوزي الشوبكي أستاذ التغذية بقوله: إن هناك وسائل متعددة لحفظ الأسماك من ضمنها التمليح بأشكاله المختلفة مثل ما يحدث في صناعة سمك الباكالاه، حيث يتم حفظ السمك في ملح مركز، والذي يقوم بدوره على امتصاص الماء من أنسجة السمك، مما يمنع من نمو الميكروبات المختلفة فتظل الأنسجة سليمة لحين إعادة ترطيبها بالماء واستخدامها في الطعام، كما أن هناك طريقة التدخين، وهي طريقة أخرى لحفظ الأسماك وتستخدم في سمك الرنجة، وتقوم على حرق نوع معين من الأخشاب ليصدر الأدخنة التي تعمل على إنضاج جزئي للسمك، وبالتالي تصبح نسبة المياه فيها قليلة، مما يسهل حفظها لفترة أطول حتى يتم استكمال نضجها لتناولها، وأيضاً هناك عملية التمليح السائل وهي التي تستخدم في صناعة كل من الفسيخ والسردين والملوحة، حيث يتم في تلك الطريقة وضع الأسماك في محلول ملحي عالي التركيز وتخزن لفترة معينة في براميل خاصة غالباً ما تكون مصنوعة من الأخشاب وتغلق جيداً لحين النضج، حيث تتحلل أنسجة الأسماك بفعل البكتيريا الموجودة في هذا المحلول حتى يتم إنضاجها وتقديمها بالصورة المتعارف عليها. ولكن هناك شرطين مهمين يجب إتباعهما حتى تتم صناعة الفسيخ بشكل مطابق للمواصفات ويكون صالح للاستهلاك الآدمي، وهما:- حالة السمكة قبل الصناعة، فيجب التأكد من أن السمكة صالحة وليست فاسدة قبل عملية الصناعة والتخزين. الفسيخ يتم صناعته عن طريق ميكروبات نافعة، مما يجعله طري وله الطعم المستحب عند بعض الناس، ولكن إذا تلوثت السمكة أثناء الصناعة ببعض الميكروبات الضارة مثل السلامونيلا والشيجيلا والإيكولاي يؤدي إلى حالات التسمم التي نسمع عنها كثيراً مع بداية موسم الربيع. وحتى يستطيع القارئ معرفة إذا كان الفسيخ صالحا أو فاسدا، يجب عليه أولاً محاولة شم الفسيخ قبل شرائه فإذا وجد له رائحة عفنة غير مقبولة لا يستطيع تحملها فتلك إشارة إلى فساده، كما أن الفسيخ الصالح يتسم بتماسك في أنسجته إلى حد ما حيث يمكن أن نحدد شكل السمكة وحجمها بسهولة، أما إن لم نلاحظ ذلك فتلك علامة أخرى على فساده وعلينا الذهاب لشرائه من مكان آخر أكثر ثقة، لذلك يفضل شراء تلك الأسماك من أماكن معتمدة ومشهورة حتي نتقي شر الإصابة بأية أمراض نتيجة التلوث. وتنصح الدكتورة ضحى عبده أستاذ الكيمياء الحيوية بتغطية الفسيخ بكميات كبيرة من الليمون عند إعداده، وذلك لأن الليمون يساعد الكبد على امتصاص بعض السموم البسيطة الناتجة عن وجود بكتيريا ضارة، فمن نعم الله علينا أن الوظيفة الرئيسية للكبد هي التعامل مع أية مادة سامة تدخل الجسم إما أن يحولها إلى مركبات غير سامة أو يمتصها داخله حتى لا يمنعها من الإضرار بوظائف الجسم المختلفة. ومن المعروف أن الاحتفال بشم النسيم عادة ورثناها عن الفراعنة ونجد أن أكل الفسيخ يرتبط به الخص والحمص الأخضر (الملانة)، وتلك عادة صحية لأن الخضراوات بشكل عام تحتوي على البوتاسيوم وتساعد الجسم بصورة كبيرة في مقاومة السموم، بالإضافة إلى أن البصل الأخضر يقوم على عمل المطهر المعوي الذي يساعد الجسم على التغلب على بعض السموم البسيطة . وعن صفات تلك المنتجات التي يجب ملاحظتها وقت الشراء أضافت الدكتورة هند يوسف كبير أخصائي التغذية بأنه يجب مراعاة شكل الأسماك المملحة عند الشراء مثل كل من الفسيخ والسردين والملوحة، ومن صفات الصالح من تلك الأسماك أن تكون ألوانها لامعة وبراقة إلى حد ما وذات ملمس ناعم، كما تكون قشورها مثبتة بقوة مع الأنسجة، بالإضافة إلى أن لون أنسجتها الداخلية أحمر أو رمادي معتم، وذات ملمس طري، ولكن ليس لزجاً، وألا تحتوي على طفيليات والتي تظهر على شكل بقع غريبة الشكل، أما بالنسبة للأسماك المدخنة مثل الرنجة يجب أن نراعي أن تكون ملساء خالية من القشور وتمتاز بلون ذهبي براق، كما تكون أنسجتها متماسكة غير لزجة خالية من الروائح الغريبة الكريهة، ولا تحتوي على أية تسلخات أو خدوش، بالإضافة إلى أن يكون المنتج معبأ ومدونا عليه كل من تاريخي الإنتاج والانتهاء وكيفية الحفظ والتخزين. والأسماك بشكل عام سلعة سريعة التلف، لأنها تحتوي على بروتين عالي ونسبة رطوبة عالية أيضاً، مما يجعلها تتأثر بتلوث أية مرحلة من مراحل الصناعة والنقل والتخزين، لذلك ننصح القارئ دائماً بأن يشتري تلك الأسماك من أماكن معتمدة ، ويفضل حفظها في ثلاجة المنزل حتى تظل صالحة للاستخدام، كما يجب مراعاة التقليل بقدر الإمكان من الكميات المستخدمة منها لأنها تحتوي على نسبة ملوحة عالية جداً، خاصة المصابين بأمراض القلب، والحوامل أيضاً لأن الزيادة في تناول تلك الأطعمة أثناء الحمل يمكن أن تتسبب في تخزين المياه داخل أجسامهن. وتعتبر الرنجة أقل تلك المأكولات ضرراً، لأنها لا تتعرض لنفس درجة الطفيليات التي تسبب الأضرار للجسم، كما يمكن تقديم تلك الأسماك على شكل طبق سلاطة، حيث تكون مرتبطة بالخضراوات الطازجة التي تحتوي بطبيعتها على ألياف طبيعية تعمل على تقليل امتصاص الكوليسترول والدهون بالجسم، كما تحتوي على فيتامينات وأملاح معدنية، مما يجعلها تقلل بقدر الإمكان من تأثيرها الضار على الجسم، ويعتبر تقديم تلك الأطعمة بالطحينة جيدا لأن ذلك يساعد على تقليل كمية الأسماك، وبالتالي تقليل الملوحة التي يتم تناولها في وجبة واحدة. وتحتوي الأسماك بشكل عام على مادة (الأوميجا 3) وهي مفيدة لمرضى القلب، لذلك تنصح الدكتورة هند كل من مرضى القلب وارتفاع ضغط الدم بأكل الأسماك العادية في العيد بمختلف أنواعها سواء كانت مشوية أو مقلية أوعلى شكل صواني كنوع من التغيير، وذلك لفائدته الكبيرة لهم. وأخيراً نرجو من القارئ العزيز الاستمتاع بمأكولات العيد الجميلة، ولكن بشكل عادل حتى نتقي بذلك الأمراض الضارة التي يمكن أن تعكر صفو ذلك اليوم المشمس الجميل، واتباع قول الله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ سورة الأعراف - آيـة (31)