23-9-2023 | 09:42
أحمد عبدالعزيز
التغيرات الموسمية تفرض تحديات أكثر خطورة فيما يخص الصحة العقلية لا ينبغي تجاهلها أو إنكارها، الاضطراب العاطفي الموسمي (SAD) هو مرض اكتئابي يتسم بشعور المريض بالحزن وبالأعراض التي تظهر بشكل موسمي, ويؤثر على ملايين الناس حول العالم على الرغم من عدم معرفة الكثيرين منهم بوقت حدوثه.
يبدأ هذا النوع من الاكتئاب في الوقت ذاته من كل سنة، وفي معظم الأحيان تكون البداية في فصل الخريف لتستمر لفصل الشتاء، ويطلق على هذه الحالة اكتئاب الخريف.
تقول الدكتورة لبني الشباسي استشاري الطب النفسي إن هناك أسباب عدة وآراء مختلفة حول الإصابة باكتئاب الخريف، إذ يعتقد بعض العلماء بأن الجسم يعمل على إفراز هرمونات معينة في أوقات محددة من كل سنة، حيث ينتج عن هذه الهرمونات تغيرات نفسية، مثل: الشعور بالاكتئاب.
وهناك نظرية أخرى ترجح أن السبب يعود إلى قلة التعرض لضوء الشمس أثناء فصلي الخريف والشتاء، مما يجعل الجسم يفرز هرمون السيروتونين بنسبة أقل، إذ يعد السيروتونين الهرمون الرئيس المسؤول عن ربط مسارات الخلايا المسؤولة عن التحكم بالمزاج، وعند وجود أي خلل في المسارات التي تنقل السيالات العصبية في الدماغ يحدث تغير في المزاج، وتظهر أعراض الاكتئاب والتعب، وزيادة الوزن.
وعادةً ما يبدأ اكتئاب الخريف في أعمار صغيرة، وتعد النساء أكثر عرضة للإصابة بهذا النوع من الاكتئاب.
ويعاني الأشخاص المصابون باكتئاب الخريف بأعراض طفيفة، ولكن يعاني البعض الآخر من أعراض اكتئاب حادة تؤثر على علاقاتهم الاجتماعية ووظائفهم.
والجدير بالذكر أن اكتئاب الخريف يعد أقل شيوعًا في الدول مشمسة المناخ، على عكس الدول التي لا تظهر فيها أشعة الشمس إلا ما ندر.
ومن أبرز أعراض اكتئاب الخريف ما يلي:
• الشعور بمزاج سييء لفترة طويلة.
• فقدان الاهتمام والمتعة أثناء القيام بالنشاطات اليومية.
• سرعة الانفعال.
• الشعور باليأس والذنب وعدم القيمة.
• فقدان الطاقة والرغبة في النوم طوال اليوم.
• النوم لساعات أطول ووجود صعوبة بالغة في الاستيقاظ صباحًا.
• تناول النشويات بكثرة وزيادة الوزن.
هناك بعض العوامل المختلفة التي تزيد من نسبة الإصابة باكتئاب الخريف، إليك أهم هذه العوامل:
التاريخ العائلي
ينتقل مرض الاكتئاب بصورة عامة عن طريق الجينات المتوارثة في العائلة، وغالبًا ما يكون لدى الأشخاص المصابين باكتئاب الشتاء أقارب مصابين بنفس الأعراض أو أي من أنواع الاكتئاب الأخرى.
الإصابة مسبقًا بمرض الاكتئاب الرئيس أو ثنائي القطب
وتزداد أعراض الاكتئاب حدة في فصل الخريف عندما يكون المريض مصابا بأي من أنواع الاكتئاب المختلفة.
الإقامة بعيدًا عن خط الاستواء
يعد مرض اكتئاب الخريف أكثر شيوعًا في المناطق أقصى الجنوب والشمال بالنسبة لخط الاستواء، ويعزى السبب إلى قلة أو انعدام أشعة الشمس في فصل الشتاء، وطول مدة النهار في فصل الصيف في تلك المناطق.
إليك فيما يأتي أهم النصائح للتخلص من اكتئاب الخريف
1. طلب المساعدة
إن كنت تعاني من أعراض اكتئاب الخريف من المهم جدًا القيام بالتحدث عن المشكلة.
ومن الممكن الاستعانة بالأصدقاء والعائلة، كما يمكن الاستعانة بطبيب نفسي معالج عند تفاقم أعراض اكتئاب الخريف.
2. الاستمتاع بالطبيعة
يُعد الخروج من المنزل للاستمتاع بالطبيعة والقيام بالنشاطات المختلفة مفيدًا، إذ يعد الأشخاص القاطنين داخل المدن أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب من غيرهم، خصوصًا في أوقات الخريف والشتاء الباردة.
لذلك حاول الذهاب خارج حدود المدينة إلى القرى والأرياف للاستمتاع بالطبيعة.
3. العلاج بالضوء
ينصح العديد من الأطباء بعلاج اكتئاب الخريف باستخدام الضوء، ويتضمن العلاج الجلوس أمام مصدر للضوء لمدة 30 إلى 45 دقيقة.
4. ممارسة الأنشطة الرياضية
تعد التمارين الرياضية مهمة جدًا لصحة الإنسان وتساعد على التخلص من اكتئاب الخريف بشكل كبير.
ولا تقوم ممارسة الرياضات المختلفة بمساعدة الإنسان على التخلص من القلق والغضب فقط، ولكن أيضًا تحمي الإنسان من زيادة الوزن والعزلة أثناء فصل الشتاء.
5. أدوية الاكتئاب
من الممكن معالجة اكتئاب الخريف باستخدام أدوية الاكتئاب بحسب توصيات الطبيب وخطورة الحالة، ويقوم بعض الأطباء بعلاج الحالة باستخدام أدوية الاكتئاب مجتمعة مع العلاج بالضوء.
ويقول الدكتور أيمن العزوني استشاري الطب النفسي إنه كثيرًا ما نُعاني من تغير في حالاتنا المزاجية بقدوم فصل مناخي معين، فهناك الشكوى المتكررة دائمة التردد، بأن الشتاء يحمل للكثيرين المشاعر السلبية والشعور بالانقباض والضيق، وأحيانًا يجعلهم التغير المناخي في فصل الشتاء وغياب الشمس غير قادرين على الخروج للحياة أو التعامل مع الناس أو ممارسة الأنشطة التي اعتادوا عليها.
وتشمل أعراض الاضطراب العاطفي الموسمي الشعور بالثقل والحزم طوال اليوم وبإيقاع يومي ثابت تقريبًا، فقدان الاهتمام بالأنشطة حتى تلك التي كان يُفضلها المريض ويسعد بممارستها خلال الفترات العادية، عدم وجود قدر كاف من الطاقة التي تمكنه من فعل الثوابت اليومية التي اعتاد عليها، يواجه المريض أيضًا اضطرابات النوم والشهية، فيعاني في الأغلب مشكلات عديدة في النوم وتغيرات في الشهية سواء بزيادة كمية الطعام التي يتناولها أو تقليلها، لا يكون لدى المريض خلال هذه الأوقات القدرة على التركيز كما يشعر باليأس، ويفقد إحساسه بالقيمة تجاه نفسه وتجاه ما يقوم به، وأحيانًا تجاه ما حوله مما يجعله يبدو في نظر نفسه مذنبًا في أحيان كثيرة، وهو ما يقوده خلال فترات المعاناة الخالصة تلك إلى أفكار متكررة عن الموت أو الانتحار.
وأحيانًا تختلف الأعراض بين المريض الذي يعاني من اكتئاب موسمي خلال فصلي الخريف والشتاء، عن المريض الذي يُعاني من هذا الاضطراب خلال فصلي الربيع والصيف، فمن أعراض الاكتئاب الشتوي طول فترات النوم، وتأتي اضطرابات الطعام على شكل زيادة في الشهية والإقبال على الأطعمة عالية الكربوهيدرات، بما يتبع ذلك من زيادة في الوزن، كما يكون هناك التعب والإرهاق بشكل مستمر وانخفاض الطاقة لدى المريض.
أما أعراض الاضطرابات العاطفية الموسمية الصيفية أو ما يمكننا أن نطلق عليه الاكتئاب الصيفي فتكون على النقيض من أعراض اكتئاب الشتاء، فتصبح مشاكل النوم مرتبطة بقلة ساعات النوم والأرق المستمر، وتأتي اضطرابات الطعام على شكل ضعف في الشهية بما يتبعه من فقدان في الوزن، كما يكون هناك قلق واضطراب نفسي مستمر وغير مفهوم أو مسبب.
ربما تًعد الأسباب التي تؤدي إلى الاضطراب العاطفي الموسمي مجهولة إلى حد ما، ولكن هناك بعض العوامل التي تدخل في الاعتبار وتسبب الاكتئاب الموسمي.
- السبب الأول: الاضطراب الذي يحدث للساعة البيولوجية للشخص خلال فصلي الخريف والشتاء، ويتسبب في ذلك انخفاض درجة ضوء الشمس التي تصل إلينا خلال الشتاء مما قد يُعطل الساعة الداخلية للجسم ويؤدي إلى الشعور بالاكتئاب.
- السبب الثاني: الانخفاض في مستويات مادة السيروتونين، وهي مادة كيميائية في الدماغ تؤثر على الحالة المزاجية، ويمكن لأشعة الشمس المنخفضة خلال فصلي الخريف والشتاء أن تسبب هبوطًا في مادة السيروتونين يؤدي إلى الاكتئاب.
- السبب الثالث: فيعود إلى مستويات الميلاتونين في الجسم، حيث يؤدي تغير الموسم إلى تعطيل توازن مستوى الميلاتونين في الجسم، وهي المادة التي تلعب دورًا في تنظيم أنماط النوم والحالة المزاجية لدى الفرد، ويحتاج الأمر إلى مراجعة الطبيب إذا تغيرت أنماط النوم والشهية، والشعور باليأس والتفكير في الموت أو الانتحار، حينها يخرج الأمر عن حدود ما يمكن وصفه بالأمر “الطبيعي” ويجب مراجعة الطبيب على الفور.