4-5-2024 | 10:18
كتب: احمد عبدالعزيز
الصحة من أعظم الأمانات التى كلف الله بها الإنسان لكن ملايين البشر يعرضون هذه الأمانة للخطر عن طريق التدخين الذي لا يمثل تدميرا لصحة المدخن فقط بل دمار الأسرة وجميع المحيطين بالمدخن.
يوضح لنا الدكتور أيمن العزونى استشاري الأمراض النفسية و المخ و الأعصاب أن التدخين مفتاح لتناول المخدرات وإدمانها خاصة بين فئات المراهقين و الشباب فى سن صغيرة.
ونجد أن هذه الظاهرة ترجع إلى العديد من العوامل النفسية والاجتماعية ولعل أبرز هذه العوامل وأكثرها انتشارا هى رفقاء السوء وخاصة فى فترة المدرسة والجامعة والحقيقة أن استجابة الشباب لأصحاب السوء هو خلل ليس فقط فى سلوك هذا الشاب وإنما تقع المسئولية الكبيرة على أسرته وعلى نمط التربية الذى تم توفيره لهذا الشاب، بمعنى أنه لو اتبع الأب أو الأم أسلوب تربية قائم مثلا على التهميش أو القسوة الزائدة والعقاب الذى يفوق الحد المسموح وأيضا التدليل الزائد فكلها أمور تجعل من هذا الصغير شخصا ضعيف الشخصية وقليل الحيلة أو شخص لديه سلوك عنيف نتيجة قسوة الأب أو الأم معه، فيجعله حقل تجارب لأى شيء خارج عن المألوف حتى و إن كان ضارا لنفسه مثل: التدخين و المخدرات.
فالصبي أو الشاب يجد في التدخين فرصة لإخراج طاقة مكبوتة بداخله فى شكل سيجارة أو نوع من المخدرات يتناوب عليه كلما شعر بالغضب أو التهميش.
لكن ليس معنى كلامنا أن عامل التربية وحسب هو المسئول عن تعرض الشخص لتلك العادات السيئة، فهناك عوامل نفسية مكتسبة ليس محدد لها سن أو مرحلة عمرية أو صفات معينة تجعل الشخص عرضة للتدخين وغيره ونذكر منها على سبيل المثال: عدم الشعور بالأمان أو الرغبة في كسب القبول الاجتماعي، غالبًا ما يشعر المراهقون وغيرهم بأنهم لا يُقهرون وربما لا يتدبرون عواقب أفعالهم ما يودي بهم إلى المجازفة الخطيرة بتعاطي المخدرات و أيضا الإصابة بمشكلة صحية عقلية أو سلوكية مثل: الاكتئاب أو القلق أو اضطراب أو نقص الانتباه مع فرط الحركة مثلا، و مع وجود أيضا بعض السلوكيات القهرية أو المنطوية يصاب بها الشاب وهناك أيضا سوابق التعرض لأحداث صادمة مثل: التعرض لحادث سيارة أو الوقوع ضحية لسوء المعاملة وأيضا قلة تقدير الذات والشعور بالرفض الاجتماعي فكلها عوامل مكتسبة تسبب الإدمان وتسبب عواقب وخيمة قد تدمر حياة الشخص.
الدكتور أيمن العزوني يطالب الأسر وأولياء الأمور بسرعة التعامل مع سلوك الشباب أو الشخص حال اكتشاف تعاطيه المخدرات وعرضه على أطباء والمتابعة مع المصحات النفسية والعلاجية للمخدرات.
ويوضح أن الدولة وفرت وأنجزت كثيرا فى هذا الملف مع تخصيص أرقام وتوفير الإرشادات اللازمة للتعامل مع الشخص المدمن وتوجيهه للمؤسسات المعنية بعلاجه ومع ضرورة وجود دعم نفسى من المحيطين به وتأجيل أي لوم أو توبيخ بحق هذا الشخص إلى أن يصل إلى مرحلة التعافى.
ويحذر العزوني من آثار التدخين السلبية على الجنين من حيث تأخر النّمو والتطوّر وقلّة حركة الجنين في الرحم لمدة ساعة على الأقل بعد تدخين سيجارة واحدة وتطوّر العيوب الخلقية والتي تظهر عند الولادة وقد يترتب عليها تغير شكل أو وظيفة جزء معين من الجسم أو أكثر من جزء معًا، وتتسبب في إحداث مشاكل في الصحّة العامة ومن الأمثلة عليها الشفة المشقوقة أو الشفة الأرنبية وهي عيب خلقي يظهر في فم الطفل.
وتقول الدكتورة أمانى أبو زيد أخصائي أمراض الصدر والحساسية إن على الإنسان أن يختار بين الصحة والهلاك وهو يقدم على عادة التدخين، فالاختيار هنا مسئولية كل شخص يفكر أن يقبل على التدخين و المخدرات أو يمتنع عنهم، مع العلم أن الهلاك لن يصيبك وحدك فى هذا المرض فأنت هنا تتحمل مسئولية صحة العديد من الأشخاص حولك، ولعل أبرز هذه العواقب هو مرض الانسداد الرئوى المزمن فهذا المرض الذي يصاب به معظم المدخنين ومتناولى المخدرات يؤثر على الرئة مباشرة فيحدث انسداد فى الشعب الهوائية أثناء خروج الهواء من الرئة، وهو يصيب أغلبية المدخنين فى المقام الأول وكان سابقا يصيب الرجال أكثر من النساء ولكن فى الآونة الأخيرة أصبحت النسبة متساوية تقريبا؛ لزيادة عدد المدخنين من النساء وأيضا يعتبر الاستعداد الجينى و الوراثى من أسباب هذا المرض ونستطيع القول إن كل المدخنين بلا استثناء معرضين لهذا المرض والذى يعتبر نهاية كل مدخن و تتمثل أهم أعراضه فى ضيق التنفس و الإصابة بالنهجان وثقل فى التنفس ويلاحظ المريض هذا بنفسه عند طلوع درجات السلم بعد أن كان سابقا لا يعانى من هذا الشيء، هذا بجانب السعال و إفرازات البلغم باستمرار دون توقف و هذه الأعراض ليست مقتصرة على المدخن فقط، فالشخص المجاور له يتعرض أيضا لهذه الأعراض كالأب الذى يدخن وسط أطفاله باستمرار والشخص الذي يدخن بجوار المحيطين به فى العمل، فنجد أنهم يتأثرون بهذه الأعراض، خصوصا في المرحلة العمرية ما بين 30 و35 عامًا.
وتتمثل أولى خطوات العلاج بالامتناع التام عن التدخين فى المقام الأول و ذلك لمنع تطور المرض و إعطاء فرصة أفضل للاستجابة للعلاج السريع وهنا بالتأكيد نجد أن بعض الأشخاص لا يستطيعون التوقف عن التدخين نهائيا، ويكون الحل أخذ العقاقير التى تعمل بدورها على توسيع الشعب الهوائية سواء عن طريق الأقراص أو البخاخات وأيضا استخدام أدوية مزيل البلغم باستمرار و كل ما سبق يعتبر الشق الدوائى للعلاج.
وهناك شق آخر لا يقل أهمية عن الشق الأول وهو إدخال المريض فى مرحلة التأهيل للعلاج عن طريق التحفيز والتذكير بالمنافع الناتجة عن وقف التدخين سواء منافع جسدية أو نفسية أو أسرية وأيضا حثه على ممارسة الرياضة باستمرار؛ لإخراج الطاقة السلبية بشكل سليم و تناول الأكل الصحى ومتابعة العلاج باستمرار.
أما الشق الأخير فى طريق العلاج وهو الشق النفسى لأن بعض المرضى يدخلون فى مرحلة اكتئاب مزمن وحزن شديد نتيجة تدهور حالته الصحية مما يدفعه إلى الاستمرار فى التدخين و تفاقم الأضرار الصحية مع الأخذ فى الاعتبار أن مرض الانسداد الرئوى لا يقع ضرره على الصدر فقط وصعوبة التنفس و إنما لديه تأثير على باقى أعضاء ووظائف الجسم مثل: الوهن وضعف العضلات و التأثير على انتظام النوم بشكل كاف وأيضا يؤثر على القدرة الجنسية للمريض و القدرة الإنتاجية فى العمل.
وهناك بعض الحالات التى تحتاج إلى التدخل الجراحى، وذلك عندما تصبح الرئة بها العديد من التليفات أو بسبب وجود هواء خارج الرئة ما بين الرئة والقفص الصدرى، وهذا الأمر يحتاج إلى تدخل جراحي فوري وتركيب أنبوبة لسحب الهواء خارج الرئة.
وأخيرا، هذا التدخين يسبب فى بعض الأحيان أشد أنواع السرطان وهو سرطان الرئة و أيضا هناك نقطة محورية خطيرة تتعلق بصحة طفلك الجنين وما يترتب من آثار نتيجة لجلوسك بجوار أحد المدخنين طوال فترة الحمل حيث يؤدى إلى وفاة الجنين في الرحم قبل مرور 20 أسبوعًا على الحمل وفي حال حدوثه بعد المدة المذكورة فتعرف الحالة بمصطلح ولادة جنين ميت.