الجمعة 9 مايو 2025

استشارى الصحة العامة د. أحمد جلال فهمى: صوم الأطفال بشروط

استشارى الصحة العامة د. أحمد جلال فهمى: صوم الأطفال بشروط

15-3-2025 | 11:34

أحمد عبدالعزيز
يعد‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك‭ ‬أهم‭ ‬شهور‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬ونظراً‭ ‬لاهميته‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬الأطفال‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬يرغبون‭ ‬في‭ ‬تجربة‭ ‬الصيام‭ ‬مبكراً‭ ‬كنوع‭ ‬من‭ ‬المشاركة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬ينعكس‭ ‬بشكل‭ ‬إيجابي‭ ‬على‭ ‬حالتهم‭ ‬النفسية‭.‬ فماذا‭ ‬عن‭ ‬المرحلة‭ ‬العمرية‭ ‬التى‭ ‬يمكنهم‭ ‬فيها‭ ‬بدء‭ ‬الصيام‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يؤثر‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬صحتهم‭ ‬،‭ ‬وكيف‭ ‬يمكن‭ ‬تدريبهم‭ ‬عليه‭ ‬بطريقة‭ ‬صحية،‭ ‬وماذا‭ ‬عن‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬صحتهم‭ ‬خلال‭ ‬صيامهم؟ فى‭ ‬البداية‭ ‬يقول‭ ‬الدكتور‭ ‬أحمد‭ ‬جلال‭ ‬فهمى‭ ‬استشارى‭ ‬الصحة‭ ‬العامة‭: ‬إنه‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الآباء‭ ‬تدريب‭ ‬الأطفال‭ ‬على‭ ‬الصيام‭ ‬بشكل‭ ‬تدريجي‭ ‬حتى‭ ‬يستطيعوا‭ ‬الصيام‭ ‬بصورة‭ ‬كاملة‭ ‬فى‭ ‬عمر‭ ‬العاشرة،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬رغب‭ ‬الطفل‭ ‬في‭ ‬الصيام‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬قبل‭ ‬هذا‭ ‬السن،‭ ‬لأن‭ ‬الحرمان‭ ‬من‭ ‬الطعام‭ ‬وشرب‭ ‬الماء‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يسبب‭ ‬مشكلات‭ ‬طبية‭ ‬لهم،‭ ‬حيث‭ ‬إنهم‭ ‬لا‭ ‬يزالون‭ ‬في‭ ‬مراحل‭ ‬النمو‭ ‬الأولى،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يحتاج‭ ‬الجسم،‭ ‬وبشكل‭ ‬خاص‭ ‬المخ،‭ ‬إلى‭ ‬كمية‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الجلوكوز‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬بمثابة‭ ‬الوقود‭ ‬لجميع‭ ‬أجزاء‭ ‬الجسم،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تناول‭ ‬السوائل‭ ‬بشكل‭ ‬كافٍ‭ ‬ضروري‭ ‬لحماية‭ ‬الجسم‭ ‬من‭ ‬الجفاف،‭ ‬وعندما‭ ‬يتم‭ ‬حرمان‭ ‬الجسم‭ ‬من‭ ‬السعرات‭ ‬الحرارية‭ ‬تنخفض‭ ‬مستويات‭ ‬الجلوكوز‭ ‬في‭ ‬الدم‭ (‬hypoglycemia‭) ‬في‭ ‬خلال‭ ‬ساعات‭ ‬قليلة،‭ ‬مما‭ ‬يستلزم‭ ‬إمداد‭ ‬الجسم‭ ‬بكميات‭ ‬جديدة‭ ‬حتى‭ ‬يمكن‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬ثابت‭ ‬من‭ ‬السكر‭ ‬في‭ ‬الدم‭.‬ وفي‭ ‬غياب‭ ‬مصدر‭ ‬الطاقة‭ (‬الطعام‭) ‬الذي‭ ‬يتحول‭ ‬بعد‭ ‬امتصاصه‭ ‬في‭ ‬الجهاز‭ ‬الهضمي‭ ‬إلى‭ ‬جلوكوز،‭ ‬لا‭ ‬يتمكن‭ ‬الجسم‭ ‬من‭ ‬القيام‭ ‬بوظائفه‭ ‬بشكل‭ ‬طبيعي،‭ ‬ولا‭ ‬يصل‭ ‬السكر‭ ‬بكمية‭ ‬كافية‭ ‬للمخ،‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬ضعف‭ ‬التركيز‭ ‬والشعور‭ ‬بالدوار‭ ‬والخمول‭ ‬بالنسبة‭ ‬للطفل،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يدفع‭ ‬الجسم‭ ‬إلى‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬تحويل‭ ‬الجليكوجين‭ ‬الموجود‭ ‬في‭ ‬الكبد‭ ‬إلى‭ ‬جلوكوز‭ (‬glycogenolysis‭)‬،‭ ‬وعادة‭ ‬يتم‭ ‬تخزين‭ ‬الجلوكوز‭ ‬الزائد‭ ‬علي‭ ‬حاجة‭ ‬الجسم‭ ‬في‭ ‬الكبد‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬نشا‭ ‬اجليكوجينب‭ ‬لحين‭ ‬الحاجة‭ ‬إليه‭.‬ وكلما‭ ‬كانت‭ ‬فترة‭ ‬الصيام‭ ‬أطول‭ ‬بالنسبة‭ ‬للأطفال،‭ ‬احتاج‭ ‬الجسم‭ ‬إلى‭ ‬كميات‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬الجلوكوز،‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تحويل‭ ‬مصادر‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬سكر‭ ‬مثل‭ ‬البروتين‭ ‬الموجود‭ ‬في‭ ‬العضلات،‭ ‬ثم‭ ‬يتم‭ ‬تحويل‭ ‬الدهون‭ ‬إلى‭ ‬جلوكوز‭ ‬أيضاً،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬يؤدي‭ ‬عدم‭ ‬تناول‭ ‬الطفل‭ ‬لكمية‭ ‬كافية‭ ‬من‭ ‬السوائل‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬العطش،‭ ‬وتقل‭ ‬كمية‭ ‬البول‭ ‬ويؤدي‭ ‬إلى‭ ‬حدوث‭ ‬جفاف،‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬النادرة‭ ‬إلى‭ ‬حدوث‭ ‬تشنجات‭ ‬عضلية‭.‬ بالنسبة‭ ‬للأطفال‭ ‬الأكبر‭ ‬عمراً،‭ ‬يفضل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الصيام‭ ‬بشكل‭ ‬متدرج،‭ ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬الطفل‭ ‬بالإفطار‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الشعور‭ ‬بالجوع‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الأول،‭ ‬ثم‭ ‬يتم‭ ‬زيادة‭ ‬15‭ ‬دقيقة‭ ‬كل‭ ‬يوم،‭ ‬لكي‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬فرصة‭ ‬للجسم‭ ‬لاعتياد‭ ‬الحرمان‭ ‬من‭ ‬الطعام‭ ‬بشكل‭ ‬متدرج‭ ‬وليس‭ ‬مفاجئاً،‭ ‬ويجب‭ ‬على‭ ‬الآباء‭ ‬أن‭ ‬يخبروا‭ ‬أطفالهم‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬داعي‭ ‬للإحساس‭ ‬بالحرج‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الإفطار‭ ‬بشكل‭ ‬مبكر‭ ‬عن‭ ‬البالغين،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬عبء‭ ‬نفسي‭ ‬عليهم،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬يتم‭ ‬تشجيعهم‭ ‬على‭ ‬أية‭ ‬فترة‭ ‬يستطيعون‭ ‬الصيام‭ ‬فيها‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬قصيرة‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬الآباء،‭ ‬خصوصاً‭ ‬أثناء‭ ‬الدراسة‭ ‬كما‭ ‬يجب‭ ‬نصح‭ ‬الأطفال‭ ‬بتجنب‭ ‬الألعاب‭ ‬التي‭ ‬تتطلب‭ ‬تمارين‭ ‬عنيفة‭ ‬أثناء‭ ‬الصيام،‭ ‬مثل‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬والسباحة،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تأجيل‭ ‬المسابقات‭ ‬التنافسية‭ ‬لما‭ ‬بعد‭ ‬الإفطار‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يزيد‭ ‬الاحتياج‭ ‬للجلوكوز‭.‬ ويفضل‭ ‬بعد‭ ‬الإفطار‭ ‬تناول‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬السوائل‭ ‬للاحتفاظ‭ ‬بالجسم‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬رطبة‭ (‬hydrated‭)‬،‭ ‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬بشكل‭ ‬مبالغ‭ ‬فيه،‭ ‬لأن‭ ‬الماء‭ ‬الزائد‭ ‬علي‭ ‬حاجة‭ ‬الجسم‭ ‬يتم‭ ‬التخلص‭ ‬منه‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬البول،‭ ‬ولا‭ ‬يتم‭ ‬الاستفادة‭ ‬منه‭.‬ ويجب‭ ‬أن‭ ‬يحرص‭ ‬الآباء‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يتناول‭ ‬أطفالهم‭ ‬وجبة‭ ‬السحور‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬إيقاظهم‭ ‬من‭ ‬النوم،‭ ‬لأنها‭ ‬تعد‭ ‬جزءاً‭ ‬أساسياً‭ ‬من‭ ‬تحمل‭ ‬الأطفال‭ ‬للصيام،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬تتضمن‭ ‬هذه‭ ‬الوجبة‭ ‬الأطعمة‭ ‬الغنية‭ ‬بالألياف‭ ‬مثل‭ ‬حبوب‭ ‬القمح‭ ‬الكاملة‭ ‬والبقوليات‭ ‬والفواكه‭ ‬والخضراوات‭.‬ تعد‭ ‬اللحوم‭ ‬الخالية‭ ‬من‭ ‬الدهون،‭ ‬والبيض،‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬المصادر‭ ‬الجيدة‭ ‬للبروتين‭ ‬الحيواني،‭ ‬ولذلك‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬وجبتي‭ ‬الإفطار‭ ‬والسحور،‭ ‬وكذلك‭ ‬منتجات‭ ‬الألبان،‭ ‬ويفضل‭ ‬أن‭ ‬يتجنب‭ ‬الأطفال‭ ‬الأطعمة‭ ‬التي‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬نسبة‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬السكر‭ ‬مثل‭ ‬المربى‭ ‬أو‭ ‬العصائر‭ ‬المصنعة،‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬سوف‭ ‬يجعلهم‭ ‬يشعرون‭ ‬بالجوع‭ ‬بشكل‭ ‬سريع‭ ‬لسرعة‭ ‬امتصاص‭ ‬السكر،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬قيمتها‭ ‬الغذائية‭ ‬ليست‭ ‬مثل‭ ‬قيمة‭ ‬البروتين،‭ ‬وكذلك‭ ‬يجب‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬الأطعمة‭ ‬التي‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬كميات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الملح‭ ‬لتجنب‭ ‬العطش‭.‬ ويضيف‭ : ‬يفضل‭ ‬وقت‭ ‬الإفطار‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تقسيم‭ ‬الطعام‭ ‬إلى‭ ‬وجبتين،‭ ‬تفصل‭ ‬بينهما‭ ‬فترة‭ ‬زمنية‭ ‬قصيرة،‭ ‬بحيث‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬تناول‭ ‬كمية‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الطعام‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬بسيط،‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬حدوث‭ ‬عسر‭ ‬هضم‭ ‬وانتفاخ‭ ‬وآلام‭ ‬في‭ ‬البطن‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬التركيز‭ ‬الأساسي‭ ‬في‭ ‬وجبة‭ ‬الإفطار‭ ‬على‭ ‬البروتين،‭ ‬سواء‭ ‬الحيواني‭ ‬أو‭ ‬النباتي‭.‬ في‭ ‬حالة‭ ‬استخدام‭ ‬زيوت‭ ‬يفضل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬صحية‭ ‬مثل‭ ‬زيت‭ ‬الزيتون‭ ‬أو‭ ‬بذرة‭ ‬الكتان،‭ ‬ويفضل‭ ‬تجنب‭ ‬أو‭ ‬تناول‭ ‬كميات‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬المشروبات‭ ‬الغازية‭ ‬والحلويات‭ ‬واستبدالها‭ ‬بالفاكهة‭ ‬أو‭ ‬العصائر‭ ‬الطبيعية‭ ‬بدون‭ ‬إضافة‭ ‬سكريات‭.‬ يمكن‭ ‬بعد‭ ‬الإفطار‭ ‬تناول‭ ‬المكسرات‭ ‬بكميات‭ ‬صغيرة،‭ ‬وهي‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬سعرات‭ ‬حرارية‭ ‬كبيرة،‭ ‬نظراً‭ ‬لأهميتها‭ ‬لاحتوائها‭ ‬على‭ ‬مضادات‭ ‬الأكسدة‭ (‬antioxidant‭) ‬بكميات‭ ‬كبيرة‭.‬ لتجنب‭ ‬الإرهاق‭ ‬أثناء‭ ‬الصيام،‭ ‬يفضل‭ ‬أن‭ ‬ينام‭ ‬الطفل‭ ‬بعد‭ ‬العودة‭ ‬من‭ ‬المدرسة‭ ‬وقبل‭ ‬الإفطار‭ ‬فترة‭ ‬قيلولة‭ ‬بسيطة،‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يأوي‭ ‬الأطفال‭ ‬إلى‭ ‬الفراش‭ ‬في‭ ‬المساء‭ ‬مبكراً‭ ‬حتى‭ ‬يتمكنوا‭ ‬من‭ ‬الاستيقاظ‭ ‬أثناء‭ ‬السحور‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ينالوا‭ ‬قسطاً‭ ‬وافراً‭ ‬من‭ ‬الراحة‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬تركيزهم‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬التالي،‭ ‬خصوصاً‭ ‬أنه‭ ‬يفضل‭ ‬بعد‭ ‬السحور‭ ‬أن‭ ‬يقضي‭ ‬الأطفال‭ ‬فترة‭ ‬بسيطة‭ ‬قبل‭ ‬النوم‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬بعد‭ ‬تناول‭ ‬الطعام‭. ‬