أحياناً ما تصادفنا حالات لآلام بالمفاصل عند الأطفال أقل من 18 سنة، وحينها يأتي إلينا الطفل المصاب بألم بالمفصل برفقة والديه ليطلبا منا أن نعطيه حقنة بنسلين لأن أحد المعارف قد نصحهما بذلك دون أي دراية بالأمر ...

وهنا يأتي السؤال المهم وهو: هل أي طفل يعاني من ألم فى الركبة أو أي مفصل فى حاجة لأخذ حقنة بنسلين؟

يجيب د. أمير عاصم اسنشارى جراحة العظام فيقول : بالطبع لا .. لأن ليست كل آلام المفاصل آلام روماتيزمية، حيث إن تعريف الآلام الروماتيزمية أنها آلام تصيب مفاصل العظام عند الإنسان، ولذلك هناك تخصص طبي فى هذه الأنواع من الأمراض فقط، حيث إنها تكون مرتبطة ببعض الأمراض التي تسبب الشعور بآلام العظام والمفاصل، ويأتي الاقتراح بأخذ الطفل لحقنة بنسلين نتيجة افتراض الاشتباه فى الإصابة بحمى روماتيزمية والتي يكون لها تأثير مباشر على المفاصل وعضلة القلب.

والحمى الروماتيزمية لها خمسة بنود كبرى وخمسة أخرى صغرى بالإضافة لكل من التحاليل والفحص الإكلينيكي، مما يساعدنا على التأكد من إصابة الطفل بحمى روماتيزمية أم لا وبناءً عليه نقرر إعطاءه حقنة بنسلين أم لا توجد ضرورة منها، وبالتالي ليس أي ألم بالمفاصل يجعلنا نعطي الطفل حقنة بنسلين.

وهنا نسأل أنفسنا: إن كان الطفل يعاني من ألم بالمفصل فماذا يكون السبب ؟؟

هنا تتعدد الأسباب كالتالي :-

أولاً: هناك عامل وراثي يمكن أن يؤدي إلى عيوب خلقية فى شكل وجودة العظام والمفصل

ثانياً: الإصابة بفقر الدم يسبب آلاماً بالمفاصل

ثالثاً: النقص فى كلٍ من الكالسيوم وفيتامين د، يؤدي إلى آلام العظام والمفاصل

رابعاً: وجود أملاح أو صديد فى البول يسبب آلام العظام

خامساً: النشاط الطبيعي فى حياة الطفل أو ممارسة رياضة معينة يمكن أن يظهر مشاكل جينية فى شكل المفصل أو تركيب الغضروف أو عظام الحوض وغيره 

أسباب شهيرة

وبالتالي هذا الكلام يؤكد أن هناك الكثير من الأسباب المشهورة التي يمكن أن تؤدي للشعور بآلام المفاصل عند الأطفال، وبناءً على ذلك فلا يصح عند شعور الطفل بألم فى المفصل أن نعجل بإعطائه حقنة بنسلين لمجرد أن أحدهم ذكر لنا ذلك دون علم أو معرفة، بل يجب التوجه إلى الطبيب المختص أولاً لإجراء الكشف الإكلينيكي وعمل الأشعة والتحاليل للتأكد أولاً من سبب الإصابة لإعطائه العلاج المناسب، وبالتالي عند شعور الطفل بألم فى المفصل يفضل إعطاؤه مسكن شرب لو كان سنه أقل من 10 سنوات، وإن كان أكبر نعطيه مسكن أقراص لمدة يوم أو اثنين ثم الذهاب لاستشارة الطبيب.

ومن المعروف أن آلام المفاصل عند الأطفال عامل مشترك بين طبيب الأطفال وطبيب العظام، وبناء عليه نطلب من أولياء الأمور التوجه بالطفل لطبيب أطفال أو طبيب عظام، حيث إن أي منهما سوف يكشف عليه وإن كانت المشكلة متعلقة بالتخصص الآخر سوف يحول الطفل إليه..

ويبدأ الكشف على الطفل بالسؤال عن وقت الإصابة ؟ وهل يشعر الطفل بألم فى أوقات معينة ليلاً أو نهاراً ؟ وهل يحدث بعد حركة أو مجهود معين أم لا ؟ بالإضافة للسؤال إن كان هناك أي تورم أو ارتفاع فى درجة الحرارة أو أية مشكلات مرضية أخرى، وذلك للوصول للتاريخ المرضي الكامل للطفل، ثم نبدأ بالفحص الإكلينيكي على الطفل بالنظر إلى شكل المفصل وأماكن الآلام التي يشكو منها وإن كان هناك تورم أم لا، وإن كان يسير بشكل طبيعي أم لا، ثم إجراء بعض الأشعة والتحاليل لرؤية شكل العظام من الداخل ومعرفة الحالة العامة للجسم، وبناء عليه نحدد سبب الألم حيث يمكن أن تكون الحالة مرتبطة بسوء تغذية أو ضعف فى المناعة، وبالتالي يتم تحويله للطبيب المختص لاستكمال العلاج المناسب معه.

وفى النهاية نرجو من القراء الاهتمام بعدم الانسياق خلف آراء غير المتخصصين حتى لا نلقي الطفل بأيدينا فى مشاكل لا حصر لها عند تعرضه لعلاج غير مناسب لحالته، وبالتالي لمضاعفات تأخذ وقتاً طويلاً لاحتوائها فيما بعد.