15-3-2025 | 11:34
أحمد عبدالعزيز
يعد شهر رمضان المبارك أهم شهور العام في جميع أنحاء العالم، ونظراً لاهميته نجد أن الأطفال كثيراً ما يرغبون في تجربة الصيام مبكراً كنوع من المشاركة، الأمر الذي ينعكس بشكل إيجابي على حالتهم النفسية.
فماذا عن المرحلة العمرية التى يمكنهم فيها بدء الصيام دون أن يؤثر ذلك على صحتهم ، وكيف يمكن تدريبهم عليه بطريقة صحية، وماذا عن الحفاظ على صحتهم خلال صيامهم؟
فى البداية يقول الدكتور أحمد جلال فهمى استشارى الصحة العامة: إنه يجب على الآباء تدريب الأطفال على الصيام بشكل تدريجي حتى يستطيعوا الصيام بصورة كاملة فى عمر العاشرة، حتى لو رغب الطفل في الصيام بشكل كامل قبل هذا السن، لأن الحرمان من الطعام وشرب الماء يمكن أن يسبب مشكلات طبية لهم، حيث إنهم لا يزالون في مراحل النمو الأولى، وبالتالي يحتاج الجسم، وبشكل خاص المخ، إلى كمية كبيرة من الجلوكوز الذي يعد بمثابة الوقود لجميع أجزاء الجسم، كما أن تناول السوائل بشكل كافٍ ضروري لحماية الجسم من الجفاف، وعندما يتم حرمان الجسم من السعرات الحرارية تنخفض مستويات الجلوكوز في الدم (hypoglycemia) في خلال ساعات قليلة، مما يستلزم إمداد الجسم بكميات جديدة حتى يمكن الحفاظ على مستوى ثابت من السكر في الدم.
وفي غياب مصدر الطاقة (الطعام) الذي يتحول بعد امتصاصه في الجهاز الهضمي إلى جلوكوز، لا يتمكن الجسم من القيام بوظائفه بشكل طبيعي، ولا يصل السكر بكمية كافية للمخ، مما قد يؤدي إلى ضعف التركيز والشعور بالدوار والخمول بالنسبة للطفل، وهو الأمر الذي يدفع الجسم إلى اللجوء إلى تحويل الجليكوجين الموجود في الكبد إلى جلوكوز (glycogenolysis)، وعادة يتم تخزين الجلوكوز الزائد علي حاجة الجسم في الكبد على شكل نشا اجليكوجينب لحين الحاجة إليه.
وكلما كانت فترة الصيام أطول بالنسبة للأطفال، احتاج الجسم إلى كميات أكبر من الجلوكوز، مما يؤدي إلى تحويل مصادر أخرى إلى سكر مثل البروتين الموجود في العضلات، ثم يتم تحويل الدهون إلى جلوكوز أيضاً، وفي الوقت نفسه يؤدي عدم تناول الطفل لكمية كافية من السوائل إلى زيادة العطش، وتقل كمية البول ويؤدي إلى حدوث جفاف، ويمكن أن يؤدي في بعض الأحيان النادرة إلى حدوث تشنجات عضلية.
بالنسبة للأطفال الأكبر عمراً، يفضل أن يكون الصيام بشكل متدرج، وعلى سبيل المثال يمكن أن يقوم الطفل بالإفطار في حالة الشعور بالجوع في اليوم الأول، ثم يتم زيادة 15 دقيقة كل يوم، لكي تكون هناك فرصة للجسم لاعتياد الحرمان من الطعام بشكل متدرج وليس مفاجئاً، ويجب على الآباء أن يخبروا أطفالهم بأنه لا داعي للإحساس بالحرج في حالة الإفطار بشكل مبكر عن البالغين، حتى لا يكون هناك عبء نفسي عليهم، وفي المقابل يتم تشجيعهم على أية فترة يستطيعون الصيام فيها مهما كانت قصيرة في نظر الآباء، خصوصاً أثناء الدراسة كما يجب نصح الأطفال بتجنب الألعاب التي تتطلب تمارين عنيفة أثناء الصيام، مثل كرة القدم والسباحة، ويجب أن يتم تأجيل المسابقات التنافسية لما بعد الإفطار حتى لا يزيد الاحتياج للجلوكوز.
ويفضل بعد الإفطار تناول الكثير من السوائل للاحتفاظ بالجسم في حالة رطبة (hydrated)، ولكن ليس بشكل مبالغ فيه، لأن الماء الزائد علي حاجة الجسم يتم التخلص منه عن طريق البول، ولا يتم الاستفادة منه.
ويجب أن يحرص الآباء على أن يتناول أطفالهم وجبة السحور حتى لو تم إيقاظهم من النوم، لأنها تعد جزءاً أساسياً من تحمل الأطفال للصيام، ويجب أن تتضمن هذه الوجبة الأطعمة الغنية بالألياف مثل حبوب القمح الكاملة والبقوليات والفواكه والخضراوات.
تعد اللحوم الخالية من الدهون، والبيض، من أهم المصادر الجيدة للبروتين الحيواني، ولذلك يجب أن تكون موجودة في وجبتي الإفطار والسحور، وكذلك منتجات الألبان، ويفضل أن يتجنب الأطفال الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من السكر مثل المربى أو العصائر المصنعة، لأن ذلك سوف يجعلهم يشعرون بالجوع بشكل سريع لسرعة امتصاص السكر، كما أن قيمتها الغذائية ليست مثل قيمة البروتين، وكذلك يجب الحد من الأطعمة التي تحتوي على كميات كبيرة من الملح لتجنب العطش.
ويضيف : يفضل وقت الإفطار أن يتم تقسيم الطعام إلى وجبتين، تفصل بينهما فترة زمنية قصيرة، بحيث لا يتم تناول كمية كبيرة من الطعام في وقت بسيط، مما يؤدي إلى حدوث عسر هضم وانتفاخ وآلام في البطن بعض الأحيان، ويجب أن يكون التركيز الأساسي في وجبة الإفطار على البروتين، سواء الحيواني أو النباتي.
في حالة استخدام زيوت يفضل أن تكون صحية مثل زيت الزيتون أو بذرة الكتان، ويفضل تجنب أو تناول كميات قليلة من المشروبات الغازية والحلويات واستبدالها بالفاكهة أو العصائر الطبيعية بدون إضافة سكريات.
يمكن بعد الإفطار تناول المكسرات بكميات صغيرة، وهي تحتوي على سعرات حرارية كبيرة، نظراً لأهميتها لاحتوائها على مضادات الأكسدة (antioxidant) بكميات كبيرة.
لتجنب الإرهاق أثناء الصيام، يفضل أن ينام الطفل بعد العودة من المدرسة وقبل الإفطار فترة قيلولة بسيطة، ويمكن أن يأوي الأطفال إلى الفراش في المساء مبكراً حتى يتمكنوا من الاستيقاظ أثناء السحور بعد أن ينالوا قسطاً وافراً من الراحة حتى لا يؤثر على تركيزهم في اليوم التالي، خصوصاً أنه يفضل بعد السحور أن يقضي الأطفال فترة بسيطة قبل النوم بشكل مباشر بعد تناول الطعام.