26-7-2025 | 11:30
إيهاب سلامة
في ظل الارتفاع المستمر لدرجات الحرارة خلال فصل الصيف، تتعرض أعضاء الجسم المختلفة لضغوط متزايدة، إلا أن الكلى تبقى من أكثر الأعضاء تأثرًا، نظرًا لوظيفتها الحيوية في تصفية الدم، وتنظيم مستويات الأملاح والسوائل، والحفاظ على التوازن الحمضي القاعدي داخل الجسم.
وفي ظل تجاهل الكثيرون لأهمية ترطيب الجسم والحفاظ على وظائف الكلى في هذا الفصل، تصبح الحاجة ماسة إلى تسليط الضوء على المخاطر المحتملة، والأعراض التحذيرية، والعادات الصحية التي ينبغي تبنيها.
الدكتور أحمد الرفاعي، استشاري أمراض الكلى، يؤكد أن «الصيف لا يشكل تحديًا بسيطًا للكلى، بل هو اختبار حقيقي لوظائفها، خاصة عند من يعانون من أمراض مزمنة أو يتناولون أدوية تؤثر على توازن السوائل»، ويضيف أن معظم حالات القصور الكلوي الحاد التي يراها خلال الصيف يمكن الوقاية منها بشرب الماء الكافي وتجنّب الممارسات الخاطئة.
لماذا يتأثر عمل الكلى صيفًا
تشير البيانات الإكلينيكية إلى أن درجات الحرارة العالية ترفع معدلات فقدان السوائل عن طريق العرق، مما يؤدي إلى انخفاض كمية البول وتركيز الأملاح فيه، هذا الأمر يضع ضغطًا مزدوجًا على الكلى:
1. تقل كمية الدم التي تمر عبرها، مما يقلل قدرتها على تصفية الفضلات.
2. يزداد تركيز الأملاح داخل البول، ما يُمهّد الطريق لتكوين الحصوات.
الدكتور أشرف الحلوجي، استشاري الأمراض الباطنة، يوضح أن «الخلل في توازن الماء والأملاح يحدث سريعًا لدى مرضى الأمراض المزمنة، حتى قبل أن يشعروا بالعطش»، مشيرًا إلى أهمية الشرب المنتظم للماء وعدم الاعتماد فقط على الشعور بالعطش كمؤشر.
الجفاف: العدو الأول للكلى في الصيف
الجفاف هو أكثر الأخطار شيوعًا على الكلى، ويُقصد به نقص كمية السوائل في الجسم إلى مستوى يُهدد الوظائف الحيوية، ويؤكد د. أحمد الرفاعي أنه «حتى الجفاف الخفيف قد يكون كافيًا لتقليل التروية الكلوية والإضرار بالأنسجة الدقيقة للكلى، وكذلك الحالات البسيطة من الجفاف إذا تكررت، قد تترك أثرًا تراكميًا على المدى البعيد»
ومن أخطر مضاعفات الجفاف:
• القصور الكلوي الحاد.
• زيادة ترسيب الأملاح وتكوين الحصوات.
• اضطراب وظائف الكلى لدى مرضى الضغط والسكري.
• الشعور بالدوار والتعب العام بسبب نقص كمية الدم.
الحصوات الكلوية والصيف: علاقة وثيقة
تشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 70 % من حالات الحصوات الجديدة تُشخّص خلال أشهر الصيف، ويعزو الأطباء هذا الأمر إلى قلة شرب الماء، وزيادة فقدانه عبر التعرق، مما يؤدي إلى زيادة تركيز الكالسيوم، والأوكسالات، وحمض اليوريك في البول.
يضيف د. الرفاعي بأن «من يعاني من تاريخ سابق مع الحصوات، عليه أن يضاعف اهتمامه في الصيف، فخطر تكرار الإصابة يكون أعلى بثلاث مرات خلال هذه الفترة مقارنةً بباقي العام».
الفئات الأكثر عرضة للمضاعفات
الدكتور أشرف الحلوجي يبرز أهمية تصنيف المرضى حسب عوامل الخطر، ويحدد الفئات التالية على أنها الأكثر عرضة للمضاعفات:
- مرضى الضغط المرتفع والسكري، ومرضى الكلى وكبار السن والأطفال.
- من يعملون في بيئات حارة.
- من يتناولون بعض الأدوية مدرة للبول.
- من لديهم تاريخ مع الحصوات أو التهابات الكلى المتكررة.
نصائح للحفاظ على الكلى
الدكتور أحمد الرفاعي يقدم حزمة من النصائح الذهبية التي ينبغي اتباعها خاصة في شهور الصيف:
1) شرب الماء بانتظام:
– لا تقل الكمية اليومية عن 2.5 لتر للكبار، وتزيد مع التعرق أو المجهود البدني.
– توزيع الماء على مدار اليوم ولا تنتظر الشعور بالعطش.
2) مراقبة لون البول:
– إذا كان اللون داكنا، فهذه علامة على نقص السوائل.
– البول الفاتح والمائل للشفافية يدل على ترطيب جيد.
3) تجنب المأكولات والمشروبات الضارة بالكلى
– مثل اللحوم الحمراء الزائدة، والمخللات، والمشروبات الغازية.
– تجنب الإفراط في الشاي والقهوة، فهي مدرّة للبول وقد تزيد من الجفاف.
4) اعتماد نظام غذائي غني بالفواكه والخضراوات
– مثل الخيار، البطيخ، الجرجير، والكنتالوب، لاحتوائها على الماء والألياف.
– ويفضل الحد من الأطعمة المالحة والدهنية.
5) التحكم في ضغط الدم ومستوى السكر:
– لا سيما لمرضى الأمراض المزمنة، وينبغي المتابعة المنتظمة لوظائف الكلى.
6) الحذر مع بعض الأدوية
– مثل مسكنات الألم أو مدرات البول، التي قد ترهق الكلى إذا أُخذت دون إشراف طبي.
أخيراً يشير الدكتور أشرف الحلوجي إلى أن بعض الأعراض يجب ألا تهمل، وأبرزها:
قلة التبول أو انعدامه.
ألم في منطقة الخاصرة أو أسفل الظهر.
وجود دم في البول.
ارتفاع مفاجئ في الضغط.
تورم الساقين أو الوجه.
الشعور بالغثيان أو القيء غير المبرر.
ارتفاع حرارة الجسم مع ألم الكلى.
في هذه الحالات، يجب التوجه فورًا إلى استشاري كلى لإجراء الفحوص مثل تحليل البول، ووظائف الكلى (الكرياتينين، اليوريا)، وأشعة السونار للكشف عن وجود حصى أو احتباس بولي.
كما يشير دكتور أحمد الرفاعى إلى أن صحة الكلى في الصيف ليست مسألة ترف أو رفاهية، بل هي ضرورة ملحة، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة العالمية وازدياد نمط الحياة السريع، فبضع خطوات بسيطة يوميًا، مثل شرب الماء، والابتعاد عن الأغذية الضارة، والوعي بالأعراض التحذيرية، يمكن أن تقي من مشكلات قد تكون خطيرة ومكلفة.
ويختتم د. أحمد الرفاعي حديثه قائلا إن «الكلى لا تشتكي إلا في مراحل متأخرة، فلنكن أذكى من أن ننتظر نداء الاستغاثة، الماء هو الدواء الأول... والوقاية هي الحل الأرخص والأذكى».