20-9-2022 | 20:05
كتب : أحمد فاخر
تحرص العديد من العائلات علي تزويج بنات العائلة لأفراد من العائلة، لأسباب تختلف حسب العادات والتقاليد وثقافة كل أسرة.
وخطورة تلك الزيجات كثيرة، فهي قد تصيب الأجنة بواحد من بين 82 مرضا وراثيا، فكيف يمكن تلافى حدوث هذا، دعونا نتعرف على ذلك فى جولتنا التالية.
تبدأ الدكتورة سامية التمتامي أستاذ علم الوراثة البشرية بالمركز القومي للبحوث بتأكيد حديثها معنا بإن عادة زواج الأقارب من العادات المستمرة ، والتي تعود للدولة الفرعونية في مصر، حيث إن الملوك عند قدماء المصريين كانوا يتزوجوا من شقيقاتهم للحفاظ على السلالة الملكية ، وعندما نزلت الأديان حرمت زواج الإخوة من الأخوات ، لكن لم تمنع زواج الأقارب، ولذلك هناك الكثير من المناطق بمصر مازالوا متمسكين بتلك العادة الاجتماعية منذ القدم ، حيث يصل الأمر في بعض الأسر إلى المنع التام للإناث من الزواج سوى من أحد الأقارب للحفاظ على اسم العائلة .
ومن جهة أخرى هناك بعض الدول أصدرت قوانين لمنع زواج الأقارب بشكل عام مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وبعض الدول الأوروبية لتجنب حدوث الأمراض الوراثية بقدر الإمكان نتيجة الاهتمام الشديد بالصحة العامة لدى تلك المجتمعات.
وكلما زادت درجة القرابة كان الطفل الناتج عن الزواج أكثر تعرضا للأمراض الوراثية ، حيث إن كل خلية داخل جسم الإنسان تحتوي على 30 ألف جين، وبالتالي فالجينات داخل الخلايا متشابهة بنسبة 100 % لدى التوائم من بويضة واحدة في حين تشابه الجينات بين الوالدين والأبناء والأخوات تكون بنسبة 50 %، أما نسبة التشابه بين أبناء العم أو أبناء الخال تكون 12.5 % أي بما يعادل حوالي 3500 جين متشابه بين الوالدين، فإذا صادف وجود جين واحد فقط منهم لدى الأب والأم يمكن أن يسبب مرضا وراثيا متنحيا لدى الجنين يؤدي إلى الإجهاض أو الوفاة بعد الولادة، ويمكن أن يسبب عقما لدى بعض الحالات، وهناك الكثير من الدراسات العالمية حول الأمراض الوراثية الناتجة عن زواج الأقارب التي أثبتت أن هذا النوع من الزواج ينتج عنه ضعف الأمراض الوراثية الناتجة عن الزواج العادي.
وتضيف دكتورة سامية: يحتاج حامل المرض الوراثي إلى رعاية طبية، وعلاج غالباً ما يكون ذو تكلفة كبيرة، وبالتالي نستطيع تقليل تلك النسبة بقدر الإمكان بتجنب زواج الأقارب أو بضرورة إجراء تحليل الأمراض الوراثية قبل الزواج، حيث إن التحاليل الروتينية التي تتم في مصر كشرط لإتمام عقد الزواج ليس لها أية قيمة في الكشف عن الأمراض الوراثية، حيث يجب على الأقارب إجراء تحليل فحص الكروموسومات المتاح في مراكز متخصصة في الأمراض الوراثية، ومن هنا كان اهتمام الدولة بضرورة الكشف المبكر بالنسبة للمقبلين على الزواج من خلال المبادرات المختلفة التى أطلقت لهذا الشأن حماية للأطفال من انتقال الأمراض إليهم.
وبالرغم من أن زواج الأقارب يشكل النسبة العظمى من الإصابة بالأمراض الوراثية إلا أنه ليس السبب الوحيد لحدوث تلك الأمراض، حيث إن الاختلال في الكروموسومات سواء في عددها أو تركيبها يسبب أمراضاً وراثية، والمسمى الصحيح لتلك الأمراض هو (أمراض جينية) مثل متلازمة Turner syndrome)) وهو مرض عدم حدوث الطمث عند الإناث أو مرض الطفل المنغولي، حيث يزيد كروموسوم رقم 21 ، مما يؤدي للتخلف العقلي، وتعتبر الأقزمة أيضاً من الأمراض الوراثية المتنحية، كما أن هناك أمراضا وراثية مرتبطة بالنوع، حيث يمكن أن تكون الأم مصابة به ولا يظهر عليها كونها أنثى، ولكن يصيب أبناءها الذكور مثل مرض الهيموفيليا، كما أن زواج الأقارب يمكن أن يسبب أمراضا وراثية متعددة الجينات مثل ضغط الدم المرتفع ومرض السكري.
ومن أكثر الأمراض المنتشرة مرض التخلف العقلي وأيضاً صغر حجم الرأس وضمور المخ بالإضافة لمرض التحام القناة العصبية التي تصل لنسبة 7 لكل 1000 طفل عالمياً.
ومن جهته يؤكد الدكتور أسامة السنطير أخصائي النساء والتوليد وتأخر الإنجاب بإننا لسنا في حاجة لهذا الخوف الشديد من زواج الأقارب ، حيث إنه ليس فيه أي خطر ، ولكنه يعتبر سببا في حدوث تشوهات الأجنة بشكل أكبر حيث إن 3 % من الأطفال الناتجة عن الزواج يمكن أن يصابوا بمشكلة وراثية على مستوى العالم، وفي حالة زواج الأقارب تزيد تلك النسبة لتصل إلى 5 % وهي مازالت نسبة قليلة لا تمنع زواج الأقارب خاصة مع وجود الوعي لدى الوالدين، كما أن زواج الأقارب لا يمنع الإنجاب كما يعتقد البعض، ولكن هناك بعض الأمراض الشائعة التي غالباً ما تنتج عن زواج الأقارب مثل مرض التلاسيميَّة وهو اضطراب دم وراثي يؤدي إلى انخفاض نسبة الهيموجلوبين في الجسم عن المعدل الطبيعي أو مرض الفافيزم وهو الاضطراب الخلقي الجيني الناجم عن نقص أنزيم (جلوكوز6فوسفات دي هيدروجيناز) وهو أنزيم ضروري لتنظيم التفاعلات الكيميائية الحيوية المختلفة في الجسم، وهو مسئول عن حماية خلايا الدم الحمراء من الأكسدة حتى لا تتكسر، وغيرها كثير من الأمراض التي من الممكن التنبؤ بالإصابة بها عند عمل تحليل للجينات قبل الزواج، لذلك فزواج الأقارب لا يشكل ضرراً طالما قام المقدمان على الزواج بعمل الفحوصات اللازمة قبل الزواج للوقاية من حدوث أي مرض وراثي للجنين، حيث إن الإصابة عبء جسدي للطفل ونفسي للوالدين.