الخميس 6 مارس 2025

أستاذ‭ ‬الطب‭ ‬النفسي ‬د‭. ‬صفاء‭ ‬حمودة : السكينة‭ ‬والتصالح‭ ‬النفسي‭ ‬من‭ ‬هدايا‭ ‬الشهر‭ ‬الكريم

السكينة والتصالح النفسي من هدايا الشهر الكريم

1-3-2025 | 10:37

دعاء نافع
يهل‭ ‬علينا‭ ‬شهر‭ ‬الخير‭ ‬والبركة‭ ‬بمشاعر‭ ‬خاصة‭ ‬وحالة‭ ‬إيجابية‭ ‬داخلنا‭ ‬،‭ ‬فالصيام‭ ‬ليس‭ ‬امتناع‭ ‬عن‭ ‬الطعام‭ ‬فقط،‭ ‬فهو‭ ‬يحدث‭ ‬حالة‭ ‬بداخلنا‭ ‬تزيد‭ ‬من‭ ‬السكينة‭ ‬والطاقة‭ ‬الروحانية‭ ‬الإيجابية،‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬تحدثنا‭ ‬الدكتورة‭ ‬صفاء‭ ‬حمودة‭ ‬أستاذ‭ ‬الطب‭ ‬النفسي‭ ‬جامعة‭ ‬الأزهر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الحوار‭. ‬ ‭- ‬بداية‭ ‬لماذا‭ ‬تشعرنا‭ ‬المواسم‭ ‬الدينية‭ ‬خاصة‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬بالسكينة؟ بكل‭ ‬تأكيد‭ ‬المواسم‭ ‬الدينية‭ ‬لها‭ ‬أجواء‭ ‬خاصة‭ ‬وشهر‭ ‬رمضان‭ ‬المعظم‭ ‬شهر‭ ‬كامل‭ ‬بما‭ ‬يحتويه‭ ‬من‭ ‬طقوس‭ ‬خاصة‭ ‬جماعية‭ ‬لكل‭ ‬الصائمين‭ ‬من‭ ‬الصيام‭ ‬من‭ ‬أذان‭ ‬الفجر‭ ‬لوقت‭ ‬الإفطار‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬التوقيت‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬البيوت‭ ‬والذهاب‭ ‬لصلاة‭ ‬التراويح‭ ‬في‭ ‬الجامع‭ ‬ومعظم‭ ‬الناس‭ ‬تذهب‭ ‬لتصلي‭ ‬جماعة‭ ‬فيحدث‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬المشاركة‭ ‬الدينية‭ ‬العالية‭ ‬علي‭ ‬مدار‭ ‬الشهر،‭ ‬أيضا‭ ‬وجود‭ ‬موائد‭ ‬الرحمن‭ ‬ومشاركة‭ ‬الناس‭ ‬لخدمة‭ ‬الصائمين‭ ‬خارج‭ ‬المنازل‭ ‬وهي‭ ‬كفيلة‭ ‬بإشعار‭ ‬الناس‭ ‬بالسعادة‭ ‬وإنه‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬يوجد‭ ‬خير‭ ‬ومساعدة‭ ‬لغير‭ ‬القادرين،‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬يشعرنا‭ ‬بوجود‭ ‬الله‭ ‬بجوارنا،‭ ‬وهذا‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬شعور‭ ‬الطمأنينة‭ ‬والهدوء‭ ‬النفسي‭. ‬ ‭- ‬كيف‭ ‬تؤثر‭ ‬هذه‭ ‬الروحانيات‭ ‬علينا‭ ‬لنكون‭ ‬طاقة‭ ‬إيجابية؟ من‭ ‬أسس‭ ‬التفكير‭ ‬الإيجابي‭ ‬الامتنان،‭ ‬وفي‭ ‬رمضان‭ ‬نتذكر‭ ‬دائما‭ ‬نعم‭ ‬ربنا‭ ‬علينا‭ ‬طول‭ ‬الوقت‭ ‬ومع‭ ‬أعمال‭ ‬الخير‭ ‬للآخرين‭ ‬وأيضا‭ ‬التأمل‭ ‬فيما‭ ‬أعطاه‭ ‬الله‭ ‬لنا‭ ‬ونعمه‭ ‬علينا‭ ‬،ونعطي‭ ‬لأنفسنا‭ ‬وقتا‭ ‬للتأمل‭ ‬في‭ ‬عطايا‭ ‬الله‭ ‬لنا‭ ‬مع‭ ‬روحانيات‭ ‬رمضان‭ ‬العالية‭ ‬ينتج‭ ‬عنها‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬أفضل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬مع‭ ‬محاولة‭ ‬مراجعة‭ ‬النفس‭ ‬ومحاولة‭ ‬البعد‭ ‬من‭ ‬المساوئ‭ ‬الخاصة‭ ‬بكل‭ ‬شخصية‭.‬ كل‭ ‬هذا‭ ‬التفكير‭ ‬الإيجابي‭ ‬وطاقة‭ ‬الروحانيات‭ ‬المستمدة‭ ‬من‭ ‬طقوس‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬الكريم‭ ‬تجعل‭ ‬الشخصية‭ ‬تبعد‭ ‬عن‭ ‬الإحباط‭ ‬،‭ ‬ويشعر‭ ‬الشخص‭ ‬بقدر‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬التصالح‭ ‬النفسى‭.‬ فرمضان‭ ‬حالة‭ ‬قرب‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬النفس‭ ‬تقوي،‭ ‬مما‭ ‬يجعلها‭ ‬تتقبل‭ ‬أقدار‭ ‬الله‭ ‬بلطف‭ ‬وحب‭ ‬وهدوء‭ ‬نفسي‭. ‬ ‭- ‬هل‭ ‬نستطيع‭ ‬نقل‭ ‬روحانيات‭ ‬رمضان‭ ‬لصغارنا؟ بكل‭ ‬تأكيد‭ ‬شرط‭ ‬أن‭ ‬نتواجد‭ ‬كأباء‭ ‬وأمهات‭ ‬مع‭ ‬الصغار‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر،‭ ‬والبداية‭ ‬من‭ ‬محاولة‭ ‬غلق‭ ‬تليفوناتهم‭ ‬المحمولة‭ ‬ونجعل‭ ‬بيننا‭ ‬وبينهم‭ ‬أنشطة‭ ‬مشتركة‭ ‬ونتحدث‭ ‬معهم‭ ‬ونعرفهم‭ ‬معني‭ ‬لمة‭ ‬العائلة‭ ‬وأهميتها،‭ ‬لأن‭ ‬من‭ ‬سمات‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬الكريم‭ ‬التجمعات‭ ‬العائلية‭ ‬الكثيرة‭ ‬علي‭ ‬مدار‭ ‬الشهر،‭ ‬ونعلمهم‭ ‬كيف‭ ‬نتواصل‭ ‬مع‭ ‬الأقارب‭ ‬وأهمية‭ ‬هذه‭ ‬التجمعات‭ ‬بطريقة‭ ‬سهلة‭ ‬ونحببهم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬اللمة‭.‬ ونؤكد‭ ‬أن‭ ‬الأسرة‭ ‬تفطر‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬موحد‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬مجتمعين‭ ‬هذا‭ ‬يدعم‭ ‬الصحة‭ ‬النفسية‭ ‬لصغارنا‭ ‬وللكبار‭ ‬أيضا‭ ‬ويساعد‭ ‬علي‭ ‬تحسين‭ ‬العلاقات‭ ‬داخل‭ ‬الأسرة‭ ‬الواحدة‭ ‬لوجود‭ ‬روح‭ ‬الجماعة‭ ‬عكس‭ ‬الأيام‭ ‬العادية‭ ‬والتي‭ ‬للأسف‭ ‬يتناول‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬الأسرة‭ ‬طعامه‭ ‬منفردا‭.‬ أيضا‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يشارك‭ ‬صغارنا‭ ‬معنا‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬عمل‭ ‬خير‭ ‬ولو‭ ‬إعطاء‭ ‬بعض‭ ‬الحلوي‭ ‬لأي‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬الطريق‭ ‬،‭ ‬فهذا‭ ‬ينمي‭ ‬الحب‭ ‬لدي‭ ‬الطفل‭ ‬للآخرين،‭ ‬ويدعم‭ ‬إحساسه‭ ‬بالمحتاج‭ ‬،‭ ‬ويدعم‭ ‬العطاء‭ ‬لديه‭ ‬والإحساس‭ ‬بالآخر‭.‬ ‭- ‬كيف‭ ‬نخرج‭ ‬من‭ ‬رمضان‭ ‬أكثر‭ ‬استقراراً‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬النفسية؟ علي‭ ‬مدار‭ ‬العام‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تمتد‭ ‬القيم‭ ‬التي‭ ‬حرصنا‭ ‬عليها‭ ‬فى‭ ‬رمضان‭ ‬في‭ ‬سلوكنا،‭ ‬ونتعامل‭ ‬مع‭ ‬أنفسنا‭ ‬بروح‭ ‬رمضان‭ ‬علي‭ ‬مدار‭ ‬العام،‭ ‬فمثلا‭ ‬التدريب‭ ‬علي‭ ‬الصلاة‭ ‬ومواعيدها‭ ‬للأشخاص‭ ‬غير‭ ‬الملتزمين‭ ‬بالصلاة‭ ‬هذا‭ ‬التدريب‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يستمر‭ ‬علي‭ ‬مدار‭ ‬العام‭ ‬لمن‭ ‬التزم‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬ونمشى‭ ‬علي‭ ‬خطا‭ ‬رمضان‭ ‬علي‭ ‬مدار‭ ‬العام،‭ ‬فهذا‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬الآثار‭ ‬الإيجابية‭ ‬التي‭ ‬اكتسبت‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ .‬ أيضا‭ ‬فكرة‭ ‬الخشوع‭ ‬في‭ ‬الصلاة،‭ ‬فرمضان‭ ‬فرصة‭ ‬لتأدية‭ ‬الصلاة‭ ‬بخشوع‭ ‬هذا‭ ‬الخشوع‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬اليقظة‭ ‬وهي‭ ‬أحد‭ ‬أسس‭ ‬التفكير‭ ‬الإيجابي‭ ‬والتركيز‭ ‬،‭ ‬فالخشوع‭ ‬في‭ ‬الصلاة‭ ‬يعلمنا‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬أكثر‭ ‬استمتاعا‭ ‬بما‭ ‬نعمله‭ ‬مما‭ ‬يجعلنا‭ ‬أكثر‭ ‬إيجابية،‭ ‬وذلك‭ ‬لأن‭ ‬العادات‭ ‬الإيجابية‭ ‬ترفع‭ ‬الحالة‭ ‬النفسية‭ ‬للشخص‭. ‬ ‭- ‬هل‭ ‬رمضان‭ ‬فرصة‭ ‬لتقوية‭ ‬جهازنا‭ ‬المناعي؟ بكل‭ ‬تأكيد‭ ‬فالدراسات‭ ‬العلمية‭ ‬أكدت‭ ‬أن‭ ‬ممارسة‭ ‬العبادات‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأديان‭ ‬تدعم‭ ‬الصحة‭ ‬النفسية‭ ‬بشكل‭ ‬جيد‭. ‬ ورمضان‭ ‬عبادة‭ ‬طويلة‭ ‬ممتدة‭ ‬لشهر‭ ‬كامل‭ ‬بما‭ ‬يحتويه‭ ‬من‭ ‬طقوس‭ ‬دينية‭ ‬ومظاهر‭ ‬اجتماعية‭ ‬عالية‭ ‬كفيلة‭ ‬بتحسين‭ ‬حالتنا‭ ‬النفسية،‭ ‬مما‭ ‬يرفع‭ ‬كفاءة‭ ‬جهاز‭ ‬المناعة‭ ‬لدينا‭ ‬فنجد‭ ‬تحسن‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬أجهزة‭ ‬الجسم‭ ‬وحماية‭ ‬من‭ ‬الأمراض،‭ ‬لشعور‭ ‬الشخص‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬وحده‭ ‬وهناك‭ ‬رب‭ ‬يحميه،‭ ‬فيشعره‭ ‬هذا‭ ‬بالراحة‭ ‬النفسية‭ ‬العالية‭. ‬ لذا‭ ‬فرمضان‭ ‬فرصة‭ ‬للشحن‭ ‬النفسي‭ ‬والتزود‭ ‬الروحي‭. ‬