الأحد 24 نوفمبر 2024

الطب البديل

20-6-2022 | 17:58

ما أجمل العودة للطبيعة. جملة يرددها الكثيرون  وتلقى ترحيباً وارتياحاً كبيراً خاصة وأننا عانينا كثيراً من أضرار الكيماويات والمواد الحافظة والنكهات الاصطناعية التى أصبحت جزءاً أساسياً من مكونات ما نتناوله من أطعمة ومشروبات، وهنا ما دفع غالية أبناء الطبقة الوسطى والبسطاء وغيرهم إلى الانسياق وراء كل ما هو طبيعى وخالى من أية مكونات صناعية أو إضافات كيميائية ضارة.
 ولكن هذا الكلام لا غبار عليه إذا ما تعلق الأمر بالطعام أو الشراب أما أن يصل الإمعان فى استغلال هذا التوجه إلى الإضرار بصحة الناس والمتاجرة علناً بأوجاعهم وأمراضهم والإدعاء بقدرة الأعشاب والنباتات الطبية على علاج العديد من الأمراض وياليتها كانت أمراضاً عادية كنزلات البرد أو الأنفلونزا بل أمراضاً مزمنة كالسكر والضغط وتصلب الشرايين والقلب وارتفاع الكوليسترول فى الدم، كما حدث مؤخراً فى واقعة الطبيب الذى كان يعالج مثل هذه الأمراض المزمنة، والتى قد يؤدى الإهمال فى علاجها إلى الوفاة فهذا يعتبر شروعا فى قتل مريض وليس علاجا، حيث كان يعالج بدواء مشتق من ÒالكركمÓ الأصفر الذى يوضع على بعض الأطعمة كنوع من البهارات.
وللأسف كان هذا الشخص يظهر بصفة يومية ومستمرة فى أحد القنوات الفضائية التى يتابعها قطاعات كبيرة من الجماهير، وكان يقدم نفسه كطبيب صيدلى وخبير فى علم الأدوية، ثم اتضح بعد ذلك أن هناك حالات تم خداعها وبالفعل استغنت عن ما قرره الأطباء من أدوية وعلاجات واستبدالها بما يعلن عنه اعتقادا منهم أن هذا هو العلاج الأصح والآمن على صحتهم من أية عقاقير وأدوية كيماوية وأن هذا هو ما يسمى بالطب البديل أو العلاج بالأعشاب الطبيعية وكانت النتيجة المأساوية هى وفاة بعض الحالات المرضية التى قامت بالتخلى عن أدويتها واشترت الوهم، والطب البديل لمن لا يعرف هو مجموعة من العلاجات التى لا تشكل جزءا من منظومة العلاجات المعروفة فى الطب التقليدى ويدخل ضمن هذا النوع من الطب العلاج بالأعشاب الطبية.
وبالرغم من اكتساب هذا النوع من الطب جماهيرية شعبية كبيرة فى بعض الدول كالهند والصين إلا أن الطب البديل لم يثبت فاعليته أو نجاحه بل لا تعتبر العلاجات البديلة جزءا من الرعاية الطبية الأساسية حتى وإن كانت بعض العلاجات البديلة تقدم منافع للمرضى فهى تعرضهم فى الوقت نفسه لمخاطر صحية أكبر، حيث لم يثبت البحث العلمى والطبى منافعها أو فوائدها بشكل قاطع فحتى تلك الأعشاب الطبية يمكن أن يكون لها أضراراً صحية إذا ما تم استخدامها بطريقة خاطئة أو تم الإفراط فى استعمالها والاعتقاد بأن معظم المواد الطبيعية آمنة تماماً هو اعتقاد خاطيء نظراً لأن بعض النباتات أو الأعشاب تحمل قدراً من السمية خاصة وأنها تعتبر سلعة ترويجية يشتريها المريض من الإعلان الذى يظهر على القنوات الفضائية دون استشارة طبية معتمدة أو روشتة علاجية من طبيب معالج ومتخصص، لذلك ينبغى الحذر وأخذ الحيطة من كلمة العودة إلى الطبيعة وأن كل ما هو طبيعى آمن وليس له آثاراً جانبية، فليس هناك ما يسمى بالخلطة السحرية أو العلاج المعجزة... إلخ من تلك العبارات الترويجية الوهمية والخادعة وليس هناك أغلى من صحتكم حتى تحافظوا عليها.