الأحد 15 سبتمبر 2024

العلاج بالاعشاب حل بديل أم خطأ كبير ؟

العلاج بالاعشاب حل بديل أم خطأ كبير ؟

14-9-2024 | 12:58

أحمد فاخر
يتجه‭ ‬البعض‭ ‬أحياناً‭ ‬لتناول‭ ‬أدوية‭ ‬من‭ ‬الأعشاب‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬علاجاً‭ ‬مناسباً‭ ‬لمرضهم‭ ‬بدون‭ ‬آثار‭ ‬جانبية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬يتبعون‭ ‬الوصفات‭ ‬غير‭ ‬الموثوق‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬الأعشاب‭ ‬والتى‭ ‬تتواجد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الإجتماعى،‭ ‬فهل‭ ‬حقاً‭ ‬العلاج‭ ‬بالأعشاب‭ ‬شيء‭ ‬مفيد؟‭ ‬ومن‭ ‬هو‭ ‬الشخص‭ ‬المؤهل‭ ‬لوصف‭ ‬تلك‭ ‬الأنواع‭ ‬من‭ ‬العلاجات؟ بدأ‭ ‬الحديث‭ ‬الأستاذ‭ ‬أحمد‭ ‬أبو‭ ‬الوفا‭ ‬الباحث‭ ‬في‭ ‬النباتات‭ ‬الطبية‭ ‬والطب‭ ‬التكميلي‭ ‬بالدفاع‭ ‬عن‭ ‬الطب‭ ‬التكميلي‭ ‬والتوضيح‭ ‬بأنه‭ ‬طب‭ ‬مكمل‭ ‬للطب‭ ‬الكيميائي‭ ‬المعروف‭ ‬وليس‭ ‬منفصلا‭ ‬عنه،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬الطب‭ ‬في‭ ‬القرون‭ ‬الوسطى‭ ‬كان‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬العلاج‭ ‬بالنباتات‭ ‬الطبيعية،‭ ‬ومن‭ ‬أشهر‭ ‬الأطباء‭ ‬العرب‭ ‬كان‭ ‬ابن‭ ‬سينا‭ ‬،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬الطب‭ ‬وقتها‭ ‬يعتمد‭ ‬بالكامل‭ ‬على‭ ‬النباتات‭ ‬والأعشاب‭ ‬لعلاج‭ ‬المرضى،‭ ‬حيث‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬توصل‭ ‬إليه‭ ‬الطب‭ ‬الحديث‭ ‬بني‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬قواعد‭ ‬الطب‭ ‬وتشخيص‭ ‬العلاج‭ ‬في‭ ‬العصور‭ ‬الوسطى،‭ ‬وبذلك‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬خريج‭ ‬كلية‭ ‬علمية‭ ‬مرتبطة‭ ‬بهذا‭ ‬المجال‭ ‬وحاصل‭ ‬على‭ ‬دراسات‭ ‬كافية‭ ‬فهو‭ ‬مؤهل‭ ‬لوصف‭ ‬العلاج‭ ‬بالأعشاب‭ ‬والنباتات‭ ‬الطبية‭ ‬،‭ ‬لأنه‭ ‬يمارس‭ ‬تلك‭ ‬المهنة‭ ‬عن‭ ‬علم‭ ‬ودراسة‭.‬ وفي‭ ‬المقابل‭ ‬أضاف‭ ‬الدكتور‭ ‬علي‭ ‬الشافعي‭ ‬أستاذ‭ ‬العقاقير‭ ‬بكلية‭ ‬الصيدلة‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬بالفعل‭ ‬أبحاثا‭ ‬علمية‭ ‬عن‭ ‬طرق‭ ‬استخدام‭ ‬مستخلص‭ ‬لنباتات‭ ‬طبية‭ ‬في‭ ‬تجارب‭ ‬معملية‭ ‬وتؤتي‭ ‬بنتائج‭ ‬جيدة،‭ ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬بعيد‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬التجارب‭ ‬العلمية‭ ‬الإكلينيكية‭ ‬على‭ ‬المرضى،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬بفرض‭ ‬إجراء‭ ‬التجارب‭ ‬المعملية‭ ‬على‭ ‬نبات‭ ‬الينسون‭ ‬فماذا‭ ‬يؤكد‭ ‬لنا‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬استخدام‭ ‬ينسون‭ ‬نقي‭ ‬أم‭ ‬لا؟‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬نقيا‭ ‬فهل‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬نسبة‭ ‬كافية‭ ‬من‭ ‬المادة‭ ‬الفعالة‭ ‬أم‭ ‬لا‭ ‬؟‭ ‬ وللأسف‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬الأشخاص‭ ‬يدعون‭ ‬بأن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬طبيعي‭ ‬فهو‭ ‬آمن،‭ ‬وتلك‭ ‬المقولة‭ ‬عارية‭ ‬تماماً‭ ‬من‭ ‬الصحة‭ ‬،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬قسما‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬النباتات‭ ‬الطبية‭ ‬يلقب‭ ‬بالنباتات‭ ‬السامة،‭ ‬ويقوم‭ ‬الباحثون‭ ‬الصيدليون‭ ‬باستخلاص‭ ‬المادة‭ ‬الفعالة‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬النباتات‭ ‬السامة،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬استخدام‭ ‬هذا‭ ‬النبات‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬للعلاج‭ ‬من‭ ‬الأمراض‭.‬ والمشكلة‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬العلاج‭ ‬بالأعشاب‭ ‬نفسها‭ ‬،‭ ‬ولكن‭ ‬المشكلة‭ ‬تكمن‭ ‬فيمن‭ ‬يصف‭ ‬هذا‭ ‬العلاج،‭ ‬فليس‭ ‬معنى‭ ‬كلمة‭ ‬العلاج‭ ‬بالأعشاب‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬المريض‭ ‬بعلاج‭ ‬نفسه‭ ‬بالعشب‭ ‬دون‭ ‬الرجوع‭ ‬لمتخصص،‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬يصح‭ ‬اللجوء‭ ‬للعطار‭ ‬ليصف‭ ‬العلاج‭ ‬،‭ ‬لأنه‭ ‬غير‭ ‬مؤهل‭ ‬لذلك،‭ ‬وبالتالي‭ ‬المشكلة‭ ‬تكمن‭ ‬فيمن‭ ‬هو‭ ‬الشخص‭ ‬المؤهل‭ ‬لتشخيص‭ ‬المرض‭ ‬وتحديد‭ ‬العلاج‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬العلاج‭ ‬عشبياً‭ ‬أو‭ ‬نباتياً‭...‬ وبناء‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يصح‭ ‬أن‭ ‬يصف‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬علاجا‭ ‬لمريض‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬طبيباً‭ ‬خريج‭ ‬إحدى‭ ‬كليات‭ ‬الطب‭ ‬المعروفة‭ ‬بالإضافة‭ ‬لدراسته‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الأعشاب‭ ‬أيضاً‭ ‬حتى‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬وصف‭ ‬علاج‭ ‬مناسب‭ ‬بجرعات‭ ‬محددة‭ ‬من‭ ‬النباتات‭ ‬الطبية‭ ‬لأحد‭ ‬المرضى،‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬أن‭ ‬يبيع‭ ‬أعشابا‭ ‬للناس‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬دراسته‭ ‬وخبراته‭ ‬الأكاديمية‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لديه‭ ‬مركز‭ ‬لبيع‭ ‬الأعشاب‭ ‬الطبية‭.‬ ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬فقد‭ ‬أعرب‭ ‬الدكتور‭ ‬هشام‭ ‬الخياط‭ ‬أستاذ‭ ‬الباطنة‭ ‬والكبد‭ ‬عن‭ ‬اعتراضه‭ ‬على‭ ‬مصطلح‭ ‬الطب‭ ‬البديل‭ ‬والطب‭ ‬التكميلي‭ ‬،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الكلام‭ ‬وفقاً‭ ‬لوجهة‭ ‬نظره‭ ‬غير‭ ‬علمي‭ ‬بالمرة‭ ‬ولتوضيح‭ ‬ذلك‭ ‬أضاف‭ ‬بأن‭ ‬كلاً‭ ‬من‭ ‬هيئة‭ ‬الأدوية‭ ‬والأغذية‭ ‬الأمريكية‭ ‬وهيئة‭ ‬الدواء‭ ‬الأوروبية‭ ‬تقومان‭ ‬باتباع‭ ‬استراتيجية‭ ‬شديدة‭ ‬الصرامة‭ ‬لاعتماد‭ ‬العلاج،‭ ‬وتلك‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬خطوات‭ ‬عدة‭ ‬وهي‭:‬ المرحلة‭ ‬الأولي‭: ‬دراسة‭ ‬المادة‭ ‬الفعالة‭ ‬معملياً‭ ‬والتأكد‭ ‬من‭ ‬فعاليتها‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬القيام‭ ‬بأبحاث‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مجموعة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الأطباء‭ ‬والصيادلة‭.‬ المرحلة‭ ‬الثانية‭: ‬إذا‭ ‬ثبت‭ ‬فعاليته‭ ‬يتم‭ ‬تجربته‭ ‬على‭ ‬فئران‭ ‬التجارب‭ ‬والحيوانات‭ ‬لدراسة‭ ‬آثاره‭ ‬الجانبية‭ ‬ومدى‭ ‬فعاليته‭ ‬على‭ ‬الجسم‭.‬ المرحلة‭ ‬الثالثة‭: ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬النتائج‭ ‬جيدة‭ ‬يتم‭ ‬تجربته‭ ‬على‭ ‬متطوعين‭ ‬أصحاء‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬للتأكد‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬أية‭ ‬أضرار‭ ‬أو‭ ‬آثار‭ ‬جانبية‭ ‬له‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭.‬ المرحلة‭ ‬الرابعة‭: ‬يتم‭ ‬تجربة‭ ‬الدواء‭ ‬على‭ ‬مجموعة‭ ‬صغيرة‭ ‬من‭ ‬المرضى‭ ‬ودراسة‭ ‬تأثيره‭ ‬عليهم‭ ‬ومدى‭ ‬استجابة‭ ‬المرضى‭ ‬له‭ ‬وقدرته‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬الشفاء‭ ‬وتحديد‭ ‬الجرعة‭ ‬المناسبة‭.‬ المرحلة‭ ‬الأخيرة‭: ‬دراسة‭ ‬وتجربة‭ ‬الدواء‭ ‬على‭ ‬الشعوب‭ ‬المختلفة،‭ ‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤتي‭ ‬بنتائج‭ ‬تختلف‭ ‬في‭ ‬مدى‭ ‬فعاليتها‭ ‬من‭ ‬بلد‭ ‬لآخر‭. ‬ وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نلخص‭ ‬تلك‭ ‬المراحل‭ ‬السابقة‭ ‬التي‭ ‬تأخذ‭ ‬سنوات‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬والجهد‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬أفضل‭ ‬نتائج‭ ‬ممكنة‭ ‬قبل‭ ‬الطرح‭ ‬التجاري‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬واحدة‭ ‬فقط‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬النبتة‭ ‬مفيدة‭ ‬في‭ ‬علاج‭ ‬الأمراض‭!‬ لذلك‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬المقارنة‭ ‬بين‭ ‬طب‭ ‬الأعشاب‭ ‬فيما‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬العلاج‭ ‬البديل‭ ‬أو‭ ‬الطب‭ ‬التكميلي‭ ‬مع‭ ‬الأدوية‭ ‬الإكلينيكية‭ ‬المستخدمة‭ ‬لأن‭ ‬الطب‭ ‬البديل‭ ‬لا‭ ‬يذكر‭ ‬الجرعة‭ ‬المناسبة‭ ‬لكل‭ ‬مريض‭ ‬ومواعيد‭ ‬تناولها،‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يحدد‭ ‬المادة‭ ‬الفعالة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬العشب‭ ‬أو‭ ‬النبات،‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬يوضح‭ ‬كيفية‭ ‬تخزينه‭ ‬أو‭ ‬مدة‭ ‬صلاحيته‭ ‬أو‭ ‬آثاره‭ ‬الجانبية‭ ‬على‭ ‬المريض،‭ ‬ولا‭ ‬يذكر‭ ‬شيئا‭ ‬عن‭ ‬الآثار‭ ‬الجانبية‭ ‬له‭ ‬عند‭ ‬التعارض‭ ‬مع‭ ‬أمراض‭ ‬أخرى‭ ‬لدى‭ ‬نفس‭ ‬المريض،‭ ‬وهذا‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬تتم‭ ‬عليه‭ ‬نفس‭ ‬الدراسات‭ ‬التي‭ ‬تمت‭ ‬على‭ ‬العلاج‭ ‬الكيميائي‭ ‬المعتمد‭ ‬من‭ ‬هيئة‭ ‬الغذاء‭ ‬والدواء‭ ‬الأمريكية‭.‬ ولذلك‭ ‬ننصح‭ ‬القراء‭ ‬بعدم‭ ‬الانصياع‭ ‬وراء‭ ‬ما‭ ‬يدعى‭ ‬بالطب‭ ‬البديل‭ ‬أو‭ ‬العلاج‭ ‬بالأعشاب،‭ ‬لأنه‭ ‬ليس‭ ‬عليه‭ ‬الدراسات‭ ‬العلمية‭ ‬الكافية‭ ‬ولا‭ ‬يتم‭ ‬فيه‭ ‬تحديد‭ ‬جرعات‭ ‬مناسبة‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬المادة‭ ‬الفعالة،‭ ‬هذا‭ ‬بالإضافة‭ ‬لعدم‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬البعض‭ ‬لأنهم‭ ‬غير‭ ‬مؤهلين‭ ‬لذلك،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬حين‭ ‬حدوث‭ ‬مشكلة‭ ‬عضوية‭ ‬بسبب‭ ‬وصفة‭ ‬خاطئة‭ ‬لا‭ ‬يلجأ‭ ‬وقتها‭ ‬المريض‭ ‬لبائع‭ ‬الوصفة‭ ‬أياً‭ ‬كان‭ ‬لقبه،‭ ‬ولكن‭ ‬يلجأ‭ ‬للأطباء‭ ‬لتشخيص‭ ‬المشكلة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬البائع‭ ‬نتيجة‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬بالمريض‭ ‬بعد‭ ‬تناوله‭ ‬تلك‭ ‬الوصفة‭ ‬الخاطئة‭ ‬،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لن‭ ‬يحاسبه‭ ‬أحد‭.‬