31-5-2025 | 08:15
أحمد فاخر
سلس البول حالة مرضية تصيب الكثير من النساء بنسبة أكبر بكثير من الرجال نتيجة طبيعة أجسامهن والتغيرات الفسيولوجية التي تحدث لهن على مدار سنوات عمرهن التي قد تؤثر بالسلب على عضلات المثانة، فماذا عن أسباب الإصابة وطرق الوقاية ؟
بدأ الحديث الدكتور محمد عثمان أستاذ النساء والتوليد بالتوضيح بأن المثانة عضو في جسم الإنسان يمتلئ ويفرغ من البول بدرجة تدريجية، حيث إن الكلى تفرز حوالي 30 سم من البول في الساعة الواحدة، ويمكن أن تستوعب المثانة ما يقرب من 250 سم دون الشعور بضرورة تفريغها، ولكن عندما يصل البول إلى ما يزيد على 400 سم يبدأ الإنسان في الشعور بحاجة إلى الذهاب للحمام، وبهذا المعدل نجد أن الإنسان الطبيعي لا يشعر بالحاجة للحمام إلا كل خمس أو ست ساعات تقريباً، ولذلك فالجهاز العصبي للجسم له دور كبير في التحكم في المثانة، فإذا كان الإنسان يعاني من حصوات أو التهابات أو مرض السكر أو أي أدوية يتناولها أو أي اضطرابات نفسية أخرى تؤثر بشكل أو بآخر على الإشارات التي تذهب من جدار المثانة إلى المخ الذي يعطي بدوره الأوامر بموعد تفريغ المثانة، وإن كان يستطيع التحكم في اندفاع البول أم لا عن طريق الجهاز العصبي اعتماداً على كميات البول التي بُلغ بها، وبالتالي أي خلل في تلك المعلومات التي تصل إلى المخ يمكن أن يسبب الإصابة بالسلس البولي حيث تكون نسبة البول داخل المثانة أكبر من معرفة المخ بها.
وسلس البول يعتبر حالة موجودة عند الإنسان من المهد إلى اللحد، وتكون على شكل مراحل كالتالي:
أولاً: الأطفال الرضع تحت سن السنتين لا يستطيعون السيطرة على البول ويتم تدريبهم على ذلك.
ثانياً: سلس البول أثناء النوم يكون في سن الطفولة حتى 10 سنوات ويصل أحياناً لسن العشرين.
ثالثاً: مرحلة ما بعد سن الرشد، ويحدث نتيجة أسباب وظيفية تعتمد على مواقف معينة، وهي:
1 - النشاط الزائد للمثانة، ويكون بسبب صعوبة التحكم في عضلات المثانة وأعصاب المثانة نتيجة الأسباب التي ذكرناها سابقاً.
2 - فقد القدرة على التحكم في العضلة القابضة لمجرى البول بسبب ضعف العضلة غير الإرادية، ويحدث فيه سلس للبول عندما يزيد ضغط المثانة داخل البطن نتيجة للضحك أو العطس أو رفع شيء ثقيل، وفي تلك الحالة تنزل قطرات بسيطة من البول.
3 - حدوث نواسير مهبلية، وتلك حالات أصبحت قليلة
4 - حدوث ضمور في الجهاز التناسلي للمرأة بعد سن انقطاع الدورة الشهرية، ومعه ضمور في المثانة ومجرى البول مما يسبب حساسية زائدة بالمثانة مما يجعلهن يذهبن كثيراً للحمام، مما يدعوهن للخجل حتى من الذهاب للطبيب، مما يؤدي أحياناً إلى انعزالهن عن المجتمع وعدم ممارسة حياتهن الطبيعية.
5 - مرحلة التقدم الكبير فى العمر التي يحدث فيها انعدام للتحكم في البول، واحتباس البول مع التفريغ الوقتي الكامل وغير الكامل.
أما عن أهم أنواع سلس البول يشير الدكتور محمد محمود زهران أستاذ المسالك البولية إلى أن هناك أنواعا وظيفية للسلس البولي، وهي كالتالي:
1 - ضعف العضلة القابضة لمجرى البول، وتكون ضعيفة غالباً بسبب الولادات الطبيعية المتكررة أو مضاعفات في الجهاز العصبي، وينزل خلالها بعض القطرات من البول دون القدرة على التحكم به نتيجة ارتفاع الضغط داخل البطن من الأعلى للأسفل.
2 - النشاط الزائد في عضلة المثانة، ويحدث عند كبار السن من النساء عندما يقل تحكم المخ في الجهاز العصبي مما يفقدهن الشعور بالتحكم في المثانة، وبالتالي عندما تمتلئ ويزيد الضغط داخل المثانة تجبر العضلة على الفتح لا إرادياً لخروج البول حتى يتعادل الضغط داخل المثانة مرة أخرى، وبالتالي لا يحدث تفريغ كامل للمثانة في تلك الحالات، وهنا تكمن الخطورة حيث يمكن أن يتسبب البول المتبقي داخل المثانة في حدوث التهابات بالمثانة والكليتين.
3 - وهذا النوع يطلق عليه (المثانة الأوتوماتيكية) وفيه تمتلئ المثانة بالكامل ثم تفرغ البول بالكامل أيضاً دون أدنى تحكم من المريضة، ويحدث نتيجة خلل في الجهاز العصبي في الجسم لذلك يجب أن تذهب المريضة إلى طبيب أعصاب للتشخيص وتحديد العلاج المناسب.
ويتم تشخيص حالات السلس البولي بعد أن تشكو المريضة من كثرة الذهاب للحمام أكثر من قريناتها، وهنا نقوم بإعطائها ورقة تسجل فيها عدد مرات ذهابها للحمام خلال اليوم ووقت الذهاب، وإن كان يصاحب البول أعراض أخرى مثل الشعور بحرقان، وإن كان هذا الحرقان يحدث في بداية التبول أو نهايته أم خلال فترة التبول بشكل كامل أم تشعر بالحرقان بمجرد لمس البول على الجلد الخارجي للجسم، بالإضافة لتسجيل الأوقات التي تشعر خلالها بعدم قدرتها على التحكم في التبول وهل يحدث ذلك عند الضحك أو العطس أو غيره أم نزول كمية بول قليلة جداً لا تستدعي هذا الشعور وإن كانت تستطيع السيطرة أم لا...!!
وبعد تقديم المريضة لهذا التقرير يتم تحديد الحالة بشكل دقيق حيث إن كل سؤال في الأسئلة السابقة يشير إلى حالة مختلفة وبالتالي علاج مختلف، ومن المعروف أن المريضة لا تصل إلى مرحلة عدم التحكم في البول إلى عندما تتفاقم الأمور.
وفي النهاية يؤكد الدكتور أشرف مشرفة أستاذ أمراض المسالك البولية بأن العلاج المشترك لأغلب الحالات يكون عن طريق القيام بتمارين لتقوية عضلات الحوض، بحيث تقوم السيدة بقبض عضلات المثانة بقوة كأنها تمنع التبول لمدة 30 ثانية ثم ترخي العضلة بالتدريج، وتقوم بعمل هذا التمرين 10 مرات يومياً وهو تمرين سهل وبسيط يمكن ممارسته أثناء الجلوس في أي مكان دون أن يدري أحد، كما يتم عمل فحوص أكثر دقة عن طريق عمل دراسة لميكانيكية البول التي يتم من خلالها قياس الضغط داخل المثانة والضغط داخل مجرى البول، لتحديد مكان القصور، ويتم ذلك عن طريق عمل تحليل مزرعة بول لمعرفة إن كان البول حمضي أو قلوي، وتحليل كالسيوم لمعرفة نسبة الكالسيوم لأنه له دور مهم في التحكم في عضلة المثانة بالإضافة لتحليل فيتامين (د) الذي له دور مهم جداً في تلك الحالات، وتحليل صورة دم كاملة وتحليل للسكر وقياس ضغط الدم، فكل تلك التحاليل تساعد في تحديد العلاج المناسب حسب الحالة وبالتالي سرعة الشفاء بإذن الله.