رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

تطوير الموانئ.. نافذة مصر على الأسواق العالمية


22-1-2025 | 18:23

تطوير الموانئ.. نافذة مصر على الأسواق العالمية

طباعة
تقرير: محمد رجب

«تأهيل وتحديث وتطوير».. استراتيجية تبنتها الدولة المصرية من أجل النهوض بصادراتها وفتح أسواق العالم أمام منتجاتها عبر إحداث تنمية شاملة لكل الموانئ المصرية التى توليها القيادة السياسية اهتماما خاصا، ولا تمر مناسبة إلا ويؤكد فيها الرئيس عبدالفتاح السيسى ضرورة أن تستمر أعمال التطوير والتحديث، وآخرها اجتماعه نهاية الأسبوع الماضى مع رئيس الوزراء ووزير النقل؛ حيث اطّلع خلال الاجتماع على الموقف التنفيذى للمشروعات الخاصة بوزارة النقل والصناعة، وخاصةً ما يتعلق بإنشاء وتحديث وتشغيل الموانئ على مستوى الجمهورية، ووجه الرئيس بمواصلة الجهود لتسريع وتيرة تنفيذ مشروعات إنشاء المحاور اللوجستية التنموية المتكاملة، التى تربط مناطق الإنتاج بالموانئ البحرية الجارى تطويرها، لتصبح موانئ محورية ذات مستوى عالمى وطاقات استيعابية ضخمة، مزوّدة بمناطق لوجستية متنوعة؛ حيث شهدت مصر فى السنوات الأخيرة جهودًا مكثفة لتطوير موانئها بهدف تعزيز مكانتها البحرية والتجارية على المستويين الإقليمى والعالمى؛ إذ وضعت وزارة النقل خطة شاملة لتطوير الموانئ المصرية، لتعظيم الاستفادة من موقع مصر الجغرافى الفريد على البحرين الأحمر والمتوسط ووجود أهم ممر ملاحى عالمى فيها وهو قناة السويس.

وتمتلك مصر 18 ميناء تجاريا، بالإضافة إلى 3000 كيلو شواطئ، وعملت الدولة فى الفترة الأخيرة على استغلال إمكاناتها، من خلال تنفيذ خطة لتطوير الموانئ بشكل كامل لجذب الاستثمار، وأوشكت وزارة النقل على الانتهاء من مخطط تطوير الموانئ؛ حيث يتم تنفيذ 80 مشروعا بالموانئ بتكلفة 200 مليار جنيه، بمشاركة 100 شركة من القطاع الخاص.

 

وأكدت وزارة النقل، أنه يتم تطوير الموانئ البحرية، وفقًا لأحدث النظم العالمية لتصبح مصر مركزًا عالميًا للتجارة واللوجستيات ويتم استغلال موقع مصر الاستراتيجي، ويتم تنفيذ مشروعات تطوير الموانئ المصرية بواسطة شركات مصرية وطنية واستشاريين مصريين وعالميين، وبلغ إجمالى تكلفة تطوير الموانئ البحرية المصرية خلال الفترة من (2014-2024) 129 مليار جنيه، ويستهدف التطوير استيعاب الموانئ 22 مليون حاوية مكافئة بدلًا من 12 مليون حاوية مكافئة سنويًا.

 

الخبراء أكدوا أن نمو الصادرات من الموانئ المصرية، يرجع فى الأساس إلى تطويرها بالشكل الذى يحفز على التصدير مع ربطها بمختلف أسواق العالم، مؤكدين أن نجاح هذا التطوير لم يكن يتحقق إلا مع وجود بنية تحتية ملائمة وطرق تربط المناطق الصناعية بتلك الموانئ.

 

يقول فؤاد ثابت، عضو اتحاد جمعيات التنمية الاقتصادية: إن تلك الزيادة فى الصادرات عبر الموانئ تأتى فى إطار توسيع مصر من رهانها على زيادة دور الموانئ فى إنعاش الاقتصاد والربط مع أبرز القوى فى المنطقة، وذلك أدى إلى تعزيز حركة نقل البضائع وتصديرها للخارج بجانب استيراد مستلزمات الإنتاج، وهو تحرك سيحقق عوائد أكبر من النواحى الاستثمارية والسياسية أيضا.

 

وأضاف أن تطوير الموانئ بمثابة خطوات جادة للاستفادة بشكل أكبر من موقع مصر الجغرافى الفريد على البحرين الأحمر والمتوسط، ووجود عدد من موانئ المياه العميقة التى تمكّن مشغلى الشحن الدولى من الوصول بسهولة إليها ومنها إلى مختلف المقاصد والبلدان على مستوى العالم، فضلًا عن تعزيز التعاون الاستراتيجى مع مختلف البلدان العربية والأوروبية، مشيرا إلى أن الموانئ البحرية تعمل على ضرورة توفير الممرات اللوجستية بداخلها والتى تربط المناطق الصناعية أو الزراعية أو التعدينية أو الخدمية، حيث تعد تلك الممرات حلقة الوصل بين الموانئ وأماكن الإنتاج، لإتمام عمليات التصدير والاستيراد المتعلق بمستلزمات الإنتاج، ومن ثم تكتمل منظومة الإنتاج والموانئ عبر ربط الممر اللوجستى بوسيلة مواصلات ثم مصادر الإنتاج.

 

الواقع بالأرقام يؤكد أن مصر شهدت فى السنوات الأخيرة جهودًا مكثفة لتطوير موانئها بهدف تعزيز مكانتها البحرية والتجارية على المستويين الإقليمى والعالمي، وهو ما يؤكده الدكتور عماد نبيل، استشارى الطرق والنقل الدولي، موضحا أن الحكومة المصرية أطلقت خطة طموحة لتطوير الموانئ الرئيسية فى البلاد، بما فى ذلك ميناء الإسكندرية، ودمياط، وبورسعيد، والعين السخنة، والخطة تشمل توسيع أرصفة الموانئ، وتحديث المعدات والبنية التحتية، وزيادة الطاقة الاستيعابية، حيث استهدفت الخطة تطوير الموانئ لزيادة طاقتها الاستيعابية لتلبية الطلب المتزايد على التجارة البحرية، وتركز خطة التطوير على تحديث البنية التحتية للموانئ، بما يشمل ذلك تركيب أحدث التقنيات فى إدارة الموانئ، مثل أنظمة إدارة المعلومات والمراقبة، كما يساعد هذا على تحسين كفاءة العمليات وتقليل أوقات الانتظار.

 

وعن الآثار الاقتصادية لتطوير الموانئ، يوضح الدكتور على الإدريسى، الخبير الاقتصادي، أن جهود تطوير الموانئ المصرية تؤدى إلى آثار اقتصادية إيجابية كبيرة، تتمثل فى زيادة التجارة البحرية من حيث الطاقة الاستيعابية المتزايدة والبنية التحتية الحديثة وجذب المزيد من شركات الشحن والتجار إلى الموانئ المصرية، كما أن تطوير الموانئ يجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى مجالات مثل الشحن والخدمات اللوجستية والصناعات المرتبطة بالموانئ، هذا بالإضافة إلى خلق فرص العمل فى قطاعات النقل واللوجستيات والبناء، فضلا عن تعزيز النمو الاقتصادى، لأن هذا الأمر سيساهم فى زيادة التجارة والاستثمارات وخلق فرص العمل فى تعزيز النمو الاقتصادى العام لمصر.

 

وأضاف: بالإضافة إلى آثاره الاقتصادية، فإن تطوير الموانئ المصرية له أيضًا آثار جيوسياسية مهمة؛ حيث تتمتع مصر بموقع استراتيجى فى البحر الأبيض المتوسط، ويجعل تطوير موانئها لاعبًا رئيسيًا فى التجارة العالمية، كما يساعد تطوير الموانئ أيضًا فى تعزيز علاقات مصر مع الدول الأخرى فى المنطقة، حيث يوفر روابط تجارية أكثر كفاءة وأمانًا، علاوة على ذلك فقد عزز الاستثمار فى الموانئ موقف مصر التفاوضى فى المناقشات الدولية المتعلقة بالملاحة البحرية.

 

ويرى الدكتور محمد على إبراهيم، عميد كلية النقل الدولى واللوجستيات السابق، أن المشروعات الجارية لتطوير الموانئ البحرية والمحاور الاستراتيجية، تلعب دورًا محوريًا فى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتعزيز عملية توطين الصناعة داخل البلاد، موضحا أن جهود الدولة المصرية فى رفع كفاءة الموانئ وتطويرها تُعتبر خطوة استراتيجية تسهم فى تعزيز قدرة البلاد على استقطاب الاستثمارات الصناعية الموجهة للتصدير، كما تدعم هذه الجهود رؤية مصر للتحول إلى مركز لوجستى عالمى يقدم خدمات بحرية للخطوط الملاحية التى تربط بين الشرق والغرب.

 

وأشار إلى أن تحسين وتطوير الموانئ يمكن أن يزيد من العائدات المصرية بما يصل إلى 10 أضعاف الإيرادات الحالية لقناة السويس، ما يحقق فوائد كبيرة للاقتصاد الوطني، كما شدد على أهمية توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى بربط مصر بالقارة الإفريقية، موضحًا أن إفريقيا ليست فقط العمق الاستراتيجى لمصر فقط، بل تمثل أيضًا المستقبل الواعد لما تحويه من موارد طبيعية وبشرية، موضحا أن تعزيز الروابط مع إفريقيا يسهم فى تحقيق التنمية داخل القارة، مع استفادة مصر من تلك التنمية.