من القاهرة إلى عمّان، كان الرفض حاضرًا بقوة لمخطط التهجير وتصفية القضية الفلسطينية، في الوقت الذي يأتي التنسيق المتواصل بين مصر والأردن للتصدي والوقوف صفًا واحدًا إزاء تلك المؤامرات الصهيو أمريكية.
هذا ما أكد عليه البرلماني الأردني والرئيس السابق للجنة فلسطين بمجلس النواب، فراس العجارمة، الذي اعتبر في حديثه لـ«المصوّر» أن تهجير الفلسطينيين وتصفية القضية على حساب مصر والأردن «خط أحمر» لا يمكن تجاوزه بأي حال من الأحوال، ومع أي إدارة أمريكية.
«العجارمة» أوضح أن هذه المخططات قد تفجّر الأوضاع بمنطقة الشرق الأوسط أكثر من الوضع الراهن، خاصة أن الإدارة الأمريكية الجديدة لا تدرك حتى الآن مخاطر ملف التهجير.. وإلى نص الحوار:
بداية.. ما قراءتك لمخططات تهجير الفلسطينيين؟
يحاول الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الضغط على الأردن ومصر لإفراغ غزة والضفة بأكبر عدد ممكن إلى الأردن ومصر، وبالتأكيد فهذا المشروع من المستحيل تحقيقه على أرض الواقع لعدة أسباب، الأول: رفض الدولة الرسمية المصرية والأردنية لمشروع التهجير رفضًا قاطعًا.
والأمر الثانى رفض الفلسطينيين أنفسهم لترك بلادهم وتهجيرهم إلى بلاد أخرى.
وبالتأكيد سيكون هناك تحرك أردنى – مصرى تجاه المجتمع الدولى، إذا تمت ضغوط أشد على البلدين لقبول مُهجّرين من غزة.
هل يمكن أن تتحول هذه التصريحات لخطوات على الأرض؟
هذه التصريحات أحيانًا تكون شعبوية وأحيانا للاستهلاك الصحفى، وعلى أرض الواقع فهناك صعوبة شديدة أن يُفتح هذا الملف خاصة فى هذا التوقيت، فهناك اتفاق للهدنة فى غزة وآمال كبيرة لتثبيت وقف إطلاق النار، ويعود أهل غزة إلى منازلهم، ويكون هناك مشروع لإعادة الإعمار.
أما ما يخرج الآن من الإدارة الأمريكية فهو حديث متناقض، إذ إن هناك حديثا عن التهجير وفق ما صرّح به ترامب، وهناك أيضًا حديث عن أطروحات دولية لإعادة إعمار، وكل هذه المشاريع تصب فى خدمة المشروع الإسرائيلى إذا ما تمت على أرض الواقع.
هل يندرج مخطط تهجير الفلسطينيين ضمن «صفقة القرن» التى روّج لها ترامب فى رئاسته الأولى؟
بالفعل أعتقد ذلك، فترامب الآن يريد أن يحيى صفقة القرن متسلحًا الآن بأسلحة أقوى من الولاية الأولى، خاصة أنه يحظى بأغلبية بمجلسى النواب والشيوخ، وهذه هى آخر دورة له فى البيت الأبيض، وأعتقد أنه سيسعى لإنجاز كل ما كان يخطط له فى الدورة الرئاسية الأولى.
لكن هذه المشروعات تحتاج لسنوات طويلة وإعداد مستمر، ولا يستطيع أى رئيس أن ينجزها فى 4 سنوات، وستصطدم بالواقع الديموغرافى والجغرافى فى منطقة الشرق الأوسط، ولن يمر بهذه السهولة التى يراها البعض.
كيف تؤثر مخططات التهجير وتصفية القضية الفلسطينية على أمن المنطقة برمتها؟
بالفعل، فهذه المخططات ستفجّر الأوضاع بمنطقة الشرق الأوسط أكثر من الوضع الراهن، والإدارة الأمريكية الجديدة لا تدرك مخاطر ملف التهجير، وهناك 2.1 مليون مواطن فى غزة، و3.5 مليون فى الضفة الغربية، وبالتالى نتحدث عن 5.6 مليون مواطن لهم حقوق ولهم حق فى تقرير مصيرهم وجذور فى أرضهم ولا يستطيع كائن مَن كان أن يهجّر هذا العدد للدول المجاورة، وحل الصراع الفلسطينى - الإسرائيلى لن يكون على حساب الفلسطينيين، أو دول الجوار العربية، وفى مقدمتها مصر والأردن.
كيف يجرى التنسيق بين مصر والأردن معًا للتصدى لتلك المخططات الصهيونية؟
منذ عقود طويلة، يجرى التنسيق بين مصر والأردن، وازداد الأمر قوة بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023، إذ يتم الأمر حاليًا على أعلى المستويات، لأن قيادة البلدين تدرك حجم الخطر من حل القضية الفلسطينية على حساب مصر أو الأردن، وبالتالى فهناك تنسيق مواقف دائم بين الرئيس السيسى والملك عبدالله، فى رفض هذا الموضوع، واعتباره “خطًا أحمر” لا يمكن تجاوزه مصريًا أو أردنيًا.
كيف ينظر الداخل الأردنى لمثل هذا الحديث المتكرر؟
هذا من الموضوعات التى توحّد الأردن، سواء مجلس الأمة بشقيه مجلس النواب أو الأعيان، والشعب الأردنى بمختلف أطيافه خلف القيادة فى رفض هذا المشروع مهما كلفنا الثمن، فلن يكون هناك حل للقضية الفلسطينية على حساب الأردن، ولن يكون الأردن طرفا فى حل مشاكل الدولة العبرية على حساب الأردن والفلسطينيين.
قضية التهجير من القضايا التى تجمع المواقف الرسمية والشعبية.. كيف يمكن أن يمثل الصوت الشعبى فى مصر والأردن رسالة للإدارة الأمريكية؟
الإدارة الأمريكية إذا سعت لاستخدام ورقة المساعدات للضغط على مصر والأردن، فهنا يأتى دور الشعب للوقوف مع دولته والتحمل والتصدى لهذه المؤامرات الصهيونية، وإيصال رسالة بأن الشعب يقف ظهيرًا للقيادة السياسية ولن يتخلى عنها، وهذا كان واضحًا للجميع خلال العام ونصف العام الماضى حينما رفض الشعبان المصرى والأردنى هذه المؤامرات، وكان صوته حاسمًا فى مساندة الموقف الرسمى ومنع تصفية القضية الفلسطينية.
وهنا أيضًا يمكن أن يكون هناك تحرك مصرى – أردنى تجاه العمق العربى لرفض هذه القضية بشكل قاطع، وأن يكون هناك دعم لصمود مصر والأردن فى مواجهة هذا المخطط الذى يريد إنهاء القضية الفلسطينية على حساب البلدين.
كيف نجح مصر والأردن معًا لإجهاض هذه المخططات وتقديم سبل الدعم للشعب الفلسطيني؟
مصر والأردن هما الدولتان المعنيتان كثيرًا بسبب الحدود المتلاصقة، سواءً الأردن مع الضفة الغربية، أو مصر مع قطاع غزة، فكانت الجهود متناسقة وترتيبات بين البلدين لإدخال المساعدات والمعابر، وتم نقل جرحى لمصر والأردن، وكان الدور المصرى كبيرًا فى إتمام صفقة الهدنة ووقف إطلاق النار والجهود المصرية والقطرية كانت تواصل الليل والنهار، وكان الأردن من الدول الداعمة لكسر الحصار على غزة بإيصال المساعدات جوًا، والآن الشاحنات تعبر من الأردن ومصر بأعداد كبيرة للقطاع تصل لما يزيد على 600 شاحنة يوميًا.
هل يقف اليمين الإسرائيلى المتطرف وراء دفع ترامب لذلك، كونه أول مَن دعا لتفريغ القطاع من سكانه والاستفادة بالموقع المميز لغزة؟
هذا اليمين المتطرف يطلق تصريحات تصطدم بأرض الواقع ولا يمكن تحقيقها، وكما ترون فمنذ السابع من أكتوبر كانت تصريحاتهم بإبادة غزة وعدم التوقف عن الحرب حتى تدمير قدرات حماس واستعادة الأسرى، ولم يستطِع اليمين المتطرف أو الدولة العبرية القضاء على حركة حماس أو استعادة الأسرى سوى باتفاق الهدنة الذى يجرى تنفيذه الآن والحل السلمى والمفاوضات والدبلوماسية.
هذا اليمين المتطرف لا يدرك أن هذه المنطقة لها ثوابت سياسية لن يستطيع أحد العبث بها، ولن يستطيع كائن مَن كان أن يهجر 5.6 مليون فلسطينى متشبثين بأرضهم، وخصوصا بعدما عانوا ما عانوا من الشتات وترك أرضهم وبيوتهم.