رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

رحلة «القرن» على طابع بريد


23-2-2025 | 22:35

رحلة القرن على طابع بريد

طباعة
تقرير : أحمد جمعة

منذ فجر التاريخ، ظل البريد شاهدًا على مسيرة الأمة وذاكرة نابضة تحفظ تفاصيل الأحداث الكبرى، وبين طيات الطوابع البريدية، تتجلى ملامح الوطن، تُسطر الحكايات وتُخلد اللحظات التى لا تُنسى، لكن الطوابع لم تكن مجرد وسيلة لنقل الرسائل، بل أصبحت مرجعا تاريخيا لتوثيق هذه الأحداث.

وتزامنًا مع الاحتفاء بمئوية «المصور»، وفى خطوة تُؤكد هذا الدور التوثيقي، أصدر البريد المصرى طابعًا بريديًا خاصًا احتفاءً بـ «100 عام مصوّر»، كدلالة جديدة على هذه المجلة التى رافقت ذاكرة الوطن على مدى قرن كامل، وبما يعكس تقديرًا لمسيرة صحفية أثرت المشهد الإعلامى وواكبت الأحداث الفارقة فى مصر والعالم العربى برمته.

 

يحمل الطابع البريدى تصميمًا فنيًا فريدًا يُبرز شعار الاحتفالية بمرور 100 عام على مجلة المصور، تحت شعار «مائة عام من الوطنية والتنوير»، مع لمسات فنية فى الإخراج الفنى للطابع البريدى الذى جرى تحديد سعره بـ «10 جنيهات»، ما يُجسد التقدير الرسمى للدور الرائد لمجلة «المصور»، وحرص هيئة البريد المصرى على الاحتفاء بالمؤسسات العريقة التى ساهمت فى تشكيل الوعى العام.

 

طابع «المصور» لتوثيق احتفالية المئوية التاريخية جاء ليؤكد على دور البريد المصرى الذى لم يكن مقصورا على الخدمات البريدية التقليدية فحسب، بل أصبح شاهدًا على تاريخ الأمة بتوثيق المناسبات القومية، مثل ثورة 1919، وتأميم قناة السويس، وافتتاح السد العالي، وصولًا إلى الأحداث المعاصرة مثل افتتاح طريق الكباش، وحفل نقل المومياوات؛ لتمثل هذه الطوابع سجلاً تاريخيًا مصورًا يُخلد هذه المحطات ويروى قصصها للأجيال القادمة.

 

كما لم تكن هذه هى المرة الأولى التى تخصص هيئة البريد طابعا بريدياً لمؤسسة دار الهلال وإصداراتها؛ إذ سبق وجرى إصدار طابع بريدى يحمل اسم المؤسسة عام 1992، بمناسبة مرور 100 عام على تأسيسها(1892 - 1992).

 

ومواكبة مع التطور التكنولوجي، ضمّ الطابع البريدى لاحتفال «100 عام على مجلة المصور»، رابط “QR - Code” متضمنا أبرز المعلومات عن مجلة «المصور»، جاء فيه: «تُعد مجلة «المصوّر»، الصادرة عن مؤسسة دار الهلال الصحفية، واحدة من أعرق المجلات الصحفية فى مصر والعالم العربى، وتميزت منذ عددها الأول على يد مؤسسيها إميل وشكرى زيدان فى24 أكتوبر 1924، باستخدام تقنية الروتوغرافور للطباعة عالية الجودة، ما جعلها أول مجلة فى الشرق الأوسط تقدم صورًا دقيقة ومبهرة، ووضعتها فى طليعة الإعلام البصرى فى المنطقة”.

 

كما لعبت «المصوّر»، على مدار تاريخها، دورًا محوريًا فى توثيق أبرز الأحداث التاريخية والسياسية، بدءًا من مقاومة الاحتلال الإنجليزى، مرورًا بثورة يوليو 1952 ونصر أكتوبر 1973، وصولًا إلى دعم قضايا التحرر العربى، كما رصدت وتابعت المجلة أحداثًا عالمية مثل الحرب العالمية الثانية وتأسيس جامعة الدول العربية، ما أكسبها شهرة كنافذة على القضايا الإقليمية والدولية، ولم تتوقف المجلة عند ذلك بل واصلت مسيرتها فى محاربة الجماعات المتطرفة، وما زالت تستكمل دورها فى دعم المشروعات القومية التى تتبناها الجمهورية الجديدة فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى.

 

طوابع البريد.. إصدارات تاريخية

 

بدورها، أكدت الدكتورة هبة حمدي، مدير عام هواة الطوابع بالهيئة القومية للبريد، أن دور البريد فى توثيق الأحداث الوطنية والقومية يتم من خلال إصدار الطوابع التذكارية، وهذا الإصدار يخضع لمعايير دقيقة تُحددها لجنة طوابع متخصصة، موضحة أنه «ليست كل المناسبات تستحق إصدار طابع بريدي، بل يتم اختيار المناسبات ذات القيمة التاريخية أو الوطنية البارزة بعد عرضها على اللجنة المختصة، والتى تتولى مناقشة الطلبات المقدمة من الجهات المختلفة، وبموافقة اللجنة برئاسة رئيس الهيئة يُتخذ القرار بشأن إصدار الطابع التذكاري”.

 

وأشارت د. هبة حمدى إلى أن هناك معايير محددة تعتمدها اللجنة فى اختيار المناسبات، من بينها معيار الزمن، باعتباره أحد العناصر المهمة فى تحديد مدى استحقاق المناسبة للتوثيق.

 

وفى هذا السياق، قالت: «عند إصدار طابع تذكارى بمناسبة مئوية مجلة «المصور»، فنحن نتحدث عن 100 عام من العطاء الصحفى المستمر، وهو ما يجعل هذه المناسبة جديرة بالتوثيق عبر طابع بريدى يعكس قيمتها التاريخية والإعلامية، وبالتالى تم الاحتفاء بهذه المناسبة بإصدار هذا الطابع التوثيقى لمسيرة مهمة فى تاريخ مصر”.

 

وأضافت أن هناك العديد من المناسبات القومية التى يتم توثيقها فى طوابع بريدية وفقًا لتوجهات الدولة ومدى أهمية الحدث، مثل افتتاح المتحف المصرى الكبير، وطريق الكباش، وموكب المومياوات الملكية، حيث تحرص الهيئة على إصدار طوابع تخلد هذه المحطات البارزة، مشيرة إلى أن «الطابع البريدى يُعد طابعا رسميا ذا قيمة مالية، ورغم أن الطوابع كانت تُستخدم قديمًا لدفع رسوم البريد وإرسال الرسائل، إلا أن دورها تطور حاليًا لتصبح وسيلة توثيق ثقافى خالص، حيث تظل شاهدًا على الأحداث المهمة التى تمر بها الدولة وتتناقلها الأجيال”.

 

وأبرزت د. هبة حمدى أن الطوابع البريدية اليوم أصبحت أكثر من مجرد وسيلة بريدية، بل تحولت إلى هواية ذات طابع ثقافى وهويّة وطنية، وهناك شغف كبير بين هواة جمع الطوابع لاقتناء الإصدارات التى تُوثق البيئة المصرية، والأحداث الوطنية، والشخصيات العامة التى قدمت إسهامات بارزة فى مختلف المجالات.

 

واختتمت حديثها بالإشارة إلى التطور الكبير فى تصميم الطوابع وأشكالها وأحجامها وطرق طباعتها، مؤكدة أن الهيئة القومية للبريد تواكب الأحداث بإصدارات مميزة تحفظ ذاكرة الوطن وتخلد أبرز المحطات فى تاريخه.

 

فى أجواء مختلفة عاشتها مصر بعد صدور تصريح 28 فبراير 1922 الذى اعترف بمصر دولة مستقلة ذات سيادة، وترتب على ذلك تشكيل لجنة من ثلاثين عضوا ممثلين للأحزاب لوضع دستور جديد للبلاد صدر فى إبريل 1923، وجرت الانتخابات النيابية فى يناير 1924 تتويجا لكفاح الشعب المصري، والتى حصل فيها حزب الوفد برئاسة سعد زغلول على الأغلبية من مقاعد مجلس النواب، صدرت مجلة «المصور» فى 24 أكتوبر 1924، عن دار الهلال التى أسسها جرجى زيدان لتصبح الإصدار الثانى لهذه الدار العريقة، حيث تقدم الأخوان إميل وشكرى زيدان بطلب لإصدار مجلة أدبية فكاهية لا تنشر مواد سياسية أو دينية، ولكنها لم تلبث أن تحولت إلى مجلة سياسية.