رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

لا وقت للرفاهية متى يتم تحفيز الشركاء الأجانب على الطاقة الشمسية بالمواقع البترولية؟


14-3-2025 | 15:54

.

طباعة
بقلم: غالي محمد

فى الأسبوع الماضى، كتبت على صفحات مجلة «المصور» مقالًا حول ضرورة حصار مولدات الديزل واستبدالها بالطاقة الشمسية، بهدف خفض استهلاك السولار الذى وصلت فاتورته السنوية إلى أكثر من 12 مليار دولار، معظمها يتم استيراده، لعدم كفاية الإنتاج المحلى من الزيت الخام والذى أوشك على أن يصل إلى نحو 500 ألف برميل يوميا.

ومن ثم يتم التوسع فى استيراد الزيت الخام، لتشغيل معامل ومصافى التكرير المحلية، لسد أكبر جزء من الاحتياجات من المنتجات البترولية.

وبعد نشر المقال، وأثناء الحديث مع بعض خبراء البترول والطاقة المشهود لهم بالكفاءة، أكدوا أن قضية استهلاك الطاقة فى كافة المواقع البترولية أكبر من حصار «مولدات الديزل» فقط، بل لا بد أن تكون هناك رؤية شاملة سريعة التنفيذ لخفض استهلاك الطاقة فى كافة المواقع البترولية، سواء فى حقول الإنتاج، أو معسكرات الإعاشة إلى المكاتب الإدارية فى تلك المواقع التى تتمتع بأكبر وقت لسطوع الشمس.

ليس هذا فقط، بل لا بد أن تمتد إلى كافة مبانى شركات قطاع البترول فى أنحاء مصر المحروسة، لأن هناك إسرافًا كبيرًا فى استهلاك الطاقة، خاصة فى مواقع الإنتاج البترولية التى تنتشر فى الصحراء أو البحر.

كما ينبغى أن تمتد هذه الخطة فى مواجهة الإسراف فى الاستهلاك فى معامل ومصافى تكرير البترول ومشروعات البتروكيماويات وغيرها.

المثير أنه لا توجد إحصائيات وأرقام دقيقة عن استهلاك السولار والغاز الطبيعى فى مواقع الإنتاج البترولية، حتى يمكن ترشيد الاستهلاك.

وهذا فى حد ذاته، يحتم ضرورة حساب كميات استهلاك الغاز الطبيعى فى مواقع الإنتاج البترولية، حتى يمكن تحديد كميات الغاز الطبيعى المنتجة من الحقول بدقة والتى يتم ضخها إلى الشبكة القومية للغاز الطبيعى، ومن ثم للمستهلكين.

وفى هذه الحالة، سوف يتضح أن كميات الغاز التى يتم ضخها من الحقول إلى الشبكة القومية للغازات أقل من الرقم المعلن عن الإنتاج اليومى الآن، والذى يقل عن 4.5 مليار قدم مكعب فى اليوم.

وقد يقل عن 4 مليارات قدم مكعب فى اليوم بعد خصم كميات الغاز الطبيعى التى يتم استهلاكها فى تشغيل التوربينات لتوليد الكهرباء لاستخراج الغاز الطبيعى من الحقول، وهذا فى حد ذاته يؤدى إلى زيادة استيراد الغاز المسال وخاصة خلال الصيف القادم.

وإذا كانت هناك أرقام تشير إلى أن ما يتم ضخه من الإنتاج المحلى من الغاز الآن قد يصل إلى 3.8 مليار قدم مكعب فى اليوم كغاز مباع من الإنتاج المحلى.

وهذا لا يمنع أن تكون هناك أرقام تفصيلية عن استهلاك كل نشاط داخل قطاع البترول، حتى يتم وضع خطط دقيقة لخفض استهلاك الطاقة بصفة عامة.

وما يجعلنا نركز على ضرورة خفض استهلاك الطاقة فى كافة المواقع الإنتاجية سواء حول الزيت الخام أو حقول الغاز الطبيعى، لأت إحلال الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء فى هذه المواقع والتركيز على تشغيل الطلمبات للإنتاج من الحقول أو لإعادة ضخ الغاز فى الحقول المتقادمة لزيادة الإنتاج منها.

وهناك مَن يرى أن العمل بقوة على خفض استهلاك الغاز الطبيعى فى مواقع الإنتاج سوف يؤدى إلى زيادة كميات الغاز المباع التى يتم ضخها فى الشبكة القومية للغاز الطبيعى بكميات كبيرة، تؤدى إلى خفض ملحوظ فى كميات الغاز الطبيعى المسال.

وبما أن هناك زيادة كبيرة سوف تحدث فى استيراد الغاز الطبيعى المسال وبالتالى لسنا فى وقت الرفاهية، فلا بديل عن توجه عاجل لإحلال الطاقة الشمسية فى كافة المواقع البترولية.

وهذا ينقلنا إلى طبيعة الاستثمارات فى كافة المواقع الإنتاجية، سواء من الزيت الخام أو الغاز الطبيعى، وأن الأمر بشكل أساسى ووفقا للاتفاقيات البترولية، فى أيدى الشركاء الأجانب.

ولا بديل عن أن يتم تحفيز الشركاء الأجانب بمزيد من المرونة من جانب قيادات قطاع البترول فى الهيئة العامة للبترول والشركة القابضة للغازات الطبيعية وشركة جنوب الوادى القابضة للبترول، على التفاوض مع الشركاء الأجانب للموافقة على الاستثمار فى مشروعات الطاقة الشمسية، لأنها سوف تؤدى إلى تحقيق مصالح قطاع البترول والشركاء الأجانب فى توفير كميات كبيرة من الغاز الطبيعى يتم استهلاكها فى حقول الإنتاج، وكذلك توفير كميات كبيرة من السولار، ولا سيما أنه يتم حساب بيع لتر السولار للشركاء الأجانب بما يقرب من 40 قرشا شاملا تكلفة النقل.

وإذا كان المهندس كريم بدوى، وزير البترول والثروة المعدنية، يركز على التفاوض مع الشركاء الأجانب على ضخ استثمارات لزيادة الإنتاج من الزيت الخام والغاز الطبيعى فإن هذا يحتم أن يمتد التفاوض مع الشركاء الأجانب لإقامة مشروعات عاجلة من الطاقة الشمسية لتوفير الكهرباء فى كافة المواقع الإنتاجية، بدلا من مولدات الديزل وزيادة استهلاك الغاز الطبيعى فى بعض المواقع الإنتاجية.

وهذا يتطلب تحفيز الشركاء الأجانب، والبحث عن وسيلة مناسبة لتحقيق هذا الهدف، لأن الشركاء الأجانب لا يفضلون الاستثمار فى هذه المشروعات لأن استرداد تكلفتها يتم على أربع سنوات وفقا لنظام الاسترداد فى الاتفاقيات البترولية، ويفضلون الإنفاق على التشغيل اليومى الذى يتم استرداد تكلفته فى ذات وقت الإنفاق، وقبل أن يمر ربع العام الذى يتم الإنفاق خلاله.

لا بديل عن إقناع الشركاء الأجانب فى الاستثمار العاجل فى مشروعات الطاقة الشمسية فى المواقع الإنتاجية؛ لأنهم يحصلون على نحو 60 فى المائة من عوائد الربح والاسترداد.

لكن هذا لا يمنع أن هناك مواقع إنتاجية بعيدًا عن الشركاء الأجانب مثل مواقع الشركة العامة للبترول وغيرها، وهذا يحتم أن تكون هناك رؤى لدى قيادات الهيئة العامة للبترول لنشر الطاقة الشمسية فى كافة مواقعها، وعدم التفكير خارج الصندوق، لأنه ليس هناك وقت للرفاهية.

وفى ذات الوقت، وبعيدا عن مواقع إنتاج الزيت الخام والغاز الطبيعى فإننا نتساءل: أين خطط خفض استهلاك الطاقة فى مصافى ومعامل تكرير ومشروعات البترول وكافة أبنية ومقرات شركات البترول، سواء فى المعادى أو مدينة نصر أو القاهرة الجديدة أو الإسكندرية أو السويس أو بورسعيد أو فى منطقة مسطرد أو فى أسيوط وأسوان؟

أين حساب قيادات هذه الشركات عن ترشيد استهلاك الطاقة والاتجاه إلى مشروعات الطاقة الشمسية؟

بكل أسف لا حساب، وإسراف ثم إسراف فى استهلاك الطاقة، ولا سيما أن هناك معامل تكرير متقادمة.

لا وقت للرفاهية، وإذا كان هناك مَن يتحدث عن إمكانية وفر يصل إلى نحو 1.5 مليار دولار نتيجة زيادة الإنتاج الذى سوف يحدث فى الزيت الخام أو الغاز الطبيعي.

وإن كنا لا نعرف، كيف سيحدث ذلك فى ظل عدم تحقيق الشفافية بهذه الأرقام، والكميات التى سوف تزيد وصافى العائد بعد سداد قيمة الزيت الخام والغاز الطبيعى الذى سوف يتم شراؤه من الشركاء الأجانب الذين قاموا بزيادة الإنتاج لتحقيق هذا الوفر، فالمؤكد أن إقناع الشركاء الأجانب بالاستثمار فى مشروعات الطاقة الشمسية بالمواقع الإنتاجية سوف يضاعف الوفورات عن 1.5 مليار دولار خلال فترة ستة أشهر.

وكذلك سوف يؤدى خفض استهلاك الطاقة فى بقية أنشطة قطاع البترول من معامل تكرير ومشروعات بتروكيماويات ومبانى الشركات والهيئة العامة للبترول والشركات القابضة إلى تحقيق المزيد من الملايين من الدولارات.

ولذا وبعيدًا عن الرفاهية فقد آن الأوان لإعداد دراسة تفصيلية عن استهلاك كافة أنشطة قطاع البترول لمختلف أنواع الطاقة، وخطط خفض الاستهلاك، وكذلك تفاصيل مشروعات الطاقة الشمسية التى لا بد من الإسراع فى تنفيذها بالاتفاق مع الشركاء الأجانب.

وهنا نذكر أن قطاع البترول لديه من الشركات القادرة على تنفيذ العديد من مشروعات الطاقة الشمسية فى كافة المواقع الإنتاجية لكنها لا تعمل الآن لعدم وفرة الاعتمادات المالية ولعدم إعطاء الأولوية لهذه المشروعات فى المواقع، وبعيدا عن التصريحات الإعلامية التى تتحدث فقط عن التحول الطاقي.

لا وقت للرفاهية فى ضرورة نشر الطاقة الشمسية فى كافة مواقع الإنتاج البترولية فى الصحراء وفى خليج السويس وفى كل مكان.

فهل نبدأ لأن هذا هو الوجه الآخر للتحرك لزيادة إنتاج الزيت الخام والغاز الطبيعى وتوفير المليارات من الدولارات؟