كتاب «صائد اللؤلؤ، خطوات على طريق بناء الإنسان»، لفضيلة الدكتور «أسامة السيد الأزهري» (وزير الأوقاف) المنشور 1431هـ-2010م، هو مفتاحه، والكتاب كما يقولون يبان من عنوانه ، الأزهرى غَوَّاص، من حرفته الغوص، يغوص فى البحر بحثًا عن اللؤلؤ..
مفتاحه فاتحة كتابه، وفيها يقول “إن الله سبحانه وتعالى أنزل إلينا القرآن وهو الكتاب المقروء ،وخلق لنا الكتاب المنظور وهو كتاب الكون، وما أبدع الله تعالى فيه من سماء وبحار وغابات وجبال وطبيعة خلابة لا تخلو من أسرار، ندبنا سبحانه إلى التطلع إليها والتفكر فيها ومحاولة كشف أسرارها والتعريف بغموضها ومعرفة الحكمة التى تنجلى من ورائها للتخلص من العبثية التى يشيعها أرباب المادية الجائرة.
«الأزهري» يحلق فى سماء الفهم ويغوص فى أعماق الحكمة مستخدماً مهارة السباح وجلد الغواص غير هياب لسعة البحر الذى يخوض فيه ليجمع لنا درر الفهم وقدسية المعانى ويبسطها بخبرة الباحث ، وينظمها بمهارة الصائغ ، ليخرج منها عقداً نفيساً من جواهر ثمينة ولآلئ براقة ليرتقى بها فكر الإنسان لما أراده الله تعالى له من الاستقامة اللازمة للقيام بمهمة الخلافة فى الأرض قال تعالى «ولقد كرمنا بنى آدم»، ليبتعد به عن ترهات الفلاسفة والملحدين الذين حطموا بناء الإنسانية ونزلوا بها إلى درك الحيوانية، ولكنه استطاع بما طرح فى كتابه من انتشال الإنسان من هذا الفهم الخاطئ ليحلق به من جديد إلى ما أراده الله له من خير وارتقاء.
الكتاب أعلاه وصف من «اللطائف»، ولكن كتابه «الحق المبين فى الرد على من تلاعب بالدين» يرسم الأزهرى فقيهاً لايشق له غبار، نذر العلامة علمه لمقارعة التيارات المتطرفة (من الإخوان إلى داعش)، ونازلهم فى حلبة الفكر، وفكك بنايتهم المضللة بفقه عنوانه «صحيح الدين»، ووضع أفكارهم الشاذة فى الميزان الشرعي، وحاكم مفاهيمهم المؤسسة لبنايتهم الفكرية الفاسدة ، ووقف على مصطلحاتهم التى صدروها إلى العامة تحت زعم الصلاح والتقوى.
وقف «الأزهرى» موقف الناقد لمصطلحات الحاكمية والجاهلية والجهاد والوطن، مع بيان التصورات المغلوطة عند التيارات المتطرفة، وبين (من البيان) التصور الصحيح لها عند علماء الأمة.
ومن كتابه القيم، وله كتب عدة قيمة تزخر بها المكتبة الإسلامية، يقول: «أعيد اليوم بعث فكر التكفير الذى كان كامناً فى كتب التيارات المتطرفة، فتم تحويله إلى تنظيمات وجماعات وتطبيقات، بل تولدت منه الأجيال الثوانى والثوالث من (الأفكار والتطويرات والاستدلالات)، مما أفضى بنا إلى تيارات تقطع الرقاب، وتسفك الدماء، وتروع الآمنين، وتنقض العهود، وتمتهن دين الله، وتلصق به أفهامها المتحيرة، وتفسيراتها الفادحة، مما يمكن تسميته بظاهرة «التفسير الغاضب للقرآن الكريم».
ويحمل «الأزهري» عليهم، واصفا إياهم «إنها تيارات تدعى الانتساب إلى الوحي، وتتمرد على المنهج، ويغلبها الواقع».
كتاب «الحق المبين فى الرد على من تلاعب بالدين» مشروع علمى أزهرى مؤصل، يستعرض على مائدة البحث العلمي، والتحرير المعرفى الدقيق، خلاصة المقولات والنظريات والأفكار، التى بنى عليها فكر التيارات السياسية المنتسبة للإسلام فى المائة عام الماضية، قياما بواجب البيان للناس، وصيانة للقرآن الكريم من أن تلتصق به الأفهام الحائرة، والمفاهيم المظلمة المغلوطة..
نال الأزهرى وكتابه هجوما شرسا، وأنفقت جماعات الضلال والإضلال على تفنيد كتابه إنفاق من لا يخشى الفقر فى كتب مصقولة تزيغ منها الأبصار..
الدكتور أسامة الأزهري، مواليد الإسكندرية فى 16 يوليو 1976، من أهل السنة والجماعة، مذهبه أزهرى أشعري، تتلمذ على أيدى طائفة من العلماء الثقات، وحفظ عنهم، ووقف على جهدهم العلمي، واجتهادهم الفقهي، حجز لنفسه موضعاً فى قافلة التنوير الديني، واحتل مكانة العالم المتبحر فى العلوم الشرعية، وتعدد مؤلفاته يبرهن على علمه الواسع.
فى كتابه، «الإحياء الكبير، لمعالم المنهج الأزهرى المنير» دعا الأزهرى إلى إعادة التعامل مع العلوم الشرعية من خلال نظرة كلية أرسى دعائمها علماء الأمة الأجلاء مثل أبى حامد الغزالى فى المستصفى»، وابن خلدون فى «المقدمة»، والعلامة سعد الدين التفتازانى (التفتزاني) وأمثالهم ممن اهتموا بتعريف العلم وحتى من المعاصرين من أمثال الطاهر بن عاشور.
اعتبر أن تلك النظرة الكلية والتى تضع العلوم فى دوائر مختلفة ومتقاطعة بدرجة أو أخرى مثل علوم النص وعلوم الواقع والعلوم الرابطة لا بد أن تحكم مناهج التعليم وتؤثر فى أساليب التدريس وفى إعداد وتكوين طلبة العلم الشرعى وغيره حتى يُحدث ذلك كله اتساقا فكريا بين طلاب العلوم المختلفة وانسيابية علمية ترجع بالنفع والفائدة على العلوم والمتعلمين والبيئة العلمية ومن ثم على الأمة الإسلامية والحضارة الإنسانية جميعها.
أعلاه يبرهن على أسفله، ومن الأمثال المشهورة قولهم: هل يُصلح العَطَّارُ ما أفسده الدّهْرُ؟!، يُضرب فى من أو لمن يحاول إصلاحَ ما لا يُمكن إصلاحُه!
أخشى أن يصادف الدكتور «أسامة الأزهري» وزير الأوقاف فى طريقه الإصلاحى ما صادفه العطار، الأزهرى عقد العزم، والقول للمتنبي: «عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتى العَزائِمُ.. وَتَأتى عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ».
الوزير يسوؤه كما يسوؤنا التشدد والغلو، والترهيب، والتخويف، والتبديع والتفسيق والتكفير، ويقف من كل هذه الأمراض المزمنة والسارية فى سياق الدعوة موقف النطاسي، العالمُ الماهرُ، والطبيبُ الحاذِق الذى لا يعالج عرضا مرضيا فحسب بل يتعمق فى فهم المرض وأسبابه ومسبباته، وصولا لتشخيص الحالة أدق تشخيص، ثم يصف العلاج الناجع، ويوصى به.
طالعت استراتيجية الدعوة فى حوزة الدكتور الأزهرى وتوقفت مليّاً أمام التوصيف الدقيق لعلة الدعوة، ولمست خشية من اختطاف الدين لصالح جماعات تستخدمه سياسيا لأغراض دنيوية بحتة.
يجتهد الأزهرى وطائفة من العلماء لاسترداد الأمانة، وردها ناصعة مبرأة من الزيف والبهتان إلى أهلها، دعوة وسطية، تنتهج تيسيرا، لا تفرط فى حق، ولا تفتئت على قول، ولا تتألى على الله سبحانه وتعالى، وسبيله منهاج الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، عن رب العزة يقول «ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِى هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ» (النحل : 125).
كتاب «الحق المبين فى الرد على من تلاعب بالدين» مشروع علمى أزهرى مؤصل، يستعرض على مائدة البحث العلمى، والتحرير المعرفى الدقيق، خلاصة المقولات والنظريات والأفكار، التى بُنى عليها فكر التيارات السياسية المنتسبة للإسلام فى المائة عام الماضية
