مجددًا.. جاء التحرك الرسمى من جانب الرئيس عبدالفتاح السيسى، فيما يتعلق بالأزمة الصحية العارضة التى يعانى منها الكاتب الكبير صُنع الله إبراهيم، ليكشف مدى إدراك وفهم القيادة السياسية لأهمية ومكانة «القوى الناعمة»، ليس هذا فحسب، لكن التوجيهات التى أصدرها الرئيس السيسى فيما يخص متابعة مجريات الأمور مع «صُنع الله» -لا يجب اختزالها فى الحالة الفردية للكاتب الكبير، بل من الواجب التعامل معها فى إطار أن «مصر المثقفة» حاضرة –وبقوة- فى «الجمهورية الجديدة»، وأن رموزها وأبناءها مشاركون فى ملحمة «بناء الإنسان المصرى».
التحرك الرئاسى فيما يتعلق بأزمة «صُنع الله» الصحية، وتوجيه الرئيس باتخاذ كافة الإجراءات الطبية اللازمة لعلاجه، ومتابعته الدقيقة لما اتخذته وزارة الصحة والسكان من إجراءات ورعاية طبية شاملة منذ بداية حدوث الإصابة، وكذا توجيهه باستمرار المتابعة، وتقديم كافة أوجه الرعاية الخاصة للروائى الكبير، وصولاً إلى استقرار حالته الصحية -قطعًا «خطوة محمودة»، وإن كانت متوقَّعة من الرئيس السيسى، غير أن خطوات أخرى يجب أن تكون على أجندة بقية الهيئات المعنية بـ«الثقافة المصرية»، ولعل ما حدث مع كاتب بحجم الروائى الكبير صُنع الله إبراهيم يكون دافعًا لبدء وضع استراتيجية واضحة المعالم وقابلة للتنفيذ فى إطار العمل على استعادة «مصر المثقفة» لعافيتها، ولا سيما أنه لسنوات طويلة ظلّ المبدع المصرى هو الأكثر حضورًا وإنتاجًا وإبداعًا على الساحتين العربية والإقليمية، وكانت «القاهرة تكتب والعالم يقرأ».
وبالعودة إلى كاتبنا الكبير صُنع الله إبراهيم، فإن التحركات التى شهدتها الفترة الماضية من جميع الجهات المعنية لا يجب أن تتوقف عند حد الاطمئنان على الصحة، فالرئيس السيسى دائمًا ما يتحدث عن أهمية القوى الناعمة المصرية، ولهذا ستكون خطوة إيجابية لو تحركت الجهات المعنية لإعادة إحياء «إبداع صُنع الله»، وإعادة تعريف القارئ المصرى والعربى -على حد سواء- بإبداع واحد من الكُتاب الذين أخلصوا للكتابة على مدار عمرهم، فـ«مسيرة صُنع الله»، حافلة بالعديد والعديد من المواقف والتجارب التى يحتاج الشارع المصرى إلى أن يعرف تفاصيلها، وكتاباته يجب أن تكون حاضرة فى المشهد الثقافى المصرى بقوة أكبر مما هى عليه الآن، ومن الواجب الإشارة هنا إلى أن الكاتبة الفرنسية آنى إرنو، الحاصلة على جائزة نوبل فى الأدب 2022، تحدثت عن أن مكتبتها تضم عنوانى كتابين لـ«صُنع الله إبراهيم»، هما «تلك الرائحة» و«سنوات ذات»، والأخير هو العنوان الذى صدرت به الترجمة الفرنسية لرواية «ذات».
ومن هنا.. فإن وزارة الثقافة تتحمل المسئولية فى إعادة نشر وتقديم كل ما أبدعه «صُنع الله»، والذى لا يتوقف فقط عند حدود الرواية، بل يمتد كذلك إلى الترجمة التى أجادها كاتبنا الكبير خير إجادة، كما أنه كان حاضرًا فى الكتابة للأطفال، وكثيرون يمكن أن تصيبهم الدهشة عندما يدركون أن صاحب «تلك الرائحة» و«اللجنة» وغيرهما قدَّم كتابات تناسب النشء، غير أن مطالعة ما أنجزه «صُنع الله» ستكشف أنه –وكعادته- أضاف جديدًا لم يسبقه إليه أحد، حيث قدم للمكتبة العربية ثلاثة أعمال قصصية موجهة إلى الصبية، هى سلسلة القصص العلمية والتى كانت الأولى من نوعها فى المكتبة العربية، ومنها رواية «الحياة والموت فى بحر ملون»، التى تدور أحداث قصتها فى أجواء البحر الأحمر وما تسكنه من كائنات بحرية نباتية أو سمكية، وهناك أيضا رواية «يوم عادت الملكة القديمة» والتى تتناول عالم ممالك النحل، والعلاقات بين أفرادها، ودأب النحل على إدمان العمل الجماعى المنتظم الدؤوب، هذا فضلا عن «الدلفين يأتى عند الغروب»، و«رحلة السندباد الثامنة»، و«عندما جلست العنكبوت تنتظر»، و«اليرقات فى دائرة مستمرة».

