رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

مع تعثر المحادثات النووية إيران محاصرة بين العقوبات الأمريكية والتهديدات الإسرائيلية


11-5-2025 | 18:31

.

طباعة
تقرير: أماني عاطف

لم تُجبر العقوبات وسياسة «الضغط الأقصى» النظام الإيرانى على التخلى عن طموحاته النووية. فبعد تأجيل مفاجئ للمفاوضات، شنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هجوما عنيفا على طهران، بينما ألغى الاتحاد الأوروبى اجتماعًا كان مقررًا معها. وفى ظل سلسلة من الانفجارات الغامضة والتهديدات الإسرائيلية، يُطرح السؤال: هل سيؤثر هذا التوتر المتصاعد على مسار المفاوضات الأمريكية  الإيرانية؟ وهل سيدفع المنطقة نحو مزيد من التصعيد؟

تقع إيران حالياً بين فكى كماشة، من جهة العقوبات الأمريكية، ومن جهة أخرى التهديدات الإسرائيلية. وعلى الرغم من استمرار المفاوضات، إلا أن العلاقات بين واشنطن وطهران تشهد تصعيداً ملحوظاً . حيث تواصل الولايات المتحدة فرض عقوبات اقتصادية صارمة على إيران، وتستخدم خطابا عدائيا حادا. وفى هذا السياق، حدد الرئيس ترامب مهلاً زمنية صارمة، مانحا إيران مهلة شهرين اعتبارًا من أوائل مارس للتوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي، وإلا فإن الخيار العسكرى سيكون مطروحاً.

وتواجه المفاوضات بشأن البرنامج النووى الإيرانى حالة من عدم اليقين، خاصة بعد تأجيل الجولة الرابعة من المحادثات، والتى كان من المقرر عقدها يوم السبت. وأعلنت سلطنة عُمان، التى تضطلع بدور الوسيط بين واشنطن وطهران، أن “أسباباً لوجستية” كانت وراء التأجيل. ولا تزال هناك خلافات جوهرية قائمة، أبرزها موقف إيران الداعى للسماح لها بمواصلة تخصيب اليورانيوم منخفض الدرجة لإنتاج الطاقة النووية، فى مقابل الموقف الأمريكى الرافض لذلك، والمُطالب بوقف كامل للتخصيب واللجوء إلى الاستيراد.

كما صعّد وزير الدفاع الأمريكى، بيت هيغسيث، من حدة الانتقادات تجاه إيران، مجددا اتهامها بتقديم دعم فتاك للمتمردين الحوثيين فى اليمن. وفى منشور على حسابه الشخصى على منصة “إكس”، أعاد هيغسيث نشر رسالة سابقة للرئيس ترامب على منصة “تروث سوشيال”، يؤكد فيها الأخير أنه سيحمّل إيران مسؤولية أى هجوم تنفذه جماعة الحوثى.

ويأتى هذا التصعيد فى وقت تشهد فيه المنطقة توترا متزايدا، خاصة فى البحر الأحمر، نتيجة استمرار هجمات الحوثيين على حركة الملاحة، وهى هجمات تتهم الولايات المتحدة طهران بتقديم الدعم العسكرى والتقنى المباشر فيها. وفى تصعيد آخر، هدّد الرئيس الأمريكى باتخاذ إجراءات صارمة ضد الدول أو الشركات التى تستمر فى شراء النفط الإيرانى. وجاء هذا التهديد بعد أن فرضت واشنطن حزمة جديدة من العقوبات على شركات قالت إنها مرتبطة بطهران، فى خطوة تهدف إلى خنق مصدر الدخل الرئيسى للنظام الإيرانى ضمن استراتيجية “الضغط الأقصى”. وقد تم ذلك فى أعقاب فرض عقوبات على سبعة كيانات اتُهمت بالاتجار فى النفط الإيراني. ووفقًا لتقديرات أولية، شحنت إيران نحو 1.7 مليون برميل يوميا من النفط الخام والمكثفات فى شهر أبريل، وكانت الصين والهند من بين أبرز مستوردى هذا النفط.

تشهد قدرات إيران النووية تقدما واضحا، ما دفع الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتعبير عن “مخاوف جدية” من نفاد الوقت المتاح أمام المجتمع الدولى لمنع طهران من إنتاج سلاح نووي. وفى هذا السياق، حذّر وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، خلال جلسة فى مجلس الأمن الدولى، من أن بلاده لن تتردد فى تفعيل آلية “سناب باك” (Snapback) إذا ما شكّل البرنامج النووى الإيرانى تهديدًا لأمن أوروبا.

وقد وُضعت هذه الآلية، المعروفة أيضًا بآلية “كبح الزناد”، ضمن اتفاق 5+1 الموقع عام 2015، وتمنح الدول الأعضاء الحق فى إعادة فرض العقوبات الأممية تلقائيا خلال 30 يوما من تقديم الشكوى لمجلس الأمن، إذا ثبت أن إيران أخلّت بالتزاماتها. وتمتلك فرنسا، بريطانيا، وألمانيا، والمعروفة بالترويكا الأوروبية، صلاحية تفعيل هذه الآلية.وتخشى طهران من إعادة تفعيل هذه الآلية، خاصة إذا فشلت الجهود الدبلوماسية فى إحياء الاتفاق النووى قبل انقضاء مدته فى أكتوبر المقبل.

وفى تصريح خاص لمجلة “المصور”، قال الدكتور محمد خيرى، الباحث فى الفلسفة السياسية والمتخصص فى الشأن الإيرانى “أنه من المؤكد أن الأسلوب العدائى فى فرض العقوبات من قبل الولايات المتحدة سيؤثر سلباً على مسار المفاوضات الأمريكية – الإيرانية، وهو ما انعكس فى تأجيل الجولة الرابعة من المحادثات التى كان من المقرر عقدها فى روما”. وأشار الدكتور خيرى إلى أن سياسة “الضغط الأقصى” الأمريكية تهدف إلى دفع إيران إلى طاولة التفاوض بالقوة الاقتصادية، مؤكدًا فى الوقت ذاته أن طهران، ورغم انفتاحها النسبى على التفاوض خلال إدارة ترامب، لن تتنازل نهائياً عن برنامجها النووى.

وردا على سؤال حول احتمال تنازل إيران، قال «خيرى» إيران لن تتخلى عن برنامجها النووى بالكامل، لكنها قد تقلص بعض التزاماتها وتعود إلى نسب التخصيب المتفق عليها فى اتفاق 2015. لكنها لن تخضع للمطالب الأمريكية والإسرائيلية بوقفه تماماً. وربما تنقل اليورانيوم المخصب بنسبة 60 فى المائة إلى روسيا بموجب اتفاق مسبق، تمهيداً لاستئناف المفاوضات. وفيما يتعلق بالانفجارات الأخيرة فى إيران وحول تورط إسرائيل فيه أشار «خيرى» أنه على الرغم من نفى الجيش الإسرائيلى مسؤوليته عن الانفجار فى ميناء بندر عباس، إلا أن السوابق والتاريخ يشيران إلى وجود أيادٍ إسرائيلية فى مثل هذه الحوادث. فهناك نمط متكرر من الحرائق الغامضة والانفجارات، ما يعزز احتمال وجود تدخل خارجى. وأتوقع مزيدًا من هذه العمليات فى المرحلة المقبلة، مع تعثر المفاوضات، بهدف الضغط على طهران اقتصادياً وعسكرياً، وإجبارها على تقديم تنازلات.

 

 

أخبار الساعة