رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

«كيزاد شرق بورسعيد».. صفقة إنعاش تجارة «الترانزيت» فى مصر


11-5-2025 | 18:30

.

طباعة
تقرير - بسمة أبو العزم

 «تطوير منطقة كيزاد شرق بورسعيد».. عنوان واحدة من أبرز اتفاقيات التعاون المهمة التى أبرمتها الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وموانئ أبو ظبى، وهى اتفاقية يمكن التعامل معها كونها تمثل نقلة نوعية فى الاستثمار والخدمات اللوجستية التجارية، فحسبما أكد خبراء التجارة والاقتصاد والاستثمار، فإن هذا المشروع سيرفع من مكانة مصر كمركز لوجستى عالمى، ويفتح الباب على مصراعيه أمام تنشيط تجارة الترانزيت، لتصبح مصر مركزا عالميا لتخزين بضائع العالم وخاصة الحبوب والغلال، كما يعد المشروع بوابة لتوفير آلاف فرص العمل، وجذب المزيد من الاستثمارات العربية والأجنبية، وتوفير مصادر هائلة من العملة الصعبة.

بحسب بيان صادر عن الهيئة الاقتصادية لقناة السويس، تم توقيع اتفاق لتطوير منطقة «كيزاد شرق بورسعيد» بين الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس ومجموعة موانئ أبو ظبى، وذلك بحق انتفاع لمدة 50 عاما قابلة للتجديد، يتم بموجبها تطوير وتشغيل منطقة صناعية ولوجستية على مساحة 20 كيلو مترا، بالقرب من مدينة بورسعيد المطلة على البحر المتوسط.

وبموجب هذه الاتفاقية ستقوم موانئ أبو ظبى بتطوير وتشييد وتمويل وتشغيل وإدارة المنطقة اللوجستية على عدة مراحل، وستكون المرحلة الأولى على مساحة 2,8 كيلو متر مربع، وسيتم تخصيص استثمار إجمالى بقيمة 120 مليون دولار للدراسات السوقية والفنية ذات الصلة، بالإضافة إلى تطوير المرحلة الأولى على مدى الأعوام الثلاثة المقبلة، وستبدأ أعمال تشييد المرحلة الأولى بنهاية عام 2025، التى ستتضمن إنشاء رصيف بطول 1,5 كيلو متر، قد يضم لاحقا محطة شحن متعددة الأغراض.

وتعقيبًا على توقيع الاتفاقية، قال الدكتور عمرو السمدوني، سكرتير عام شعبة النقل الدولى واللوجستيات بغرفة القاهرة التجارية: المشروع ممتاز، وهناك مفاوضات ومناقشات منذ فترة بهذا الشأن، فالمرحلة الأولى منه تتم بنهاية العام الجاري، وبالتالى هناك إرادة قوية وجدية على سرعة التنفيذ، وبالطبع منطقة شرق بورسعيد الصناعية تعد من أهم مراكز التجارة والاستثمار الدولى، فهى أول منفذ بعد قناة السويس على البحر المتوسط، وبالتالى قربها من قناة السويس ومحور قناة السويس نفسه يعطيها عوامل جذب كبيرة للمستثمرين، وبالتالى الجدوى الاقتصادية منها مضمونة الربح لكونها تربط فى التجارة الدولية بين الشرق والغرب.

«السمدونى»، أضاف: «أهم ما يميز هذا المشروع أن البنية التحتية التى سيتم تنفيذها ستقوم بها شركة «حسن علام القابضة» المصرية، بما يوفر فرص عمل للعمالة المصرية  فى البنية التحتية، وكذلك خلال تشغيل المشروع فيما بعد فى المصانع والشركات والتخزين والخدمات اللوجستية، فهذا المشروع سينهض بتجارة الترانزيت فى مصر والتى يوليها الرئيس عبدالفتاح السيسى اهتماما خاصا، فبدلا من دفع مئات الملايين من الدولارات للتوكيلات الملاحية الدولية، التى تأخذ غرامات الأرضيات بالعملة الصعبة، وتخرجها إلى الخارج دون استفادة للدولة، تصبح هذه الموارد الدولارية داخل مصر».

كما أكد أنه «لا خلاف على أهمية المصانع المنتظر إقامتها بهذا المشروع، لكن الأهم من ذلك الخدمات اللوجستية والتى تتأصل فى وجود مخازن على أعلى مستوى ليتم فيها تنزيل البضائع القادمة من الشرق قبل نقلها إلى الغرب، ليصبح «Hub» تخزينى كبير لتوزيع البضائع على الغرب، وهنا يصبح التخزين والخدمات اللوجستية مصدرا ضخما لدخول العملة الصعبة إلى البلاد. فمثلا البضائع القادمة من الصين تمهيدا لتوصيلها إلى ألمانيا سيتم نقلها إلى هذه المخازن ويتم خلالها عمليات الفرز وخدمات التوزيع، فإذا كانت هذه البضائع قطع غيار متنوعة فتتم داخل هذه المخازن نيابة عن المصدرين فلترة وتقسيم هذه الأصناف، وإرسالها إلى الدول المستهدفة داخل كونتينرات محددة».

كما أوضح «السمدونى» أن «موانئ أبو ظبى بدأت نجاحها واستثماراتها من هذه الفكرة، فكانت تعد مركزا تخزينيا ولوجستيا لمنطقة الشرق الأوسط والدول العربية والغرب، وبالتالى هذا المشروع ناجح، وسيسهم فى المزيد من تنمية محور قناة السويس، وأيضا سيحقق نهضة قوية لمدينة بورسعيد التى عانت من الإهمال لسنوات ماضية».

بدوره، قال المهندس مجدى كمال، مدير عام جمعية مستثمرى بورسعيد: «موانئ أبو ظبى شركة عالمية كبرى، ولديها خبرات مهمة فى إدارة الموانئ والمناطق اللوجستية، وهذا بند هام لضمان نجاح المشروع، أيضا الاستثمارات التى تضخها الشركة الخليجية فى المشروع بالمليارات، وبالتالى تخفف عبئا ماليا دولاريا عن الدولة، كما أن تلك المنطقة الصناعية ستجذب استثمارات مصرية وعربية وأجنبية لكونها منطقة واعدة ومكاسبها مضمونة، وبمجرد انتهاء عملية التطوير ستشهد طلبا كبيرا من المستثمرين عليها».

«مشروع شرق بورسعيد لا تقتصر أهميته فقط على جذب المستثمرين وإقامة المصانع، بل الأهم نقل الخبرات العالمية لدولة الإمارات المتمثلة فى موانئ أبو ظبى إلينا ومعرفة كيفية إدارة القطاع الخاص للموانئ والمناطق اللوجستية»، هذا ما يراه الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادى، قبل توضيحه أن «حق الانتفاع مفيد للأطراف كافة، فالشركة الإماراتية ستحقق مكسبا طوال 50 عاما، وفى نفس الوقت ستحصل الحكومة المصرية على 15 فى المائة من المبالغ كافة التى ستحصل عليها الشركة من المستثمرين  طوال فترة حق الانتفاع دون دفع أى تكاليف، وفى نهاية المدة سيعود المشروع إلى الدولة إذا لم ترغب فى التجديد، وبالتالى سيحقق هذا المشروع دخلا سنويا ثابتا إلى جانب دخل قناة السويس، بخلاف آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة».

«د. عادل»، أشار إلى أن «المشروع تكلفته ضخمة والتطوير يتم من خلال ربط هذه المنطقة بالمنطقة الاقتصادية بقناة السويس، وتقسيمها إلى قطاعات متنوعة، وبالتالى يتطلب عشرات المليارات من الدولارات،  ونحن نعلم أن الموازنة العامة للدولة ليس لديها بنود كافية للاستثمار فى مثل هذا المشروع، وبالتالى لم يكن هناك حل سوى عرضه على المستثمرين، ونظرا لخبرات موانئ أبو ظبى فى إدارة مثل هذه المشروعات وقدراتهم المالية الكبرى؛ وقع عليهم الاختيار».

كذلك، توقع «د. عادل»، أن «إجمالى حجم الاستثمارات التى سوف تتدفق لهذه المنطقة ستتعدى تريليون دولار خلال 50 عاما، لأن هذه الشركة أثبتت نجاحها فى أبو ظبى؛ فلها تجربة فريدة لتحويل موانئ أبو ظبى لتصبح عالمية، وليست مجرد إقليمية، فكل شركات العالم تمر بهذه الموانئ لسهولة ووفرة الخدمات اللوجستية بها، بالإضافة إلى إقامة خدمات ترفيه خلال فترات رسو هذه السفن لتجارة الترانزيت أثناء استكمال رحلتها».

من جانبه أكد خالد الشافعى، خبير الاقتصاد والاستثمار، أن منطقة «كيزاد شرق بورسعيد» تتميز بموقعها الاستراتيجى وتتكامل مع ميناء شرق بورسعيد والذى يتميز بجاهزيته وعمقه الكبير الذى يناسب استقبال السفن الكبرى، وبالتالى هذه المنطقة يمكن أن تكون مركزا لوجستيا عالميا، خاصة للحبوب والغلال واستقبال سلع متعددة من دول العالم المختلفة.

«الشافعى»، أوضح أنه «كان يتمنى أن يكون المشروع بتمويل مصرى بالكامل، مثلما حدث فى مشروع قناة السويس الجديدة، حينما شارك الشعب بما يقرب من 64 مليار جنيه فى هذا المشروع القومى لأنه مضمون المكسب، ولكن فى حال وجود اتفاق فعلى مع مطوّر خليجى فلا توجد مشكلة، ولكن من الأفضل زيادة نسبة الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس من الأرباح السنوية إلى 25 فى المائة بدلا من 15 فى المائة مع التفاوض بشأن تقليص مدة حق الانتفاع».

 

أخبار الساعة