رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

دون تعنت أو عبث فى المال العام أين الوزير من قضية المبانى البترولية؟


11-5-2025 | 18:28

.

طباعة
بقلم: غالي محمد

منذ أن انتقلت وزارة البترول والثروة المعدنية من المبنى المؤقت التابع لشركة إنبى بمدينة نصر إلى الحى الحكومى بالعاصمة الإدارية الجديدة، وقد أصبحت هناك مبانٍ شاغرة، تبحث عمن يستغلها لتحقيق عوائد مالية من تأجير أو بيع هذه المبانى، خاصة إذا أضفنا إليها المبنى المستقل الذى يُعرف بمبنى مركز المعلومات، الذى كانت بعض إدارات الوزارة تشغله.

 

وكان من الطبيعى أن تذهب هذه المبانى إلى شركة «إنبى» المجاورة للمبنى الرئيسى لها، خاصة أنها تقوم منذ سنوات بتأجير عدة مبانٍ بالقرب منها، وذلك لمواكبة التوسع فى النشاط وزيادة أعداد العاملين بها على مدى السنوات الماضية.

ولكن هذا لم يحدث، وتم تأجير المبنى الذى كانت تشغله وزارة البترول إلى منتدى دول غاز شرق المتوسط، بينما لا تزال بعض أدوار المبنى الضخم لمركز المعلومات شاغرة، بينما تعد الأدوار الأرضية مخزنًا للعينات الجيولوجية وخرائط النشاط البترولية، وتلك تتبع الهيئة العامة للبترول.

وبدلا من أن تذهب الأدوار الشاغرة فى المبنى الضخم لمركز معلومات البترول الذى تملكه الهيئة العامة للبترول إلى شركة «إنبي» بدلا من المبانى التى تقوم بتأجيرها لم يحدث، لأن المسئولين بالهيئة العامة للبترول ينظرون إلى الأمر بنظرة ضيقة جدًا، ويحاولون دون رؤية ودون منطق أن يقوموا بتأجير بعض هذه الأدوار إلى عدد من شركات البترول المتوسطة الحجم، والتى تؤجر مبانى لها فى القاهرة الجديدة.

وبدلا من أن يتم حساب الأمر بالورقة والقلم من منظور المكسب والخسارة، لشركة «إنبي» فيما إذا كان الأفضل أن تذهب هذه الأدوار إليها بدلا من التأجير حتى لو أنفقت وفقا مما وصلنى من معلومات بأنها سوف تنفق نحو 450 مليون جنيه على تجهيز هذه الأدوار لتكون صالحة لاستقبال الموظفين، أم أن دفع مبالغ عالية فى تأجير مبانٍ منها من خارج مبانى قطاع البترول هو الأفضل.

لم تتم دراسة الأمر من هذا المنظور، ولم تتم دراسة الأمر أيضا من منظور تكديس الشركات فى مدينة نصر والإصرار على عودة بعض الشركات من المبانى التى تؤجرها من شركات بترولية أخرى بالقاهرة الجديدة لتأجير بعض أدوار مركز المعلومات بمدينة نصر.

وعلى سبيل المثال، ما تحاوله الهيئة العامة للبترول لإعادة شركة التنمية للبترول التى توجد فى مبنى شركة «غاز تك» بالتجمع الخامس لكى تؤجر أحد أدوار مبنى مركز المعلومات نظير إنفاق نحو 150 مليون جنيه على تجهيزه، ثم دفع قيمة إيجار شهرى قد تزيد على نصف مليون جنيه شهريًا، فى حين أن هناك خيارات أمام شركة تنمية للبترول أن تشترى مبنى لها فى القاهرة الجديدة بأقل مما ستنفق على الدور الذى ستؤجره فى مبنى مركز معلومات البترول بمدينة نصر، فضلا عن الوقت الذى سوف يستغرقه تجهيز هذا الدور فى مقابل إصرار شركة «غاز تك» على أن تخلى شركة التنمية للبترول المبنى الملحق الذى تؤجره من نفس مبنى «غاز تك» بالتجمع الخامس.

وعندما أذكر تلك الوقائع السابقة فهذا ليس إلا مدخلا للقضية الأكبر، التى تنحصر فى الضوابط الحاسمة لمبانى شركة البترول، ولا سيما أننا نشهد الآن تصرفات بلا ضوابط فى هذه القضية.

وإذا عدنا إلى الوراء ومنذ سنوات طويلة نجد أن مبانى الهيئة العامة للبترول ومعظم الشركات كانت تتركز فى المعادى ومدينة نصر.

حتى إننا نجد أن الهيئة العامة للبترول قد تم إنشاء مبنى ضخم لها بالمعادى فى مواجهة شركة خليج السويس، وانتشر حولها أعداد من شركات البترول فى منطقة المعادي.

ومع إنشاء الشركات القابضة تم الاتجاه إلى مدينة نصر، وحينما كان المهندس سامح فهمى وزيرا للبترول، تم شراء مبنى ضخم من بنك الإسكان والتعمير على ناصية شارع عباس العقاد وطريق النصر للشركة القابضة للغازات الطبيعية.

وهذا المبنى الذى تعثر استغلاله وقته فرض المهندس إبراهيم سليمان وزير الإسكان والتعمير الأسبق على المهندس سامح فهمى وزير البترول وقتها لشرائه.

وبالفعل تم ذلك، وأصبح فقط للشركة القابضة للغازات الطبيعية وعدد آخر من الشركات مثل بوتاجسكو وبترويد التى قامت مؤخرًا ببناء مبنى ضخم لها فى الحى الثامن بمدينة نصر، ثم تم بناء مبنى مستقل لشركة جنوب الوادى القابضة للبترول فى منطقة النزهة بالقرب من مقابر مصر الجديدة.

بينما قامت الشركة القابضة للبتروكيماويات ببناء مبنى ضخم لها فى التجمع الخامس، وتقوم الآن ببناء ثلاثة مبانٍ بجوار المبنى الرئيسى لها فى التجمع الخامس، وتبحث عمن يؤجرها من شركات البترول التابعة للقطاع أو تأجيرها للشركاء الأجانب.

وفى الموجة الأولى ومنذ نحو 20 سنة لبداية التجمع الخامس، قامت أعداد كبيرة من شركات البترول بالبناء فى منطقة البنوك ومناطق أخرى بالتجمع الخامس بالقرب من شارع التسعين الشمالى بها والتسعين الجنوبى أيضا.

وكان أن هاجرت أعداد كبيرة من شركات البترول إلى البناء والتمركز فى القاهرة الجديدة، بينما ذهبت شركة أخرى للبناء فى مدينة الشروق.

وأصبح الاتجاه شرقا هو الأصل لشركات البترول، حتى إننا نشهد فى السنوات الخمس الأخيرة ودون مبرر أن بدأت الهيئة العامة للبترول فى بناء مبنى ضخم لها فى القاهرة الجديدة بالقرب من الجامعة الأمريكية، رغم أن لها مبنى ضخما بالمعادي.

كما نشهد الآن شركة بتروبلاعيم بالمشاركة مع شركة «إينى» الإيطالية أوشكت على الانتهاء من مبنى ضخم بالقاهرة الجديدة وفى الحدود مع العاصمة الإدارية الجديدة، رغم أن لديها مبانى ضخمة فى مدينة نصر بالقرب من جامعة الأزهر، وقبل مبنى الأمن الوطنى.

ولا أحد يعرف مصير هذه المبانى، سواء الخاصة بالهيئة العامة للبترول بالمعادى، أو مبانى شركة بترول بلاعيم الضخمة بمدينة نصر.

هل سيتم بيعها؟ أم هل سيتم تأجيرها ولمَن؟ فى وقت تتجه فيه كل شركات البترول إلى القاهرة الجديدة؟

ومن أين تأتى الهيئة العامة للبترول وشركة بتروبلاعيم بالأموال الضخمة لبناء هذه المبانى دون ضوابط، الأمر الذى سوف يؤدى إلى وجود مبانٍ ضخمة وبالمليارات دون استغلال، خاصة أنه لا يمكن أن تذهب هذه المبانى للصندوق السيادى، لأنها ليست مبانى حكومية مثل مبانى الوزارات التى انتقلت إلى الصندوق السيادي.

إذًا نحن الآن إزاء حالة من التوسع فى بناء المبانى البترولية والتى تتجه إلى القاهرة الجديدة بشكل أساسى، ومن ثم لا يوجد تفسير أن تتجه الهيئة العامة للبترول وأغلبية شركات البترول إلى القاهرة الجديدة، ثم يحاول المسئولون إعادة البعض إلى مدينة نصر لاستقلال دور أو أكثر فى مبنى مركز المعلومات، رغم ارتفاع تكلفة تجهيز هذه الأدوار على الشركات المتوسطة والصغيرة الحجم، فى حين أنه سبق للمهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية السابق، أن طلب من شركة «إنبي» أن تقوم باستغلال مبنى مركز المعلومات المجاور لها مباشرة، وذلك بدلا من تأجير بعض المبانى للعاملين بها.

لكن يبدو أن شركة إنبى تفضل الاستمرار فى التأجير الحالى بدلا من إنفاق نحو 450 مليون جنيه على تجهيز بعض أدوار مركز معلومات قطاع البترول المجاورة لها، وبالفعل رفضت ذلك.

ولا نعرف أين المهندس كريم بدوى وزير البترول والثروة المعدنية من كل هذا، وكيف سيتم التصرف فى المبانى التى ستخلو، باتجاه الهيئة العامة للبترول وشركة بتروبلاعيم إلى القاهرة الجديدة؟ وما تأثير ذلك على العاملين؟

وإن كان هناك مَن يطالب بتحويل بعض هذه الأدوار بمركز المعلومات بمدينة نصر لأنشطة أخرى، مثل إنشاء مراكز للتدريب وإعداد القيادات، خاصة فى المجالات العلمية أو تأجيرها للقطاع الخاص البترولى.

وهناك تجربة ناجحة من قبل بتأجير مبنى المركز الطبى للبترول بالتجمع الخامس لمجموعة كليوباترا.

إذًا الأمر يستوجب أن تكون هناك خطة واضحة لاستغلال المبانى التى سوف تخلو فى مدينة نصر أو المعادى بتأجيرها للقطاع الخاص دون الإخلال بالاتجاه الإيجابى للشركات ببناء أو تملك المبانى والمقرات لها فى القاهرة الجديدة، والتى أصبحت من أهم مراكز المال والأعمال الآن ومساعدة الحكومة فى تفريغ مدينة نصر من الكيانات الحكومية والشركات بالاتجاه إلى القاهرة الجديدة والعاصمة الإدارية الجديدة.

كما لا بد من أن تساعد الهيئة العامة للبترول والشركات القابضة اتجاه الشركات إلى تملك مبانٍ لها بالشراء أو مبانٍ جديدة فى القاهرة الجديدة أو العاصمة الإدارية الجديدة، بدلا من استنزاف الموارد فى دفع الإيجارات الضخمة والتى تتزايد سنويا.

وأعتقد أن هناك بعض شركات البترول التى لديها مساحات كبيرة فى التجمع الخامس لبناء مبانٍ جديدة تساعد على استيعاب شركات البترول لها، التى ليس لها مقرات، وذلك مثل شركة «بتروسبورت» والتى تنوى التوسع فى مشروع ضخم لبناء عدد من المبانى الإدارية بالمشاركة مع أحد المستثمرين، ومن قبلها الشركة القابضة للبتروكيماويات، والتى يمكن أن تستوعب أعدادًا من شركات البترول التى ليس لديها مقرات أو مبانٍ خاصة بها.

لكل هذا، فقد آن الأوان أن تكون هناك خطط ورؤى للتوسع فى بناء مبان لشركات البترول.

وأن تكون هناك دراسات اقتصادية دقيقة، وبما يساعد على إخلاء مدينة نصر من التكدس، مثلما تفعل الحكومة، وحتى يمكن استغلال الموارد الاقتصادية فى مكانها الصحيح، وأن تتجه الشركات فى هذه المبانى إلى الطاقة الخضراء، وتحديدًا الكهرباء الشمسية.

لا بديل أمام المهندس كريم بدوى وزير البترول والثروة المعدنية إلا أن يعطى ملف الأبنية البترولية أهمية خاصة، وتحديدًا البحث عن بدائل لاستغلال مبنى هيئة البترول بالمعادى، ومبانى شركة بتروبلاعيم بمدينة نصر، ومبنى مركز المعلومات بمدينة نصر، الذى ينبغى أن يذهب لشركة إنبى وليس بإعادة بعض الشركات قسراً من القاهرة الجديدة إلى مدينة نصر، دون أدنى دراسة اقتصادية أو حتى دراسة اجتماعية.

فهل يتم ذلك دون تعنت أو عبث فى أموال البترول؟

 

أخبار الساعة