رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

كبرنا؟!


16-5-2025 | 12:08

.

طباعة
بقلم: سحر رشيد

أيام نرجو وأيام نحظى وأيام نخسر؟!.. هى الرحلة من الشوق نغترف؟!.. يعصف بنا كل عاصف دون رحمة.. ولا تمنحنا هدفا أو شيئاً من الرفق تقطع؟!.. نتوه وتتآكل أيامنا أو تأخذنا الغفلة دون تفعيل لوجودنا رغم مرئيتنا وأصواتنا؟!.. صرنا بالأشباح وبالقوى الخارقة نحلم.. خوفا من المجهول نرتجف.. إقبالا عليه نضطر.. هبوطا وسقوطا وملجأ؟!.. لمرور يتجاوز فى شأن الحياة لموهوم وطامع بالأمل.. فى المباحث والمقاصد من ضيق العيش نشكو.. ترد إن بعد العسر يسراً والخير لمن صنع صبرا واصطبر.. قلنا ألا يهلكنا الصبر؟!.. قالت ربما؟! وربما تجود بعهد الأوفياء والأتقياء لمن عمل واتقى؟!.. قلنا انقضى العمر وما أخذنا غير الكبر؟!.. قالت وما العيب فى الكبر؟!.. أنت الجلد القوى فلتكف عن الصراخ.. قلنا بل الصمت لمن عذب عقابا وجوى.. قالت بل للقوى عز دون السؤال والعوز.. قلنا أتعبنا الدوار.. نظن الجود ونزداد فى الطلب العناد؟!.. نعتكف ونعود ألا من حال الإهمال كفاية؟!.. كم عتاباً أطلقنا وكم حسابا عقدنا وكم رجاء مزقنا؟!.. ألا تمدين لعجوز السنين عونا مازال على جدران الانتظار بالنهاية يحلم؟!.

 

قالوا لنا كونوا المحاربين.. فكنا الهالكين على أعتاب من ترفض المرور؟!.. قالوا يكفيكم النظر ولو من بعيد.. قلنا ألا من نظرة عابرة ؟!.. بوعد وعهد؟!.. قالت ليس للأيام عهد؟!.. فحالها التقليب باستسلام دون الرفض؟!.. فلا توافق مع الحياة تحت كل المسميات.. رحلة عبثية نتيجتها دائما عدم الرضا.. فما بلغنا شيئا.. مجرد فتات يلقى إلينا لنصنع ذوات من أشياء لا يمكن صنعها؟!.. مناورات لنكمل العيش الذى خلقنا له دون إرادة منا.. مفروض علينا أن نبقى دائما على أهبة الاستعداد للأسوأ قدوما؟!.. نرافق أشياء ونهدأ ونثور ونعود ونردد كلمات غير مفهومة غير مسموعة؟!.. نرجو ونطلب ولا أحد يسمعنا.. كلٌّ أغلق على نفسه.. يقاوم كل شىء بمناعة تفوق الاحتمال والاتساق مع مرارة الأيام بكل تفاصيلها وبما هو آت وغير آت؟!.

أنت البطل فى ساحة كل ما بها يبارزك ليهزمك دون سبب مقنع؟!.. تسقط وتتعافى وتعاود بالوهم والسراب والتعلق.. فى اختبار طوال الوقت.. محتم عليك عدم اجتيازه فى محاولات لإثبات وجودك أو إثبات وجود غيرك من أشياء؟!.. نحاول ويردد على أسماعنا سيأتى عليك يوم تنضج؟!.. وتنضج وتعى وتنظر للأمور بتفاهة، ولكن لا يتم إعفاؤك أو منحك شهادة اجتياز؟!.. وعليك أن تبقى فى خانة الإيمان بأن لا شىء يستحق الوقوف عنده للاستئثار به أو الركض وراءه؟!.. ربما كان نتيجة السعى فى الدنيا الفانية؟!.. وربما لإقناع أنفسنا لإعفائها من جريمة الفشل الذى لا يد لنا فيه؟!.. أو ربما كان دواء لمكامن الألم؟!.

كلٌّ يتألم ولا يطيق ألمه؟!.. لكن حاول أن تبتسم لكل شىء؟!..فى المرآة؟!. فى وجود غيرك؟!.. ويحسدك الآخرون على هذه المقدرة رغم أنك مثلهم من الفاشلين المهزومين؟!.. لكن التجاوز نفسه نعمة جديدة، وعليك أن تفقد الإحساس بحقائق الأشياء، التى فشلت فى الوصول لماهيتها وسط هذا الكم الهائل من السلبيات والمعوقات والحروب.. عليك بالزهد ثأرا لليأس؟!.. حياة مزدوجة دون الهدوء أو الوصول لشىء؟!.. محاولين التقاط هويات تمنحنا اليسير لعبور الطريق رغم عبثيته؟!.. محاولة رغم ضعفها؟!.. فلا إنسان يتغير أو يمكنه تغيير غيره.. بشىء من الزيف والمسكن والمساعدة.. ببعث القدرة لتوفير مستوى معين على أهوال الحياة.

نحيا فى حالات من التظاهر لحماية نقاط ضعفنا ومخاوفنا وأسرارنا مهما كانت مخجلة أو حتى بريئة لا يهم.. نحن أشياء غير ما نحن عليه.. مزيفون.. منافقون مجبرون على التكيف.. كلٌّ يتحامل علينا فى توقيتات وسرعات وتناقضات مختلفة تدفع الجميع على فقد الثقة وانعدام الأمان.. كلٌّ يتفاعل فى حيز زمانى ومكانى واحد.. رغم التباعد الوهمى وتغير التوقيتات.. فنحن أمام عالم واحد بأمثلة وأهداف وجودية واحدة.. لا أحد مميز.. أو مطلق الحرية؟!.

فى صنوف الحياة وصنوف البشر كلٌّ يلوج فى تمازج وتنافر فى البحث عن الاستحقاق بالأمل الكاذب يكون.. نتعلق بأشياء منذ صغرنا نظن فيها الحياة.. بيقين لا يزعزع فما نعرفه فى الصغر يظل محفورا داخلنا مهما كان خطؤه.. يستمر معنا دون زعزعة أو السماح لأى أحد بالاقتراب منه.. قد نعرف أنفسنا من خلاله بيقين يربطنا به.. والغريب أننا لم نخلقه ولا يكون محلاً للتساؤل أو الفهم وما كان منا سوى إصرار على التمسك به كجزء من كينوناتنا.. قد نكون محظوظين بوجوده وقد نكون تعساء يعذبنا.. أيا كان حقيقيا أو مجرداً نفشل فى الإمساك به لكنه محور رحلة سعينا فى الحياة.. قد نساوم به على حياتنا كلها.. فهو ما نختبئ وراءه.. حقيقة.. كذبة.. ننام وننتظر ونسعى ونردد على أنفسنا أننا قد اقتربنا حتى إن لم نكن هكذا؟!.. نتعلق ونخشى فقدانه؟!.. نحيا التهديد والمخاوف رغم علمنا بالزوال؟!.. ربما لأننا جبلنا على الخوف؟!.. ربما سقطنا وربما علمتنا التجربة أن نحيا من جديد؟!.. أو ربما أكسبتنا مرارتها التحمل والصبر واختبار قدراتنا من فرط تكرار الوقوع بلسان حال لا جديد؟!.

لماذا نحتار؟! ولماذا نُفاجأ؟! ولماذا ولماذا؟!.. أيام نمضيها وتمضى فينا.. تنقضى وشباب يولى.. خليط غريب منا يتبقى؟!.. نخاف.. نبكى ولا نفهم ؟!.. ربما لم يكن هناك لزوم لكثير من تصرفاتنا؟!.. ربما كان علينا غير ما فعلنا.. خطأ وصواب لم ننل منه غير اليسير.. ثمن لم نكن نقدر عليه.. رحلة كل محطاتها مرهونة بالثمن.. شىء مقابل شىء فى حسبة ضيزى تسلب كل ما فى جعبتنا؟!.. فى سلسلة من الأعمال لم نكن بحاجة لكثير منها؟!.. مرغمين على أشياء لا صلة لنا بها؟!.. دون فائدة ولم يكن لنا الخيار فى البعد عنها؟!.. مجرد ركض متواصل ودوران داخل حلقات مغلقة؟!.. لا مكان يليق ولا زمان يمنحنا الأمان؟!.

كيف نحيا الحياة؟!.. بلا جديد يذكر؟!.. نفكر أو لا نفكر فكل شىء بيد الأيام والقدر؟!.. تحمل أعمارنا تفاصيل ترفض أن تشيخ؟!.. كنت أنا وأنت ذات يوم.. أطفالاً وشباباً وشيوخاً.. أيام نداولها تتغير ملامحنا.. ولا يتغير ما بداخلنا ولا يموت رغم أن كل شىء يزول.. بمقاومة واهية نتشبث؟!. كل شىء يمر بسرعة دون أن نشعر وربما شعرنا؟!، ولكن غريزة الانتظار منحت الحياة فرصة الاتفاق علينا فى مسير اضطرارى وهبوط اضطرارى ولجوء اضطرارى لنتحسر على الأيام؟!.. بتساؤل هل سباق الحياة نزيه؟!.. لا أحد منا يحمل نزاهة حتى تجاه نفسه.. فكلٌّ يزيح غيره خارج السباق رغم أن لا طائل من وراء التناحر.. وكأننا أمضينا حياتنا فى خدعة؟!.. ربما كانت الحياة نفسها خدعة؟!.. فمهما حسبنا خطواتنا كلنا أسرى الحياة إلى حين؟!.. تحتوينا أحلام اليقظة ويملؤنا الفراغ وتناطحنا أحلامنا وخيباتنا.. بكل الجهد والعند نعبر وتعبر السنون فوق أجسادنا.. تتغير ملامحنا وتنحنى ظهورنا.. نتساءل: ألا من أمل يتوج رحلة بخاتمة غير مهزومة.. انقضت أعمارنا دون إنجاز.. ألا من عطف يمحو تشققات السنين وغور التجاعيد؟!.. فلا يرى قبحا، بل جمال فوق مطالع الخبرة والنضج. .حضور بألق قبل الرحيل؟.. فياللعجب من سقوط أعمارنا وزوال البريق بقرار وقطع الطريق؟!.. قالوا تداول الأجيال؟!.. قلنا أليس فى التداول تأدب واحترام لمن أعطى واتقى ولم يأت دوره فى الأخذ والثناء؟!.. لماذا يفاجئنا الكبر وطى صفحتنا بإشعال الحريق فينا؟!.. كبرنا وبتنا على قارعة الطريق.. ما عدنا وما عدنا وأصبحنا وأصبحنا؟!.. كيف صار حالنا.. غائبون.. مرهقون.. بكهول الهموم مثقلون.. لا عاد أمر ببالنا يدور.. هدت عافيتنا وصار الصمت أكبر ملاذنا.. أيام تمر والغصن يجف وتملأ التشققات أوتارنا.. كفانا ارتعاشا وخوفا.. ما عاد للحروب معنى ولا للأجوبة محل.. سكنت النفس عن أشياء تحركها.. كم هرولت وهدهدت وأقسمت وتوعدت وانشغلت؟!.. ألم يحن إطلاق السراح من استغراق الركض فى عنق الحياة؟!.. من قوانين أسفار حان لها أن تلين.. بقلب الحال لحال.. من تردى الأحوال فى مد وجزر.. غاب الحلم وتوقف الصراخ والصدمة والدهشة وما عادت ترجو غير العفو والصفح وتجاوز فى سلم؟!. آمنت بكل حكمة.. لا تفعل؟!.. لا تسأل؟!.. لا تعجب؟!.. وصارت لا يمكنها التذكر كيف وصلت إلى هنا؟!.. مسحت ذاكرة السنين وأجمل أشيائها ومن مروا عليها؟!.

وتتساءل: كم يلزمنا من العمر كى نصل إلى هنا؟!.. العمر بأكمله؟!.. نكبح معه تقلبات النفس ونتقبل كل شىء حتى ما لم نكن عنه راضين؟!.. نؤمن بمنطق الحياة الذى ترجح فيه كفة فرض الأمر الواقع على صحة البراهين.. أيا كان الجوهر وأيا كان المضمون؟!.. مهما امتلكنا من حدس علينا أن ننتظر نتيحة التجربة.. صحيحها وخطأها.. نعود أنفسنا على استنباط النتائج.. لكن لا استنباط جازم ولا نتائج منطقية مع مقومات الأحداث؟!.. كل شىء جائز وكل شىء وارد؟!.. كلٌّ مرهق فى استسلام قاهر لأى إرادة.. نحيا التناقض ونقره فالدنيا مليئة بالعجائب.. أشياء موجودة وغير موجودة حسب ما يفرض علينا الواقع.. أنت نفسك قد ينكر وجودك ويحكم عليك بالغياب والوحدة حسب حسابات المصالح وزحمة التزلق ومواكب الاستعراضات؟!.

تسحب منا الحياة ولا أحد عاد قادرا على إقناعنا.. نتوقف عن المجاملات وكل مظاهر الرياء.. نمتلك السخرية على كل لحظة فرح أو حزن.. نفقد الشغف وشهية الحياة بنكهة الحزن أو الفرح.. نحيا كما نحب ونفهم ما نفهم فأى شىء آخر غير مهم؟!.. ذواتنا أهم من كل شىء.. نتحرر من عبثية كل فكرة وجاذبية كل موقف وقيد الانتماء لغير ذواتنا.. نتوقف عن التضحية والاهتمام بسفاسف الأمور.. نتمسك بالأنا بصوابها وخطئها؟!.. لا ضمير مطلق والضمير ما يرضينا بعد رحلة من النكران لكل جهد.. وأذى نلنا منه ما كان وحفر الألم فى نفوسنا.. كلٌّ يبقى على حاله من الطباع بمزيد من العناد نحو ذوات ترفض الذبول والقهر.. وبالرغم من توقف شحنات الانتقام يتحول لشحنات الدعم والسلام لنفسه.. يرى النتائج من منظوره وحده حتى ولو كان خطأ؟!.. يرفض اللوم رغم أنه لا يكف عن الندم.. قد يكون دافعا لمزيد من إسعاد الذات فى حالات شعورية مضطربة.. لا تناغم مع الواقع فقد يصل به الأمر لاختزال مكون الواقع من حساباته.. ينهم من كل شىء ولا يقيد بوقت أو آراء غيره. .يرى نفسه مكتمل المفاهيم والخبرات ولا يعطى للألم فرصة لامتلاكه بما يكفى؟!.. يرى فى كل المتع فرصا ذهبية للنهم.. قد يستمر هكذا وقد يصل لحالات من الزهد والتصوف؟!.

ويقترب الفناء بالتقدم فى العمر.. ومعه قد يصاب بالهوس وقد يصل لليقين الذى يستمده من السكينة.. كل الحالات موجودة حتى المزج بينهما موجود.. فى طقوس المجون والجنون والسكينة للإنسان الملىء بالغريزة والفطرة السليمة.. قاعدة واستثناء لمخلوق ضعيف يترنح ويطلق صيحات الحكمة باقتراب نهايته ليعلم أنه بلغ الكبر وأوشك على الرحيل بعد طول غفلة رغم دواعى اليقظة والألم.

الاكثر قراءة