رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

كريم بدارو..رئيس لجنة التحكيم فى المونديال: «الدبلوماسية الرياضية».. عنوان بطولة الفروسية


16-5-2025 | 13:39

كريم بدارو رئيس لجنة التحكيم بالبطولة العسكرية للفروسية

طباعة
حوار منار عصام

 

فى حوارٍ خاص مع الحكم الدولى اللبنانى كريم بدارو، رئيس لجنة تحكيم بطولة العالم العسكرية للفروسية، ناقشنا تفاصيل النسخة الـ25 من البطولة التى احتضنتها مصر، وأهمية استضافة مثل هذه الأحداث فى تعزيز مكانة الدولة رياضيًا وحضاريًا، بالإضافة إلى رؤيته لمستقبل الفروسية فى المنطقة.

شاركت فى تحكيم البطولة العربية العسكرية للفروسية العام الماضى بالمدينة الأولمبية بالعاصمة الإدارية، وكذلك بطولة 3 نجوم فى أكتوبر الماضى.. كيف تُقارن بين تلك التجارب والنسخة الحالية من بطولة العالم للفروسية؟

 

مصر تُدهشنى فى كل زيارة.. العام الماضى، وقفتُ منبهرًا بالمدينة الأولمبية، التى جمعت بين التصميم العصرى والتراث.. الملاعب هناك كانت مُجهزةً بمواصفات عالمية، لكننى لم أتخيل أن أرى قفزةً أخرى بهذا الحجم خلال عام واحد، وعندما دخلتُ «كيان سيتي» لأول مرة، شعرتُ أننى فى نادٍ أوروبى بلمسة مصرية.. التوسع فى المساحات الخضراء، والتقنيات المُستخدمة فى الإسطبلات، وحتى نظام الإضاءة الذكى الذى يواكب أحدث المعايير كل شيءٍ هنا يُنافس بطولات الخمس نجوم.

 

برأيك.. ما الذى جعل «كيان سيتى» مختلفًا عن غيره؟

 

النادى ليس مجرد ميدان للتدريب، بل هو منظومة متكاملة.. هناك مستشفى بيطرى مجهز بأحدث الأجهزة، وغرف عزل للخيول المريضة، ومناطق استرخاء للفرسان، وحتى مدرسة لتعليم الأطفال أساسيات الفروسية.. هذا النموذج يُعيد تعريف مفهوم الأندية الرياضية فى المنطقة العربية.

 

من وِجهة نظرك كحكم دولى، ما أهمية تنظيم بطولة بهذا الحجم فى مصر؟

 

هذه البطولة ليست حدثًا رياضيًا عابرًا، بل رسالةٌ سياسية وثقافية.. مصر، برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، تُؤكد أنها قادرة على استضافة أكبر الأحداث العالمية فى أصعب الظروف.. والفروسية تحديدًا رياضةٌ نخبوية، تُجسّد الانضباط والأناقة، وهو ما يتوافق مع صورة «الجمهورية الجديدة». الأهم من ذلك، أن البطولة تجمع فرقًا عسكرية من دولٍ مختلفة، لكن الجميع هنا يتنافس بلغة واحدة: لغة الرياضة، هذا يعزز مفهوم الدبلوماسية الرياضية، الذى تُؤمن به مصر كأداةٍ لبناء الجسور.

 

كيف تقيّم مستويات الفرق المشاركة، وهل هناك مفاجآت لفتت انتباهك؟

 

المنتخبات العسكرية دائمًا ما تحمل طابعًا خاصًا، فرسانها يتمتعون بلياقة بدنية استثنائية وانضباط غير مسبوق، لكنهم غالبًا ما يفتقرون إلى المشاركة فى البطولات المدنية ذات الخمس نجوم.. رغم ذلك، شهدنا عروضًا مبهرة، خاصةً من الفرسان الشباب فى المنتخبات الإفريقية والعربية، الذين تفوقوا على أسماءٍ كبيرة.

 

المفاجأة الأكبر كانت أداء الفرسان المصريين، رغم مشاركتهم بخيولٍ مُستعارة مثل الآخرين، إلا أنهم أظهروا ثقةً نادرة، وكأنهم يمتطون خيولهم الخاصة، وهذا يدل على عمق الخبرة المصرية فى التعامل مع الخيول، والتى تتوارثها الأجيال منذ الفراعنة.

 

تحدثت عن مشاركة الخيول المُستعارة.. كيف يستطيع الفارس كسر الحاجز مع حصان جديد فى وقتٍ قصير؟

هذا هو التحدى الأكبر، فالفروسية ليست مجرد قفز حواجز، بل هى علاقة ثقة بين كائنين، وهنا الخبرة تلعب 40 فى المائة من النجاح، لكنها خبرةٌ مُختلفة، قدرة الفارس على قراءة لغة الجسد للحصان، وتحفيزه دون عنف، وتوقع ردود أفعاله. أما الـ50 فى المائة المتبقية فتعتمد على الحصان نفسه، صحته، وقدرته على التكيف، وحتى مزاجه! فى إحدى الجولات، لاحظتُ حصانًا يرفض القفز رغم مهارة فارسه، واكتشفنا لاحقًا أنه عانى من التهاب خفي. هنا يأتى دور الـ10فى المائة المتبقية، التى أسميها «حظ الفارس»: هل سيحصل على الحصان المناسب فى اليوم المناسب؟.

 

خلال البطولة، لاحظنا حضورًا لافتًا لأطفال وشباب مهتمين بالفروسية.. هل المشاهدة كافية لنقل الخبرة؟

 

المشاهدة هى البوابة الأولى للإلهام، فعندما يرى الطفل فارسًا مثل شادى أشرف أو نورالدين حازم يتحدى الجاذبية بتناغمٍ مع حصانه، يترسخ فى ذهنه أن المستحيل ممكن.. والأهم من ذلك، أن النادى وفر مناطق مخصصة لتدريب النشء خلال البطولة، حيث قام مدربون مصريون ودوليون بتعليمهم أساسيات الفروسية مجانًا.

 

هؤلاء الأطفال لن يكونوا فرسانًا فحسب، بل سفراءٌ لمصر فى المستقبل، وأحدهم قال لي: «أريد أن أكون مثل شادى وأحقق ميدالية لمصر»، هذا هو الجيل الذى سيعيد أمجاد الفروسية العربية.

 

ما أكثر ما لفت انتباهك فى تنظيم البطولة؟

 

اللجنة المنظمة كتبت فصلًا جديدًا فى تاريخ الفروسية العالمية، من استقبال الوفود بالموسيقى التراثية، إلى توفير مترجمين متخصصين فى مصطلحات الفروسية لكل فريق، وصولًا إلى نظام النقل الداخلى الذى يعمل بدقة سويسرية. لكن ما أدهشنى حقًا هو الجمع بين الحداثة والجذور التاريخية.. ففى حفل الافتتاح، شاهدنا عروضًا استوحيت من فنون الفروسية الفرعونية، بينما كانت الخيول تُزيّن برموزٍ تعود لآلاف السنين. مصر لا تُنظم بطولة، بل تُقدم درسًا فى كيفية احتضان التراث لصناعة المستقبل.

 

أخيرًا، ما الرسالة التى تُوجهها لعشاق الفروسية حول العالم؟

 

الفروسية هى الرياضة الوحيدة التى تُشارك فيها الحيوانات روحك، وتصبح شريكك فى النجاح.. رسالتى لهم، احترموا هذه العلاقة المقدسة، الخيل ليس أداة، بل هو رمزٌ للنبل والقوة التى وهبها الله للإنسان. أما لمصر، فأقول أنتم أدركتم سرَّ العظمة.. الفروسية ليست رياضة، بل هوية.. وبفضل «كيان سيتي» ورؤية القيادة، ستعود مصر عاصمةً للفروسية العالمية، كما كانت قبل آلاف السنين.

الاكثر قراءة